قال تعالى: »يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين« المائدة/6.
وورد في الحديث الشريف: »من أحدث ولم يتوضأ فقد جفاني«.
واجبات الوضوء:
مسألة: يجب على المكلف في عملية الوضوء أمران:
الأول: غسل الوجه واليدين.
الثاني: مسح الرأس والقدمين.
ولكل من هذين الأمرين حدود يجب مراعاتها.
أما الوجه: فيجب غسله من قصاص الشعر إلى أسفل الذقن طولاً وغسل ما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضاً والأحوط وجوباً إدخال مقدار من ما بقي من الوجه عرضاً.
واليدان: يجب غسل اليد اليمنى واليسرى من المرفق إلى رؤوس الأصابع.
مسألة: المناط في صدق الغسل إيصال الماء إلى تمام العضو، وإن كان إيصال الماء إلى تمام العضو بمسح اليد، ولكن المسح باليد الرطبة وحده غير كافٍ.
والرأس: يجب مسح شيء من مقدمه وهو الربع الأول منه.
والرجلان: يجب مسحهما من رؤوس الأصابع إلى مفصل الساق على الأحوط وجوباً.
مسألة: صب الماء غَرْفَتين أو أكثر على الوجه واليدين لا إشكال فيه لكن غسلهما أزيد من مرتين غير جائز.
مسألة: لا يصح المسح على الشعر المستعار إلاَّ إذا كان في رفعه حرج ومشقة لا تتحمل عادة فيجوز المسح عليه.
مسألة: لا يصح المسح على الجوارب مهما كانت شفافة.
مسألة: إذا كان نزع الحذاء لأجل مسح الرجلين حرجاً على المكلف فالمسح عليه مجزٍ وصحيح.
مسألة: أقلّ المسح على الرأس والقدمين بمقدار أصبع من اليد عرضاً وإن كان الأحوط استحباباً المسح بمقدار ثلاث أصابع من اليد.
مسألة: إذا لم يكن للمكلف كف مسح بذراعه وإن لم يكن له ذراع أخذ الرطوبة من وجهه ومسح بها الرأس والرجلين.
مسألة: لا فرق بين الرجل والمرأة في أفعال وكيفية الوضوء إلاَّ أنَّه يستحب للرجل عند غسل الذراعين أن يبدأ بظاهرهما وأما المرأة فيستحب أن تبدأ بباطنهما.
شروط المتوضىء:
يشترط في نفس المتوضأ أمور:
1- النيَّة:
مسألة: النية هي قصد وإرادة الفعل، فلو قام المكلَّف بعملية الوضوء وهو غافل وغير ملتفت لما يعمل فلا يصح منه هذا العمل.
مسألة: يجب أن تكون نية الفعل قربة لله تعالى فلو دخل فيها الرياء بطل الوضوء.
مسألة: لا يشترط في النية التلفّظ بل يكفي احضارها واخطارها في القلب.
مسألة: الوضوء بنيَّة الكون على الطهارة راجح شرعاً وتجوز الصلاة بالوضوء الاستحبابي.
مسألة: لو توضأ قبل دخول وقت الصلاة في زمن قريب عرفاً فلا إشكال في صحة وضوئه وصلاته.
2 - عدم وجود الحاجب على أعضاء الوضوء:
مسألة: الدهون التي يفرزها الجسم بشكل طبيعي على الشعر والبشرة لا تُعدّ حاجباً إلاَّ إذا كانت بمقدار يراها المكلَّف مانعة من وصول الماء إلى البشرة والشعر.
مسألة: الوشم على الجسد إذا كان مجرَّد لون ولا يمنع من وصول الماء إلى البشرة فالوضوء صحيح وكذا لو كان الوشم في باطن البشرة.
مسألة: الحبر إذا منع من وصول الماء عن البشرة فهو حاجب وتشخيص المواضيع في هكذا أمور في يد المكلَّف.
مسألة: مجرد وجود قشرة الكلس أو الصابون التي تظهر بعد جفاف أعضاء الوضوء لا يضر بصحة الوضوء إلاَّ أن تمنع من صدق غسل البشرة.
مسألة: اللون الاصطناعي الذي تستعمله النساء أو الرجال في تلوين شعر الرأس أو الحواجب أو الذقن إذا لم يكن له جرم يمنع من وصول الماء إلى الشعر وكان مجرد لون فالوضوء يكون صحيحاً.
مسألة: الصبغ التي تستعمله النساء على الأظافر إذا منع من وصول الماء إليها فالوضوء يكون باطلاً.
3 - أن تكون أعضاء المسح جافة وطاهرة:
مسألة: يجب تجفيف محل المسح من القطرات حتى يكون التأثير من الماسح على الممسوح دون العكس.
شروط ماء الوضوء:
يشترط في الماء المستعمل في الوضوء أمور:
1- الطهارة:
مسألة: إذا توضأ المكلف بماء متنجس يقع وضوءه باطلاً بلا فرق بين حالة العلم والجهل والنسيان.
