مقدمة :
لقد ترسخ لدى الكثيرين من النقاد و القراء المحدثين خاصة ان الشعر مرآة
تنعكس عليها اصداء ذات الشاعر و ترتسم فيها احلامه و اماله و لا تنكيب عبر
القصيدة إلا العواطف و الانفعالات و المثال على ذلك ابو القاسم الشابي
القائل "شعري نفاثة صدري إن جش فيه شعوري" إلا ان هذا التصور على ما فيه من
ايجابيات يظل منقوصا لان حضور الذات لا يعني الغاء المحيط الاجتماعي الذي
يتحرك فيه الشاعر. فالشاعر نبي فليه ان يوظف فينه في نقد الواقع المعيش و
تعرية مظاهر الفساد في كل المستويات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و
الفنية كذلك . و على هذا الاساس كانت نصوص ابي العلاء المعري التي رصدت
مواطن الخلل و بؤر التحلل و ووجهت سهام النقد تجاهها
التعلق بالوطن :
يشكل الرابط العاطفي بين الشاعر و وطنه السمة الاولى المميزةللشعر الوطني .
فكانت القصائد فضاء فسيحا عبّر من خلاله الشاعر عن عميق حبه لوطنه و مدى
تعلقه به إلى درجة أن القارئ قد يعتقد اول الأمر ان القصيدة غزلية لغلبة
المعجم العاطفي من ناحية و هيمنة اسلوب التغزل بقوة على النص . و قد لعب
هذا التوجه دورا كبيرا في منح القصيدة شحنتها العاطفية و وسمها بصدق و
حرارة افتقدتهما مع شعراء البلاط و النظم
(أنا يا تونس الجميلة في لج ج الهوى قد سبحت اي
سباحة)
(شرعتي حبك العميق اني قد تذوقت مره و قراحه)
الحنين الى الوطن :
ان هذا المعنى الحاضر بقوة في الشعر الوطني بقدر ما يعبر عن تعلق
الشاعر بوطنه فانه يصور لنا بعضا من تجربة المنفى و التهجير . و هو مآل
ينتهي اليه كل شاعر يقف موقفا مناهضا للاستعمار و الاستبداد و يتصدى للدفاع
عن مصالح الوطن و الشعب . و يكون النفي وسيلة طاغية للتخلص منه و من
قصائده و من الشعراء الذين نفوا و ابعدوا عن اوطانهم . و يولد الحنين الى
الارض و الوطن مهد الصبا و الطفولة و حضن الام و قد طال المنفى و طال معه
الفراق و البعد عن الوطن