ThE sIleNt
عضو فضي
مشاركات : 2951
العمر : 124 الجنس : الدولة : sireio المدينة : بلد الفقر و السعادة تاريخ التسجيل : 28/03/2012
| موضوع: تأثير الاحداث الاخيرة في الدول العربية على اسعار النفط الجمعة يناير 04 2013, 07:52 | |
| تأثير الاحداث الاخيرة في الدول العربية على اسعار النفط د. نعمت أبو الصوف مع بدء الأحداث الأخيرة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط تغيرت العوامل التي تحرك أسواق النفط، لكن الاتجاه هو نفسه: ارتفاع الأسعار. في بداية العام الحالي كانت أسواق النفط مدفوعة بتحسن توقعات النمو الاقتصادي العالمي، لكن الأسواق تحولت فجأة إلى القلق إزاء الإمدادات النفطية، بما في ذلك تعطل الإمدادات من ليبيا. إن ارتفاع أسعار النفط ما بين 10 و15 دولارا للبرميل الواحد منذ بداية شباط (فبراير) يعكس القلق المتزايد إزاء الفوضى التي اجتاحت ليبيا، وبصورة أعم، قلق من احتمال عدم الاستقرار في غيرها من المنتجين الرئيسين للنفط في شمال إفريقيا والشرق الأوسط. تشير معظم التوقعات في هذا الجانب إلى أن من غير المتوقع أن تعود أسواق النفط إلى طبيعتها في وقت قريب، حتى في حالة عدم انتشار هذه الأحداث في أماكن أخرى في المنطقة.
تتركز جميع الأنظار في الوقت الحاضر على تطورات الأحداث في ليبيا، حيث إن الأحداث تسببت في وقف معظم الإنتاج الليبي من النفط الخام، الذي بلغ في المتوسط نحو 1.6 مليون برميل يوميا في كانون الثاني (يناير). هذا التوقف في الإنتاج يمثل تعطلا كبيرا في إمدادات النفط العالمية. على سبيل المقارنة، بعد الإعصار ريتا الذي اجتاح خليج المكسيك في الولايات المتحدة في أيلول (سبتمبر) 2005، أغلقت نحو 1.5 مليون برميل يوميا من الإنتاج فيها، من دون حدوث طفرة في أسعار النفط في حينها. لكن تعطل الإمدادات من ليبيا تسبب في حدوث طفرة في أسعار النفط، حيث بلغ سعر خام برنت أكثر من 119 دولارا للبرميل في تعاملات يوم 24 شباط (فبراير)، صعودا من نحو 102 دولار للبرميل في 18 شباط (فبراير) و94 دولارا للبرميل قبل شهر من هذا التاريخ.
الطاقات الإنتاجية الاحتياطية من النفط الخام في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) تقدر حاليا بنحو ستة ملايين برميل في اليوم، وهي أكثر بكثير مما هو مطلوب لتعويض الإنتاج الليبي. لكن الاستفادة من الطاقات الاحتياطية لدى منظمة أوبك قد تؤدي إلى بعض التعقيدات اللوجستية وإلى قيام المصافي بإجراء بعض التحويرات لاستيعاب أنواع النفط الأخرى. حيث إن ليبيا تورّد إلى أسواق النفط العالمية النفط الخام الخفيف وذات المحتوى الكبريتي المنخفض، الذي من المرجح أن يستعاض عنه بنفط أقل جودة من السعودية وغيرها من الدول الأعضاء في ''أوبك'' التي تملك طاقات إنتاجية احتياطية. بصورة عامة الطاقات الإنتاجية الاحتياطية هي أكثر مما هو مطلوب، لكن لم تستطع حتى الآن طمأنة وتهدئة أسواق النفط العالمية؛ نظرا للمخاوف بشأن احتمال حدوث مزيد من الاضطرابات في أماكن أخرى من شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
إن أسواق النفط العالمية لم تكن في حاجة إلى التحوط بصورة كبيرة من المخاطر الجيوسياسية منذ بداية الأزمة الاقتصادية الأخيرة. حيث إن أسعار النفط بعد الأزمة الاقتصادية وحتى أوائل 2011 كانت مدفوعة في المقام الأول بتوقعات وتيرة الانتعاش الاقتصادي العالمي ووتيرة الانتعاش في الطلب العالمي على النفط. المستويات الحالية المرتفعة من المخاطر الجيوسياسية حفزت العديد من البنوك والمحللين إلى رفع توقعاتهم لأسعار النفط لعام 2011، مع ذلك، يرى هؤلاء أن حركة أسعار النفط خلال الأيام الماضية ما هي إلا ارتفاع استثنائي، حيث من المرجح أن تنخفض تلك الأسعار مرة أخرى. لكن المخاطر لا تزال في الاتجاه التصاعدي في الوقت الحاضر. هذا الخطر في الاتجاه التصاعدي يعكس نظرة السوق إلى إمكانية انتقال الاضطرابات السياسية والاجتماعية من ليبيا إلى دول كبرى أخرى منتجة للنفط. البيئة المضطربة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط كانت المحرك الرئيس لارتفاع أسعار النفط حتى الآن. إلا أن هناك أيضا عوامل أخرى تدفع أسعار حاليا النفط إلى أعلى، وتشمل هذه:
النمو الجيد في الطلب العالمي على النفط، حيث من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على النفط أكثر من 1.4 مليون برميل يوميا في 2011، من المتوقع أن تسهم الصين بنحو 450 ألف برميل يوميا من هذا النمو والولايات المتحدة بنحو 200 ألف برميل يوميا أو أقل بقليل. هذا الارتفاع في الطلب العالمي على النفط مدعوم بتوقعات بأن انتعاش الاقتصاد العالمي من الركود الاقتصادي سيستمر بصورة مطردة. حيث تشير معظم التوقعات إلى أن الاقتصاد العالمي سينمو بالمتوسط بنحو 3.8 في المائة في عام 2011.
