- الرقابة القضائية:
هدف هذه الرقابة حماية النظام القانوني للدولة
تمارس من قبل الهيئات القضائية الإدارية على الإدارة العامة عن طريق
الدعاوى التي يحركها المواطنون فهي رقابة قانونية في أساسها وإجراءاتها
ووسائلها وغاياتها ومن ثمة فهي تلتقي بالرقابات الأخرى من حيث كونها تسهر
على حماية النظام القانوني في الدولة.
*- ماهو الفرق بين هذه الرقابة والرقابات الأخرى خاصة الإدارية ؟
إن المتأمل بطبيعة الدعاوى القضائية يجد حتما أنها دعاوى يختلف بناءها عن الرقابات الأخرى ويظهر وجه الاختلاف في
1-
من حيث الاختصاص: فإذا كانت الطعون الإدارية وجهتها الجهات الإدارية
المختصة الولائية أو الرئاسية أو أمام لجان إدارية خاصة كما ذكرنا فإن
الطعون الإدارية على خلاف ذلك وجهتها للجهات القضائية المختصة وهنا يتم
التمييز عادة بين جهات القضاء الإداري وجهات القضاء العادي بالنسبة للدول
الآخذة بالازدواجية القضائية كما هو الشأن بالنسبة للجزائر بعد اعتناقها
للازدواجية بموجب دستور 1996 وأمام محاكم القضاء العادي بالنسبة للدولة
الآخذة بوحدة القضاء.
2- من حيث الطعن في أساس الأعمال الإدارية: في
التظلمات الإدارية بإمكان الطاعن أو المتظلم إثارة أي سند سواء كان قانوني
أو أية حجة يراها ملائمة أو حتى التماس أو رجاء أما في الدعاوى القضائية
لإغن سندها قانوني فهي لا تحرك إلا بموجب ذلك السند وهو ما سيكون محورا
لاحقا.
3- من حيث الشكل والإجراءات: التظلمات الإدارية لا نجد فيها
نظاما خاصا لشكل أو مواعيد وحتى الإجراءات ومن ثمة فإن السلطة الإدارية في
خصوص هذه التظلمات تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في أن تقبل أو لا تقبل التظلم
الإداري إلا إذا قيدت بنص. أما بخصوص الطعون أو الدعاوى القضائية ضد أعمال
الإدارة غير المشروعة فإننا نصادف جملة من القيود الشكلية والإجرائية التي
يتعين مراعاتها كشرط التظلم، شرط الميعاد، المصلحة، الصيغة وشروط أخرى
كشرط انتقاء الدعوى الموازية وشرط وجود قرار إداري في حالة دعوى الإلغاء
فالتقاضي بموجب ذلك مقيد بهذه الشروط ولا يمكن النظر في الدعوى إذا تخلف
أحد هذه الشروط.
4- من حيث سلطات الجهة المختصة:
ماهو مدى ونطاق وحدود المتوافر للسلطة الإدارية التي ترد الطعن ؟
الجهات
المختصة بالنظر في الطعون الإدارية تملك سلطات واسعة وكاملة في مواجهة
أعمال الإدارة وتصرفاتها غير المشروعة وهذا مقارنة مع السلطات التي تتمتع
بها الجهات القضائية . وهكذا تتمتع الجهات الإدارية بـــ:
أ- إمكانية قبول أو عدم قبول التظلمات والشكاوى المقدمة إليها حيث تتمتع بسلطة تقديرية واسعة.
ب-
إمكانية الاستجابة الجزئية أو الكلية لطلبات الطاعن وهذا بخلاف القضاء هذا
الأخير لا يمكنه الحكم للطاعن إلا بناءا على ما طلب فقط فإذا طلب منه
إلغاء التصرف قضى بذلك إذا كان التصرف غير مشروع ولا يحكم بالتعويض في ذات
العمل من تلقاء نفسه إذا لم يطلب رافع دعوى الإلغاء ذلك.
ج- بإمكان
السلطة الإدارية المختصة بالطعون الإدارية توجيه الأوامر والنواهي الملزمة
الى موظفيها بالتعديل أو سحب ما صدر عنهم من قرارات موضوع التظلم.
5- من
حيث طبيعة القرار الصادر عن الطعن: الطعون الإدارية وفي جميع الأحوال تؤدي
الى صدور قرار إداري صريح أو ضمني حيث يجوز الطعن فيه بعد ذلك بالطعون
القضائية المختلفة.
- أما الدعاوى القضائية فإن نهايتها تكون بصدور حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي فيه.
طبيعة النظام القضائي في المجال الإداري:
هناك نظامان يسودان العالم في مجال القضاء الإداري أحدهما هو النظام القضائي الموحد وثانيهما النظام القضائي المزدوج.
الباب الأول: - النظام القضائي الموحد ( النظام الانجلوسكسوني):
هو
النظام الذي يسوده قضاء واحد وهو القضاء العادي تسند له مهمة النظر في
منازعات الإدارة العامة على النحو الذي ينظر فيه منازعات القانون الخاص. إن
الوحدة هنا قائمة كذلك على أساس القانون فلا تعرف هذه الدول ما يسمى
بالازدواجية القانونية والنموذج هو الدول الأنجلوسكسونية لا سيما بريطانيا
التي تعد مهد ظهوره
?- النظام القضائي الإنجليزي:
- موضع محل اهتمام
وغاية هذا النظام هو توفير الحماية القانونية للفرد ضد كل تجاوز من قبل
السلطة العامة خاصة بعدما ساد في السابق ما يسمى عدم مسؤولية التاج لذلك
يذهب البعض الى نعت المجتمع الإنجليزي أنه مجتمع فردي لكون موضوع القانون
عند الإنجليز هو حماية الفرد.
- يسهر على تكريس هذه الحماية تنظيم قضائي
يتألف من محاكم الأقاليم والمحكمة العليا للعدالة المتكونة من ثلاثة أقسام
قسم مختص بشؤون الملك وآخر يسمى بالقسم القنصلي بينما القسم الأخير خاص
بالإثبات والطلاق والانفصال ثم نجد بعد ذلك محكمة الاستئناف وفي قمة هذا
التنظيم القضائي الإنجليزي نجد مجلس اللوردات. الذي يراقب الهيئات كلها
وتطبيق القواعد القانونية المعروفة لدى الإنجليز أيا كان مصدرها.
رقابة
القاضي الإنجليزي لعمل الإدارة: إن مهمة القاضي الإنجليزي تقتصر في حل
النزاعات أو الفصل فيها وليس له أثناء أداء مهامه مراقبة القوانين ولا يمكن
له كذلك مراقبة دستوريتها كما هو الشأن بالنسبة للقاضي الأمريكي كما
سنراه.
- إن ذلك راجع الى القاعدة المعروفة لدى الإنجليز وهو أن الملك
لا يخطأ ولا يسيء التصرف من هنا فإن مهمة القاضي تقتصر على وجود تفسير
القانون الشائع بالإضافة أنه يملك حق الرقابة على اللوائح التنظيمية
والقرارات الإدارية الفردية وهذا ما يشكل رقابة المشروعية.
