المناولة الصناعية كعامل استراتيجي لتفعيل التنمية الصناعية في
الدول العربية
من إعداد الباحثين:
*اللقب: آيت زيان .
الاسم:
كمال.
الدرجة: دكتوراه دولة.
الوظيفة: أستاذ محاضر
*اللقب:
إليفي.
الإسم: محمد.
الدرجة: ماجيستير.
الوظيفة: أستاذ مساعد.
المركز
الجامعي بخميس مليانة
المستخلص :
رغم توفرها على الدعم الواسع و
الحوافز الكثيرة و المزايا النسبية المتميزة ، لم تحقق الصناعة العربية
موقعا تنافسيا مقابل الصناعات الأجنبية و لا حتى على مستوى الأسواق المحلية
،كما أن دورها لم يكن مؤثرا بالدرجة الكافية في الحياة الاقتصادية و
الاجتماعية.و أمام هذه النتائج المتواضعة و الآثار المتوقعة لعولمة
الاقتصاد و توجه الدول الصناعية و النامية نحو المزيد من التكتل و التنسيق
في مجالات الإنتاج و التسويق ، بدأت الدول العربية تأخذ على عاتقها مسؤولية
البحث عن الوسائل الناجعة لمعالجة المعوقات التي تقف في وجه التنمية
الصناعية في البلدان العربية ، و في هذا المجال برزت أهمية المناولة و
الشراكة الصناعية كعامل ديناميكي في بناء و تفعيل علاقات التكامل و التشابك
بين وحدات النشاط الصناعي ،و لم يلقى هذا المدخل في الدول العربية
الاهتمام الذي ناله لدى دول أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا
و اليابان و دول جنوب شرق آسيا التي تمكنت من خلاله ببناء اقتصادياتها بعد
الضرر الذي بها من جراء الحرب العالمية الثانية . و من هذا المنطلق يمكننا
أن نصيغ إشكالية هذه المداخلة كالتالي : إلى أي مدى يمكن الاعتماد على
المناولة الصناعية كبعد استراتيجي لتحقيق التنمية الصناعية في الدول
العربية ؟ .
مقدمة :
يشكل نشاط المناولة الصناعية محورا أساسيا
من استراتيجيات المنشآت الصناعية في عموم الدول الصناعية التي تمكنت بواسطة
هذا الأسلوب من تنمية وتطوير منتجاتها ورفع قدراتها التنافسية في الأسواق
المحلية والخارجية إلى جانب أهداف اقتصادية واجتماعية أخرى خاصة في
الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وآسيا.
وقد أدركت
الجهات العربية المسئولة في العقود الأخيرة أهمية هذا الأسلوب في تفعيل
علاقات التشابك والتكامل بين مختلف وحدات القطاع الصناعي، الذي يعاني في
الأساس من مشاكل كثيرة لعل أبرزها، التركيز على الصناعات الأولية والتخلف
التكنولوجي وتدني مستويات الكفاءة والإنتاجية وضعف علاقات الترابط والتكامل
بين المنشآت الآمرة بالأعمال وتلك المنفذة لها (المناولة). من الناحية
العملية، ما زال تطبيق أسلوب المناولة والاستفادة منه في المنطقة العربية،
يواجه بعض الصعوبات، منها ما يتعلق بمفهومه وخصائصه وآلياته ومنها ما هو
مرتبط بكيفية التعاطي معه بشكل نظامي، وسوف تتناول في هذه المداخلة المحاور
التالية:
- أولا : تشخيص واقع الصناعة في الدول العربية .
- ثانيا :
المناولة الصناعية ، المفهوم ، الأهمية ، الصيغ و الأجهزة .
- ثالثا :
واقع المناولة الصناعية في القطاعات الصناعية في الدول العربية .
-
رابعا : أساليب ترقية المناولة الصناعية كبعد استراتيجي لتحقيق التنمية
الصناعية في الدول العربية .
ABSTRCT:
Industrial activity
is handling a major focus of the strategies of industrial installations
throughout the industrialized countries that have been able through this
method of development and the development of their products and raise
their competitiveness in domestic and foreign markets as well as the
objectives of economic and social again, especially in the United
States, the European Union and Asia.
Having realized the Arabic
responsible in recent decades the importance of this method of
activating relations interdependence and integration between the various
units of the industrial sector, which suffers in the base of many
problems the most obvious of which focus on primary industries and
technological backwardness and low levels of efficiency, productivity
and weak linkages and integration between enterprises cogens affaires
Those executed them (handling). In practical terms, is still handling
the application method and benefit from it in the Arab region, is facing
some difficulties, including with respect to its conception and its
characteristics and mechanisms, including what is linked to how to deal
with him systems, and will deal with this intervention in the following
points :
- First: diagnosis and reality of the industry in the
Arab countries.
