سؤال بحجم ( كيف أكون سعيدا في حياتي؟) يحتاج الى إجابة مطولة ومتكاملة تأتي على الكثير من الجوانب الدينية والنفسية والاجتماعية حتى تعطي القاريء معنى لهذه السعادة المنشودة وتشرح له أسبابها..
ومع هذا فسوف أقدم لعزيزي القاريء اجابة مختصرة جدا لهذا السؤال العريض يتمثل في الآتي:
السعادة هي أن تمارس الامور التي ترى انت انها باب نحو السعاد.. والسعادة هي مجموعة من الأشياء التي تعني لك قدرا لا بأس به من الراحة والغبطة.. ابحث عن الأمور التي تعتبرها رمزا هو وجه العملة الآخر للسعادة..
الكثير منا لو أخذ ورقة وقلما وكتب فيها الاشياء التي تسعده لوجدها عديدة بل وأكثرها قريب من المرء ولن يجد كبير مشقة في تحقيقها لكن المشكلة تكمن في وضع هذه الامور موضع التنفيذ.. ولو قال قائل اننا لا نشعر ولا نجد طعما للحياة فأجابه أحدهم قائلا ( لانك لا تأتي ما تحب وتفعل ما لاتحب لكان صادقا)
تأمل اللحظات الجميلة في حياتك.. تذكرها جيدا.. ارجع بشريط الماضي واستحضره الآن.. سترى بأن اللحظات الجميلة ما كانت كذلك الا لأنك عشت خلالها ما تحبه فعلا.. فما تأتيه وما تتعايش معه+ المعنى الذي تلصقه بهذه الاشياء = الحالة النفسية الرائعة التي تكون عليها..
لنأخذ زيدا من الناس والذي يجد نفسه في القراءة والثقافة ومتابعة الجديد من الكتب والمجلات الهادفة هو يعلم من نفسه انه كلما قرأ وتعلم شيئا جديدا انه يرتقي في سلم السعداء درجة ( نقول درجة ولا نقول أصبح سعيدا) انه بدأ خطوة نحوها ( ونقول خطوة ) لأنه بدأ ينفذ ما قررناه آنفا
ان مشروع السعادة يبدأ عند تمثل ما نحب وتطبيق ما نهوى.. وفي هذا المثال الذي ذكرناه سنرى انه بقدر ما يفرط في تكرار هذه الهواية المحببة لديه بقدر ما سيجد نفسه مع الوقت يتأخر درجة عن الفرح والغبطة.. وهذا شيء مجرب فهناك من الناس لا يقدر على وصف سعادته حين ينهي كتابا أو يسطر بحثا او يكتب قصيدة أوأو
وقس على هذا مئات المجالات والسلوكيات والفرص والمحبوبات التي هي مجال رائع لتحقيق السعادة..
أحد الشباب ذكر لي مرة : أنه أذا صلى الصلوات الخمس في المسجد جماعة يقول ( اعتبر نفسي في نهاية اليوم أروع انسان في الوجود ) انه يحكي احساسا حقيقيا وليس أحلاما وردية انه فعلا يشعر بسعادة في أعماقه لماذا؟ لانه يفعل ما يشعر انه فعلا شيء رائع بالنسبة له..
لا نحتاج الى التذكير بأن السعادة والراحة والهناء القلبي لا يمكن ان يكون في طريق المعصية والمنكر واتباع الاهواء النفسية .. بل هذه الامور تحقق غالبا متعا حسية آنية وبقدرها يكون الألم الداخلي وبحجمها يكون شقاء النفس فينقلب المأمول ( السعادة ) الى الضد ( الشقاء) بل ان السعادة في حقيقة الأمر منوطة بتحقيق الايمان في القلب وتمثله في الحياة مع الاستمتاع بما أباحه الله في هذه الحياة ( ولا تنس نصيبك من الدنيا )
ان اليوم الذي تشعر فيه بالألم والتعاسة! هو يوم لا يستحق منك ان تسبه او تغضب منه.. بل الملامة ملقاة على عاتقك انت.. تأمل هذا اليوم جيدا!! ستجد انك بالفعل لم تقم فيه بعمل واحد مفيد في نظرك.. لم تعمل فيه أمرا واحدا تعلم انه سبيل الى سعادتك..
واليوم الذي تشعر فيه بأنك تحلق بعيدا بعيدا وانت في قمة الغبطة والانشراح.. ذلك لانك أصبت الهدف جيدا.. فعرفت مصدر سعادتك وفرحك ثم وضعته موضع التنفيذ..
ولهذا تجدون أهل الكسل والخمول والفراغ هم أشقى الناس.. رغم راحتهم البدنية.. لماذا؟ الاجابة واضحة( لان السعادة كما قررنا مقترنة بالعمل والفعل ) لا على الخيال والأمل.. ضع ما تحب موضع الفعل واقترب مما يؤنسك تجد السعادة
السعادة ليست لغزا يحتاج الى اعمال الفكر والخيال والتصور لمعرفة حله!
ولكنها امتثال.. وعمل.. وهمة .. وبذل الجهد في سبيل تحصيل ما نحب.. وان كان كل مطلوب فلابد له من جهد فكيف بمطلوب هو شغل الناس الشاغل هذه الأيام حتى صارت السعادة شبحا نسمع به ولا نراه او لا نعيشه!
يقول أحد السلف : انه لتمر بالقلب ساعات يرقص فيها طربا وان كان اهل الجنة في مثل ما انا فيه من النعيم انهم لفي عيش طيب .. ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله : ان في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة
ترى هل نتصور كم كانت قلوبهم ترقص فرحا؟ ماذا كانوا يشعرون حينها؟ كيف وصلوا الى هذه المراتب؟ ويعلم الله اني أعرف رجلا قال لي يوما ما بالحرف الواحد ( تأتيني لحظات أشعر اني أسير مع الناس بجسدي وروحي تحلق في السماء)
ترى عن أي شيء يتحدثون؟
السر يكمن في ثلاثة
1- الطاعة
2- الاستمتاع بالحياة فيما اباحه الله
3- اجتناب المعاصي والمنكرات
4- هجر الكسل وتطليق العجز وتوديع الفراغ فانها ابواب الشقاء