"دعوهم دعوهم لو خلقتموهم لرحمتموهم ..."
تذكرت هذه القصة و أنا أقرا سورة المؤمنون و رأيت أنه من الواجب علي ان أرويها لما فيها من العبرة و الجمال و التبيان لمقدار حبه عز و جل لعبيده و مغفرته الواسعة فالمولى جل جلاله يقول في حديث قدسي:" ما من يوم تطلع شمسه إلا و تقول السماء: يا رب دعني أسقط كسفا على ابن آدم إنه طعم خيرك و منع شكرك ، و تقول الأرض: يا رب دعني أبتلع ابن آدم إنه طعم خيرك و منع شكرك ، و يقول البحر: يا رب دعني أغرق ابن آدم إنه طعم خيرك و منع شكرك .
فيقول المولى عزّ و جل: " دعوهم دعوهم لو خلقتموهم لرحمتموهم إنهم عبادي إن تابوا فأنا حبيبهم و إن لم يتوبوا فأنا طبيبهم " .
فاسمعوا يا إخواني و عوا:
جاء أحد الشباب الى عالم و رجاه ان يستمع لقصته فطلب منه الشيخ ان يمهله لبعد صلاة العشاء و هذا ما كان ، بعد الفروغ بدأ الشاب في سرد حكايته قال :)
يا شيخ بعد حصولي على شهادة الباكلوريا أرسلت في بعثة إلى الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة على حساب شركة ما لأعود بعد ذلك وأعمل فيها .
هناك لم يكن شاغلي الشاغل طلب العلم فلا عدت إلى وطني و لا حصلت على شهادتي، تهت جربت المخدرات و كل ما يمكن ان يخطر على بالك كنا نتعاطى حتى يموت أحدنا فنرميه في حاويات القاذورات و نهرب خوفا من الشرطة و بقيت على هذا الحال لعدة سنين فسئمت من حياتي هاته و قررت أن أتنصر و فعلا أصبحت أذهب إلى الكنيسة و هناك رحبوا بي كثيرا و بقيت على هذا الحال سبع سنوات حتى بدأ ينتابني بعض الملل فذهبت يوما عند القس و قلت له أني لا أريد أن أبقى نصرانيا لأنكم لا تبيحون الزواج بأكثر من واحدة كما في الإسلام فطلب مني القس أن أتمهل فهناك مذهب عندهم يحل فيه التمتع بسبعة نساء وأنه سيرخص لي ذلك و ظللت أذهب للكنيسة كل أحد و كنت أحاول إغواء فتيات المدارس اللاتي يأتين للقداس حتى اصبح ذلك القس يتمنى انحرافي عنهم و ربما ان أعود للإسلام فشعرت مرة ثانية بالسئم و الملل و بدأت أفكرمن هو المخلوق الذي تحدى الله (والعياذ بالله) فعبدت الشيطان. فما كان من الشيخ إلا أن علق مستغربا عبدت الشيطان كيف ذلك فقال له نعم هناك طقوس ما نفعلها ، و تعلمت السحر بحيث ذهبت لبلد ما لذلك و بقيت على هذا الحال تائها هائما على وجهي فقررت يوما أن أعود إلى وطني و فعلا عدت لم يكن أمام والدي إلا أن يقبلوا بي كما أنا المهم أن لا أتغرب ثانية فصبغت غرفتي بالاسود لأمارس فيها طقوسي الشيطانية حتى أنني في يوم سمعت أصواتا للجن فأخدت مسدسي و بدأت في إطلاق النارتحديا حتى فقدت أحد أصابعي -أنظر يا شيخ-.
و بقيت هكذا ليس لي أي علاقة بأهل بيتي منزويا عنهم فسئمت و مللت فقررت انا و مجموعة من أصدقائي أن نتخلص من حياتنا و ننتحر و طفقنا نبحث عن طريقة فإقترح أحدنا أن نتعاطى المخدرات حتى الموت فقلت له لا، نموت و نترك العار لأهلنا فيعاروا بنا لا . و بقينا نفكر حتى إهتدينا إلى أن نركب سيارة و نخرب فراملها و نقود بأقصى سرعة و إتفقنا على ان يكون ذلك في الغد و الذي صادف الثاني من رمضان و افترقنا على ذلك .
في ذلك اليوم عدت إلى البيت وجدت اهلي مجتمعين على المائدة و كان عندنا رجل كبير في السن فجلست معهم و كانت ربما تلك المرة الاولى التي أفعل فيها ذلك منذ عودتي فسأل ذلك الشيخ أبي هل هذا إبنك فأجابه و اخبره أني كنت خارج الوطن و تبادلنا اطراف الحديث و لما حان وقت الصلاة طلب مني أنه أصلي معهم فقلت لا أنا لا يمكنني لا يمكنني - و اقول في نفسي كيف اصلي كيف أصلي انا غير متوضأ و غير طاهر أصلا- فاصر الشيخ إصرارا كبيرا لدرجة انني احسست أني حملت حملا ، فوقفت في الصف و بدأ الإمام يقرأ الفاتحة و كاني نسيتها و بعد الفاتحة قرأ خواتيم سورة المؤمنون
" أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118).
أحسست و كأن الآيات تتحدث عني فبدأت أبكي وأبكي و أرتجف حتى سقطت مغشيا علي و كانت يا شيخ تلك البداية.
يروي العالم ان هذا الشاب تاب الله عليه و أصبح من الدعاة المعروفين.
ماذا تنتظر إنه يحبك إذهب إليه و أكيد أنه سيقبلك
ففروا إلى الله الغفور الرحيم.
[img(187px,165px):1db8]http://arttige.arabblogs.com/pur5e14ef51eb7dfb97[1].jpg[/img:1db8]