الأندلس:
اعزائي لكم مني القليل عن الاندلس العظيمة بملوكها و ثرائها البزخ
الأندلس التسمية التي تعطى لما يسمى اليوم شبه الجزيرة الايبيريه (جزيرة الأندلس) في الفترة ما بين أعوام 711 و1492 التي حكمها العرب. تختلف الأندلس عن أندلسيا التي تضم حاليا ثمانية اقاليم في جنوب إسبانيا.
تأسست في البداية كإمارة في ظل الدولة الأموية في الشام، التي بدأت بنجاح من قبل الوليد بن عبد الملك (711-750)، بعدها تولتها دولة بني أمية في الأندلس عبد الرحمن الداخل وبعد سقوط دولة بني أمية تولت الأندلس ممالك غير موحدة عرفوا بملوك الطوائف، ثم وحدها المرابطون والموحدون قبل أن تنقسم إلى ملوك طوائف مرة أخرى وزالت بصورة نهائية بدخول فرناندو الثاني ملك الإسبان مملكة غرناطة في 2 يناير 1492
تاريخ تسميتها:أصلها جزيرة الأندلس (والأندلس قد تكون محرفة من وندلس، إذ اعتادت العرب إبدال الواو ألفًا)، والأندلس لدى العرب القدامى هم فاندال، وهم شعب جرماني نزحوا من جرمانيا (ألمانيا وبولندا، حاليا) إلى أيبيريا (إسبانيا والبرتغال، حاليا)، وانتقل جزء كبير منهم أيضا إلى شمال أفريقيا بعد أن غزا القوط الغربيون أيبيريا (يتأصل القوط الغربيون من منطقة البحر الأسود، كانوا قبائل آرية). ذكر ابن عذاري المراكشي في كتابه: البيان المُغْرِب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب : «وقيل أن أول من نزل الأندلس بعد الطوفان قوم يُعرفون بالأندلش (بشين معجمة)، فسميت بهم الأندلس (بسين غير معجمة)».
أطلق المسلمون اسم الأندلس على شبه الجزيرة الأيبرية، وهي تقابل كلمة "فاندالوسيا" (وهي مشتقة من اسم الوندال) التي كانت تطلق على الإقليم الروماني المعروف باسم باطقة الذي احتلته قبائل الوندال الجرمانية ما يقرب من عشرين عاماً ويسميهم الحميري الأندليش. ويرى البعض أنها مشتقة من قبائل الوندال التي أقامت بهذه المنطقة مدة من الزمن، ويرى البعض الآخر أنها ترجع إلى أندلس بن طوبال بن يافث بن نوح.
تقع الأندلس في الطرف الغربي من أوربا، وتشمل الآن ما يسمى أسبانيا والبرتغال، ويفصلها عن قارة أفريقيا مضيق جبل طارق. ويراد بالأندلس في التاريخ الإسلامي تلك الحقبة الزمنية التي امتدت من فتح العرب لأسبانيا 91هـ / 711م حتى سقوط غرناطة 897هـ/ 1492م وهي الفترة التي امتدت نحو ثمانية قرون.
تاريخها:مرحلة ما قبل فتح الأندلس:حقّق المسلمون تقدّماً واسعاً في شمال أفريقيا، ووصلوا إلى المغرب الأقصى (يقابل ما يُعرف اليوم بالمملكة المغربية) المواجه لشبه جزيرة أيبيريا. وذلك في عهد الوليد بن عبد الملك (86-96هـ). ثم استُبدلَ حسّان بن النعمان، والي أفريقيا، عام (85هـ)، بموسى بن نصير الذي توجّه من مصر إلى القيروان مصطحباً أولاده الأربعة الذين كانت لهم أدوار مهمة في التوسعات.
شرعَ بمعالجة نقاط الضعف التي واجهت المسلمين هناك، فقرّر العمل على تقوية البحرية الإسلامية، وجعل القيروان قاعدة حصينة في قلب أفريقيا، واعتمد سياسة معتدلة ومنفتحة تجاه البربر مما حوّل معظمهم إلى حلفاء له، بل دخلوا في الإسلام وأصبحوا فيما بعد عمادَ سقوط اسبانيا في يد المسلمين، واستكمل التوسع في شمال أفريقيا وتأمين المنطقة درءاً لتمرّدٍ قد ينشأ ضد السيادة الإسلامية.
