لوسائل الإعلام في المجتمع الديمقراطي العديد من الوظائف المتميزة. وإحدى هذه الوظائف هي وظيفة الإعلام والتثقيف و التوعية. ولكي يتخذ المواطنون قرارات حكيمة حول سياسة عامة، يجب أن يحصلوا على معلومات صحيحة تصلهم في الوقت المناسب وتكون غير منحازة. ونتيجة لاختلاف الافكار، يحتاج الناس أيضا إلى التمكن من الاطلاع على أكثر من وجهات النظر و الاراء بشأن القضايا الهامة، وعلى وسائل الإعلام ان تقرر ما هي تلك القضايا التي تعتبرها جديرة بتغطيتها وما هي التي لاتستحق الاهتمام بها وتغطيتها. لان هذه القرارات ستؤدي بدورها إلى التأثير في مفهوم الجمهور لماهية القضايا المهمة والقضايا الأهم، و ليس في وسع وسائل الإعلام تغطية أنباء كل حدث وكل شيء، ولكن يصبح لزاما عليها أن تختار القضايا التي تهم و تهتم بالمجتمع . وتستطيع وسائل الإعلام أيضا أن تقوم بدورها ألاكثر فعالية في النقاش العام فباستطاعتها عبر تعليقاتها وتحقيقاتها، أن تعبئ الناس لتأييد سياسات معينة أو اصلاحات تشعر بأنه يجب تطبيقها. ويمكنها كذلك أن تعمل كمنبر للمنظمات والأفراد للتعبير عن آرائهم و ردودهم المختلفة عبر رسائل القراء ونشر المقالات والتعليقات التي تحمل وجهات نظر مختلفة لمختلف شرائح المجتمع. وهناك وظيفة اخرى لوسائل الإعلام وهي العمل كرقيب على الحكومة وغيرها من المؤسسات القوية في المجتمع. وبوسعها الكشف عن الفضائح و الاخطاء و خرق قواعد حقوق الانسان التي ترتكب من قبل الحكومات و، كذلك محاسبة المسؤولين على تصرفاتهم.
وسائل الاعلام في النظام الديمقراطي لا تستطيع ببساطة تجاهل قضايا معينة أو استغلالها كما تشاء. فلوسائل الإعلام المنافسة، كما للحكومة نفسها، الحرية في لفت اهتمام الجمهور إلى ما تعتبره هي القضايا المهمة، وان حرية الكلام هي شريان الحياة لأي نظام ديمقراطي، فالتحاور والنقاش والتصويت، والاجتماع والاحتجاج، والعبادة وضمان العدالة للجميع، كل هذه أمور تعتمد على حرية الكلام و ابداء الرأي
ويعيش المواطنون في النظام الديمقراطي مقتنعين بأنه من خلال التبادل الحر للأفكار والآراء تنتصر في النهاية الحقيقة على الباطل، ويمكن فهم اراء الآخرين بشكل أفضل، وتتحدد في شكل افضل مجالات التفاهم، ويفتح سبيل التقدم، وكلما زاد قدر هذا التبادل كلما كان ذلك أفضل. ويقول الكاتب الأمريكي إي بي وايت "إن الصحافة في بلدنا الحر هي صحافة موثوقة ومفيدة لا بسبب طبيعتها الطيبة بل بسبب تنوعها الكبير، وما دام هناك عدد كبير من أصحاب المؤسسات الصحفية، كل يحاول تبيان ما يراه من حقيقة، تتوفر لنا نحن الشعب فرصة أفضل لمعرفة الحقيقة والخروج من الظلمة.. ففي كثرة العدد سلامة". ختاما ان وجود وسائل إعلام حرة، دلالة على وجود رقابة سليمة على مراكز السلطة والحفاظ على مجتمع حر ومتنوِّر. وعلى الصحفيين في كل مكان ان يؤدوا دورهم الحيوي والذي يتمثّل في تزويد عامة الناس بالمعرفة والمعلومات. لكن عليهم لدى ممارستهم لمهنتهم، أن يُخضعوا عملهم لمعايير نظامية وقانونية، بعيدة عن الاغراض الشخصية و مستندة على الوثائق و الادلة الثبوتية، و بهذه الطريقة فقط يمكن للصحافيين أن يخدموا مجتمعهم بشكل أخلاقي مسؤول وبنّاء.