1- الرقابة
على اللوائح التنظيمية: في إطار هذه الرقابة نجد أن للقاضي الإنجليز
إمكانية إلغاء وعدم الاعتراف بنشاط الإدارة الذي تجاوزت بموجبه حدود سلطتها
المحددة بمقتضى القوانين واللوائح علاوة على إمكانية رقابة مدى ملائمة
القرارات التنظيمية الصادرة عن هيئات محلية عكس الحال بالنسبة للقرارات
الصادرة عن الإدارة المركزية إذ أن هذه الأخيرة تكون مهمة التقاضي عند حدود
رقابة المشروعية دون أن يتعداها لرقابة ملائمة.
2- رقابة القرارات
الإدارية الفردية: بالنسبة لهذا النوع من الأعمال الإدارية فإن مهمة القاضي
الإنجليزي تقتصر على شرعية القرارات الإدارية دون مراقبة الملائمة فبإمكان
مراقبة صحة التكيف القانوني من جانب الإدارة الواقعة دون أن تمتد رقابته
مع مدى تقدير خطورة الواقعة وله كذلك أن يراقب ما إذا كان القرار قد تضمن
خطأ في القانون أو تطبيقه أو تأويله أو مخالفته لقوة الشيء المقضي.
الخلاصة:
دور القاضي الإنجليزي: بغض النظر عن الاختلافات القائمة مع مستوى البناء
الهيكلي للنظامين الإنجليزي والفرنسي وبغض النظر عن التفسير المعطى لمبدأ
الفصل بين السلطات والتفسير المعطى للمذهب الفردي لكلتا الدولتين فإن الذي
يشتركان فيه يخضع لمبدأ المشروعية. التطور الذي عرفه النظام الإنجليزي:إن
القول أن النظام الإنجليزي قائم على المذهب الفردي الذي ترنب عنه عدم
مسؤولية التاج على أساس أن الملك لا يخطأ ولا يمكن أن يمثل للمحاكمة وهذا
لا يعني من جهة أخرى عدم مسؤولية الدولة في بريطانيا بل أن هناك استثناءات
لهذا الأمر تتمثل في:
أ- اقتصار عدم المسؤولية على الموظفين التابعين للمصالح العمومية والهيئات المركزية.
ب- رفض مجلس اللوردات إقرار مسؤولية التاج أو الدولة على أن هذه المسؤولية تقع على كاهن الموظف الذي ارتكب الخطأ بصفة شخصية.
*-
وفي سنة 1947 صدر قانون يقر بمسؤولية التاج عن أعمال الموظفين وأسس كذلك
مسؤولية الدولة على نفس الأسس التي تقوم عليها لدى الأشخاص الطبيعيين.
- المسؤولية على أعمال الموظفين. / مسؤولية المتبوع عن خلق أي التزام يوافي نحو تابعيه. / مسؤولية الملك للمال العام.
*- إن التطور اللاحق والمقر لمسؤولية الدولة أدى الى ظهور محاكم ذات صبغة إدارية تصدر أحكاما تستأنف أمام القضاء العادي.
?- النظام القضائي الأمريكي:
نظام مستوفى بشكل كبير من سابقه وهذا نتيجة لاشتراكهما في نفس الأسس المحافظة على الروابط القائمة بين المجتمعين.
*- فكما يتميز النظام الإنجليزي باعتناقه للمذهب الفردي بشكل مطلق فإن الأمريكيين أخذوا بنفس المبدأ إذ أنه نظام يهدف
الى
حماية حقوق الإنسان في مواجهة الدولة مما ترتب عنه ظهور مساواة مطلقة بين
الأفراد والإدارة ومن ثمة خضوعهما معا لنفس القانون ولنفس القضاء.
- إضافة الى ذلك نجد أن النظام الأمريكي اعتنق مبدأ الفصل بين السلطات بالشكل الذي يأخذ به الإنجليز( الفصل المرن).
-
كما نجد مبدأ سيادة القانون الذي نجم عنه في الو. م. أ أن وسع القضاء
سلطته في الرقابة لتشمل الرقابة على دستورية القوانين كما نجد أن القضاء
الأمريكي أقر بعد الاستقلال بمسؤولية الدولة عن أخطاء موظفيها إلا أن هذه
المسؤولية لا يمكن تقريرها بحكم قضائي ولا يمكن للأفراد مقاضاة الإدارة
أمام المحاكم العادية وإنما يمكنهم ذلك أمام السلطة التشريعية التي تلزم
الإدارة بدفع مبلغ كتعويض عن أخطائها.
ملاحظة: النظام الأمريكي له نفس الصفات التي يعتنقها الإنجليز رغم عدم تأثر هذه كلية بالإنجليز.
دور
القاضي الأمريكي في نزاع تعد الإدارة طرفا فيه: القاضي الأمريكي مقيد
بجملة من القيود أسست لها المحكمة العليا الأمريكية عام 1936 لتحدد دور هذا
القاضي على النحو التالي:
أ- عدم إمكانية تعرض القاضي الأمريكي لعيب مخالفة الدستور إلا إذا ترتب ذلك عن ضرورة الفصل في النزاع المعروض عليه.
ب- يجب أن لا يتعرض القاضي من تلقاء نفسه لرقابة دستورية القوانين وإنما يكون ذلك بناءا على طلب أحد الخصوم.
ج- يتعين أن يكون القرار الصادر عن القاضي الأمريكي تطبيقا للقانون المطعون فيه قد أضر بالطالب وإلا فلا وجه للتعرض له.
د-
لا ينطق بإلغاء القانون من قبل القاضي وإنما يمتنع عن تطبيقه ومن ثمة يظل
قائما وعليه يمكن لمحكمة أخرى تطبيقه وإذا قدرت دستوريته مالم يكن الحكم
بعدم الدستورية صادر عن المحكمة العليا.
*- من خلال ما سبق وبإجراء
مقارنة بين النظامين يبدوا أن النظام القضائي الأمريكي يعد متميز عن النظام
الإنجليزي وهذا ربما راجع لطبيعة النظام الأمريكي الذي يعتبر نظاما رئاسيا
إضافة الى طبيعة الدولة الأمريكية ذاتها وهي دولة اتحادية إضافة الى وجود
تقنين لإجراءات إدارية مما جعل النظام الأمريكي ينعت بأنه نظام مختلط وليس
نظام موحد
الباب الثاني: النظام القضائي المزدوج:
هو نظام يوجد فيه قضائين: قضاء مختص بمنازعات الإدارة " القضاء الإداري" وقضاء مختص بمنازعات الخواص " القضاء العادي" .
*-
إن هذا الازدواج في النظام القضائي تمخض عنه ازدواجية في القانون على
مستوى الإجراءات وعلى مستوى قواعد الموضوع يعني ذلك أن هناك قانون
للإجراءات يحكم التقاضي في المادة الإدارية أمام هيئات قضائية إدارية وهي
إجراءات متميزة ومستقلة عن الإجراءات المدنية التي تحكم المنازعات بين
الخواص. أما على مستوى الموضوع نجد أن هناك قانون إداري قائم بذاته متميز
عن القانون المدني يضم مجموعة من قواعد الموضوع وضعت خصيصا لتحكم نشاط
الإدارة وتنظيمها.
- غير أن ما يمكن الإشارة إليه أن الحديث عن
الاستقلال المذكور لا نعني به استقلال مطلق وإنما نسبي إذ أن القاضي
الإداري قد لا يحجم " في حالات استثنائية" على تطبيق قانون الإجراءات
المدنية شريعة عامة يلجأ إليها القاضي كلما تعذر عليه إيجاد نص خاص
بالمنازعة الإدارية في قانون الإجراءات الإدارية.