وفي إحدى الحملات التي قادها أبو الورد بنفسه، استولى المسلمون على طنجة ذات الموقع المهم بين القارتين الأوروبية والأفريقية عام (89هـ/ 708م)، وحوّلها موسى بن نصير إلى مركز عسكري لتموين الحملات باتجاه المناطق المجاورة. وفي هذه الحملة برز أبو الدنين.
لكنّ مدينة سبتة عصت على تلك الفتوحات، حيث استطاع حاكمها الوالي البيزنطي يوليان الصمود بوجه المسلمين. لكنه فيما بعد لعبَ دوراً أساسياً في تشجيعهم ومساعدتهم على عبور المضيق إلى الأندلس.
الفتح الإسلامي للأندلس:في عهد الدرنات بين عامى (92 - 93 هـ) في الخلافة الأموية وفي عام 711 م أرسل موسى بن نصير القائد الشاب طارق بن زياد من طنجة مع جيش صغير من البربر والعرب يوم 30 أبريل 711، عبر المضيق الذي سمي على اسمه، ثم استطاع الإنتصار على القوط الغربيين وقتل ملكهم لذريق (Roderic or Rodrigo) في معركة جواداليتي في 19 يوليو 711.أو معركة وادى برباط في 28 رمضان 92هجرى
وظلت الأندلس بعد ذلك خاضعة للخلافة الأموية كإحدى الولايات الرئيسة، إلى أن سقطت الخلافة الأموية سنة (132هـ)، واتجه العباسيون إلى استئصال الأمويين. وتمكن عبد الرحمن بن معاوية -عبد الرحمن الداخل- أن يفلت من قبضة العباسيين، فهرب إلى أخواله في الشمال الإفريقي، وأقام عندهم فترة من الزمن، ثم فكر في دخول الأندلس ليبتعد عن العباسيين، فراسل الأمويين في الأندلس.
بحلول عام 718 استولى المسلمون على معظم أيبيريا عدا جيباً صغيراً في الركن الشمالي الغربي حيث أسس النبيل القوطي بيلايو مملكة أستورياس في العام نفسه 718. واستطاع بيلايو الدفاع عن مملكته في وجه المسلمين في معركة كوفادونجا عام 722.واستمر موسى ابن النصير في محاولاته لفتح الاندلس.
التوسع الإسلامي:
واصل المسلمون التوسع بعد السيطرة على معظم أيبيريا لينتقلوا شمالاً عبر جبال البرنييه حتى وصلوا وسط فرنسا وغرب سويسرا. هـُزم الجيش الإسلامي في معركة بلاط الشهداء (بواتييه) عام 732 أمام قائد الفرنجة شارل مارتل. محاولة السيطرة على البرتغال: أرسل القائد موسى بن نصير إلى إبنه عبد العزيز ليستكمل الغزوات في غرب الأندلس حتى وصل إلى لشبونة.
خلافة قرطبة:تشمل هذة الفترة قيام الدولة الأموية في الأندلس مما بين دخول عبد الرحمن الداخل قادماً من دمشق إلى شمال أفريقيا ثم الأندلس 136 هجرية حتى آخر خليفة أموي في الأندلس وهو هشام الثالث المعتد بالله سنة 416 هجرية وازدهار عصر الدولة الأموية في الاندلس.
وأسس الأمويون حضارة إسلامية قوية في مدن الأندلس المختلفة. وهي أطول وأهم الفترات التي استقر فيها المسلمون في الأندلس الدولة الأموية ونقلوا إليها الحضارة الأدب والفن والعمارة الإسلامية، واثار الأمويون هي الطابع الغالب على الأندلس بأكملها ومن روائع ما خلفه الأمويون مسجد قرطبة. وقد كان ل عبد الرحمن الداخل جهود حضارية متميزة فقد جمل مدينة قرطبة وأحاطها بأسوار عالية وشيد بها المباني الفخمة والحمامات على شاكلة الحمامات في دمشق والمدن الإسلامية والمدارس والمنتديات والمكتبات.