- Second: handling industrial concept, importance,
formulas and devices.
- Third: the reality of handling industrial in
the industrial sectors in the Arab countries.
- Fourth: methods of
handling industrial upgrading strategic dimension to achieve industrial
development in the Arab countries.
- أولا :
تشخيص واقع الصناعة في الدول العربية
1- مؤشرات الأداء الصناعي العربي :
تميزت السنوات الأخيرة باستمرار التطوير والدعم للقطاع الصناعي في الدول
العربية، حيث تحققت تطورات ملموسة شملت القطاع الصناعي بشقيه الإستخراجي
والتحويلي، كما تواصلت الجهود لتسخير كافة الإمكانات اللازمة لدعم وتطوير
الصناعة وتشجيع استخدام التكنولوجيا الحديثة في الإنتاج وتطوير وسائل
الإنتاج والتوسع فيه وتحسين جودته.و في ما يلي جدول يوضح مساهمة الصناعة في
الناتج المحلي لبعض الدول العربية المختارة لسنة 2006 .
جدول رقم
(01) : تقديرات مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي في الدول العربية
خلال سنة 2006
الدولة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي %
الأردن
30.5
الإمارات العربية المتحدة 61.9
البحرين 38.1
تونس 31.0
الجزائر
58.1
جزر القمر 4.0 ( 2001)
جيبوتي 22.5 (2003)
السعودية 67.0
السودان
24.8
سوريا 22.1
عمان 38.8
الصومال 10.0
العراق 66.6 (2004)
فلسطين
18.2
قطر 77.2
الكويت 48.3
لبنان 21.0 (2005)
ليبيا 51.3
مصر
49.8
المغرب 31.2
موريتانيا 29.0
اليمن 43.7
المصدر:تم
جميع محتويات الجدول من الموقع الالكتروني التالي : www.exxun.com/afd/ec_gdp_composition_sector/wr_industry_2.html
وعلى
الرغم من عدم توفر البيانات حول تطورات معدلات نمو الصناعة العربية خلال
السنوات الأخيرة ، إلا أنه يمكن الإشارة إلى أنه و في ضوء استمرار ارتفاع
الأسعار العالمية للنفط وزيادة إنتاجه خلال العام، فإنه يتوقع استمرار
أداء القطاع الصناعي في التحسن للعام الرابع على التوالي( إبتداءا من
ارتفاع أسعار البترول لسنة 2003 ) ، وذلك نظرا للمساهمة الكبيرة لصناعة
النفط والغاز في معدلات النمو الصناعي وفي الناتج المحلي الإجمالي، حيث
تشير التقديرات الواردة في بعض المواقع الإحصائية على شبكة الإنترنت إلى أن
حصة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي قد تراوحت ما بين حوالي
%77.2 في قطر و حوالي % 4.0 في جزر القمر ( انظر الجدول رقم 01 ) أما
النمو الصناعي على مستوى الدول العربية فرادى التي توافرت عنها البيانات ،
فقد عرفت ارتفاعا في بعض الدول العربية التي توافرت عنها البيانات، فبلغت
وفقا للتقديرات حوالي% 10 في الجزائر،% 7.2 في مصر، و% 6 في الأردن،و
%5.9 في سلطنة عمان، و % 4.9 في تونس، و %4 في المغرب ، و يعزز الجدول
أدناه ما سبق .