*- إن النظام المزدوج
تعتنقه عدة دول وتتبناه في مقدمتها فرنسا مهد نشأته ويؤرخ لذلك منذ حادثة
بلانكو عام 1873 حيث طرحت هذه الحادثة مسألتان تتعلق الأولى بالمسؤولية
والثانية بالاختصاص ومن هنا نطرح التساءل الآتي:
- ماهي الأسس التي يقوم عليها هذا النظام ؟ وكيف نمى وتطور الى أن وصل الى ماهو عليه اليوم ؟
1-
الأساس الدستوري: ناتج عن التفسير المعطى لمبدأ الفصل بين السلطات وهو خاص
معطى في فرنسا مفاده " لا يمكن لأية سلطة أن تتدخل في مهام سلطة أخرى "
2- الأساس العملي (التاريخي): يتمثل في جهل القاضي العادي لطبيعة النشاط الإداري وعدم تفهمه لوظائف الإدارة وأدوارها المختلفة.
أما
التاريخي: يعود الى ما قبل الثورة الفرنسية حيث ظهرت في العهد الملكي
هيئات قضائية إدارية متخصصة في بعض المنازعات الإدارية الى جانب بعض
البرلمانات المختلفة كما هو الشأن لبعض المواد المحاسبة حيث أسند النظر
فيها الى ماقبل الثورة الى غرف المحاسبة أو كما هو الشأن لمسائل الضريبة
حيث تكفلت بها هيئات تسمى مكاتب المالية تعمل كلها تحت إشراف مجلس المالية.
*-
إن المتتبع لمسار تطور النظام القضائي يجد عدة محاولات لمنع البرلمانات
القضائية ( المحاكم العادية) من النظر في منازعات الإدارة في هذه المرحلة
ولكن دون نتيجة وبعد الثورة ونجاحها بقيت تلك الذكريات السيئة قائمة في
أذهان المنتصرين فأصدروا قانون 16 و24 أوت 1876 الذي تضمن في المادة 13 منه
استقلالية الهيئات الإدارية عن القضائية ومنع البرلمانات القضائية من
التعرض لنشاط الهيئات الإدارية.
مراحل تطور النظام القضائي الفرنسي
هيكليا أو عضويا: إن المتتبع لتاريخ تطور المنظومة القضائية الفرنسية يجد
أنها مرت بالمراحل التالية:
1- مرحلة ما قبل الثورة الفرنسية: مرحلة تتميز بفساد الجهاز القضائي وتدخله في أنشطة الإدارة وما تركته من آثار.
2-
مرحلة الثورة: صدور أول قانون يسحب الاختصاص بالنظر في منازعات الإدارة من
قبل البرلمانات القضائية وهو القانون 16 - 24 أوت 1876 وأسند منازعات
الإدارة الى الإدارة نفسها وهو ما يسمى بالإدارة القاضية حيث اتسمت هذه
المرحلة ببقاء الإدارة كخصم وحكم في آن واحد.
3- مرحلة نشأة مجلس
الدولة: في السنة 08 للثورة تأسس مجلس الدولة كهيئة استشارية وجهة ذات قضاء
محجوز ثم تحول في مرحلة لاحقة الى قضاء مفوض
4- مرحلة مجلس الدولة كهيئة قضائية مفوضة: ينظر في منازعات الإدارة وذلك منذ صدور قانون 24 ماي 1872
5- مرحلة ظهور المحاكم الإدارية: لتحل محل ما كان يسمى مجالس الأقاليم ليصبح عددها 35 محكمة إدارية وذلك بموجب مرسوم 30 ديسمبر 1953.
6-
مرحلة ظهور مجالس أو محاكم إدارية للاستئناف: سنة 1987 بموجب قانون متضمن
إصلاح المنازعة الإدارية والذي دخل حيز التطبيق في 01 جانفي 1989.
التنظيم الحالي للقضاء الإداري الفرنسي :
يظهر التنظيم الفرنسي الحالي على النحو التالي:
1- المحاكم الإدارية: حلت محل مجالس الأقاليم أو المحافظات اختصاصها عام في المنازعات الإدارية كأول درجة.
2-
المجالس القضائية الإدارية الاستئنافية: نشأة بموجب قانون رقم 1127 المؤرخ
سنة 31/12/ 1987 وتعتبر حلقة وسطى بين المحاكم الإدارية ومجلس الدولة
وكدرجة ثانية شديدة للتقاضي.
3- مجلس الدولة: يعد أعلى هيئة في قمة هرم التنظيم القضائي الإداري الفرنسي ويعد كقاضي أول وآخر درجة بخصوص المسائل التالية:
أ- الطعون ضد المراسيم.
ب- الأوامر قبل أن يصادق عليها.
ج- القرارات الوزارية ذات الطابع التنظيمي.
د- الطعون المقدمة من قبل الموظفين الذين يعينهم رئيس الجمهورية.
ه- الطعون في منازعات الانتخابات الجهوية.
و- المنازعات التي يتجاوز نطاقها اختصاص المحاكم الإدارية ولا تنظرها إقليميا أية محكمة إدارية.
*- إضافة الى ما سيق يختص مجلس الدولة باختصاص استشاري فيما يلي:
أ- مشاريع القوانين والأوامر: طبقا للمادتين 38- 39 من الدستور الفرنسي لسنة 1958.
ب-
مشاريع المراسيم اللاغية أو المعدلة: لنصوص ذات الطابع التشريعي الصادرة
حينما تكون هذه الاستشارة أيضا منصوص عليها بمقتضى نص قانوني أو مرسوم.
-
يمكن للاستشارة أن لا تمس نص فقط بل حينما يتعلق الأمر بإشكال قانوني
تعرفه فرنسا يتطلب تدخل مجلس الدولة مثل ماهو الحال في قضية الحجاب بفرنسا.
ج-
مجلس الدولة كمحكمة تقاضي ونقض: يعد مجلس الدولة في فرنسا كجهة نقض
بالنسبة للقرارات الإدارية الصادرة عن المجالس الاستئنافية الإدارية
والهيئات الإدارية المتخصصة كما هو الشأن مثلا لمجلس المحاسبة. وبموجب هذا
الاختصاص يمكن لمجلس الدولة أن ينقض القرارات الصادرة عن الجهة الاستئنافية
أو الهيئات المتخصصة التي أصدرت القرار ويحول القضية من جديد أمامها وإما
أن يفصل مباشرة في الموضوع حسب ما جاء في القانون المؤرخ في 31/12/1987 كما
أن المادة 12 من ذات القانون تخول المحاكم الإدارية والمجالس الاستئنافية
بإحالة أمام مجلس الدولة المسائل المتخذة أو المستجدة في القانون التي تطرح
عليها وتتميز بصعوبة وللمجلس أن يفصل فيها برأي خلال 03 أشهر.