وكان الطراز الأموي هو ابرز سمات الفن الاندلسي وبرع الأمويون في شتى الفنون فن النحت على الخشب والزخرفة والنسيج والتحف المعدنية والنحاسية التي نقلوا صناعتها من دمشق حيث أصبحت مدن الاندلس منارة للعلم والحضارة وكانت قرطبة تنار بالمصابيح ليلا لمسافة 16 كم واحاط الخلفاء الأمويون مدن الاندلس بالحدائق الغناء فكانت قبلة للناظرين وما تركوه وخلفوه لنا من اثار ينطق بالعظمة والجلال.
حكام الأندلس الأمويين هم بالترتيب :
+عبد الرحمن الداخل الملقب (صقر قريش) - حتى عام 172 هجرية
+هشام الأول بن عبد الرحمن - من عام 172 إلى عام 180 هجرية
+الحكم بن هشام - من عام 180 إلى عام 206 هجرية
+عبد الرحمن الأوسط بن هشام - من عام 206 إلى عام 238 هجرية
+محمد بن عبد الرحمن - من عام 238 إلى عام 273 هجرية
+المنذر بن محمد - من عام 238 إلى عام 275 هجرية
+عبد الله بن محمد - من عام 275 إلى عام 300 هجرية
+عبد الرحمن الثالث الناصر - من عام 300 إلى عام 350 هجرية
+الحكم بن عبد الرحمن - من عام 350 إلى عام 366 هجرية
+هشام الثاني بن الحكم - من عام 366 إلى عام 399محاكم التفتيشمحاكم التفتيش كان الهدف منها تعقب كل من لم يكن عضواً أرثدوكسياً في الكنيسة الكاثولوكية وإنهاء حياته. كانوا يجبرون من يقع بأيديهم على الاعتراف بخطاياهم وكان متهموهم يراقبوهم متخفين تحت القبعات الطويلة.. حيث كانوا يحرقوا المدنبين على الخشبة أحياءً ! عام 1526 اتتت محاكم التفتيش إلى غرناطة حيث خيروا المسلمين بين اعتناق المسيحية أو مغادرة البلاد أو التعرض للعقاب. وكانوا ياخدوا لااطفال والنساء في الليل ليحتجزوهم في الكنائس ليحاكموا في الصباح التالي. رغم مافعلته المحاكم بمسلمي الاندلس واعتناق العديد منه المسيحية إلا أن الكثيرين بقوا مسلمين في السر. وفي سنة 1609 أمر اللملك الإسباني بطرد جميع المسلمين من اسبانيا ويذكر الذكتور " دوايت رينولد " ان الاشخاص الدين طردوا لم يكونوا من العرب أو البربر بل كانوا من سكان أيبيريا الأصليين وكان أبناء عمومتهم في الشمال يطردونهم من ديارهم... وهي روؤية مختلفة تماماً عن حقيقة عملية الطرد وهذفها ولا سيما أن الاشخاص الذين طردوا كانوا من السكان الاصليين.
وفي فترة لا تتعدى عشرة اعوام طُرد أكثر من 250 ألف مسلم ومنعوا من أخد ممتلكاتهم, حيث لجائوا إلى شمال أفريقيا (ولا يزال العديد من العائلات التي ترجع اصولهم إلى مسلمين الاندلس يعيشون في شمال افريقيا وخصوصاً بالمغرب وهم من المسلمين من اصول ايبيرية).
دام الوجود الإسلامي في اسبانيا قرابة 800 سنة كدولة مسلمة وكانت تعرف بالأندلس حينها وهو الاسم الذي أطلقه العرب على اسبانيا، قام الإسبانيون بحروب الاسترداد وفي نهاية القرن الخامس عشر عند سقوط غرناطة آخر ممالك المسلمين عادت اسبانيا إلى حكمها الذاتي.
الحضارة الإسلامية:كان للأندلس دور كبير في التأثير على أوروبا والممالك المجاورة لها، وعند قيام الدولة الأموية في الاندلس كان يقصد قرطبة العديد من أبناء أوروبا لطلب العلم. وقد دام الحكم الإسلامي للأندلس قرابة 800 سنة. وفي العصر الحاضر لا تزال منطقة جنوب إسبانيا تعرف باسم الأندلس وتعتبر إحدى المقطاعات التي تشكل إسبانيا الحديثة وتحتفظ بالعديد من المباني التي يعود تاريخها إلى عهد الدولة الإسلامية في الأندلس، وتحمل اللغة الإسبانية كثيراً من الكلمات التي يعود أصلها إلى اللغة العربية.
