المبحث الأول : إكتساب الجنسية الجزائرية بالتجنس
يعرف التجنس بأنه كسب جنسية الدولة كسبا لاحقا للميلاد (بعد الميلاد ) بناءا على طلب مقدم من الطالب للتجنس للدولة المعنية بتوفر شروط معينة ، والذي تتمتع الدولة إزاءه بسلطة التقدير بحيث يكون لها حق إجابة الطلب أو رفضه ، ويعتبر التجنس من أهم وسائل الدخول في جنسية دولة أجنبية في العصر الحديث ، حيث يتاح للفرد الدخول في جنسية هذه الدولة بناءا على طلبه ،وهذه هي الصورة العادية للتجنس .
ومن هذا التعريف يتبين لنا أن هناك كأصل عام دعامتين يقوم عليهما التجنس أولهما تعبير صريح من جانب الفرد يعرب فيه نيته في الحصول على جنسية الدولة ، وثاني الدعامتين يتمثل في إستجابة الدولة لطلب الراغب في التجنس ،فإرادة الفرد وحدها لا تكسبه جنسية دولة إلا بموافقة هذه الأخيرة ، وينبني على ذلك نتيجة هامة :
أنه لا يصح الطعن في القرار الصادر برفض الجنسية لمن طلبها بمقولة أنه إستوفى سائر الشرائط المتطلبة قانونا (1) .
المطلب الأول :شروط التجنس والإستثناءات الواردة عليها
1- شروط التجنس :
حالة إكتساب الجنسية الجزائرية بالتجنس قد تناولتها المادة 10من قانون الجنسية الصادر في 15/12/1970 ولم تعدل في قانون الجنسية المؤرخ في 27/02/2005 تنص هذه المادة على أنه : "يمكن للأجنبي الذي يقدم طلبالإكتساب الجنسية الجزائرية أن يحصل عليها بشرط :
1- أن يكون مقيما في الجزائر منذ 07سنوات على الأقل بتاريخ تقديم الطلب .
2- أن يكون مقيما في الجزائر وقت التوقيع على المرسوم الذي يمنح التجنس .
3- أن يكون بالغا سن الرشد .
4- أن تكون سيرته حسنة ولم يسبق الحكم عليه بعقوبة تخل بالشرف .
5- أن يثبت الوسائل الكافي ة لمعيشته .
6- أن يكون سليم الجسد والعقل .
7- أن يثبت إندماجه في المجتمع الجزائري ويقدم الطلب إلى وزير العدل الذي يستطيع دائما رفضه ضمن شروط المادة 26 بعده (2) .
ومن خلال المادة السالفة الذكر يتضح أن هناك شروط يجب أن تتوف في طالب التجنس نتناولها بالتفصيل :
شرط الإقامة : إشترط المشرع الجزائري في الأجنبي طالب التجنس أن يكون مقيما في الجزائرمنذ 07 سنوات متتالية على الأقل أن يكون هذا الأجنبي مقيما في الجزائر بصفة منتظمة عند منحه الجنسية الجزائرية وإلا فالطلب يعد مرفوضا لعدم توفر شروط الإقامة .
ويثبت شرط الإقامة بالإستظهار بشهادة إقامة مسلمة من طرف السلطة المختصة .
- سن الرشد : بالرجوع إلى المادة 04 من قانون الجنسية الجزائرية لسنة 1970 المعدل والمتمم بالأمر05/01 لسنة 2005 نلاحظ ان سن الرشد في مفهوم هذا القانون هو سن الرشد المدني أي 19 بدلا من 21سنة الذي كان منصوص عليه سابقا وهكذا يكون المشرع الجزائري قد حذا حذو المشرع الفرنسي الذي ينص على أن سن الرشد هو السن المطبق في القانون المدني .
وقد الزم المشرع الجزائري طالب التجنس بلوغ سن الرشد ،لأن كسب جنسية جديدة يترتب عليه تغيير خطير في المركز القانوني ،وعليه اوجب كمال الأهلية .
- حسن السيرة والسوابق العدلية : تشترط كل تشريعات الجنسية حسن السلوك والأخلاق لدى طالب التجنس وقد نصت الفقرة 04من المادة 10من قانون الجنسية الجزائري بأنه يجب لقبول طلب التجنس أن تتوفر في صاحبه الأخلاق الحستة والسيرة الطيبة والسوابق النظيفة إذ أنه يجب ان لا تسبق محاكمته بحكم مخل بالشرف سواء بالسجن أو بدونه من المحاكم الوطنية اوالمحاكم الأجنبية المقامة في الجزائر .