النظام القضائي الإداري الجزائري
للحديث عن ذلك نطرح سؤال يتمثل في ضرورة معرفة النظام الذي تعتنقه الجزائر في مجال المنازعات الإدارية ؟
في حقيقة الأمر ردا عن السؤال يتوجب علينا الرجوع الى الوراء لمعرفة مختلف المراحل التي مر بها هذا النظام فنقول:
1-
المرحلة1- قبل سنة 1962: كان طبيعيا أن تعرف الجزائر نظاما قضائيا شبيه
بالنظام القضائي الفرنسي حيث عرفت الجزائر خلال فترة الاحتلال النظام
القضائي الإداري وطبق بكل تطوراته المعروفة في موطنه الأم هذا ما ذهب إليه
الأستاذ "مار عوابدي" في كتابه "عملية رقابة القضاء على أعمال الإدارة
العامة في النظام الجزائري" وذلك بطبيعة الحال الى ما يسمى بالقضاء العادي
وبذلك عرفت الجزائر خلال الحكم الفرنسي لها نظاما قضائيا مزدوجا الى جانب
الازدواج القانوني بمعناه الفني.
- لقد تمخض عن الوضع السابق أن أنشأت
في الجزائر بموجب المرسوم 30- 1953 المتضمن إعادة تنظيم جهة القضاء الإداري
في فرنسا ثلاثة محاكم إدارية في كل من الجزائر، قسنطينة، وهران.
- كما
هو الشأن لمثيلتها فرنسا اعتبرت هذه المحاكم صاحبة الاختصاص العام للنظر
والفصل في المنازعات الإدارية على أن يطعن فيما تصدره من أحكام استئنافا
ونقضا أمام مجلس الدولة الفرنسي. وهذا ما أشار إليه نفس الأستاذ ص 168.
2-
المررحلة2- بعد الاستقلال: بعد الاستقلال أنشأت المادة 01 من الأمر 65/278
المؤرخ في 16/11/1965. "15 مجلسا قضائيا" ليرتفع العدد الى 31 مجلس ستة
1974 وهذا تماشيا مع التقسيم الإداري الذي عرفته الجزائر غير أن ما يلاحظ
أن عدد المجالس لا يمثل عدد الولايات التي تبلغ 48 ولاية حسب آخر تقسيم
إداري سنة 1984 ولأن كانت هذه المجالس قضائية اعتبرت جهات استئنافية في
المادة المدنية فإنه بخلاف ذلك تعد جهات ابتدائية في المادة الإدارية الأمر
الذي يجعلنا نتتبع التطور الحاصل في المنظومة القضائية الإدارية الجزائرية
من خلال ما يعرف بنظام الغرفة الإدارية.
2/1- في المرحلة الأولى: تمثل
في تشكيل الغرف الإدارية في ثلاثة مجالس تمثلت في مجلس قضاء الجزائر،
قسنطنة، وهران وقد نقلت الى هذه المجالس اختصاصات المحاكم الإدارية الثلاثة
السابقة الذكر.
2/2- في المرحلة الثانية: تميزت بارتفاع الغرف الإدارية بالمجالس القضائية التي مست 20 مجلسا وبقي 11 مجلسا بدون غرفة إدارية.
2/3-
المرحلة الثالثة: تتمثل في صدور القانون رقم 90/23 المؤرخ في 18 أوت 1990
المعدل لقواعد الاختصاص المتضمنة في المادة 07 ق. إ .م . الذي تمخض عنه
التمييز بين غرفة إدارية جهوية وغرفة إدارية محلية.
- حيث يتواجد الأولى
على مستوى مجالس قضاء الجزائر، وهران، قسنطينة، بشار، وورقلة وتختص الغرف
المذكورة في الطعون بالإلغاء في قرارات الولايات والطعون الخاصة بالتفسير
ومدى مشروعيتها. بينما تتوزع الثانية على الغرف الإدارية المحلية بلا
استثناء ومهمتها تختص في الطعون بالإلغاء في قرارات رؤساء البلديات ،
المجالس ش. ب، المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية وتختص بتفسير هذه
القرارات والطعون الخاصة بمدى شرعيتها إضافة الى اختصاصها بالمنازعات
المتعلقة بالمسؤولية المدنية للدولة، الولاية، البلدية، المؤسسات العمومية
ذان الصبغة الإدارية، والرامية للحصول على تعويض وهذا طبقا للمادة 07 ق.إ.
م. المعدل والمتمم.
المرحلة3: يمكن أن تنعت بمرحلة عدم الاستقرار
السياسي أو الدستوري وتداخل السلطات وبدايتها من التسعينيات( 90) تميزت بحل
البرلمان واستقالة رئيس الجمهورية وتشكيل هيئة عليا لقيادة الدولة في هذا
الظرف الاستثنائي يتمثل في المجلس الأعلى للدولة مهمته التشريع والتنفيذ.
-
هذه المرحلة لا يمكن لنا الحديث فيها عن مبدأ الفصل بين السلطات الذي
عرفته الجزائر لأول مرة من الناحية الدستورية بموجب المادة 129 دستور 1989
التي نصت على أن السلطة القضائية مستقلة كما أنه في هذه الفترة يتعذر علينا
الحديث عن تطور القضاء الإداري أو بوجود منازعة إدارية.
المرحلة4-
مرحلة دستور 1996: تبدأ من صدور الدستور المذكور الذي أحدث تغيرات عميقة
على مستوى البنية المؤسساتية تتمثل في إعادة هيكلة الجهاز التشريعي الذي
أصبح بغرفتين وعلى المستوى القضائي إنشاء هيئات قضائية جديدة تتمثل في مجلس
الدولة كهيئة مقومة لأعمال الجهات القضائية الإدارية على أن هاته المقولة
الواردة في الدستور لا نعني بها أية جهات قضائية أخرى سوى المحاكم الإدارية
وإنشاء محكمة تنازع مهمتها الفصل في حالات التنازع بين القضاء العادي
والإداري حسب المادة 152/04 دستور 1996 وهذا بعدما نصت المادة 138 من ذات
الدستور على أن السلطة القضائية مستقلة وتمارس في إطار القانون وتطبيقا
لذلك صدرت القوانين العضوية الخاصة بالهيكلة الجديدة للمنظومة القضائية
بالجزائر حيث ظهر مجلس الدولة الجزائري بمقتضى القانون العضوي رقم 98/01
المؤرخ في 30/05 1998 يتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله والقانون
رقم 98/02 المؤرخ في نفس التاريخ يتعلق بالمحاكم الإدارية والقانون 98/03
المؤرخ في نفس السنة ( أنظر الجريدة الرسمية رقم 37/39).
جملة النصوص
الخاصة بالازدواجية: بخصوص إشكال الإجراءات وكيفياتها في المجال الاستشاري
أمام مجلس الدولة يتعين بالرجوع الى المرسوم التنفيذي 98/261 المؤرخ في
29/08/1998.
- المرسوم التنفيذي رقم 98/365 المؤرخ في 14/11/1998 المبين
والمحدد لكيفيات تطبيق أحكام القانون 98/02 والذي أنشأت عنه 31 محكمة
إدارية.
