كنت و لازلت أتابع أي محاولة لكسر الحصار على غزة، فالعالم بأنظمته العربية والمسلمة والغربية يعيشون وكأن لا وجود لمليون ونصف مليون محاصر في أرض غزة الفلسطينية!
لا أدري كيف نصبح ونمسي ولنا إخوان في العقيدة محاصرون في بقعة مباركة كغزة، يموتون ببطء ونحن كل ما نحسن فعله سوى الدعاء حينما نتذكرهم طبعا!
ليس معنى ذلك أن لا فائدة من الدعاء ولكن الدعاء المشفوع بمبادرات شجاعة في كسر الحصار كمبادرة "أسطول الحرية" الذي أطلقه ورعاه إخواننا الأتراك، هذا هو الدعاء الكفيل بأن يستجيب له رب العباد. يحب الله من عبده أن يكون مؤمنا قويا يوظف ذكاءه وقدراته المعنوية والمادية في الانتصار إلى الله في كل شيء ابتداء من حياته الخاصة ونهاية بمشروع مقدس وجبار كتحرير فلسطين ومجابهة الأعداء الصهاينة والصليبيين في أراضينا المحتلة والمسلوبة وإعادة بعث حضارة الإسلام كمنهاج حياة شامل كامل.
كنت أتابع طيلة أشهر عن بعد تحركات المناضلين والنشطاء من المسلمين وغير المسلمين لتنظيم هذه الرحلة الخالدة لكسر الحصار، لا أدري لماذا علقت آمالا عريضة على قدرة هذا الأسطول على النجاح حيث فشل العرب كأنظمة ونخب في كسر الحصار المضروب على غزة منذ أربعة سنوات والوصول إلى غزة بكل حمولتهم من إسمنت وكراسي للمعوقين وبيوت جاهزة؟ كنت أمني نفسي بأن أسطولا متكونا من خمسة أو ستة بواخر كبيرة قادرة على تحدي الجبروت الصهيوني، وأن هؤلاء المجرمين مهما تكن إرادتهم المجرمة كبيرة في قطع الطريق على الأسطول لئلا يصل إلى غزة لن يتجرأوا على قتل أبرياء كل ذنبهم كان القيام بواجبهم الطبيعي في نجدة إخوان لهم في الإنسانية لبعضهم وفي العقيدة لبعضهم الآخر. لكن مرة أخرى أثبت الصهاينة أن ما بني على باطل فهو باطل، فالفكر والمذهب الصهيوني قاما على نفي حقوقنا كبشر وعلى عداء كامل ومطلق للإسلام دينا وحضارة ورسالة إلهية للإنسانية جمعاء.
نحن اليوم في مفترق الطرق، غزة لازالت محاصرة فتخفيف الحصار وفتح معبر رفح بشكل جزئي لا نعتبرهما رفعا كاملا للحصار، وضعت الأنظمة العربية نفسها في مأزق بتمسكها المهين بالمبادرة العربية لعام 2002، فهذه المبادرة تحفظ للعدو وجوده على أرض مغتصبة "فلسطين 1948" وتحفظ للحكام كراسيهم وعروشهم ورضى مولاتهم أمريكا عليهم.
لقنتنا هذه المهمة التي قادها إخواننا الأتراك بنجاح دروسا هامة – فمبادرة "أسطول الحرية" كانت بإيعاز وتنظيم من منظمة تركية للإغاثة- ، وقد لبى دعوتها أطياف مختلفة من أحرار العالم من عرب ومسلمين وغير مسلمين، هم بذهابهم على متن ذلك الأسطول بلغوا للعالم رسالة واضحة: من تسمونه بالشعب اليهودي الإسرائيلي المتحضر والمسالم والديمقراطي أرسل أبناءه المدججين بالسلاح لقتل من؟ أناس أبرياء عزل مجردين من كل سلاح جاءوا من كل أنحاء المعمورة ليوصلوا مساعدات لشعب محاصر في فلسطين أبشع حصار بفعل قرار صهيوني عربي غاشم.
كثيرون عبر العالم ساندوا ويساندون حق الشعب الفلسطيني في العيش حرا سيدا على أرضه جنبا إلى جنب مع الشعب اليهودي الإسرائيلي وهذا الاعتقاد هم فيه مخطئون ولكننا نحن لا نناقشهم عليه آملين بأن الواقع سيثبت لهم ومع مرور الوقت بأن لا تعايش مع شعب من المجرمين المحتلين. فاليهود الصهاينة الذين استوطنوا أرض فلسطين بشراء بعض أراضيها وبانتزاع بقية الأراضي بالقوة، فعلوا ذلك بغية هدف واحد واضح يعلنون عنه ليلا نهارا وهو: محاربة الإسلام في عقر داره، دحر الإسلام من دياره، أي من شبه الجزيرة العربية إلى موريتانيا، وهذه الحرب من قبل 1948 وبعد هذا التاريخ اتخذت أشكالا مباشرة وغير مباشرة وأنصع شكل لها كان احتلال فلسطين وتهويد القدس وهدم المسجد الأقصى.
لي سؤال: هل بقيت هناك ضمائر حية بيننا لتبادر بترجيح كفة الصراع لصالحنا؟ لا أظن، ليس الآن على الأقل، فتحرير فلسطين سيستغرق عقودا من الزمن إن لم أقل قرونا وإلى ذلك اليوم الموعود علينا بإعداد العدة.