وقد قارن الطبيب الأمريكي المؤرخ فيكتور روبنسون بين الحالة الصحية وغيرها في الأندلس وفي أوربا خلال فترة الفتح الإسلامي للأندلس فقال:" كانت أوربا في ظلام حالك، في حين كانت قرطبة تضيئها المصابيح، وكانت أوربا غارقة في الوحل، في حين كانت قرطبة مرصوفة الشوارع". وإننا لنلمس فضل المسلمين وعظيم أثر مجدهم حينما نرى بأسبانيا الأراضي المهجورة التي كانت أيام المسلمين جنات تجري من تحتها الأنهار، فحينما نذكر تلك البلاد التي كانت في عصور العرب تموج بالعلم والعلماء، نشعر بالركود العام بعد الرفعة والازدهار.
مدن وأقاليم الأندلس:توليدووهي مدينة أسبانية كانت واقعة تحت الحكم الإسلامي كشان بقية المدن ولكن كان يعيبها الضعف في فترة انحلال الحكم الإسلامي هناك فقام الكاثوليك القوط بمحاصرتها ودخولها سريعا... بعد احتلال القوط لها أصبحت مدينة شاهدة على تراث ثقافى عربى كبير فجاء لها العديد من الجماعات المؤلفة من مسلمين ويهود ومسيحيين للتعلم والمعرفة وكان من بين الوافدين رجل انجليزى يدعى :دانييل مورلي واللذى قال عنها انه ذاهب إلى حيث يجد أهم فلاسفة العالم وبعد جولة معرفية هناك رجع إلى إنجلترا محملا بالعديد من الكتب والمؤلفات المفاجأة ان هذا الوافد كان من اوكسفور.
قرطبة مدينة وعاصمة مقاطعة تحمل اسمها بمنطقة الأندلس في جنوب إسبانيا وتقع على ضفة نهر الوادي الكبير، على دائرة عرض (38ْ) شمال خط الاستواء يبلغ عدد سكانها حوالي 310,000 نسمة. اشتهرت أيام الحكم الإسلامي لإسبانيا حيث كانت عاصمة الدولة الأموية هناك. من أهم معالمها مسجد قرطبة.
مسجد قرطبة
كما اهتم الأمويون في بناء قرطبة وقد بلغ عدد مساجدها 1600 مسجداً واشتهر المسجد الجامع على الأخص في قرطبة وقال الإدريسى أنه لا نظير له في المدن الإسلامية، وبلغ عدد حماماتها 600 وفيها مائتا ألف دار وثمانون ألف قصر منها قصر دمشق شيده الأمويون حاكوا به قصورهم في بلاد الشام وقد بلغ عدد أرباض قرطبة (ضواحيها) تسعة أرباض كل ربض كالمدينة الكبيرة، ودور قرطبة ثلاثون ألف ذراع، وفي ضواحيها ثلاثة الآف قرية في كل واحدة منبر وفقيه وقد قدر بعض المؤرخين عدد سكان قرطبة في أيام أزدهارها بمليوني نسمة، وكان بالربض الشرقي من قرطبة مائة وسبعون امرأة يكتبن المصاحف بالخط الكوفي. وقد كانت شوارعها مبلطة وترفع قماماتها وتنار شوارعها ليلاً بالمصابيح ويستضئ الناس بسروجها ثلاثة فراسخ لا ينقطع عنهم الضوء.
وفي ذلك يقول الشاعر:
بأربع فاقت الأمصار قرطبة ***منهن قنطرة الوادي وجامعها
هاتان ثنتان والزهراء ثالثة***والعلم أعظم شيء وهو رابعها
وقال آخر:
وليس في غيرها بالعيش منتفع***ولا تقوم بحق الأنس صهباء
وكيف لا يذهب الأبصار رونقها***وكل روض بها في الوشى صنعاء
أنهارها فضة، والمسك تربتها*** والخز روضتها والدر حصباء
وللهواء بها لطف يرق به*** من لا يرق وتبدو منه أهواءوبالطبع لم تكن قرطبة وحدها فهناك طليطلة و وهناك إشبيلية و غرناطة و ومالقة و والمرية.