- في الأخير مما عرضناه نخلص الى نتيجة مفادها أن النظام
القضائي الجزائري أصبح نظام قانوني مزدوج بعدما كان موحد هيكليا ومزدوج
وظيفيا حتى ولو أن الأمر لازال يطرح لنا إشكالا من الناحية الملية لتبقى
الازدواجية نظرية باستثناء وجود مجلس دولة كجهة غير مقومة لأعمال المحاكم
وإنما لأعمال الغرف الإدارية
الاختصاص القضائي في المجال الإداري:
إن الطابع التداخلي الذي أضحى يميز نشاط الدولة وتأرجحها بين مقبل ومدبر
على هذا النشاط في الوقت الحالي وما ينجر عنه خاصة في الحالة الأولى (
تدخل) وقد يؤدي الى نشوب نزاع بينها وبين من منظم هذا النشاط بشكل مضر مما
يؤدي بنا الى الحديث إذا كانت نزاعات الأفراد تنظر أمام القضاء العادي فإن
الإشكال بالنسبة للنزاع الإداري أية جهة قضائية تختص به ؟ نجد أن هناك نظم
أرجعت نظر المنازعات حتى بحضور الإدارة الى القاضي العادي على النحو الذي
ذكرناه في الدول الآخذة بالنظام الموحد أما في غير هذه الدول التي تعتنق
النظام الفرنسي المزدوج فإن النزاع يؤول الى قاضي خاص ( قاضي إداري) غير أن
هناك إشكال يواجهنا أيضا بالنسبة للحديث عن المنازعة الإدارية في هذا
الصنف الثاني من الدول وهو المعيار الذي نأخذه كمنطلق للتمييز بين النزاع
الإداري العادي ويزداد الأمر تعقيدا لا سيما إذا ما عرفنا أن المشرع لا
يهتم بتعريف المنازعة الإدارية وترك الأمر للفقه والقضاء غير أن هذا الأمر
أيضا لم يحسم طبيعة الإشكال وترتب عنه مشكل آخر هو مسألة تنازع الاختصاص
بين جهات القضاء العادي والإداري.
- على العموم نقول أن كلما كنا أمام
قضية أو مسألة تعد الإدارة فيها طرفا كنا أمام منازعة إدارية ومن ثمة نقول
أيضا أن المنازعة / الدعوى / الخصومة. مفاهيم تصادفنا عند الحديث عن مخاصمة
الإدارة فبالنسبة للمصطلح الأول نعرف أن وظيفة القاضي هي الفصل في
المنازعة لا يكون ذلك من تلقاء نفسه بل عن طريق دعوى. فالدعوى هي وسيلة
التقاضي وبمجرد رفعها ينشأ وضع قانوني قضائي يسمى الخصومة.
تعريف النزاع
الإداري: يخص بأهمية بالغة لأنه سيسمح لنا بتحديد ميدان اختصاص الهيئات
القضائية في المواد الإدارية وذلك يسمح للمدعى بمعرفة أمام أي قاضي سيقدم
دعواه والإجراءات الواجبة الإتباع.
- من المنطق السابق يمكن تعريف النزاع الإداري على أنه مجموعة القواعد القانونية التي تنظم حل الخلافات الإدارية بالطرق القانونية.
معايير تحديد النزاع الإداري:
1-
المعيار العضوي: مفاده أن النزاع الإداري يعد إداريا عندما يكون أحد
أطرافه شخص عام. هذا المعيار وإذ اعتبر صائب في نواحي إلا أنه منتقد في
أخرى ذلك أن الشخص العام قد يظهر كشخص عادي كما أن هناك حالات يكون شخصيين
طبيعيين ولكن قد يعتبر النزاع إداري كما إذا كانت الإدارة قد منحت لأحدهما
امتيازات السلطة العامة.
2- المعيار الموضوعي: قال الفقيه "هوليو" يكون
النزاع إداريا إذا تعلق الأمر بنشاط الإدارة أو المرافق العامة فكما نلاحظ
إذن أن هذا المعيار يحدد النزاع بالنظر الى النشاط هل هو من جنس النشاط
الذي يأتيه الخزاص ؟ أم من جنس النشاط الذي تقوم به الإدارة العامة ؟ هذا
المعيار انتقد فتم اللجوء الى التوفيق بين المعيارين كحل.
- ماهو موقف المشرع الجزائري من المنازعة الإدارية ؟
موقفه
من هذا المعيار يظهر من خلال ما جاءت به المادة 07 ق. إ. م. وبالرجوع الى
هاته المادة نجده أخذ بالمعيار العضوي وهذا ما أكده المجلس الأعلى في قرار
صادر عنه حيث اعتبر الديوان الوطني للثورة الزراعية مؤسسة عامة ذات طابع
صناعي وتجاري وأكد استنادا على المادة 07 ق. إ. م عدم اختصاصه في نظر
الدعوى الموجهة ضد الديوان المذكور ويمكن أن نضيف تأكيده من خلال المواد
231- 274 ق. إ. م حث نصت المادة 231 /02 على اختصاص المحكمة العليا / مجلس
الدولة حاليا في إلغاء القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية المركزية
لتجاوز سلطتها.
أما المادة 274 فقد نصت على تنظر الغرفة الإدارية ابتدائيا ونهائيا في:
1– الطعون بالبطلان في القرارات التنظيمية أو القرارات الفردية الصادرة من السلطة الإدارية المركزية.
2– الطعون الخاصة بتفسير هذه القرارات والطعون الخاصة بمدى مشروعية الإجراءات التي تكون فيها من اختصاص المحكمة العليا.
*-
إن ما يلاحظ حتى في ظل الازدواجية التي تبنتها الجزائر هو تأكيد المشرع
الجزائري على المعيار العضوي من خلال نص المادة 09 من القانون 98/01 وما
نصت عليه المادة 274 أن استقراء النصوص المذكورة نجده حدد على سبيل الحصر
الجهات الإدارية متمثلة في: الدولة، الولاية، البلدية، المؤسسات ذات الصبغة
الإدارية لكن السؤال المطروح:
- هل استبعد المشرع الجزائري الأخذ
بالمعيار الموضوعي كمعيار استثنائي لتحديد الأعمال الإدارية ؟ وهل سبق وأن
أخذ القضاء بالمعيار الموضوعي ؟
إجابة عليه أنه بخصوص موقف المشرع
الجزائري يظهر أنه لم يستبعد المعيار الموضوعي وهذا ما ذهبت إليه المادة 55
من القانون 88/01 المؤرخ في 01/12/1988 المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات
العمومية الاقتصادية حيث نصت على " عندما تكون المؤسسات العمومية
الاقتصادية مؤهلة قانونا لتسيير مباني عامة أو جزء من الأملاك العامة طبقا
للتشريع الذي يحكم الأملاك العامة...." في هذا الإطار يتم التسيير طبقا
لعقد إداري للإمتياز ودفتر الشروط العامة ....الخ
نفس المنطق تأكد في
المادة 56 من نفس القانون حيث نصت هذه المادة " عندما تكون المؤسسة
العمومية الاقتصادية مؤهلة قانونا لممارسة صلاحيات السلطة العمة وتسلم
بموجب ذلك وباسم الدولة ولحسابها تراخيص وعقود إدارية "
- يظهر أيضا أخذ
المشرع الجزائري بالمعيار الموضوعي كاستثناء عن المادة 07 من خلال المادة
05 من المرسوم رقم 24/325 المؤرخ في 09/11/1984 المتضمن شروط بسط العلم
الوطني حيث نصت " تعتبر كإدارة أو مصلحة غير مركزية أو لا مركزية وطنية ،
ولائية أو بلدية كل مصلحة ذات سلطة عامة " أما بخصوص موقف القضاء هو عنصر
من عناصر المعيار المادي .
