السلام عليكم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى من سار على نهجه إلى يوم الدين .
أما بعد :
فلقد كرم الإسلام المرأة ، واعتبر لها شخصيتها التي تميزها عن غيرها ، وأمرها أن تحافظ عليها ، وأن تتمسك بها ، وهذه الرسالة ما هي إلا جزء يسير لبعض صفات المرأة المسلمة التي يجب عليها أن تتحلى بها ، وأن تتصف بها ، لتنعم بالسعادة في الدارين .
لكن لابد أن تعلم المرأة المسلمة أن الأصل في خطاب الشرع العموم ؛ فيشمل الجن والإنس ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير ، ويبقى ما يستثنيه الشرع من هذا العموم فالأصل في موضوعنا وهو صفات المرأة المسلمة أن هذه الصفات عامة تشمل الجميع إلا ما استثني كالحجاب ونحوه وهذه قضية مهمة لها من التبعات والآثار ما لها ، فثمة قوم يتصورون أنه لابد أن يوجه خطاب خاص للمرأة دائما ، وهذا أمر لاشك في استحالته ، فأحكام التشريع عامة للجميع إلا في بعض القضايا ، فالشرع يوجه فيها أمره للمرأة بما يناسب فطرتها وتكوينها .
إذن لا تنتظر المرأة خطابا خاصا لها حتى تعمل وتقدم ، فإنها إن فعلت ذلك حُرمت خيرا كثيرا وفاتها الشيء الكثير وتخصِصنا لهذا الموضوع بصفات المرأة المسلمة تغليبا لذكر ما يخص المرأة من أخبار وسيرة ونحو ذلك مما يتعلق بجوانب المرأة المسلمة وإلا فصفات المسلم هي صفات المسلمة هذا هو الأصل إلا ما جاء الدليل باستثنائه والله أعلم .
والله أسأل أن ينفع بها قارئها وكاتبها والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
* أسباب اختيار الموضوع :
1- ما آل إليه حال المرأة المسلمة من التناقضات في حياتها اليومية، ما بين إفراط وتفريط .
2- أن في صلاح المرأة صلاح للمجتمع، وفي فسادها فساد للمجتمع ، وصلاحها يكون باتصافها بهذه الصفات التي لابد من جلائها وبيانها، حتى تسير عليها المرأة المسلمة .
3- ما يحصل من التدليس والتلبيس على المرأة المسلمة، من أفواه المغرضين الحاقدين، الذين شرقت نفوسهم ما تسعد به المرأة المسلمة في هذه البلاد المباركة إن شاء الله تعالى، فمن أجل أن لا تنخدع الفتاة بأقوالهم المعسولة، وعباراتهم المحبوكة، نبين لها صفات المرأة المسلمة التي يجب عليها أن تتصف بها، حتى تسلم بإذن الله تعالى من شرهم .
4- أن المرأة جنس ناعم رقيق، ويغلب عليه الضعف ، فدواعي الشر فيها أشد من الرجال ، ولذلك كان أكثر أهل النار من النساء، كما جاء في قول النبي r : (( اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء )) رواه أحمد [1] ويقول : r في الحديث الآخر : (( صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤسهن كأسنة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا )) [2] لذا كان من اللازم على المرأة المسلمة أن تحذر أشد الحذر، وتراعي هذا الجانب العظيم، فتتمسك بصفات المرأة المسلمة ، التي تجنبها بإذن الله تعالى من النار .
أولاً : طلب العلم
إن من أبرز صفات المرأة المسلمة طلب العلم ، خصوصاً في مثل هذا الزمن التي تتأكد أهميته والعناية به لدى الفتاة المسلمة لأمور منها :
الأمر الأول : حين تحمل المرأة المسلمة زاداً من العلم الشرعي، فهو وسيلة بإذن الله لتربية أبنائها وتعاهدهم، ورعايتهم وتعليمهم ما يجهلون من دينهم .
الأمر الثاني : تحتاج الفتاة المسلمة اليوم لرصيد من العلم، يكون زاداً يمكن أن تملأ به المجالس بديلاً للهو والحديث غير المفيد ، وما أكثر الهموم التي يجب أن تطرح للنقاش والحوار في مجالسنا .[3]
الأمر الثالث : تحتاج الفتاة إلى العلم لتدرأ به عن نفسها شبهات المشبهين، وضلالات المضللين ،فلا تغتر بهم ولا تنخدع بمعسول كلامهم .
