المدرسة التجريدية
تعريفها
الفن
التجريدي نوع من أنواع فن القرن العشرين ينبذ الموضوع المحدد المعالم.
يسمى الفن التجريدي أحيانًا فن اللاهدف.
تمرد
الفن التجريدي على
تقاليد تاريخية عريقة في الثقافة الغربية كانت تعدُّ
الفن نوعًا من
الإيضاح الراقي. وكانت الأعمال الفنية تنال الإعجاب بسبب
الاهتمام الذي
توليه للقصة أو الموضوع الذي مثلته اللوحة. أخذت هذه الفكرة
في التغيُّر
في بداية القرن العشرين الميلادي. كان الفنانون وقتئذ قد
سمحوا لأدوات
صناعة الصورة ـ الفرشاة واللون والأشكال ـ بأن تعتِّم أو
تشوِّه الموضوع
مادة الرسم. فقد اكتشف الفنانون أن المواصفات الرسمية
للرسم ممتعة بحد
ذاتها.
تصنيفها
إن أول فنّ تجريدي أنتجه فنانون
صُنِّفوا ضِمن
حركات مثل الفوفية والتعبيريَّة والتكعيبيَّة
والمستقبليَّة. وقد
سُمِّيت رسوماتهم بالتجريدية، رغم أنّ موضوع الصورة
يمكن ملاحظته في
أعمالهم. حذف بعض الفنانين بعد عام 1910م كل موضوع الصورة
لأجل الأشكال
المجرَّدة. انبثق هنا دفاعان نظريان متميزان ومتضدان لفن
كامل التجريد.
عمل الروحيون انطلاقًا من الاعتقاد بأن عناصر الفن بإمكانها
تحريك الروح
مباشرة، وأن الرجوع إلى العالم المادي قد يعوق قدرتهم في نقل
الرسائل
العاطفية بصورة مباشرة وقوية. كان على رأس قائمة هؤلاء الفنانين
فاسيلي
كاندنسكي وكازيمير ماليفيتش الروسيان وبايت موندريان الهولندي.
قامت
النظرية
الرئيسية الأخرى للفن التجريدي على المادية؛ فقد ظهرت أول مرة في
أعمال
الفنانين البنائيين فى روسيا نحو عام 1915م. اهتم فنهم أساسًا
بالجوهر
والأشكال والألوان والأنماط. ورفضت رسوماتهم أسلوب الحكاية والشعر
أو
التجارب العاطفية. ولكي يُشَكِّلوا بإيجابية العصر الجديد وقاعدته
العلمية،
فقد أصروا على الأشكال الهندسية المسطحة والألوان غير المعدلة
والمسعى
المجهول نحو فنهم. تشمل قائمة الفنانيين البنائيين الرواد
أليسيتسكي،
وألكسندر رودشينكو.
ويمكن تلخيص مميزات هذه المدرسة بالآتي:
الاستغناء عن الموضوع.
الأشكال فيها لاتمثل الطبيعة.
الأعمال
فيها تقوم على العلاقات الفنية بين الخط واللون والمساحة.
وعلى
هذا ،
فاللوحة التجريدية ، عبارة عن قطعة تصويرية فحسب ، وما دامت لا تعبر
عن
موضوع ما ، فإنها تصبح هي ذاتها موضوعا ً، قيمته في بنائه الداخلي وفي
تنظيم
عناصره وتماسك أجزائه .
وقد ذهبت المدرسة التجريدية في اتجاهين:
•
الأول : التعبيرية التجريدية (التجريدية التحليلية ، التجريدية اللونية) ،
وتعني
بأبحاث اللون ، ورائدها "فاسيلي كاندسكي" (1866-1944) وقد عرض أول لوحاته
في ألمانيا عام 1910 م .
• الثاني : التجريدية الهندسية : وتركز عل
الأشكال الهندسية (المربع والمستطيل) ،
ومن فنانيهاالهولندي "موندريان"
الذي تحمس لللشكل الهندسي النقي ، وبخاصة المستطيل كأساس للتصميم .
أهم
فنانيها
ومن
فنانيها "كازيميرمالفيتش" (1787 ـ 1930) وقد أطلق على
مذهبه الذي يعني
بالأشكال الهندسية (السوبرماسية) وتعني الإحساس الصرف ،
والمزاج الشخصي ،
والحالة النفسية ويمكن ترجمتها بـ (العلوانية أو
الفوقانية) .
والتجريدية
بعد ذلك درجات : فعندما يبالغ الفنان بأن
يكون العمل خالياً من هيئات
ومعالم الأشياء المعروفة ، يسمى تجريدياً
غير تشخيصي ، فاذا اعتمد أحيانا
على الصورة أو القالب سمي تجريدياً
تشخيصياً.
كان مصطلح الفن التجريدي
أساسًا مُضَلِّلاً لأنه يمكن أن
يعني الفن ذا المضمون المتحوِّر، لكنه
لايزال ملحوظًا، أو يعني الفن غير
الرمزي تمامًا وغير الهادف. ومهما يكن
من أمر، فقد استُعْمِل المصطلح
في نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945م
بصورة أولية مرادفًا لمعنى
الفن الخالي تمامًا من المادة أو الموضوع مدار
الرسم. نال التجريد
الكامل شهرة واسعة عبر أعمال التعبيريِّين التجريديين،
أو مدرسة نيويورك
على يد فنانين مثل جاكسون بولوك، وويلام دي كونينج،
وأرشيل جوركي،
وفرانز كلاين وروبرت مذرول.
بولوك، جاكسون (1912-1956م)
رسام
أمريكي
له تأثيره الكبير في فن الرسم الحديث، باعتباره شخصية رائدة في
الحركة
التعبيرية التجريدية. ابتدع بولوك أسلوبًا للرسم يمكن عن طريقه
تقطير
نقط الألوان على قطع الخيش الكبيرة في سبيل تشكيل أنماط إيقاعية
تبدو
وكأنها متقاطعة عرضيًا مع نسيج السطح.
كان بولوك يرسم وقماشه على
الأرض،
وكان يقول "أشعر أنني أقرب، وأنني جزء من الرسم. بهذه الطريقة،
يمكنني
أن أمشي حول الرسم، وأعمل من جوانبه الأربعة، وأن أكون بالمعنى
الحرفي
في داخل الرسم". هذا الاتجاه الخاص، بأن يكون الفنان داخل الرسم
نفسه،
إنما يشكل سمة عامة من سمات التعبيرية التجريدية.
ولد بولوك في
كودي،
ويومينج بالولايات المتحدة الأمريكية، ودرس مع توماس هارت بنتون في
جمعية
طلاب الفن، بمدينة نيويورك. ثم اشتغل في مشروع الفن الفيدرالي من
1938م
إلى 1942م. استخدم بولوك في رسوماته أسلوبًا تعبيريًا رمزيًا قبل أن
يتحول
إلى أسلوب تجريدي خالص في أواخر الأربعينيات. وفي أعماله الأخيرة،
عاد
بولوك إلى بعض الإشارات المجازية التي ظهرت في أعماله الأولى، ثم
وَحَّدَ
بينها وبين الأشكال الانسيابية التي تطورت من خلال تقنية السكب،
والتنقيط
باستخدام العصا بدلاً من الفرشاة.