جدول رقم ( 02) : تقديرات معدل نمو
الناتج الصناعي في بعض الدول العربية لسنة 2006
الدولة معدل نمو الناتج
الصناعي %
الأردن 6.0
الإمارات العربية المتحدة 4.0
تونس 4.9
الجزائر
10.0
السعودية 1.9
سوريا 1.5
عمان 5.9
فلسطين 2.4
مصر 7.2
المغرب
4.0
المصدر: تم تجميع محتويات الجدول من الموقع الالكتروني التالي: www.exxun.com/afd/ec_industrial_prod_growth/wr_1.html
2-
التطورات في مجال العمالة و الإنتاجية في القطاع الصناعي : على الرغم من
عدم توفر بيانات دقيقة عن العمالة الصناعية في الدول
العربية، فإنها
تقدر بنحو 19 مليون عامل،وتشكل حوالي %17 من إجمالي العمالة العربية (
التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2006). ووفقا للتقرير، فقد انخفضت أعداد
العمالة في صناعة المنسوجات خلال فترة التحرير التدريجي لإزالة نظام الحصص
المفروض على صادرات الدول النامية من المنسوجات والملابس، وذلك منذ عام
1995 .كما انخفض عدد العمالة في هذه الصناعة، وبدرجة أكبر، منذ بداية عام
2005 وبعد تحرير نظام الحصص بالكامل، وذلك في إطار تنفيذ اتفاقيات منظمة
التجارة العالمية، حيث تزايد ت المنافسة بشدة في الأسواق الدولية لمنتجات
هذه الصناعة . وفي المقابل ارتفعت أعداد العاملين في صناعة مواد البناء
والصناعات الرديفة لها خلال الفترة 2001- 2005 بسبب نمو قطاع التشييد
خصوصًا في دول الخليج العربية . وكما يلاحظ من التقرير مقارنة متوسط نصيب
الفرد من ناتج القطاع الصناعي وحصة العامل الصناعي منه خلال الفترة 2003-
2005، زيادة متوسط إنتاجية العامل الصناعي بشكل كبير خلال هذه الفترة ،
غير أن ذلك لا يعكس زيادة نوعية كفاءة العامل الصناعي العربي، سواء في
الصناعة الاستخراجية أو التحويلية، بقدر ما هو يعود إلى ارتفاع ناتج كل
منهما مع ثبات عدد العاملين في القطاع، أو أنه تحقق فضلا عن زيادة طفيفة
فيه.
3- تطورات التجارة الخارجية للسلع الصناعية : نمت قيمة التجارة
العربية الإجمالية بمعدل مرتفع عام 2006 نتيجة للارتفاع الكبير في قيمة
الصادرات النفطية العربية، في ضوء استمرار ارتفاع الأسعار العالمية للنفط
وزيادة الدول العربية للكميات المصدرة منه ، وبذلك ارتفعت حصة الصادرات
العربية في الصادرات العالمية ، وبجانب التحسن في أداء الصادرات، ارتفعت
أيضا الواردات العربية بمعدلات عالية في عام 2006 في ضوء استمرار النمو
الاقتصادي المرتفع وما ترتب عنه من زيادة الواردات لأغراض الاستثمار،
وارتفاع فاتورة الواردات النفطية للدول المستوردة للنفط ، ومن أهم التطورات
في سياسة التجارة الخارجية للسلع الصناعية العربية، اتخاذ الدول العربية
عدد من الإجراءات الوقائية لحماية مصالحها التصديرية إلى أسواقها الرئيسة
في ظل انتهاء العمل بنظام الحصص المعمول به بشأن صادرات الدول النامية من
المنسوجات والملابس ، و يوضح الجدول أدناه الهيكل السلعي للتجارة الخارجية
العربية خلال الفترة 2004-2005 .
جدول رقم (03) : الهيكل السلعي
للتجارة الخارجية للدول العربية خلال الفترة 2004-2005
نسبة مئوية
الصادرات
الواردات
السلع 2004 2005 2004 2005
الأغذية و المشروبات 3.2 3.0
12.8 14.0
المواد الخام 2.5 2.6 6.0 4.9
الوقود المعدني 72.6 73.4
5.1 5.8
المنتجات الكيميائية 3.0 3.3 8.9 8.4
الآلات و معدات النقل
3.6 3.4 36.4 37.7
المصنوعات 13.9 13.2 28.1 26.3
سلع غير مصنفة 1.2
1.4 2.8 2.9
المجموع = 100 100
100 100
المصدر : التقرير الإقتصادي العربي الموحد لسنة 2006 .
ووفقا
لبيانات التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2006 ، حول الهيكل السلعي
للتجارة العربية للعام 2005 ، فقد استأثرت فئة الوقود المعدني بالحصة
الكبرى في مكونات الصادرات العربية، تلتها المصنوعات والآلات ومعدات النقل،
ثم المنتجات الكيماوية والأغذية والمشروبات ، واحتلت الآلات ومعدات النقل
أعلى حصة في هيكل الواردات العربية، تلتها المصنوعات ثم الأغذية والمشروبات
.
ومن خلال ما تقدم و في ظل اعتماد معظم الدول العربية علة الاقتصاد
الريعي فإن القطاع الصناعي بخصائص متعددة منها: الاعتماد على التقنيات
المستوردة من الخارج، واستخدام الوقود الأحفوري وخاصة الغاز الطبيعي و
الديزل وزيت الوقود الثقيل كمصدر للطاقة في عمليات التصنيع، مع اتجاه واضح
للتحول إلى استخدام الغاز الطبيعي في عدد من الصناعات الرئيسية، وغياب
الرأسمال اللازم لعمليات التطوير، وارتفاع كلفة الطاقة لدى الدول غير
المنتجة للنفط، وتفاوت ملكية الصناعة بين القطاعين العام والخاص، وانخفاض
كفاءة استخدام الطاقة ، وقدم التقنيات المستخدمة في بعض الدول العربية،
وتدني الإنتاجية العمالية بسبب قلة العمالة الماهرة وعدم مواكبة مخرجات
التعليم والتدريب لاحتياجات الصناعة.و عليه بات من الضروري إيجاد السبل
التي من شأنها رفع الأداء للقطاع الصناعي العربي ، لما يلعبه هذا القطاع من
دور كبير في تحقيق التنمية الاقتصادية ،و لعل من أهم هذه الأساليب
المناولة و الشراكة الصناعية .
