طلاب العرب Arab Students
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

باكلوريا 2017 bac فروض اختبارات التعليم الابتدائي المتوسط الثانوي الجامعي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول


my facebook

karim Rouari

https://www.facebook.com/karim.snile.7



 

 كيف يتغير المجتمع؟ – ج. كريشنامورتي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
♣ yomi Gate ♣
مشرف

مشرف
avatar


مشاركات : 5269

العمر : 32
الجنس : ذكر
الدولة : الجزائر
المدينة : ياحصراة
تاريخ التسجيل : 07/03/2010
decoration : كيف يتغير المجتمع؟ – ج. كريشنامورتي Uoou-o15

كيف يتغير المجتمع؟ – ج. كريشنامورتي Empty
مُساهمةموضوع: كيف يتغير المجتمع؟ – ج. كريشنامورتي   كيف يتغير المجتمع؟ – ج. كريشنامورتي I_icon_minitimeالإثنين ديسمبر 06 2010, 14:30

وأنت جالس على الشاطئ تراقب الناس عابرين – ثنائيين اثنين أو ثلاثة وامرأة بمفردها – يبدو لك أن الطبيعة بأسرها، كل شيء حواليك، من البحر ذي الزرقة الداكنة إلى تلك الجبال الصخرية الشامخة، يراقب هو الآخر. ترانا نراقب، لا ننتظر، لا نتوقع حدوث أي شيء، بل نراقب بلا نهاية. وفي تلك المراقبة تعلُّم، ليس مراكمة المعرفة عبر تعلُّم يكاد أن يكون آليًّا، إنما المراقبة عن كثب، لا سطحيًّا أبدًا، بل عمقيًّا، في خفة ولطف – إذ ذاك ينعدم المراقب. عندما يوجد مراقب فالمراقبة تكون محض الماضي يراقب؛ وتلك ليست مراقبة، بل تذكُّر وحسب، وهو شيء ميت نوعًا ما. المراقبة نابضة بالحياة، وكل لحظة تَخْلِية. تلك السرطانات الصغيرة وتلك النوارس وجميع تلك الطيور الطائرة قريبًا تراقب. إنها تراقب طلبًا للفريسة، للسمك، تراقب طلبًا لشيء تأكله؛ إنها تراقب هي الأخرى. يمر أحدهم على مقربة منك ويتساءل عما تراقب. أنت لا تراقب شيئًا، وفي تلك اللاشيئية يوجد كل شيء.

منذ بضعة أيام، أتى رجل سافر كثيرًا، رأى الكثير، كتب أشياء وأشياء – رجل أميل إلى الشيخوخة، ذو لحية حسنة التشذيب، محتشم الهندام من غير غلوٍّ مبتذل، معتنيًا بحذائه، بثيابه. كان يتقن الإنكليزية، مع أنه أجنبي. وقد قال للرجل الجالس على الشاطئ يراقب إنه قد تحدث إلى عدد كبير من الناس، تناقش مع بعض الأساتذة والمثقفين، وحين كان في الهند، تحدث إلى عدد من الـپندت [الفقهاء]. وأغلبهم، على ما يبدو، ليسوا مبالين بالمجتمع، على حدِّ قوله، ليسوا ملتزمين التزامًا عميقًا أي إصلاح اجتماعي ولا أزمة الحرب الحالية. كان عميق الاهتمام حيال المجتمع الذي نحيا فيه، مع أنه ليس مصلحًا اجتماعيًّا. لم يكن واثقًا تمام الثقة إنْ كان تغيير المجتمع أمرًا ممكنًا، إنْ كان بالإمكان فعل شيء بهذا الخصوص. لكنه كان يرى ماهيته: الفساد المستشري، عبثية رجال السياسة، الحقارة والتفاهة والوحشية المتفشية في العالم.

قال: "ماذا بوسعنا أن نفعل حيال هذا المجتمع؟ – ليس إصلاحات صغيرة تافهة هنا وهناك، استبدال رئيس آخر بالرئيس الحالي، أو برئيس الوزراء الحالي سواه – فجميعهم من الصنف نفسه بدرجة أو بأخرى؛ ليس بوسعهم أن يفعلوا الكثير لأنهم يمثلون الوضاعة، أو حتى أقل من ذلك: الابتذال؛ إنهم يريدون المظاهر، ولن يفعلوا شيئًا أبدًا. سوف يُحدِثون إصلاحات صغيرة وضيعة هنا وهناك، لكن المجتمع سوف يستمر على حاله على الرغم منهم." كان قد راقب مختلف المجتمعات والثقافات، ووجدها لا يختلف بعضها عن بعض كثيرًا من حيث الأساس. بدا رجلاً جديًّا للغاية وصاحب ابتسامة، وتكلم على جمال هذه البلاد، اتساعها، تنوعها، من الصحارى الحارة إلى جبال الروكي العالية البهية. كان المرء يصغي إليه كمن يصغي إلى البحر ويراقبه.