على الرغم من أن الطاقات الإنتاجية الاحتياطية لمنظمة أوبك كافية لسد أي نقص في الإمدادات، حيث تقدر حاليا بنحو ستة ملايين برميل في اليوم، لكن هناك اعتقادا سائدا في الأسواق بأن هذه الطاقات الإنتاجية آخذة في التقلص. هذا الاعتقاد بتضاؤل الطاقات الإنتاجية الاحتياطية من الناحية النفسية يعد عاملا ضاغطا على الأسواق يدفع أسعار النفط إلى أعلى.
هوامش أرباح المنتجات النفطية لا تزال تظهر علامات على الانتعاش، حيث من المتوقع أن يكون الطلب على نواتج التقطير قويا هذا العام، وهوامش أرباح المنتجات، خاصة لوقود الديزل وزيت التدفئة، ستقدم الدعم لأسعار النفط الخام. إن الغالبية العظمى من نواتج التقطير في العالم تأتي من النفط الخام، وليس من سوائل الغاز الطبيعي والمكثفات النفطية، هذه القوة في الطلب على نواتج التقطير ستستمر في دعم أسعار النفط الخام.
ارتفاع تكاليف المشاريع الاستخراجية مدعوما بارتفاع أسعار الحديد والصلب، منصات الحفر، تعقيد المشاريع وتكاليف العاملين. ارتفاع تكاليف تطوير المشاريع النفطية وتكاليف عمليات الإنتاج تقدم الدعم لأسعار النفط على المدى الطويلة. هذه الأسعار المستقبلية ستدعم بدورها الأسعار الحالية، من خلال موازنة هيكل منحى الأسعار.
إن ارتفاع سعر خام برنت إلى مستويات عالية فوق 115 دولارا للبرميل بسبب التطورات الأخيرة في شمال إفريقيا، ولد مخاوف لدى الدول المستهلكة الكبيرة، ولدى بعض البلدان المنتجة للنفط بما في ذلك السعودية، على مدى الآثار السلبية لارتفاع أسعار النفط على الاقتصاد العالمي. حيث تشير معظم الوقائع السابقة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى من العالم إلى أن ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية ولفترة طويلة قد تدفع الاقتصاد إلى الركود. لكن الاقتصاد العالمي أكثر قدرة اليوم على التعامل مع ارتفاع أسعار النفط مما كان عليه في الماضي. عند تقييم احتمالية تأثير ارتفاع أسعار النفط على عرقلة نمو الاقتصاد العالمي، يجب الأخذ بنظر الاعتبار عددا من العوامل مثل: درجة، سرعة وفترة ارتفاع الأسعار، وقوة أو ضعف الاقتصاد. هذه العوامل تختلف من وقت إلى آخر. حيث لا يوجد رقم محدد لمستوى سعر النفط الذي قد يتسبب في تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. لكن العديد من المعنيين حددوا ما يعرف بمنطقة الخطر، التي عندها قد تبدأ أسعار النفط بالتأثير سلبا على نمو الاقتصادي العالمي، في هذا الجانب يعتقد البعض أن نحو 100 دولار للبرميل تمثل في الوقت الحالي الحد الأدنى من منطقة الخطر هذه، لكن يبقى هذا مجرد افتراض.
| |
|