ثانيا : المناولة الصناعية ، المفهوم ،
الأهمية ، الصيغ و الأجهزة
1- مفهوم المناولة الصناعية: على الرغم من
أهمية المناولة ، لا يزال هذا الأسلوب يثير الغموض و الالتباس لدى المعنيين
في المنطقة العربية ، حيث عرف بمصر تحت اسم الصناعات المغذية أو
التعاقد من الباطن و في الأردن و العراق يطلق عليه اسم التعاقد ، أما في
منطقة المغرب العربي فيعرف باسم المناولة الصناعية ، و هي المنطقة التي
تعاملت مع هذا المنهج و استفادت منه أكثر من غيرها في البلدان العربية و
بصفة عامة فقد برزت ثلاثة مفاهيم رئيسية هي :
- المفهوم اللغوي.
-
المفهوم الصناعي.
- المفهوم العام .
1-1- المفهوم اللغوي : هي
عبارة عن عقد باطني ( عقد فرعي ) ، يعطي الحق لشركة ما حاصلة على عقد رئيسي
تم إبرامه مع جهة ما تسمى صاحبة الأشغال ، بتكليف شركة أو جهة أخرى تسمى
المتعاقد من الباطن بتنفيذ جزء من هذا العقد أو كله . و يتضمن هذا التعريف
ثلاثة عناصر هي:
- صاحب الأشغال ( مالك المشروع ) .
- صاحب العقد
الرئيسي .
- المتعاقد من الباطن ( أو المتعاقد الفرعي ).
إضافة إلى
وجد عقدين، واحد رئيسي يربط بين صاحب المشروع بالشخص الحاصل على العقد
الرئيسي من جهة، و عقد من الباطن يربط هذا الأخير و المتعاقد من الباطن من
جهة أخرى . و ينطبق هذا المفهوم على قطاع البناء و الأشغال، أي الممتلكات
غير المنقولة و لا يشمل في مجال القطاع الصناعي إلا في حالات استثنائية ، و
ذلك لصعوبة توافر العناصر الأساسية لهذا التعريف في التعاقد الصناعي.
1-2-المفهوم
الصناعي: تعتبر المناولة وسيلة فعالة لتنظيم الإنتاج الصناعي، و تحسين
استخدام طاقات الشركات الصناعية و زيادة الإنتاج و التشغيل للمنشآت الصغيرة
و المتوسطة ،و رفع قدرتها الإنتاجية من خلال مشاركة أكبر عدد من وحدات
الإنتاج المتخصصة ، و عليه يمكن تعريف المناولة الصناعية على النحو التالي :
هي العملية أو مجموعة العمليات الخاصة بمرحلة معينة من مراحل الإنتاج (
الدراسات ، الإعداد ، التصنيع ، التشغيل ، الصيانة لأي منتوج ما ...) ،
تقوم من خلالها مؤسسة ما تسمى الآمرة بالأعمال بتكليف مؤسسة أخرى تسمى
المناولة أو المتعاقدة بتنفيذ جزء من عمليات الإنتاج أو مستلزماته بناء على
اتفاق مبرم حسب معايير تقنية و شروط تسليم محددة مسبقا و ملزمة للطرفين ، و
يتضح من هذا المفهوم وجود علاقة عمودية مباشرة بين الجهات المتعاقدة ،
يكون فيها المناول تابعا للآمر بالأعمال وفق الأهداف الصناعية التي ينشدها
هذا الأخير .
مثال : شركة لإنتاج التلفزيون تقوم بإبرام عقد مباشر مع
شركة أو شركات أخرى متخصصة في إنتاج القطع و المكونات الكهربائية أو
الإلكترونية ( الملفات ، المحولات ، المقاومات أو اللوحات المطبوعة...)
لتزويدها بصفة منتظمة باحتياجاتها من هذه المكونات حسب مواصفات و شروط و
تقنية و أسعار و شروط تسليم محددة، أنظر الشكل أدناه .
الشكل رقم (01) :
يوضح العلاقة بين الشركات المنتجة و الشركات المستهلكة لمستلزمات الإنتاج
في إطار عقد صناعي عادي