اتمنى ان يكون لهذا
العمل البسيط فائدة للجميع تحياتي slomerck
تعريف
مجلس الدولة و دوره في حماية الحريات العامة
يعتبر مجلس
الدولة مؤسسة دستورية استحدثها دستور 1996 بموجب نص المادة 152 منه و التي
جاء فيها ( يؤسس مجلس الدولة كهيئة مقومة لأعمال الجهات القضائية الإدارية ,
تضمن المحكمة العليا و مجلس الدولة توحيد الاجتهاد القضائي في جميع أنحاء
البلاد ) .
و انطلاقا من هذا النص أعلن المؤسس الدستوري عن دخول البلاد
في نظام الازدواجية مستحدثا بذلك هرمين قضائيين هرم للقضاء تعلوه المحكمة
العليا و تتوسطه المجالس القضائية و قاعدته المحاكم الابتدائية و هرم
للقضاء الإداري يعلوه مجلس الدولة و قاعدته المحاكم الإدارية .
و لقد
بادرت الحكومة إلى تقديم مشروع قانون عضوي لمجلس الدولة للسلطة التشريعية
بغرض دراسته و المصادقة عليه. و فعلا صادق المجلس الشعبي الوطني على
المشروع المذكور بتاريخ 13 فبراير 1998 خلال دورته العادية و صادق عليه
مجلس الأمة في جلسته المنعقدة بتاريخ 25 مارس 1998 و لقد مارس مجلس
الدستوري بموجب إخطار عن رئيس الجمهورية رقابته المسبقة على النص المصادق
عليه من قبل البرلمان بغرفتيه و هذا طبقا للمادة 165 من الدستور .
إن
لمجلس الدولة وثيق الصلة بفكرة الحريات العامة, فالدولة كما قال البعض
غايتها تحقيق المصلحة العامة , لذا وجب أن تضمن النظم التزام السلطة العامة
حدود القانون المبين لمقتضيات هذا الصالح العام , و لن يكون ذلك إلا
بإنشاء مجلس الدولة .
و عندما أنشئ مجلس الدولة في مصر اعتبره البعض
أعظم حادث في تاريخ مصر و هو لا يقل شئنا عن إعلان الاستقلال ذاته , و قد
أحس الرأي العام المصري و قبل ذلك الرأي العام الفرنسي بفائدة هذا المجلس و
بجليل خدماته و الدستور صنوان لا يفترقان يكمل بعضهما البعض و يشد احدهما
أزر الأخر .
و من المفيد الإشارة انه عندما عرض قانون مجلس الدولة الأول
علة مجلس النواب في مصر طرح البعض إشكالية عدم دستوريته فالدستور المصري
نص على أن السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها و درجاتها
المادة 30 من الدستور. و استند هذا الرأي أن الدستور المصري لم يمنح أي
هيئة سلطة الفصل في القضايا إلا للمحاكم العادية , و قد رد البعض على هذا
الدفع إن عبارة على اختلاف أنواعها الواردة في النص عبارة مرنة تخول للسلطة
إنشاء هيئات قضائية جديدة .
و ينبغي الإشارة إن مجالس الدولة في مصر
لعب دورا بارزا في حفظ وصيانة الحقوق و الحريات العامة و كان خير مدافع
عليها في فترة رئاسة الأستاذ الدكتور عبد الرزاق السنهوري رحمه الله الذي
استطاع بحكم مواهبه الفذة و صفاته الشخصية النادرة أن يوجه المجلس الوجهة
التي فخر بها و في عهده أرسى صرحا شامخا في قضاء الحقوق و الحريات العامة .
قال
احمد بهاء الدين : ( لما تأسس مجلس الدولة و جاء السنهوري رئيسا
له صار بطلا قوميا لدى كل فئات الشعب في مصر , كانت المعركة على أشدها قبل
الثورة و كانت معظم المواجهات السياسية تنتهي إلى مجلس الدولة , كان يصدر
أحكاما قضائية بلغت القمة في شجاعتها و نزاهتها و دقتها في مراعاة القانون
...)
و يتكون مجلس الدولة المصري من ثلاثة أقسام كبرى هي : قسم
التشريع و قسم الفتوى و القسم القضائي , و هو ما نصت عليه المادة الأولى
من القانون رقم 47 لسنة 1992 .