وكل محاكمة بالوصف المذكور تمنع صاحبها من منح التجنس حرصاعلى نظافة أعضاء الجماعة الجزائرية وبالتالي فكل محتال أو خائن أو لص أو معتد بالفواحش أو كل ماشابهها مما يخل بالشرف ،لايقبل طلبه ،لأن المصلحة الوطنية ترفضه ولا تقبل الدولة أمثال هؤلاء ممن يعكرون صفو المجتمع و يجلبون المتاعب .
ويتضح من خلال ماسبق إن الذي تمت محاكمته لأسباب سياسية لا تمس بالحقوق العامة لا يقع تحت مفهوم المحكوم علي بجريمة مخلة بالشرف وعليه فإنه لايفقد حقه في طلب الجنسية الجزائرية .
- وسائل كافية للعيش : حتى ليصبح طالب التجنس عالة على المجتمع الجزائري فإن المشرع أشترط شرط ينصص على " أن يثبت الوسائل الكافية للمعيشة " وهذه الوسائل الكافية لم يتعرض القانون لتحديدها بل ترك أمر تقديرها للسلطة المختصة وعلى طالب التجنس أن يظيف إلى طلبه شهادة تفيد أنه غير فقير تسلم له من رئيس بلدية مكان إقامته مرفقة بشهادة مسلمة من إدارة الضرائب مباشرة وان يدلي بكل مايثبت أهمية مكاسبه العينية أو مداخيله السنوية أو تقديم نسخة من عقد عمل أو بطاقة تشغبل
- سلامة الجسد والعقل : إن غالبية التشريعات تنص على شرط سلامة الجسد والعقل لدى طالب التجنس ، فلا يقبل تجنس المسرى عقليا أو ذوي العاهات وذلك صيانة للصحة العامة للمجتمع .
وقد إشترط المشرع الجزائري هذا الشرط في الفقرة 06من المادة 10 من قانون الجنسية الجزائري ، مما يجب على الطالب ان يظيف على طلبه شهادة طبية مسلمة من طبيب معتمد لدى المحاكم تفيد ان الطالب في حالة حسنة من الناحية الصحية العامة وخاصة انه سليم من كل مرض تناسلي او مرض السل أو السرطان او مرض الأعصاب وأن حالته الصحية جيدة ولا يحتاج لشيء .
وإذا كشفت الشهادة الطبية عن نوع من أنواع الأمراض المذكورة فعلى وزير العدل أن يحيل المعني بالأمر على إختصاصي ليحدد الخطورة والنتائج الفردية والإجتماعية للمرض ويسبق هذا الإختبار دائما رفض الطلب .
- إندماج طالب التجنس في المجتمع الجزائري : يستوجب في هذا الشرط أن يثبت طالب التجنس بأنه يعرف التقاليد والمعتقدات الموجودة بالجزائر وكذلك اللغة العربية لأن هذه الأخيرة تكون دليل على إندماجه في المجتمع
الإستثناءات الواردة في شروط التجنس
لقد نصت المادة 11 من قانون الجنسية الجزائرية على الإستثناءات في شروط التجنس ، وقد عرفت هذه المادة تعديلا بموجب الأمر 05/01 المتضمن قانون الجنسية الجزائرية إذ في الفقرة الأولى من هذه المادة تنص بإمكانية الأجنبي الذى قدم خدمات إستثنائية للجزائر أو لفائدتها أو المصاب بعاهة أو مرض جراء عمل قام به خدمة للجزائر أو لفائدتها التجنس بالجنسية الجزائرية بغض النظر عن أحكام المادة 10 من نفس القانون والتي تتعلق بشروط التجنس .
فالفقرة الثانية من نفس المادة أي المادة 11 تنص على إمكانية الأجنبي الذي يكون تجنسه فائدة للجزائر التجنس بالجنسية الجزائرية بغض النظر عن الشروط المنصوص عليها في المادة 10 .
اما الفقرة الثالثة والأخيرة تتضمن إمكانية زوجة وأولاد أجنبي متوفى الذي كان بإمكانه أثناء حياته أن يدخل في الصنف المذكور في الفقرة الأولى اعلاه ،طلب تجنسه بعد الوفاة في نفس الوقت الذي يطلبون تجنسهم .
يلاحظ أن شرط عدم أخذ بعين الإعتبار أحكام الإخلال بالشرف الصادرة بالخارج من طرف الحكومة قد ألغيت .
وكذلك اجل تخفيض السنوات من 07 إلى 18 شهرا بالنسبة للولد المولود في الخارج من أم جزائرية وأب أجنبي قد ألغيت أيضا لعدم جدواها كون أن المادة 06 من قانون الجنسية الجزائرية الحالي يعتبر الولد المولودمن أم جزائرية له جنسية أصلية بالنسب ( 3
المطلب الثاني :إجراءات التجنس و أثار إكتساب الجنسية الجزائرية .
-إجراءات التجنس :
تختلف إجراءات التجنس من دولة لأخرى ، فبعض الدول جعلت إختصاص منح الجنسية موكول إلى السلطة التشريعية كبلجيكا ، فالتجنس في مثل هذه الدول يتم بموجب قانون والبعض الاخر من الدول يمنح الإختصاص للسلطة التنفيذية ومن بينها الجزائر ،إذ تنص المادة 12من قانون الجنسية الجزائرية الصادر بموجب الأمر 05/01المؤرخ في 27/02/2005 "يمنح التجنس بموجب مرسوم رئاسي .
يمكن أن يغير لقب المعني و إسمه بطلب منه في مرسوم التجنس .
يتولى ضابط الحالة المدنية التأشير في سجلات الحالة المدنية بالبيانات المتعلقة بالتجنس ، وعند الإقتضاء تغيير الأسماء والألقاب بناءا على أمر من النيابة العامة " .
وكذلك تنص المادة 25 من هذا القانون على أنه" ترفع طلبات إكتساب الجنسية الجزائرية او التخلي عنها أو إستردادها إلى وزيرالعدل مصحوبة بالعقود والوثائق والمستندات التي تثبت إستفاء الشروط القانونية " (4 .
فبعد إحالة الطلب إلى وزارة العدل تقوم هذه الأخيرة بإحالة الملف المحكمة التي يقيم بدائرة إختصاصها الإقليمي للتأكد من صحة الوثائق ، وبعد إستكمال الإجراءات تحيل المحك2-مة الملف إلى وزارة العدل إذ تنص المادة 26من نفس القانون على أنه :" إذا لم تتوفر الشروط القانونية يعلن وزير العدل عدم قابلية الطلب بموجب مقرر معلل يبلغ إلى المعني .
ويمكن لوزير العدل رغم توفر الشروط القانونية أن يرفض الطلب بموجب قرار يبلغ إلى المعني " ( 5) .
- اثار إكتساب الجنسية الجزائرية :
تترتب على إكتساب الجنسية اثار فردية وأخرى جماعية
- بالنسبة للأثار الفردية : فإن الفرد المتجنس يتمتع بجميع الحقوق المتعلقة بالصفة الجزائرية إبتداءا من تاريخ إكتسابها وهذا ماتنص عليه المادة 15 من قانون الجنسية وتتمثل هذه الحقوق في :
- حق مباشرة جميع الوظائف العمومية وتولي المناصب السياسية .
- حق الإنخراط في الجمعيات والنشاط ضمن المجتمع المدني .
- كذلك المتجنس بالجنسية الجزائرية له حق ممارسة نيابة إنتخابية ،وبعدما كان مقيد لمدة 05سنوات لممارستها في المادة 16 من قانون جنسية 1970 التي ألغيت في قانون 2005 .
- حق الملكية الفلاحية والصناعية والتجارية في نطاق القانون .
- حق تغيير إسمه ولقبه بما هي عليه وضعية الألقاب والأسماء بالجزائر ز
- الحق في الرعاية الصحية والتعليم وكذلك الرعاية الإجتماعية .
- بالنسبة للأثار الجماعية : جاءت المادة 17 من قانون 2005 صريحة بقولها " يصبح الأولاد القصر لشخص إكتسب الجنسية الجزائرية بموجب المادة 10 من هذا القانون جزائريين في نفس الوقت كوالدهم .
على أن لهم حرية التنازل عن الجنسية الجزائرية خلال سنتين إبتداءا من بلوغهم سن الرشد " .
وحسب مفهوم هذه المادة فإن الأبناء القصر للمتجنس بالجنسية الجزائرية يصبحون كوالدهم جزائريين ، إلا ان المشرع الجزائري بعد تعديل 2005 إستحدث الفقرة الثانية و المذكورة أعلاه، حيث جاء في مفهومها أنه :
يمكن للأولاد القصر التخلي عن الجنسية الجزائرية خلال سنتين من بلوغهم سن الرشد أي الفترة التي يمكن لهم التنازل تتراوح مابين بلوغهم 19 سنة و 21 سنة .