- أما بخصوص القضاء فقد كانت الغرفة الإدارية
العليا سباقة في استعمال هذا المعيار لتحديد الطابع الإداري لقرار صادر عن
مؤسسة عمومية ليس لها طابع إداري وذلك في قضية سونباك ضد لونيس سنة 1980
حيث أن المدير العام لشركة سونباك قرر بموجب منشور مؤرخ في فبراير 1976
تطبيقا للأهداف المحددة من طرف السلطة الثورية لإي إطار معركة الإنتاج
تحديد نسبة استخراج السميد والطحين حيث أن المنشور لم يقتصر على تفسير
النصوص المعمول بها بل أضاف قواعد جديدة مما يجعله يكتسي صبغة تنظيمية ومن
ثمة يمكن الطعن فيه أمام الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى.
- ما يلاحظ
بشأن حيثيات هذه القضية أننا نبدي نفس ملاحظة الأستاذ رشيد خلوفي أنه إذا
كانت هذه القضية وحيدة منفردة من نوعها أنها تعبر عن المكانية استعمال
المعيار المادي والموضوعي لتحديد الطبيعة الإدارية لبعض الأعمال الصادرة عن
الأشخاص غير الأشخاص العامة المحددة في المادة 07 ق. إ. م . حيث أن شركة
سونباك مؤسسة عامة ذات طابع تجاري وليس إداري واعتبر قاضي الغرفة الإدارية
للمحكمة العليا أن المنشور الصادر عن هذه المؤسسة هو قرار يمكن الطعن فيه
أمامها أي قابل للرقابة ككل الأعمال الصادرة عن الهيئات الإدارية الأخرى.
وقررت
الغرفة الإدارية اختصاصها على أن هذا القرار يندرج ضمن المواد التي تهدف
الى تحقيق المصلحة العامة المتمثلة في هذه القضية في الأهداف المحددة من
طرف السلطة الثورية في إطار معركة الإنتاج.
أنواع الدعاوى الإدارية: إن
الدارس للقضاء الإداري يجد أن الدعاوى التي تحرك ضد الأعمال الإدارية غير
المشروعة والضارة عديدة ومتنوعة تتمثل في : فحص الشرعية، دعوى التفسير،
الإلغاء، التعويض، دعاوى العقود الإدارية.
- حتى يتسنى لنا معرفة هاته
الأنواع يجب التعرض الى التقسيمات المختلفة لها قبل الدراسة المفصلة لكل
دعوى منها لاسيما ما يهمنا ( دعوى الإلغاء والتعويض).
تقسيمات الدعاوى الإدارية:
?-
التقسيم التقليدي: يقوم على أساس مدى السلطات التي يتمتع بها القاضي ودوره
في النزاع أو الخصومة الإدارية المعروضة أمامه من هذا المنطلق يمكن أن
تقسم الدعاوى الى:
1- دعوى الإلغاء أو تجاوز السلطة: هذه الدعوى يلتمس
فيها من القاضي بالاستناد الى النظام القانوني الحكم بتقرير عدم شرعية قرار
إداري ومن ثمة إلغاء وظيفته هنا.
إذن تتمثل في إلغاء القرار غير المشروع أو تعليق شرعيته والحكم بعدم إلغائه.
2-
دعوى القضاء الكامل (دعوى التعويض): هي دعوى ترفع للمطالبة بالتعويض من
قبل الأفراد عما أصيبوا به من أضرار بسبب الأنشطة الإدارية أو قصد المطالبة
بحقوق ذات طابع عقدي لمواجهة السلطات الإدارية التي تعاقدوا معها.
فالملاحظ أن سلطات القاضي تعد واسعة أو كاملة بغرض إعادة الوضع الى ما كان
عليه قبل نشوء النزاع وتحريك الدعوى ومن ثم فهو يسهر على إعادة الحق الى
صاحبه كسلطته في تنفيذ العقد. فهو يبتدأ بممارسة فحص وتقدير مدى شرعية أو
عدم شرعية العمل الإداري الضار حتى يتمكن من وجود حق للمدعى ومن أمثلة دعوى
القضاء الكامل دعوى التعويض. / المسؤولية الإدارية. / العقود الإدارية.
3-
دعوى التفسير: تثار بواسطة الدفع بالغموض وغياب المعنى الحقيقي للقرار
الإداري المعول عليه لفرض النزاع القائم حول مركز قانوني أو حق ذاتي بين
طرفين أو أكثر متنازعين عليه وغالبا ما تتحرك هذه الدعوى عندما تكون هناك
دعاوى أصلية تنظر أمام جهات قضائية غير القضاء الإداري وتكون مسؤولية تفسير
القرارات الإدارية من اختصاص القاضي الإداري لا القاضي العادي فتتوقف
الدعوى العادية الأصلية عند الدفع بغموض قرار إداري له صلة بالحق أو المركز
القانوني محل الخصومة المتنازع عليها في الدعوى العادية الأصلية، حيث
يتوقف الفصل في هذه الدعوى دون صدور حكم نهائي فيها وتعرض حينها لتفسير
القرار الإداري على القاضي الإداري وفق دعوى مستقلة عن الدعوى العادية
وتسمى هذه الدعوى بدعوى تفسير القرار الإداري.
*- يعطى تفسير القرار الإداري بمقتضى حكم قضائي حائز لقوة الشيء.
4-
دعوى فحص الشرعية: هي الدعوى التي تثار بعد الدفع بعدم شرعية القرار
الأداري أثناء نظر والفصل في قضية مطروحة أمام القاضي العادي وتكون من
اختصاص القضاء الإداري ليتوقف حينها الفصل في الدعوى العادية حسب القضية
المتصل بها هذا الدفع دون أن يصدر القضاء حكم بشأنها ويقوم القاضي الإداري
بفحص أو تقدير عدم شرعية القرار الإداري بدفع يسمى عدم الشرعية ويصدر هذا
القاضي حكمه ليقرر مدى شرعية أو عدم شرعية القرار المطعون فيه وعلى ضوء
القرار المطعون فيه تستأنف القضية.
?- التقسيم الحديث:
يقوم هذا
التقسيم على تطبيق الدعاوى الى دعوى عينية وأخرى ذاتية ويرتكز على طبيعة
الموضوع فتكون عينية إذا كان المدعى فيها قد أسسها وحركها على أساس مركز
قانوني عام وليس على أساس مركز قانوني ذاتي. وتكون ذاتية إذا حركت على أساس
حماية مركز قانوني أو حق شخصي ذاتي.
*- يتدرج في إطار التقسيم الأول
دعوى الإلغاء، دعوى التفسير، دعوى الفحص وتقدير المشروعية، ودعوى النقض. في
الأحكام الإدارية والعمليات الانتخابية ودعاوى الضريبة.
*- بينما يندرج
في إطار التقسيم الثاني دعاوى العقود الإدارية، دعاوى التعويض أو
المسؤولية، ودعوى التفسير التي تتعلق بحق أو مركز قانوني كالدعاوى لمرتبطة
بتفسير بند من بنود العقد الإداري.