و لقد عرفت المادة 2 من القانون العضوي
98-01 المؤرخ في 30 ماي 1998 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة و تنظيمه و
عمله مجلس الدولة على انه : ( هيئة مقومة لأعمال الجهات القضائية
الإدارية و هو تابع للسلطة القضائية و يضمن توحيد الاجتهاد القضائي الإداري
في البلاد و يسهر على احترام القانون و بتمتع مجلس الدولة حين ممارسة
اختصاصه بالاستقلالية) .
أما عن مقر المجلس فطبقا للمادة 3 من
القانون العضوي أعلاه محدد بمدينة الجزائر مع جواز نقله في الحالات
الاستثنائية موضوع المادة 93 من الدستور إلى مكان أخر.
و انطلاقا من
النصوص الواردة في الدستور و قواعد القانون العضوي المذكورة نجد أن مجلس
الدولة في الجزائر يمتع بجملة من الخصائص و المزايا تجعله يختلف عن مجالس
الدولة الموجودة في كثير من التشريعات و يمكن إجمال هذه الخصائص في:
1 – أن مجلس الدولة في الجزائر تابع للسلطة القضائية:
رجوعا
للمادة 152 من الدستور المذكور أنفا نجدها قد وردت تحت عنوان السلطة
القضائية مما يعني دون شك أن مجلس الدولة تابع للسلطة القضائية مما يعني
دون شك أن مجلس الدولة تابع للسلطة القضائية و هذا خلافا لمجلس الدولة
الفرنسي إذ نجده تابعا للسلطة التنفيذية لأسباب تتعلق بهذه الدولة و
بظروفها التاريخية و بمؤسساتها و من هنا فان مجلس الدولة يشكل هيئة قضائية
عليا في المواد الإدارية و هو يمثل من حيث الموقع و المكانة على مستوى
القضاء العادي محكمة النقض .
و يقتضي مركزه هذا أن يمارس مهمة تقويم
أعمال المحاكم الإدارية من خلال الطعون المرفوعة أمامه , و يمارس أيضا مهمة
توحيد الاجتهاد القضائي .
2 - يتمتع مجلس الدولة
بالاستقلالية :
و نعني بالاستقلالية هنا الاستقلالية عن السلطة
التنفيذية لان تخصص مجلس الدولة بالفصل في المنازعات لا يعني انه تابع
للسلطة التنفيذية باعتبارها طرفا في المنازعة. و لان التسليم لهذه التبعية
يعني أن قرارات المجلس سوف لن تلزم السلطة التنفيذية في شيء طالما مارست
هذه السلطة وصايتها و نفوذها على مجلس الدولة و هذا أمر لا يمكن تصوره لما
له من عواقب و خيمة حتى على دولة القانون.
و تستمد هذه الاستقلالية
وجودها القانوني في المادة 138 من الدستور التي جاء فيها: ( السلطة
القضائية مستقلة و تمارس في إطار القانون و من نص المادة 152 التي أسست
مجلس الدولة تحت عنوان السلطة القضائية موضوع الفصل الثالث من الدستور.
و
تجسيدا للاستقلالية الوظيفية للمجلس اعترف له بالاستقلالية المالية و
الاستقلالية في مجال التسيير و هذا بموجب المادة 12 من القانون العضوي
98-01 و تسجل الاعتمادات المالية اللازمة للمجلس في الميزانية العامة
للدولة و لا تتنافى في صفة الاستقلالية مع إلزام رئيس مجلس الدولة برفع
تقرير عن قراراته و حصيلة نشاطاته لرئيس الجمهورية باعتباره ممثلا للدولة .
المطلب الثاني : التنظيم الإداري لمجلس الدولة
يتمتع
مجلس الدولة بالاستقلالية المالية و الاستقلالية في مجال التسيير عن كل من
وزارة العدل و المحكمة العليا و يخضع في نظام المحاسبة العمومية و يشرف
على تسيير المجلس كل من رئيس مجلس الدولة و نائب الرئيس و مكتب مجلس الدولة
و محافظ الدولة و رؤساء الغرف و رؤساء الأقسام و الأمين العام لمجلس
الدولة و مجموعة مصالح ملحقة به.
و يقوم القضاة فيه بمهامهم سواء في
نطاق الوظيفة الاستشارية أو الفصل في المنازعات الإدارية.