الأمر الرابع : وهو أهما أن العلم يقربها من ربها، ولذا أقرب الناس إلى الله العلماء قال تعالى : (( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )) (فاطر: من الآية28) .
والمرأة المسلمة مطالبة بطلب العلم كالرجل ، و عليها طلب العلم الذي ينفعها في دينها ودنياها ، وهي حينما تقرأ قول الله تعالى : (( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)) (طـه: من الآية114) .
وتسمع قول النبي r : (( طلب العلم فريضة على كل مسلم )) [4] تدرك قيمة العلم كما أدرك ذلك نساء الجيل الفريد، فطالبنا رسول الله r بأن يخصص لهنَّ يوماً ، تقول نساء الأنصار للرسول r : (( اجعل لنا يوماً من نفسك نتعلم فيه ، فقد غلبنا عنك الرجال)) ، فقال لهن : (( موعدكن دار فلانة ، فأتاهن فوعظهن وذكرهن وعلمهن )) [5] .
* ما ينبغي للمرأة المسلمة تعلمه :
أول ما ينبغي للمرأة المسلمة أن تتعلمه :
1- كتاب الله تلاوةً وتجويداً ، و حفظاً وفهما .
2- وكذا ما يتعلق بالمرأة المسلمة من أحكامٍ فقهية، كأمور الطهارة و الصلاة ونحوها .
3- وتعرج على شيءٍ من سيرة المصطفى r وسيرة أصحابه، فهي المعين الصافي .
4- ثم تلتفت بعد ذلك إلى اختصاصها الأول في الحياة، وهو إدارة البيت، ورعاية شؤونه، فتستعد الفتاة لوظيفتها الأساسية، وتتعلم الطرق المثلى لتربية أسرتها وأولادها، يقول النبي r : (( والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها )) رواه البخاري ومسلم .
وهنا أنبه إلى أمور منها :
الأول : وهو تغافل الكثير من الفتيات المسلمات عن أعمال المنزل، بحجة الاستذكار للمدرسة، أو أنها أحياناً ترفض العمل خشية أن توصم بالعار، فتوصف بأنها مثل أمها العتيقة، التي انتهى زمانها، ووضع جيلها على الرف !! حتى إذا فجأها الزواج في نهاية المطاف، وجدت نفسها ـ فجأة ـ بلا عُدةٍ ولا تدريبٍ ولا استعداد ! [6]
وأنا أذكر ذات مرة، أن أحد الأزواج جاء ليعرض مشكلته عليّ وقال : أريد أن أطلق زوجتي !! فسألته عن السبب ؟ هل هو نقصٌ في دينها أم ماذا ؟ فقال : إني لا أعيبُ عليها لا خلق ولا دين، ولكنها لا تعرفُ من أمور المنـزل شيئاً، فلا تحسن الطبخ ولا تجيده ونحوها، من أعمال المنـزل الأساسية، مما جعلني أُحرج مع أضيافي أحياناً . وهذا القصة تأكد هذا الجانب .
الثاني : ليس من الحكمة في شيء أن يكون تعليم المرأة وثقافتها كتعليم الرجل، سواءً بسواء إلا فيما ندر- والنادر لا حكم له - فهناك أمور تختص بالمرأة لا يستطيعها الرجل، وأخرى يستطيعها الرجل لا تستطيعها المرأة، فهل من المناسب على سبيل المثال أن تتعلم المرأة كيف تصلح سيارة ؟ أو تصنع طيارة ؟إذن كان من اللازم أن ترعى فطرة الله التي فطر الناس عليها، من جعله سبحانه لكل من الجنسين خصائص تليق به، وإن غير ذلك يعتبر مصادمةً لأمر الله وقدره في خلقه.
الثالث : ليس الهدف من التعلم وطلب العلم في المدارس والجامعات هو العمل ؛ كلا .. بل المراد من التعلم أن تعلم المرأة ما يجب عليها ، وما يجب لها : المراد أن تعرف كيف تعبد ربها ، وتعتني بزوجها ، وتربي ولدها ، وما يزيد ثقافتها ، وينمي قدراتها الفكرية ، أما أن يُعلق العلم بالوظيفة ، فإن لم تحصل الوظيفة فتعد سنوات الدراسة ضياع على الفتاة ، فهذا خطأ فادح بكل المقاييس وأمرٌ مشين بكل المعايير ، ينبغي للمرأة العاقلة اللبيبة ألا تقع في مثله .
شكرا أختي تم التقييم باذن الله
وأسال الله لنا ولكم الثبات وحسن الخاتمة