?- التقسيم التوفيقي للدعاوى الإدارية: قائم على التوفيق بين الموقف الأول والثاني وفي إطار التمييز بين قضائين
1- قضاء المشروعية ويشتمل على كافة الدعاوى الإدارية التي يطلب أصحاب الشأن والمصلحة من القاضي فحص شرعية الأعمال الإدارية.
في
هاته الحالة تنحصر سلطة القاضي في مجرد الإعلان عن الشرعية أو عدمها أو عن
سلطة الكشف والإعلان الحقيقي وقد يتوسع الى إلغاء العمل غير المشروع من
خلال دعوى الإلغاء التي ترفع أمامه وإمكانية الحكم بالتعويض انطلاقا مما
ذكر تعتبر إذن كل من دعوى التفسير وفحص الشرعية أو الإلغاء والدعاوى
الانتخابية والضريبية كذلك قضاء المشروعية.
2- قضاء الحقوق: تشمل
الدعاوى ذات الصلة بمضمون الحقوق الشخصية وآثارها التي يطلب فيها الجهة
القضائية المختصة التقرير بمدى وجود هذه الحقوق والآثار التي يتمتع بها
صاحبها كما هو الشأن بالنسبة لدعاوى المسؤولية./ التعويض. / العقود
الإدارية.
*- ماهو موقف المشرع الذي ذهب إليه في تبنيه للدعاوى الإدارية ؟
بالرجوع
الى المادة 07 ق. إ. م المعدل والمتمم وكذا المادة 274 منه وبالرجوع أيضا
الى المادة 09 من القانون العضوي رقم 98/01 المتعلق بمجلس الدولة الجزائري
يتضح لنا أنواع الدعاوى الإدارية التي أخذ بها مشرعنا تتمثل في " دعوى
الإلغاء / دعوى تجاوز السلطة / دعوى التفسير وفحص المشروعية / دعوى التعويض
أو المسؤولية المدنية. "
*- بالنظر الى المواقف الفقهية المعروضة بشأن
تقسيمات الدعاوى الإدارية وبالنظر الى ما ذكرته المواد 07- 274 ق.إ م
والمادة 09 ق. عضوي يمكن استنتاج أن المشرع لجزائري قد أخذ بالإتجاه
المتعلق بمدى ما يتمتع به القاضي من سلطات في المنازعة الإدارية.
التمييز
بين دعاوى الإلغاء والتعويض: إن التعويض لا يعد مسألة أو موضوعا من مواضيع
القانون الخاص وإنما يمكن أن يكون موضوع حديث من مؤلفات القانون الإداري
والقضاء الإداري ومن ثمة فإنه يمكن لنا الحديث عن قضاء التعويض في المادة
الإدارية من هنا يتعين علينا توضيح الفروقات بين الدعويين الإلغاء والتعويض
وها من النواحي التلية:
1- من حيث الجهات القضائية المختصة: مبدئيا
ينظر القاضي الإداري في دعاوى التعويض في المادة الإدارية إلا أنه قد
يشاطره الاختصاص في نظرها القاضي العادي في بعض الحالات ( 07 مكرر "
الاستثناءات" ) غير أنه بخلاف دعوى التعويض فإن القاضي الإداري ينفرد
بالنظر في دعوى الإلغاء.
2- من حيث طبيعة الحكم في التعويض: نظرا
لاختلاف طبيعة الدعويين فيما بينهما فإن ذلك يؤثر في طبيعة الحكم الصادر في
كل منهما حيث يختلف في القوة ولكون دعوى الإلغاء دعوى موضوعية فإن الحكم
الصادر فيها يحوز حجية مطلقة أمام الكافة. أما في دعوى التعويض فلكونها
دعوى ذاتية فإن الحكم الصادر فيها يتسم بالحجية النسبية لأنه يخاطب خصوما
بدواتهم أو في ذات الموضوع المحكوم فيه فقط
3- من حيث المواعيد: تختلف
مواعيد رفع الدعوى في التعويض عنه في الإلغاء على النحو الذي سندرسه في
دروسنا القادمة بالنسبة للقضاء الجزائري.
4- من حيث طبيعة الدعوى: دعوى
الإلغاء دعوى موضوعية لأن سبب رفعها يتمثل في مسألة مدى شرعية القرار
الإداري من ناحية ومن ثم حماية مبدأ المشروعية فالمدعى فيها لا يخاصم
الإدارة وإنما يخاصم القرار.
أما دعوى التعويض (المسؤولية) هي شخصية
يريد صاحبها أن يحمي حقه من خلال رفعها ومن ثمة هو يخاصم ويهاجم الإدارة (
لا يخاصم القرار) نتيجة عمل ضار.
ملاحظة: *- دعوى الإلغاء تهدف الى تحقيق المصلحة العامة.
*- دعوى التعويض تخاصم الإدارة أما دعوى الإلغاء تخاصم القرار.
*- اللجوء الى أعمال الإدارة العامة والخاصة حسب طبيعة النزاع ( عام أم خاص).
العام عمل إداري عام قضاء إداري. الخاص عمل إداري خاص قضاء عادي.
*-
المشرع الجزائري يأخذ بالمعيار العضوي في حل النزاعات، والقاضي الإداري لم
يتحمس للمعيار العضوي فاستعيض عنه وتم اللجوء الى معايير أخرى لتحديد
النزاع ( المرفق العام)
نطاق أو مجال اختصاص القاضي الإداري والتنازع بين القضائين: يقتضي منا التطرق الى المجال ثم الى التنازع.
1- مجال الاختصاص: يقتضي منا معرفة النطاق في فرنسا ثم في الجزائر.
أ-
من الناحية المبدئية: ينحصر اختصاص القضاء الإداري في النظر الى فيما يعد
نشاطا إداريا وفي حالة الرجوع ومن ثمة تستثنى تلك القضايا التي لا تدخل ضمن
النشاط الإداري كقضايا أشخاص القانون الخاص غير أن الأمر يبدوا بهذه
السهولة في كل الأحوال بمعنى هل تعد كل الأعمال الصادرة عن الإدارة أعمال
ذات صبغة إدارية ؟ ومن ثمة تؤول الى القاضي الإداري ؟
للإجابة عن هذا
التساؤل تطرح مسألة الحديث عن معايير تحديد الاختصاص والاستثناءات الواردة
على اختصاصات القاضي الإداري رغم كون الإدارة طرفا في النزاع غير أن
اختصاصه لا ينعقد للتطرق الى هذه المسألة. يتم التعرض الى ماهو سائد في
فرنسا والقواعد المعمول بها في الجزائر.
?- في فرنسا: نتحدث عن المعايير
لتحديد الاختصاص باختصار.إذ برجوعنا الى ما ساد من معايير لانعقاد اختصاص
القضاء الإداري بالمنازعات الإدارية وذلك منذ بداية القرن 19 الى الوقت
الحالي نجد أول هذه المعايير ظهورا كان معيارا شكليا يتمثل في:
أ/1-
المعيار العضوي: يكيف عمل ما أنه عمل إداري كلما كان هذا العمل صادر عن جهة
إدارية بغض النظر عن فحواه. يبدوا أن هذا المعيار وإن نشأ بنشأة القضاء
الإداري الفرنسي وتم اعتماده إلا أنه لم يعمر طويلا أمام النقد والمعارضة
له من قبل القضاء وأمام هذا النقد تم اللجوء الى معايير أخرى كمعيار أعمال
السلطة والإدارة المالية. / معيار أعمال الإدارة العامة والخاصة.
أ/2-
معيار المرفق العام : الذي ظهر بداية سنة 1855 ليبرز بجلاء إثر حادثة "
بلانكو" 1872 ويبرز في قضية" تيبري" 1903 وحكم " فرتلي" 1908 وحكم" تيروا"
1910.
إن معيار المرفق العام وإن ساد في أحكام القضاء الإداري الفرنسي
وبرز شأنه عند الفقه كذلك لاسيما في الثلث الأول من القرن 20 فإن ذلك لم
يكن بالشأن الذي يجعله يصمد أمام التطورات التي تلاحقت مما أدى الى التشكيك
فيه لعدم إمكانية استعابه لنشاطات التي طرأت مما خلق أزمة على مستوى هذا
المفهوم سميت بأزمة المرفق العام نتيجة الغموض الذي صبح يميزها ولعل القول
التالي يبرز ذلك بجلاء " إن وجود معيار المرفق العام وإن كان شرطا ضروريا
لتطبيق أحكام القانون الإداري إلا أنه لم يعد الشرط الكافي لتحقيق اختصاص
القاضي الإداري." إذ أصبح من الضروري أن يضاف إليه شرط الأسلوب المستعمل من
قبل السلطة الإدارية في إدارة المرفق العام.
ملاحظة: نكون أمام قضاء إداري كلما كنا أمام مرفق عام مسير من قبل السلطة العامة
أ/3-
معيار السلطة العامة: قائم على أساس تغليب الوسائل على الأهداف وذلك على
نقيض من معيار المرفق العام الذي يرجع تغليب الأهداف على الوسائل.
أ/4-
معيار الجمع بين المرفق العام والسلطة العامة: صاحبه الفقيه " هوليو" كان
هو مؤسس المعيار موضوعيا في عرضه لفكرة السلطة العامة كمعيار للقانون
الإداري ومن ثمة تحديد الاختصاص كونه لم ينكر المعيار الذي عمل الفقه
والقضاء في الربع الأول من القرن20 وهو معيار المرفق العام وأعلن أن فكرة
المرفق العام تجسد هدف النشاط الإداري بينما يعتبر فكرة السلطة العامة تحقق
هذا الهدف مما يجعل " هوليو" يضعها في المقدمة لتليها فكرة المرفق العام
وحدد نطاق القانون الإداري بالأنشطة التي تستخدم فيها أساليب السلطة العامة
وتهدف الى خدمة نشاط مرفق عام أي إشباع حاجة عامة هذا بخلاف الأستاذ "
ديلو بادار" الذي قام بمحاولة لتحديد معيار المرفق العام عن طريق الجمع بين
فكرتي المرفق العام والسلطة العامة لكنه جعل الأولوية للمرفق العام وبعده
تأتي أساليب السلطة العامة في المجالات التي عجز معيار المرفق العام عن
القيام بدوره فيها وهذا ما ذهب إليه " روني شاني" إذ أنه عرض معيار المرفق
العام باعتباره المعيار الأساسي للقانون الإداري وجعل معيار السلطة العامة
المحدد للاختصاص إذ أنه جمع بين المعيارين .
- في نهاية الحديث عن
النقطة الخاصة بتحديد الاختصاص نقول أنه بالنسبة للقضاء الإداري مازال لم
يحسم الأمر بشأن أي معيار يأخذ به وإن كان مقابل ذلك معيار المرفق العم
مازال يردد في أحكام القانون الإداري مع استخدام أساليب القانون العام في
العديد من المجالات الإدارية فهو يجمع أيضا بينهما لتعيين نطاق تطبيق
القانون الإداري وتبيان اختصاص القاضي الإداري.
- المنازعات المستثنات
من اختصاص القضاء الإداري الفرنسي: استبعد المشرع الفرنسي من اختصاص القاضي
الإداري وأسند النظر فيها الى القاضي العادي من بين هذه الاستثناءات:
1-
حالة الأشخاص: نقصد بها كل ما يتعلق بهم من اسم / الجنسية / الزواج /
التبني / الأهلية والموطن. على أن القضاء الإداري يصبح مختص في المنازعات
المتعلقة بهذه المسائل إذا تعلق الأمر بمرسوم أو قرار إداري. وأيضا الضرائب
الغير مباشرة / النقل بالبريد / الضمان الاجتماعي / مسؤولية الإدارة عن
الأضرار التي تسببها عرباتها / مسؤولية البلديات والقرى في حالة العصيان.
2-
منازعات تتعلق بأعمال الإدارة عندما تستعين بأساليب القانون الخاص: كأموال
الإدارة الخاصة والعقود المدنية للإدارة والمرافق العامة الاقتصادية ماعدا
ما يتعلق فيها بالتنظيم وسير العمل من الداخل وكذلك التي تثور بشأن
الوظائف القيادية فيها.
3- منازعات تتعلق بالحريات الفردية والملكية
الخاصة: طبقا لمبدأ تقليدي سائد في فرنسا يعد القاضي العادي حامي الحريات
الفردية والملكية الخاصة يترتب عن ذلك تأسيس اختصاصه بنظر المنازعات
المتعلقة بهما وهو ما ترجمه الدستور الفرنسي في المادة 66 منه حينما نص على
أن السلطة القضائية تحافظ على الحرية الفردية وتضمن احترام هذا المبدأ
بالشروط المنصوص عليها. وفي الحقيقة أن هذا التقليد الفرنسي يرجع الى
الثورة الفرنسية حيث تعتبر الملكية الخاصة نوعا من الحرية العامة للمواطن.
وفي هذا الإطار يعطينا الفقه الفرنسي مثالا من خلال نظرية الاستيلاء أو الغصب ونظرية التعدي.
أ-
نظرية الاستيلاء أو الغصب: تتمثل في استيلاء الإدارة على عقار مملوك ملكية
خاصة من أحد الأطراف سواء كان الاستيلاء مؤقت أو نهائي. هذه النظرية حتى
تطبق ويختص القاضي العادي بالمنازعة يتعين أن يكون الاستيلاء قد وقع على
ملكية عقارية خاصة( مبنية أو غير مبنية) ومن ثمة فإنه بموجب هذه النظرية
تستبعد المنقولات من نطاق نظرية الاستيلاء كما تخرج عن هذا النطاق أيضا
الحقوق العينية العقارية كحق الارتفاق كما يشترط حيازة العقار عن صاحبه وأن
تضع الإدارة يدها عليه ومن ثمة لا نعني به مجرد إلحاق أضرار بالعقار لأن
المسألة في هذه الحالة تدخل في إطار الأضرار المتعلقة بالأشغال العامة وهو
ما يدخل في اختصاص القاضي الإداري .
- بتوافر ما ذكر من شروط يختص إذن
القاضي العادي الذي تنحصر سلطته بالحكم بالتعويض على الجهة الإدارية
المختصة أو المستولية على العقار ومن ثمة لا يملك غير ذلك إذ ليس بمقدوره
إصدار الأوامر للإدارة في حالة الاستيلاء غير المشروع . كما أنه لا يملك أن
يتصدى لفحص المشروعية ( تصرف الإدارة) وإنما يتعين عليه إحالة المسألة إذا
ما أثير أمامه الى القاضي ا