لا يتغير ما بالمجتمع حتى يتغير ما بالإنسان. البشر – أنت وسواك – هم الذين أوجدوا هذه المجتمعات أجيالاً بعد أجيال؛ نحن جميعًا الذين جعلنا هذه المجتمعات من تفاهتنا وضيقنا، من محدوديتنا، من جشعنا وحسدنا ووحشيتنا وعنفنا وتنافسنا، إلى آخر ما هنالك. نحن المسؤولون عن الصَّغار، الغباء، الابتذال، عن جميع السخافات القَبَلية وعن الطائفية الدينية. فما لم يتغير كلٌّ منا تغيرًا جذريًّا، لن يتغير المجتمع أبدًا. إنه موجود، ونحن الذين صنعناه، ومن ثم فهو الذي يصنعنا. إنه يشكِّلنا، مثلما شكلناه؛ إنه يضعنا في قالب، والقالب يوضع في إطار، وهو المجتمع.

ومنه، فإن هذا الفعل يتواصل إلى ما لا نهاية، مثل البحر، جزرًا ومدًّا، ينحسر بعيدًا ثم يعود فيمتد، أحيانًا في بطء شديد، وأحيانًا أخرى سريعًا، خطيرًا. مدٌّ وجزر؛ فعل، ردُّ فعل، فعل. يبدو هذا وكأنه من طبيعة هذه الحركة – ما لم يكن هناك نظام عميق في الذات. وذاك النظام هو الذي سيولِّد النظام في المجتمع، ليس عبر التشريع والحكومات وذلك الهرج كله – مع أنه مادامت هناك فوضى، بلبلة، فإن القانون، السلطة التي توجِدها فوضانا، سوف يستمر. القانون من صنع الإنسان، شأنه شأن المجتمع – ثمرة الإنسان هي القانون.

ومنه، فإن الباطن، النفس، يجعل الظاهر بحسب محدوديته؛ ثم يعود الظاهر فيسيطر على الباطن ويقولبه. لقد ظن الشيوعيون – ولعلهم مازالوا يظنون – أن بوسعهم، بالسيطرة على الظاهر، بسنِّ بعض القوانين والأنظمة وإنشاء بعض المؤسسات، أشكال بعينها من الاستبداد، أن يغيروا ما بالإنسان. لكنهم لم ينجحوا حتى الآن، ولن ينجحوا أبدًا. وهذا هو دأب الاشتراكيين أيضًا. الرأسماليون يفعلون ذلك بطريقة مختلفة، لكن الأمر يبقى هو هو. الباطن يتغلب على الظاهر دومًا؛ إذ إن الباطن أقوى بكثير، أكثر حيوية بكثير، من الظاهر.

فهل يمكن لهذه الحركة أن تتوقف يومًا؟ – الباطنُ خالقًا البيئة الظاهرة نفسانيًّا؛ والظاهرُ، القانون، المؤسسات، التنظيمات، محاولةً تشكيل الإنسان، المخ، بحيث يعمل بطريقة معينة؛ والمخُّ، الباطن، النفس، مغيِّرةً إذ ذاك الظاهر، محتالةً عليه. هذه الحركة مافتئت مستمرة ما ظل الإنسان على هذه الأرض، استمرارًا فجًّا، سطحيًّا، لامعًا أحيانًا – ما انفك الباطن يتغلب على الظاهر، كالبحر بجزره ومدِّه، ينحسر ويمتد. على المرء أن يسأل حقًّا إنْ كان مقيضًا لهذه الحركة أن تتوقف يومًا – فعل وردُّ فعل، كره ومزيد من الكره، عنف ومزيد من العنف. إنها تنتهي حين تكون هناك مراقبة فحسب، من غير باعث، من غير استجابة، من غير اتجاه.

ينشأ الاتجاه عندما يوجد تراكم. أما المراقبة – وفيها انتباه ووعي وشعور عظيم بالرحمة – فهي ذات ذكاء تختص به. هذه المراقبة والذكاء يفعلان؛ وذاك الفعل ليس فعل الجزر والمد. لكن هذا يستلزم تيقظًا عظيمًا، لرؤية الأشياء من دون الكلمة، من دون الاسم، من دون أي ردِّ فعل – وفي تلك المراقبة حيوية، شغف عظيم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كيف يتغير المجتمع؟ – ج. كريشنامورتي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
طلاب العرب Arab Students :: التواصل :: منتدى الثقافة و المعلومات-
انتقل الى: