سيلا فتاة ولوعة
بالعلوم كل حياتها تعتمد على
العلوم كانت تطبخ العلوم،تأكل العلوم ، تنام بالعلوم، فكانت لا تدرس إلا
العلوم و لا تأبه إلا بالعلوم، هكذا كانت
تعيش ، كانت إذا قصدت البيت تجلس في مكتبها و تفتح مجلدات العلوم و تدرس ،تحل
التمارين ترسم الرسومات و كانت كل آمالها الفوز بالمرتبة الأولى في الحياة العلمية
فقررت أن تعمل شيئا غير مألوف، فأصبحت عينيها لا تريا غير التعب و لا تعرفا غير
السهر، لا تنام لا بالليل و لا بالنهار لا تعرف إلا قول حياتي تكمن في علومي، سيلا لا تعرف أبدا هل هي فتاة
عمياء أم فتاة مميزة بالنسبة للفتيات التي بسنها، حتى مذكراتها لا تخلو من الكلمات
العلمية والتي لها علاقة بالعلوم ، حتى أن لا تصاحب أيا كان فهي من النوع الذي
مازال ولا يزال مؤمن بأن الحياة تعتمد على الإنسان و يمكن للإرادة القوية أن تغلب
الشر،و أن يتغير الإنسان إذا وجد من يهتم بيه و ينصحه ، لذلك هي فتاة نصوحة تحب
الخير لغيرها تنصح من يحتاج النصيحة و تقف بجانب من يحتاجها، و كانت دائما تبحث
عمن يريد فهم العلوم لمساندته و إلقاء الدرس الذي يريد فهمه بطريقتها الخاصة رغم
انشغالها بدراستها سيلا لا تكتفي عن البحث عن أشياء خاصة بالعلوم تفيدها، مرت
الأيام عليها لكن ولعها بالعلوم مازال فأصبحت تمشي بمبدأ أن العلوم تفيد الطب فلا
يمكن أن يصيب الإنسان مرض و لا تستطيع سيلا حله أو تقترح حلولا علاجية له بمساعدة
العلوم،ولكن حبها للعلوم تركها تتميز في المادة و أيضا محل غيرة صديقاتها فكانت لا
تمر ساعة دون أن تسمع كلاما يجرحها، و لا يمر يوما دون قصدها للبيت باكية لكن حبها
الوحيد جعلها تنتقم من كل ذلك بالتعب و السهر و تحقيق أهدافها المبتغاة ، فزادت
التحدي وشدت الهمة لتصل إلى العلا حاملة رسالة العلوم رافعة المجد،فأثبتت
جدارتها بالحصول على التميز،من شدة تميزها
أصبحت معروفة عند الكبير و الصغير و شمل تميزها حتى غرفتها التي كانت تملأها الصور
و الرسوم التخطيطية للأعضاء،إلى هنا تبدو كل حياتها رائعة لكن المشاكل التي تعيشها لا يعلمها أحد فقد كانت تعيش بعيدا
عن والدها الذي كانت تعتبره قدوتها لكن بعد أن تركها وحيدة،أصبح في نظرها وكأنه
شخص غريب يشتريها بنقوده و أمها التي كانت
تعيش إلى جانبها،كانت دائما تقسو عليها و تصرخ عليها،لكن هي لا تحب أن ترد لها
الكلام لأنها تعلم بأن الله يراها و رضا
الوالدين واجب عليها ، فكانت ترد على كل
شيء بالصمت و التوجه مباشرة إلى قلبها لتبحث عما يلغي الحزن و يرد السعادة لشفتيها
المتألمتين،فكانت كلما عادت السعادة لحياتها تختفي مجددا بسبب أختها الماكرة التي
لا تحبها أو بالأحرى تغار منها لأنها أفضل منها في كل شيء فأختها لا تحب أي شيء
سوى المال و الحياة و لا تعرف بأن الله يرى كل شيء و حتى سيلا لا تحبها لأنها
تعتبرها مثالا للفساد و الخروج من
الدين،لأن حجابها ليس محتشم و لأنها تمشي بالنقود فقط ، لكن سيلا بقوة إرادتها و
حبها لله ربها استطاعت التخلص من الآلام
لأن الله عوضها بالعلوم و أية علوم؟ علوم الحياة ، فأنهت مشوارها الدراسي و أصبحت
لديها الدكتوراه في علوم الحياة و عوضت كل تلك الآلام بتدريسها لمادتها المفضلة و
لقد وجدت التلاميذ الذين تدرسهم بمثابة أهلها و منزلها الثاني و حلمها المتبقي التي تعيش لمحو آلامه و تلوين
جدرانه باللون الوردي و تكبير خلاياها بغرس مورثة العلوم في نواته