محمد الأمريكي.. ومليار محمد!
سأل صحفي أمريكي منذ بضعة أيام الملاكم العالمي الأسطورة محمد علي كلاي.. كيف يشعر وهو على دين الإرهابيين الذين قتلوا أبناء بلده في الحادي عشرة من سبتمبر، ورغم ثقل السنين وألم المرض وحساسية السؤال، إلا أن جواب الأسطورة الذي اختار الإسلام في عزّ بطولاته كان مختصرا ومفحما: "وأنت يا عزيزي كيف تشعر وأنت على دين أدولف هيتلر الذي قتل كل الناس؟"...
ما الذي ينقص مليار مسلم حتى يتمكنوا من الرد بهذا الفكر الراقي الذي يذكّر الذين يتهمون ديننا بالإرهاب بإرهابهم الحقيقي، ويرد على أسئلتهم الاستفزازية بأسئلة تحمل إجابات مفحمة؟.. نحن أمة من ميزاتنا أننا نمتلك جرأة الاعتراف بعجزنا عن إنجاب علماء اقتصاد وتكنولوجيا وسياسة، ومن سيئاتنا أننا لا نمتلك جرأة الاعتراف بعجزنا عن إنجاب علماء دين يتمكنون على الأقل من جمع شمل المسلمين، إلى درجة أن كل رجل دين جديد يظهر إلا ويكاد يدعو لمذهب جديد، فاجتمع في ذلك أهل العلوم الشرعية مع أهل العلوم الوضعية في رسم بؤس أمة لا تتقن الهجوم والسؤال فقط، وإنما تجهل تقنيات الدفاع وأبجديات الجواب.. وكلما اشتد البلاء كلما ازداد تشتتهم فلم يتمكنوا من الاجتماع على رأي واحد في الإرهاب الذي طعن الجزائر في الظهر، ولا في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والحرب على لبنان ومحرقة غزة، فكان الحاقدون يسيئون لرسول البشرية برسومات كاريكاتورية فتتحول الأمة إلى كاريكاتير باختلافها وبرّدها الفولكلوري، وكان الحاقدون يهدّدون بحرق نسخ من كتاب الله فتحرق الأمة نفسها ويموت أبناؤها في أفغانستان ويحرقون الشوارع في باكستان دون أن يتمكنوا من ردّ يهزموا به الحاقدين أو ينصروا به أنفسهم، لقد كنا في زمن الضياع أمة رد فعل بلا فعل، والآن في زمن اللاشيء أمة بلا فعل وبلا رد فعل، أمة لا تتقن السؤال وإذا سئلت لا تتقن الإجابة بذات العفوية والثقة بالنفس التي أجاب بها هذا الأمريكي، الذي تمكن في زمن بطولاته الرياضية منذ إسلامه عام 1959 من أن يجعل "محمد" هو أقوى رجل في العالم يطرح بـ"جورج فوريمان وجو فرازيه" أرضا ويهتف على الحلبة لحن المسلمين الخالد "الله أكبر".. وهو الآن يكمل بطولاته برغم سنه الذي بلغ الثامنة والستين وبرغم مرض شلل الرعاش أو الباركينسون، بينما نخرّ نحن "سجّدا" من دون دخول الحلبة بالضربة القاضية ولا نحلم حتى بأن نصل منزلة المساءلة من صحفي أمريكي بسيط.. قيل أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا ونكاد نجزم بعد رد الأمريكي محمد علي كلاي بهذا الرد الراقي أن الأسطورة الأمريكية قضى سنواته الرياضية في طرح منافسيه الأمريكان أرضا بالضربة الفنية القاضية وهو الآن برده على الصحفي الأمريكي يطرحنا جميعا نحن أمة المليار أرضا بالضربة المعنوية القاتلة!!