غرناطة:إقليم جنوبى كبير، وهو الإقليم اللذى تبقى إسلاميا لفترة طويلة أثناء الصراع الإسلامي الصليبى حتى تم عقد حلف سياسى عائلى بين ملكى إسبانيا المسيحيين حيث تم زواج المللك فرديناند من الملكة ايزابيلا، وبذلك أصبح ممكنا التغلب على الإسلام وملكه الضعيف في غرناطة كان للطبيعة الجبلية دورا كبيرا في حماية غرناطة من الهجمات المتتالية للمسيحيين الذين زحفوا من الشمال على كل الاقاليم والمدن الأسبانية, ولكن لم يعد هناك وقت كثير وقد بدا الوقت ينفد...بالزواج تم عقد حلف قوى وتوجهت الحشود لاستعادة غرناطة اخر معاقل الإسلام في الاندلس وتم الحصار لمدة عام كامل ,وفى عام 1496 دخل فرديناند وايزابيلا القصر الملكى في غرناطة مرتدين زيا صمم خصّيصا لذلك اليوم واستلموا مفاتيح المدن من الملك العربى الضعيف عبد الله الصغيراللذى يروى انه بكى وفى رواية أخرى انه قال لامه عندما لامته على تسليم المفاتيح
هذا سلام الشجعان
فأنشدته البيت الشهير: ابكى مثل النساء ملكا مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال ,وكان بمقتضى التسليم ان يكون الملك مؤمناهو واهل البلدة على انفسهم واموالهم ولكن تم فرض عليه الاقامة الجبرية ثم مصادرة امواله وممتلكاته وقتله في النهاية.... بسقوط غرناطة يبدا عصر التفتيش.
المكتبات:انتشرت المكتبات والكتب في جميع أنحاء البلاد وكثر التأليف والمؤلفون، ولاسيما أنه وجد حكام شجعوا العلم واهتموا به كالحكم الثاني الذي وصف بأنه كان جماعاً للكتب وكان يرسل المبعوثين إلى دمشق والقاهرة وحلب وبغداد والمدن الأخرى التي تهتم بالكتب، وذلك لشراء الكتب بأثمان عالية حتى استطاع أن يجمع نحو 400 ألف مجلد لمكتبته.
تاثير المسلمين في العلوم:ويمكننا ان نقول ان تاثير المسلمين في بعض العلوم كعلم الطب مثلا دام إلى الزمن الحاضر. فقد شرحت كتب ابن سينا في مونبيليه في اواخر القرن الماضى. واذا كان تاثير المسلمين في أنحاء أوروبا التي لم يسيطروا عليها الا بمؤلفاتهم، فقد كان تاثيرهم أكبر من ذلك في البلاد التي خضعت لسلطانهم كبلاد اسبانيا.
اشتهر مسلمو اسبانيا في العصر الأندلسى بحب أقتناء الكلاب, وكان من هذه الكلاب نوع يسمى كلب الماءSpanish Water Dog - Perro de Agua Espanol - Turco Andaluz وكان يستخدم في صيد الأسماك. كما عرف عن الأندلسيون حب الماء والسباحة وكانت تحتوى بيوت القادرين منهم على برك للسباحة "أحواض للسباجة". واشتهروا أيضاً بحب الموسيقى مثل الموشح الأندلسى والذي يرجع في موسيقاه إلى الموسيقى القوطيه ورقص الفلامنكو وموسيقى الفانجدو وصناعة الوتر الخامس للعود على يد زرياب وتطور آلة العود إلى الجيتار.واشتهروا أيضاً بالعمارة الأندلسية والنافورات والزجاج المعشق والزجاج الملون كما ساهم الأندلسيون الذين هاجروا إلى بلاد إسلامية أخرى في نقل أسرار صناعة البارود للشعوب الإسلامية الأخرى كما اشتهر الأندلسين بالخط الأندلسى المائل سواء كتب بالحروف العربية أو كتب بالحروف اللاتينية. وفي العصر الحاضر لا تزال منطقة جنوب إسبانيا تعرف باسم أندلوثيا وتعتبر إحدى المقطاعات التي تشكل إسبانيا الحديثة España وتحتفظ بالعديد من المباني التي يعود تاريخها إلى عهد الدولة الإسلامية في الأندلس، وتحمل اللغة الإسبانية كثيراً من الكلمات التي يعود أصلها إلى اللغة العربية مثل كلمة بركة.
