ما أن ينقضي شهر رمضان ويحتفل المسلمون بعيد الفطر المبارك ،الا وتبدء العديد من التساؤلات المتعلقة بأحكام صيام الست من شوال خاصة فيما بين النساء اللائي عليهن أيام فطرهن لعذر شرعي ... و
يكون السؤال ، بأيهما أبدأ القضاء أم الست من شوال ؟ ...وهل يجوز أن أجمع بين صيام الأثنين بمعنى أصوم ست أيام بنية الست من شوال وفي نفس الوقت قضاء ما على؟.
وبالنسبة لمن لم يفطرن هل صيام الست أيام متتابعة افضل أم صيامها على نحو متفرق افضل؟ و غيرها وغيرها من الاسئلة التي سنقوم بعرض إجابة العلماء عليها في السطور التالية .
في البداية يوضح لنا الشيخ محمد صالح المنجد فضل صيام الست من شوال قائلاً: يعد صيام الست من شوال بعد اداء فريضة رمضان سنّة مستحبّة وليست بواجب ، ويشرع للمسلم صيام ستة أيام من شوال ، و في ذلك فضل عظيم ، وأجر كبير ذلك أن من صامها يكتب له أجر صيام سنة كاملة كما صح ذلك عن المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من صام رمضان وأتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر . " رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
وقد فسّر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة : (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) . " وفي رواية : " جعل الله الحسنة بعشر أمثالها فشهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام تمام السنةاخرجه " النسائي وابن ماجة وهو في صحيح الترغيب والترهيب 1/421 ورواه ابن خزيمة بلفظ : " صيام شهر رمضان بعشرة أمثالها وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة " .
وقد صرّح الفقهاء من الحنابلة والشافعية : بأن صوم ستة أيام من شوال بعد رمضان يعدل صيام سنة فرضا ، وإلا فإنّ مضاعفة الأجر عموما ثابت حتى في صيام النافلة لأن الحسنة بعشرة أمثالها .
ثم إنّ من الفوائد المهمّة لصيام ستّ من شوال تعويض النّقص الذي حصل في صيام الفريضة في رمضان إذ لا يخلو الصائم من حصول تقصير أو ذنب مؤثّر سلبا في صيامه ويوم القيامة يُؤخذ من النوافل لجبران نقص الفرائض كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال يقول ربنا جل وعز لملائكته وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت تامة وإن انتقص منها شيئا قال انظروا هل لعبدي
من تطوع فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم " رواه أبو داود . والله أعلم.
وفيما يتعلق بأيهما يبدء القضاء أم الست من شوال يقول الشيخ بن العثيميين أنه يجب على الإنسان أن ينتبه انه لكي ينال ثواب هذه الفضيلة أن ينتهى من رمضان كله، ولهذا إذا كان على الإنسان قضاء من رمضان صامه أولاً ثم صام ستاً من شوال، وإن صام الأيام الستة من شوال ولم يقض ما عليه من رمضان فلا يحصل هذا الثواب سواء قلنا بصحة صوم التطوع قبل القضاء أم لم نقل، وذلك لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:"من صام رمضان ثم أتبعه..." والذي عليه قضاء من رمضان يقال صام بعض رمضان ولا يقال صام رمضان.
وعن حكم صيام ايام الست من شوال بنية النافل من جهة وبنية القضاء من جهة اخرى يقول الدكتور عبد الرحمن البر الأستاذ بكلية أصول الدين جامعة الأزهر أنه لا يجوز الجمع في الصيام بين نية القضاء والنافلة، كأن تجمع المرأة في صيامها بين أيام الست من شوال وقضاء أيام فاتتها من رمضان، رافضا الأقوال التي أباحت ذلك.
وأوضح لموقع "الفقه الإسلامي"، أن القضاء فريضة ولا يجوز الجمع بين النافلة والفريضة، مستشهدا ... يجوز الجمع بين النافلة والفريضة، مستشهدا بموقف الرجل الذي أراد أن يحج عن غيره ، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن ذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :"حج عن نفسك أولا "
، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة " .
وأشار الدكتور البر إلى أنه لا يجوز الجمع بين النذر والنافلة لأن النذر فريضة، بينما يجوز الجمع بين صيام أيام الست من شوال وصيام الاثنين والخميس، والأيام الثلاثة القمرية لافتا إلى انه يجوز تعدد النية في النوافل ولا يجوز الجمع بين فريضة ونافلة، لافتا إلى انه يجوز صيام ست من شوال قبل قضاء ما فات من رمضان ثم يتم قضاء ما فات من رمضان بعد ذلك.
وعلى الجانب الاخر يقول الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر"رحمه الله" في كتابه "أحسن الكلام في الفتوى والأحكام" جواز الجمع بين نية القضاء ونية صيام الست من شوال فقال:
"يمكن لمن عليه القضاء من رمضان أن يصوم الأيام الستة من شوال بنيه القضاء، فتكفي عن القضاء ويحصل له ثواب الستة البيض في الوقت نفسه إذا قصد ذلك، فالأعمال بالنيات.
وإذا جعل القضاء وحده والستة وحدها كان أفضل، بل إن علماء الشافعية قالوا: إن ثواب الستة يحصل بصومها قضاء حتى لو لم ينوها وإن كان الثواب أقل مما لو نواها.
ويشبه هذا ما قيل في تحية المسجد وهي صلاة ركعتين لمن دخله، قالوا: إنها تحصل بصلاة الفريضة أو بصلاة أي نفل وإن لم تنو مع ذلك، لأن المقصود وجود صلاة قبل الجلوس وقد وجدت بما ذكر، ويسقط ذلك طلب التحية ويحصل ثوابها الخاص وإن لم ينوها على المعتمد كما قال صاحب البهجة. وفضلها بالفرض والنفل حصل، والمهم ألا ينفي نيتها، فيحصل المقصود إن نواها وإن لم ينوها.
وبناء على ما تقدم يجوز لمن يجد تعبا في قضاء ما فاته من رمضان وحرص على جعل هذا القضاء في شوال، ويريد أن يحصل على ثواب الأيام الستة أيضا أن ينوي القضاء وصيام الستة، أو القضاء فقط دون نية الستة، وهنا تندرج السنة مع الفرض، وهذا تيسير وتخفيف لا يجوز التقيد فيه بمذهب معين ولا الحكم ببطلان المذاهب الأخرى".
واخيرا فيما يتعلق بسؤال أيهما أفضل التتابع في الصيام أم التفريق يقول الفقيه السعودي الشيخ محمد بن صالح المنجد، إمام وخطيب جامع عمر بن عبد العزيز بالعقربية في مدين
ة الخبر أنه لا يُشترط التتابع في صيام الست من شوال فلو صامها المسلم متفرقة أو متتابعة فلا بأس بذلك وكلما بادر كان أفضل، امتثالا لقوله تعالى : ( فاستبقوا الخيرات)، وقوله تعالى: ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم)، وقوله تعالى على لسان موسى عليه السلام: (وعجلت إليك رب لترضى ) ولما في التأخير من الآفات.
وأكد المنجد، أن هذا ما ذهب إليه ذهب الشافعية وبعض الحنابلة، لكن لا حرج في عدم المبادرة، فلو أخرها إلى وسط الشهر أو آخره فلا بأس.
قال النووي رحمه الله: قَالَ أَصْحَابُنَا : يُسْتَحَبُّ صَوْمُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ ، لِهَذَا الْحَدِيثِ قَالُوا: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَصُومَهَا مُتَتَابِعَةً فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ فَإِنْ فَرَّقَهَا أَوْ أَخَّرَهَا عَنْ شَوَّالٍ جَازَ . وَكَانَ فَاعِلا لأَصْلِ هَذِهِ السُّنَّةِ ، لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَإِطْلاقِهِ . وَهَذَا لا خِلافَ فِيهِ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَدَاوُد