خلص
الملتقى الوطني حول "الأمن الفكري ودور مؤسسات المغرب العربي في إرسائه"
المنعقد بين 22 إلى 14 ماي الجاري بسيدي عقبة ببسكرة، إلى ضرورة تكفل
وزارة الشؤون الدينية والأوقاف باجتثاث الفكر المتطرف وتأمين المجتمع
الجزائري، بعد ما أثبتت المصالحة الوطنية نجاعة حجة الإقناع والتحاور مكان
سياسة الكل الأمني. هذه
الحقيقة توصل اليها المتدخلون في الملتقى الذي كان يفترض أن يشارك فيه
محاضرون من الدول المغاربية، لكنه اقتصر على محاضرين جزائريين، اقتنعوا
وأقنعوا بأن بناء مجتمع جزائري معتدل التفكير مؤصل العقيدة وسليم التوجه
الديني لا يمكن أن يكون إلا عن طريق إعادة النظر في ما هو سائد في المدرسة
والمسجد والجامعة والسجن والإعلام من أفكار هجينة، دخلت على الجزائر من
الشرق والغرب، ووجدت في الفراغ الفكري والروحي أرضا خصبة لفكر هدام أتى
على البلاد والعباد على مدى عشريتين كاملتين.
وهذا
التوجه من الدولة عبّر عنه ممثلها وزير الشؤون الدينية والأوقاف الذي أوضح
أن إرساء الأمن المنشود، بعد سنوات الإرهاب التي كفر فيها الجزائريون بكل
ما هو فكر جزائري ليبحثوا عن أمنهم وراء الحدود، لا يمكن تحقيقه إلا في
أمن يكون "ما يؤمن به المجتمع وما يعيشه وما يتطلع إليه"، ويستند حسب غلام
الله إلى "مرجعية عقدية ثقافية واحدة يؤمن بها المجتمع على تعدد نسيجه
الثقافي والسياسي والاجتماعي وتتفرع إلى منظومة قيم يقدسها الجميع ويجسدها
الجميع في السلوك الفردي والجماعي مما يحقق التماسك والوحدة دون أن يحس
الفرد بأن منظومته الأخلاقية والقانونية والفكرية التي تنظم علاقاته
بمجتمعه مهزوزة ولامضطربة".
وبقدر
الابتعاد عن الاعتدال، قال الوزير بقدر ما يكون بروز ظاهرة التطرف الديني
والفكر التكفيري الناتج عن التعصب وإلغاء الآخر "ولا سبيل إلى معالجة
الفكر المتطرف إلا بتفكيك أسانيد هذا الفكر المنحرف الخطير وتفنيد مرجعيته
وإبطال حجيته"، لأن "انحسار الدور الفكري والنفوذ العلمي للعلماء خلقا
فراغا أغرى المتحدثين باسم الدين ممن ليسوا أهلا باستيراد مناهج دخيلة
وفتاوى مهجورة الباعث لإحيائها من أجل التميز والصدارة والزعامة".
وتهدف
خطة الوزارة إلى تحقيق "الأمن الفكري" عن طريق تصحيح ما هو موجود من فكر
يحمل في طياته بذور التطرف والعنف ورفض الآخر، وذلك في كل "مكونات المجتمع
التي تساهم في تشكيل الذهنية وصناعة الرأي العام وبث الوعي والحس المدني
وتوحيد السلوك" وذلك في "المساجد ومؤسسات التربية والتكوين والتعليم
العالي والبحث العلمي ومراكز إعادة التربية ودور الثقافة والصحافة الوطنية
والإذاعة والتلفزيون مدعوة للوقوف في مواجهة التطرف بجميع ألوانه وأشكاله.