مسألة: إذا انكشف للمكلَّف بطلان وضوءه بعد فترة زمنية وكان قد أدى أعمالاً عبادية بهذا الوضوء فيجب عليه إعادة هذه الأعمال.
2- إطلاق الماء:
مسألة: التوضأ بالماء المضاف مبطل للوضوء، وإن توضأ به المكلَّف في حالة الجهل والنسيان.
3- إباحة الماء:
مسألة: من توضأ بماء مغصوب وغير مأذون التصرف به:
أ- فإذا كان المكلَّف جاهلاً بالغصب فالوضوء صحيح.
ب- وإذا كان ناسياً للغصب ولم يكن هو الغاصب نفسه فوضوءه صحيح.
ج- وإذا كان عالماً أو ناسياً لكن كان هو الغاصب نفسه ففي هذه الحالة وضوءه باطل.
شروط عملية الوضوء:
1- الترتيب:
مسألة: يجب الترتيب في عملية الوضوء بأن يغسل الوجه أولاً ثم اليد اليمنى ثم اليد اليسرى ثم يمسح الرأس ثم القدم اليمنى باليد اليمنى والقدم اليسرى باليد اليسرى.
مسألة: لا مانع من مسح الرأس باليد اليسرى وإن كان الأحوط استحباباً المسح باليد اليمنى.
مسألة: إذا تعذَّر المسح على الرجل اليمنى باليد اليمنى وجب المسح عليها باليد اليسرى.
مسألة: من أخلَّ بالترتيب فعليه الاعادة من الموضع الذي يحصل به الترتيب مع المحافظة على المولاة.
2- المولاة:
مسألة: تجب المولاة بين أفعال الوضوء بمعنى عدم الفصل الزمني بين كل عضو وآخر:
أ - إما بشكل يخلّ بصورة الوضوء.
ب- أو بحيث يجف العضو السابق قبل أن يبدأ باللاحق.
مسألة: يبطل الوضوء عند الاخلال بالمولاة سواء أكان ذلك عن عمد أم جهل.
مسألة: لا يصح الوضوء بعد الإخلال بالمولاة حتى ولو عاد المكلَّف إلى متابعة أفعال الوضوء.
3- المباشرة:
مسألة: على المكلَّف أن يباشر بنفسه أعمال الوضوء ولا يصح لغيره أن يوضأه في حالة الإختيار والقدرة على فعل ذلك بنفسه.
مسألة: من لم يستطع أن يباشر الوضوء بنفسه فيجوز لغيره أن يوضأه، لكن في المسح على الرأس والأرجل يمسح عليهما المُسْتَنَاب بيد المكلَّف العاجز إن استطاع ذلك وإلاَّ فيمسح المستناب عليهما برطوبة يد المكلف.
مسألة: لا يعتبر صب الماء من قِبَل الغير بيد المتوضأ إخلال بشرط المباشرة فلا يضر هذا الأمر بصحة الوضوء، ويكون الصابّ دوره دور أنابيب المياه التي في البيوت.
4- عدم النكس:
مسألة: لا يجوز النكس في غسل الوجه واليدين والقدمين بل يجب غسل الوجه من الأعلى إلى الأسفل، وغسل اليدين من المرفق إلى رؤوس الأصابع ومسح القدمين من رؤوس الأصابع إلى الكعبين، وأما الرأس فيجوز به النكس وإن كان الأحوط استحباباً المسح عليه من الأعلى إلى قصاص الشعر.
مسألة: لا يتحقق النكس في صب الماء على أماكن الغسل فلو صبَّ المكلَّف الماء منكوساً ولكنه غسل من الأعلى إلى الأسفل فلا يضرّ ذلك بصحة الوضوء.
نواقض الوضوء:
ينتقض الوضوء بأحد هذه الأمور:
الأول والثاني خروج البول والغائط:
مسألة: ينتقض الوضوء بخروج البول والغائط من المخرج الطبيعي أو غيره.
مسألة: البلل المشتبه بالبول وغيره الذي يخرج بعد الوضوء ولم يكن المكلَّف مستبرءاً من البول فله حكم البول فينتقض الوضوء به.
مسألة: إذا خرج بلل مشتبه بين البول والمني بعد أن بال المكلَّف واستبرأ وتوضأ فيجب في هذه الحالة الجمع بين الوضوء والغسل لأجل تحصيل اليقين بالطهارة.
مسألة: لا ينتقض الوضوء بخروج:
المذي: وهو سائل يخرج أثناء المداعبة.
والودي: وهو سائل يخرج بعد خروج البول.
والوذي: وهو سائل يخرج بعد خروج المني.
مسألة: لا فرق في بطلان الوضوء بالبول والغائط بين قليله وكثيره.
الثالث خروج الريح من الدبر:
مسألة: يبطل الوضوء بخروج الريح من الدبر سواء كان له صوت أم لم يكن وسواء أكان له رائحة أم لا.
الرابع كل ما يزيل العقل:
مسألة: كل ما يزيل العقل مثل الجنون والسكر والإغماء ينقض الوضوء سواء حصل هذا الأمر مع العمد أم بدونه.
الخامس النوم الغالب على حاستي السمع والبصر:
مسألة: إذا غاب السمع لشرودٍ والبصر ما زال موجوداً أو غاب البصر بإغماض العينين مثلاً وبقي السمع لا يبطل الوضوء في هذه الحالات.
مسألة: إذا توضأ المكلف ثم حصلت له كبوة أو سِنة مع عدم تحقق النوم الغالب على حاستي السمع والبصر فلا يبطل الوضوء.
مسألة: ينتقض الوضوء بحصول النوم بحالته الاختيارية أم بحالة إكراهية.
السادس مس ميت الانسان:
مسألة: مسّ ميت الانسان بعد برده وقبل إتمام غسله ينقض الوضوء.
مسألة: مسّ بدن الشهيد الذي لا يُغَسَّل لا يبطل الوضوء.
السابع الاستحاضة:
مسألة: الاستحاضة بجميع أقسامها )القليلة والمتوسطة والكثيرة( مبطلة للوضوء.
متفرقات
مسألة: من تيقَّن الحدث وشكَ في الطهارة يبني على الحدث ويتطهَّر. ومن تيقَّن الطهارة وشك في الحدث بنى على الطهارة.
مسألة: يحرم على غير المتوضأ مسّ اسم الجلالة وسائر صفاته وأسمائه والأحوط وجوباً إلحاق أسماء الأنبياء والأوصياء وأسماء أهل البيت والسيدة الزهراء(ع).
مسألة: ليس للضمائر حكم لفظ الجلالة فيجوز لمسها.
مسألة: لو استبدل إسم (الله) بشكل (ا..) فلا مانع شرعاً من لمسه.
مسألة: الحروف التي يستعملها المكفوفون في القراءة والكتابة لو استعملت بعنوان كونها علامات على حروف القرآن الكريم وأسماء الأنبياء والأئمة الأطهار فلا يتوقف حلية لمسها على الطهارة من الحدث.
مسألة: يجوز للمحدِث لبس القلادة التي نُقش عليها آيات قرآنية أو أسماء الأنبياء والأئمةR إلاَّ أنه لا يجوز أن يلامس النقش البدن.
للمطالعة
سيرة الشيخ البهائي (قده)
ولد الشيخ البهائي رحمه الله في مدينة بعلبك وقت الغروب من يوم الخميس في السابع عشر من محرم الحرام في سنة
(953ه). وكان رحمهم الله فقيهاً جليلاً وعالماً أصولياً ورياضياً ومفسراً دقيقاً. وهو من تلامذة والده الشيخ حسن العالم المعظم. شب رحمهم الله على العلم والتحصيل وشاب عليهما وجعل حياته منارة ومشعلاً لعلوم أهل البيت(ع) وكانت أسفاره متعددة حصّل فيها العلوم الجمّة ومما يروى في رياضاته أن سور صحن النجف من طرح الشيخ البهائي فقد جعله بنحو إذا ضربت الشمس أسفل الحائط في كل فصل من الفصول فيكون ذلك إشارة إلى وقت الظهر. وغيرها من الغرائب التي ما زالت بعض الأماكن في إيران الإسلام تشهد له.
وللشيخ كرامات عديدة منها: أن الشيخ رحمه الله أيام سياحته وصل الى جبل (سرانديب) فجلس على صخرة، وإذا برجل يأتي ويجلس في مكان فيراه الشيخ ولكن الشخص لم يره. وبعد لحظات قال ذلك الرجل: أحضر الطعام. فنظر الشيخ إلى جوانبه فلم يرى أحداً حتى يحضر له الطعام. وإذ بسفرة (مائدة طعام) تنزل من السماء ونزلت معها الأطعمة المختلفة ثم قال ذلك الرجل بصوت عال: أيها الغائب عني أحضر وكل معي. فنظر الشيخ حوله فلم يرى أحداً غيره فعلم أنه يريده بنفسه فقام وجلس معه وأكل وبعد أن شبعا رمى ذلك الرجل ما تبقى من الطعام على الأرض، فقال له الشيخ البهائي: لماذا تكفر بنعمة الله وترميها على الأرض فقال الرجل: يجب أن يكون الغيض عاماً وهنا في هذه الأرض حيوانات يجب أن يأكلوا من رزق الله ثم بعد ذلك قال الرجل: خذه وإذ بالسفرة مع ما فيها صعدت إلى السماء.
وله تأليفات رشيقة دقيقة جميعها في غاية الفصاحة والبلاغة والبراعة والمتانة منها كتاب الجامع العباسي اشتمل على الفتاوى مع فروع لا تحصى ألفه للشاه عباس. ومنها الزبدة في علم الأصول وكتاب مفتاح الفلاح وغير من الكتب القيمة.
توفي رحمه الله في 12 شوال من سنة (1031ه) فعمره المبارك 78 سنة تقريباً.