حضارة الاندلس تبرز في عهد الخليفة عبد
الرحمن الناصر:بعد أن استقرت الأوضاع في الاندلس، توجه الخليفة عبد الرحمن الناصر إلى ارساء دعائم الحكم في كل الاتجاهات الداعية إلى بناء الدولة. عام 336هـ، 948م
من الناحية السياسية:أصبحت قرطبة أيام الخلافة في المكانة السياسية التي تفد إليها الوفود والرسل من جميع الدول، فقد وصل إليها سنة 336 هـ وفد من "بيزنطة الشرقية" من القسطنطينية - استانبول حاليا- لتطوير العلاقات بين دولة الرومان الشرقية وبين الاندلس، فهال الوفد ما رأوه من عظمة الاندلس ورقيها ورد الناصر بوفد يرأسه "هشام بن بديل" بالهداية الثمينة إلى ملك الروم، ودامت السفارات بينهما. كما جائت وفود الدول المجاورة لدولة قرطبة تلتمس الصداقة، وتبادل السفراء فيما بينها ومن مختلف المناطق حتى من نصارى شمال الاندلس، فأجروا مع الناصر معاهدات سلم وأمن، فأمن المسلمون في الثغور وساد الهدوء. مات في عام 339هـ "راميرو الثاني" ملك ليون، فاقتسم ولداه الملك أردينو وشانجة، ثم تنازعا مما جعل "شانجة" -و هو الصغير- يطلب المساعدة والعون من الناصر بالذات، ولم يتوان الناصر في ذلك فأمد "شجانة" بمال وعتاد مكنه من استلام الحكم، لذلك عقد مع الناصر معاهدات أمن وسلام.
من الناحية الاجتماعيةتفنن الناس في أنواع الطعام والغناء والطرب، وانشغلوا عن الاستعداد للجهاد، وكان من سن فيهم هذه السنة "زرياب" فأشغل الناس بابتكاراته في عالم الطعام واللباس، فلكل فصل نوع من الطعام واللباس، ولكل مجلس آداب وتقاليد، ولكل حفلة طرب وغناء و(موسيقا) بمختلف الالحان، ولقد تصدى العلماء على محاربة الترف والاسراف، منهم "المنذر بن سعيد البلوطي" قال عنه "ابن بشكوال" منذر بن سعيد خطيب ماهر لم يكن بالأندلس اخطب منه، مع العلم البارع، والمعرفة الكاملة، واليقين في العلوم والدين، والورع وكثرة الصيام والتهجد والصدع بالحق، كان لا تأخه في الله لومة لائم، وقد استسقى في غير مرة فسقي، وكذلك الخليفة الذي بيده متاع الدنيا الكثير يقف خاشعاً متضرعاً إلى الله ان ينزل الماء وأن لا ينال المسلمين قحط أو حرمان من رحمة الله بسببه، وهو الذي ما قصر يوماً بحق الإسلام والمسلمين.
