حمامة مثقفة ..و قرد مدخن ..و

حمامة مثقفة ..و قرد مدخن ..و

السلام عليكم


سافرتُ يوما في افكاري
و ركبت الحافلة
فوجدت الحافلة مكتظة
و لاح لي من بعيد مكان شاغر
قال لي القابض انه ما قبل الاخير
و فعلا جلست
و كان بجانبي
شاب من ابناء هذا العصر
الالكتروني
كان لباسه من الهيب هوب
و على ذقنه خيط رفيع من الشعر
هو آخر ما تبقى من لحية الرجل القديم
و في يديه هاتف متعدد الوسائط
ثمنه يساوي مرتب مُعلمّ في الجزائر
يتصل به سلك اسود يدخل اذن الشاب
علمت فيما بعد انها سماعات للاذن
صنعها من صنعها
من اجل عدم إزعاج الشخص المجاور بالموسيقى
و لكن الشاب الهيب ازعجني بالصوت المرتفع للموسيقى
و هي موسيقى اقل ما أقول عنها رديئة
لربما هو نفس الوصف
الذي ينطبق على ذوق الهيب هوب
كانت الموسيقى تفعل فعلها بالشاب

كان يهز رأسه
ذكرني منظره بالحمار حين يهز رأسه
منتشيا برائحة الشعير
بعد يوم شاق من العمل في الحقل

هههه

كم أنا غريب

فجاة رنّ هاتف الشاب
الذي سنتفق على تسميته بالهيب

إختصار للحبر و الوقت

نظر الهيب الى الرقم المتصل
برقت عيناه كالصقر الذي رأى ارنبا
وقال
ألوو
كيف حالك

اين انتي

انتظري

انا قادم

باي عمري
=======
راودني سؤال سخيف

من هذه العُمري الذي يحدّثها
وعاد الهيب الى عالمه مع الهيب هوب
و عدت الى عالمي
فرأيت السائق يقود بسرعة
و قد ينحرف تفكيري بسبب السرعة
فامر ت القابض
ان يتوقف لفتاة كانت على جانب الطريق

هذا هو عقل الرجل لابد و ان تدخله امراة
مرة كل 3 ثواني
هههه
غريب عقلي
لا تدخله النساء الا مرات في اليوم و الليلة
دخلت الفتاة
اقسم لكم
لم ارى اجمل منها في حياتي
لن اصفها فلم يبدو منها الا اليسير

ذلك الوجه الذي اعجز عن وصف جماله
المهم انه جميل و رائع
و فيه خانة
صِحْتُ في داخلي

يا ذات الخانة
بجانبي مقعد شاغر
نظرت الغزالة بين الصفوف و الراكبين
ووجدَت عن يميني الكرسي الشاغر
فجلسَت و ارتحت انا

غريب انا
هي تجلس و انا ارتاح

ههههههههههههه
كانت الفتاة جميلة
و الاكيد ان اسمها جميلة

و كذلك هو حجابها اسود يعلوه خِمار ابيض
رائع اليس كذلك

وضعت حقيبة افكارها أمامها
تنحنحت
اصلحت حجابها و جَلسَتها
نظرت الي نظرة
فهمتُها

كانت تقول لي

لماذا تنظر لي ايها المتحاذق المحملِق


غريب أنا
افهم الناس بالنظر لعيونهم فقط
ههههه

و مضت الحافلة تسير
و لاحظت ان مزاجي المتعكر بسبب الهيب
قد صفى

حتى السائق الذي كان امام مقود الافكار
اختار طريقا جبليا اخضرا رائعا

اخرجت الفتاة كتابا بحجم اليد
كانت يدها صغيرة موافقة لحجم الكتاب

غريبة هي

لها كتاب بحجم يدها

او الغربيب هو الكتاب

بحجم يدها

ههههه
و اخذت تقرا في صمت

كأنها رابعة في خلوتها
و بينما انا في خلوتي
اذا برائحة كريهة تتصاعد عن يساري

إنه الهيب يشعل سيجارة
فكرت في إخبار القابض ليكفه عن ذلك
لكني فكرت ثانية
انا صاحب الحافلة فلماذا لا اطلب منه بنفسي
و فعلا
طلبت مه بهدوء ان يطفئ السيجارة
و حسنًا فَعَل
و عاد الى عالمه الهيبي و راح يهز رأسه
كما كان يفعل و مرة أخرى رنّ الهاتف عنده
لكن المرة كان صوت رسالة نصية
قرأها فهمها
فكر في الرد
و راح يكتب
نظرت فإذا هي رسالة عاطفية بلغني تأثيرها

و لكن الرقم كان مختلفا هذه المرة
و في آخر الكتاب كتب .... حبيبتي
فسألت سوالا سخيفا

من هذه الحبيبتي..؟؟؟؟
و عدت الى اليمين
و ما أدراك ما اليمين
و ما أهل اليمين

اهل اليمين
جمال و دلال
اناقة و رشاقة

ههههه
غريب انا اتغزل بعقلي في عقلي
فتحتُ النافذة لتخرج رائحة السجائر
و يدخل هواء نظيف
فسعلت الفتاة
ربما ازعجها الهواء

او لربما هي مصابة بالحساسية
فهي منتشرة ببين البنات بكثير

هههههه
يبدو ان الفتاة الموجودة في عقلي
رقيقة جدا حتى ان النسيم قد يجرحها


بعد ذلك اغلقت الفتاة كتابها
وضعته على صدرها كمن تدعي

و اغمضت عينيها فاظلمت الحافلة

وكذلك فعل الهيب عن يساري
نزع السماعة عن اذنه
ادخل الهاتف في جيب معطفه
واغمض عينه

هههههه
ماذا يري المرء عندما يغمض عينيه ؟؟؟؟؟

اغمضت عيني انا ايضا
فرأيت



حمامة مثقفة
و قرد مدخن

و بينهما
مالك الحزين
هههههههههههههههههههه