بسـم الله الرحمـن الرحيـم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
هديه في العشر الأواخر من رمضان
أرى الأيام تسرع بارتحال وبدر الشهر صار إلى هلالِ
هاهي أيام رمضان تنصرم...وهاهو يتهيأ للرحيل...والسعيد من وفقه الله ليعمره بالطاعات والقربات...
ومن غلبته نفسه ولم يشمر مع أول النفير فما زال في الوقت فسحة فقد أقبلت علينا عشر مباركات...فالعبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات...
ليال العشر الأواخر من رمضان...كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ميزة عن غيرها...كان يخصها بأعمال لا يعملها في بقية هذا الشهر، وذلك لفضلها وخصوصيتها، ولاحتوائها على ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
فهيا بنا نتعلم فكيف كان هدي نبينا عليه الصلاة والسلام في العشر الأخيرة من رمضان؟
* في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره " البخاري
أ- فيحمل قولها " أحيا الليل ": على أنه يقوم أغلب الليل ,أو يكون المعنى أنه يقوم الليل كله لكن يتخلل ذلك العشاء والسحور وغيرهما فيكون المراد أنه يحيي معظم الليل .
ب- وقولها " وأيقظ أهله " أي : أيقظ أزواجه للقيام ومن المعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في سائر السنة, لكن إيقاظه صلى الله عليه وسلم لأهله في العشر الأواخر من رمضان كان أبرز منه في سائر السنة .
ج- وقولها " وشد مئزره ": كناية عن الاستعداد للعبادة والاجتهاد فيها زيادة على المعتاد ، ومعناه التشمير في العبادات .
* ومن هديه فيها تحري ليلة القدر كما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى ) رواه البخاري
وفي أوتار العشر آكد ، لحديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر ) رواه البخاري
* وكان من هديه علية الصلاة والسلام الاعتكاف بالمسجد في العشر الأواخر لحديث أبو هريرة رضي الله عنه (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً) رواه البخاري
والاعتكاف هو لزوم المسجد للتضرع لطاعة الله عز وجل، وهو من السنن الثابتة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
* أن الاعتكاف لا يكون إلا في المسجد لقوله: (ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع) حديث صحيح
* وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بخباء ( على مثل هيئة الخيمة ) فيضرب له في المسجد ، فيمكث فيه ، يخلو فيه عن الناس ,واعتكف مرة في قُبَّة تركية (أي خيمة صغيرة) وجعل على بابها حصيراً . رواه مسلم
* وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا كان معتكفاً ألا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ، ولا يباشرها ، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد له منه...أبي داوود
وذلك من أجل التركيز الكلي لمناجاة الله تعالى.
* وكان صلى الله عليه وسلم يحافظ على نظافته فكان يخرج رأسه من المسجد إلى حجرة عائشة فتغسل له رأسه صلى الله عليه وسلم وتسرحه...البخاري
كانت هذه طائفة ميسرة من هديه عليه الصلاة والسلام في العشر الأواخر من رمضان...فحري بنا أن نتوقف عندها ونجعلها منهجاً مطبقاً خلال هذه الأيام لمباركة.