من الناحية العمرانيةأصبحت قرطبة من أكبر مدن العالم آنذاك سكانا، إذ بلغ عدد سكانها نصف مليون، ولم يكن مدينة أكبر منها الا بغداد، وبلغت دورها ثلاثة عشر الفا (دور واسعة في عربية كما يقال)، بالإضافة إلى القصور، كان فيها ثلاثة آلاف مسجد، فهل في هذا العصر مدينة مثلها بعدد مساجدها؟
من الناحية الاداريةقسمت قرطبة وحدها إلى ثمانية وعشرين ضاحية، وقسم رجال الشرطة إلى شرطة بالليل وشرطة بالنهار، وجعل قسم منهم لمراقبة التجار، ونظم جباية المال وموارد بيت المال حتى بلغ دخل هذا البيت (6,245,000)دينارا ذهبياً، ولما مات قد ترك في بيت المال ثلاث مائة مليون ليرة ذهبية، وكان ثلث هذا المبلغ يرصد لتغطية نفقات الدولة الجارية، ويدخر الثلث الثاني، وينفق الباقي على مشروع العمران، لذلك أطلق على قرطبة لقب "جوهرة العالم" في ذلك الزمان، وحق لها هذا اللقب. وكذلك نظم أسلوب البريد،و نظم المالية، فالضرائب والمكوس والخراج والجزية، ونظم القضاء ووضع شروطاً لتولي القضاء، في الناحية الفقهية، وفي العدالة والاستقامة، ولم يشترط عربية الجنس في القضاء، وأنشأ قضاءً جديدا أسماه قضاء المضالم ما يقابل الاستئناف في يومنا هذا، وأوجد جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كذلك جعل نظام الحسبة ففي كل بلد محتسب، يشرف على الاسواق التجارية ومشاكلها وقوانين القضاة.
من الناحية الاقتصاديةنمت الزراعة نمواً مزدهراً، فتنوعت أشجار الفواكة والمزروعات من قصب السكر والأرز والزيتون والكتان، وأوجد مزارع خاصة لتربية دودة القز، كما نظم اقنية الري وأساليب جر المياه، وجعل تقويما للزراعة لكل موسم (ومنها انتقلت الزراعة إلى أوروبا). وفي الصناعة جعلت المناجم، وطور أنواعها، الذهب والرخام والفضة والرصاص والنحاس، وتطورت صناعة الجلود، ومراكز خاصة لصناعة السفن وآلاتها، وصناعة الزيتون والأدوية، وفي زمنه ظهرت الأسواق الخاصة للبضائع، فهناك سوق للنحاسين، وسوق للزهور والشحوم وسوق للزيتون.
من الناحية الثقافيةصارت قرطبة مركزاً للعلوم والاآداب، وانتشرت الثقافة وكثر الإنتاج العلمي وشاعت المعرفة، وبلغ عدد الكتب "400،000" كتاب في مكتبة واحدة هي (مكتبة الحكم)، وبلغ عدد المكتبات "70" مكتبة. ووضعت لها فهارس دقيقة، وتصانيف عديدة، كما ظهر النساخون الذين كانوا يقومون بدور المطابع في عصرنا، وظهر المجلَدون لتجليد الكتب والعناية بها وحفظها، وكان "عبد الرحمن الناصر" يُعرف بحبه للعلم والعلماء، وكان من أشهر العلماء القاضي عبد الله محمد بن محمد الذي اخذ العلم من مائتين وثلاثين شيخاً، كما ظهر القاسم بن الدباغ الذي نقل العلم عن مائتين وستة وثلاثين شيخاً، ولم يكتف بما أخذ من الأندلس بل سافر إلى المشرق لينهل من علومه، وكان من بين العلماء الأندلسيين الذين قدموا المشرق الإسلامي. و برز ابن عطية في التفسير، كما اشتهر في الفقه: الباجي وابن وضاح وابن عبد البر، وابن عاصم والمنذر بن سعيد في الفقه والحديث، وظهر بالفلسفة ابن رشد وابن مسرة القرطبي وبرز في اللغة ابن سيده صاحب المعجم، وأبو علي القالي صاحب الامالي الذي تلقى تعليمه في بغداد ثم رحل إلى الاندلس فبلغ في فقه اللغة شأناً بعيداً هناك، وكتب ابن قوطية في التاريخ، وبرز شاعر عظيم هو محمد بن هانئ الأندلسي ضاهي المتنبي وأبو تمام وكان أهل الاندلس يأملون له مكانة مثل عظماء الشعراء لكنه مات صغيراً. و غيرهم فقد عمل عبد الرحمن الناصر على نشر المعرفة في ربوع البلاد، فابتنى في قرطبة وحدها سبعاً وعشرين مدرسة وأدخل إليها الفقراء من الطلاب مجاناً، حتى أصبحت قرطبة في عهده منارةً تجتذب إليها الأدباء والعلماء والفنانين.