"هاني يعشق معلمته فيُطلّق زوجته!"
لقد كَبُرَ هاني ودخل سنّ السابعة ، وكان أبواه يَريَا فيه سعادتهما كلّما غدا أو راح ، وقد اتفق والداه على أن يتولّى تعليمَه النساء ، - وكان الوالدان مخطئين في رأيهما ، فالولد من حين أن يُولدَ تُولدُ العاطفةُ معه ، فهو يحنّ لحجْرِ أمّه ، حتى إذا بلغ سنَّ السابعة بدأت تتفتق العاطفةُ ليحنّ إلى من يُحبّ ، حتى إذا ما بلغ الحُلُمَ ثار بُركان العاطفة فإما أن يوجهها لما يُرضي الله أو يُغضبه ، وهذا مصداق قول الحبيب صلى الله عليه وسلم : ( مروا أبناءكم بالصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر ، وفرّقوا بينهم في المضاجع ) ، بالإضافة إلى أن التربويين ينصحون بتربية الولد على الشجاعة والخشونة في مكانيهما كالبادية مثلاً ، لا على النعومة ، - نعود إلى هاني الذي بدأ الدراسة في مدرسة تُدرّسُ الصبيان فيها المرأة ، ولأن هاني حديثُ عهدٍ بالمدرسة وملامح الرهبة تبدو في وجهه لم يكنْ يُعيرُ اهتماماً لبناء جسور علاقة مع زملائه أو غير ذلك.
ولكن مع مرورالأيام تتغير لدى هاني النظرة عن المدرسة ، فبالأمس يخاف منها ، واليوم يتهلّل وجهه بِشْراً إذا أخذه السائق إلى المدرسة ، لأنه أصبح لهاني أصدقاء ينتظر لُقياهم.
وذات يوم أخذ كل صديق ببوح ما يدور في خاطره لأصدقائه ، وكانت المفاجأة أن كلّهم معجبون بالمعلمةِ ناهدَ ، لتميّزِها خلُقاً وخلْقاً ، فكل واحد منهم كان يتفرّس في معلمات الصفّ ، لاسيّما مع تفتّح أذهانهم بما يرونه في الفضائيات والانترنت أو بما يسمعونه هنا وهناك.
وفي آخر العام الدراسي فرِحَ زملاءُ هاني بنجاحِهم وانتقالِهم للصف الثاني ولكن هاني المسكين تأخر عنهم ، ثم تأخر كذلك سنة في الصف الثاني ، وأخرى في الصف الثالث ، وبدأت تظهر على هاني مخايلُ البلوغ ، ولأنه كان وسيماً فقد اشتهر ذِكْرُهُ لدى معلماته اللاتي لا تتأخر إحداهن عن إجابته عن استفساراته الكثيرة على الإيميل.
وتذهب السنون بحُلْوها ومُرِّها ، وينتقلُ هاني من المدرسة ليتولى تدريسه رجل ، ولكن لازالت العلاقة قائمةً بينه وبين معلماتِه كتلميذٍ ومعلمةٍ ! فرُبّما صادف هاني إحدى معلماتِه في السوق أو الشارع فتبادلا التحية. ويكبر هاني كما يكبر في عيني والديه ليُقررا تزويجه ، وبالفعل تمّت الخِطْبة له بعد موافقته.
فتزوّج هاني من امرأة حسناء خُلُقاً وخلْقاً ، وكان في أول أيامه كاسمه هانئاً بزواجه ، ثم أخذ حاله مع من تزوّجها يتردّى شيئاً فشيئاً ، بسبب شريط الذكريات الذي يستدعيه الشيطانُ من ( الأرشيف ) ويُمرّرهُ أمامَه حتى خَيّل له أن عند ناهدَ ما ليس عند زوجته فزَهِد في زوجته وطلّقها ، وتدور الأيام ويكثرُ تفكير هاني بناهد ليُقرر ذات يوم محادثتها عبر الإيميل للسؤال عن حالها كتلميذٍ يسأل عن معلمته !.
ويكثر السؤال ، ثم يكثر الحديث الجانبي رُغم أن ناهد متزوجة ، ليقع الاثنان في عشق بعضهما ، ثم يكتشف زوج ناهد هذه المحادثات في الجهاز ليَبتّ طلاقها ، وعلى إثْرِهِ خرب بيتها ، وتشرّدَ أبناؤها.
عند ذلك صرخت ناهدُ صرْخة النّدم – ولات حين منْدم – : ( كلّ ذلك بسبب تعليمِ الصّبْيَان ).
ـــــــــــــــــــ
أخي القارئ هذه القصة ربما تقول هي من نسج الخيال وهي كذلك ، لكن أردت من خلالها إثبات أن الحال لدى الأطفال لاسيّما مع الانفتاح الفضائي في القنوات والانترنت لا يبعد أن يُخشى عليه ، ويحفظ لنا التاريخ في ذاكرته احتجاب بعض الصحابيات رضي الله عنهن عن طفل لم يبلغ الحُلُم عندما سمعنه يقول عن إحداهن : ( فُلانة تُقبل بأربع وتُدبر بأربع ! ) ، ثم أنت أخي القارئ وأنا كنّا أطفالاً ولازلنا متأثرين بشخصيات بعض معلمينا أو على الأقلّ نذكر وصاياهم ومواقفهم معنا أو مع غيرنا ، فبالله ماذا عسى يُرجى من طفل تأثّر بامرأة !! فهل نتنظر أن يتأنث ؟!! ثم اعلم أخي أن من حامَ حول الحمى أوشك الوقوعَ فيه ، فإذا الطفل عوّدناه من صغره على تعليم الأنثى له ، فلن يُريد إلا هو ، فلتعلّمه الأنثى إذاً بقيّة عمره !! ، ثم لتخرج الطّوام والمتأنثين !! وكما يُقال : ( أكْل العنب حبّة حبّة ) !!