أولا : رئيس مجلس الدولة :
يعين رئيس مجلس الدولة
بموجب مرسوم رئاسي , و قد صدر هذا الأخير تحت رقم 98-187 المؤرخ في 30 ماي
1998 , و يتولى المهام التالية :
-يمثل المؤسسة رسميا .
-يسهر على
تطبيق النظام الداخلي للمجلس .
-يتولى توزيع المهام بين رؤساء الغرف و
رؤساء الأقسام و مستشاري الدولة و هذا بعد استشارة مكتب مجلس الدولة .
-
و على العموم يمارس مختلف الصلاحيات المعهودة إليه بموجب النظام الداخلي .
ثانيا : نائب رئيس مجلس الدولة :
و يعين لهذا
الأخر بمرسوم رئاسي , و قد صدر هذا الأخير تحت رقم 98-187 بتاريخ 30 ماي
1998 , و عن مهامه فهو يتولى أساسا استخلاف رئيس مجلس الدولة في حالة حدوث
مانع له أو في حالة غيابه و هي حالة ممارسة رئيس مجلس الدولة لمهامه يتولى
نائبه خاصة مهمة المتابعة و التنسيق بين مختلف الغرف و الأقسام .
ثالثا : مكتب المجلس :
لمجلس الدولة مكتب يتشكل من :
-
رئيس مجلس الدولة رئيسا .
- محافظ الدولة نائبا للرئيس ( نائب رئيس
المكتب ) .
- نائب رئيس مجلس الدولة .
- رؤساء الغرف .
- عميد
رؤساء الأقسام .
- عميد المستشارين .
و عن مهامه يتولى مكتب المجلس
ممارسة الأعمال التالية :
-إعداد النظام الداخلي للمجلس و المصادقة
عليه.
- إبداء الرأي بخصوص توزيع المهام بين قضاة مجلس الدولة .
اتخاذ
كل الإجراءات التنظيمية لضمان تسيير حسن للمجلس .
-إعداد البرنامج
السنوي للمجلس .
رابعا : محافظ الدولة و المحافظون
المساعدون :
و هؤولاء هم قضاة يعينون بموجب مرسوم رئاسي و قد صدر
تحت رقم رقم 98-187 بتاريخ 30 ماي1998 , و يمارس هؤلاء مهمة النيابة
العامة سواء في مجال ممارسة مجلس الدولة لوظيفة الاستشارة أو عند قيامه
بالفصل في المنازعات الإدارية , و يتولى محافظ الدولة أو احد مساعديه تقديم
مذكراتهم كتابيا باللغة العربية و يشرحون ملاحظاتهم شفويا .
خامسا : رؤساء الغرف :
يتشكل مجلس الدولة عند
ممارسته للسلطة القضائية من مجموعة غرف عددها أربعة , و على رأس كل غرفة
رئيس غرفة يتولى مهمة التنسيق بين أقسام الغرفة الواحدة و رئاسة جلساتها و
تسيير مداولاتها و تحديد القضايا الواجب دراستها على مستوى الغرفة أو
الأقسام .
سادسا : رؤساء الأقسام :
تتشكل
الغرفة الواحدة من مجموعة أقسام كخلايا فرعية و الغاية من هذا النظام هو
فرض تمكين الغرفة من التحكم في أعمالها و ضبط مهامها بشكل محدد و دقيق و
يتولى رؤساء الأقسام كل على مستوى قسمه إعداد تقارير نشاط القسم و رئاسة
جلساته و تسيير مناقشاته و مداولاته .
سابعا :
القضاة أو مستشارو الدولة :
طبقا للمادة 20 من القانون العضوي
98-01 المذكور فان قضاة مجلس الدولة يخضعون للقانون الأساسي للقضاة و
يمارسون مهامهم سواء في نطاق الوظيفة الاستشارية للمجلس أو عند فصله في
المنازعات الإدارية باعتباره محكمة أول و أخر درجة أو محكمة استئناف أو
محكمة نقض.
ثامنا : الأمين العام لمجلس الدولة :
يضم
مجلس الدولة إلى جانب رئيس المجلس و نائبه و محافظ الدولة و مساعديه و
رؤساء الأقسام و المستشارين مجموعة أقسام تقنية و مصالح إدارية تابعة
للامين العام , هذا الأخير الذي يعين بمقتضى مرسوم رئاسي باقتراح من وزير
العدل بعد استشارة مجلس الدولة .
و طبقا للمرسوم التنفيذي رقم 98-322
المؤرخ في أكتوبر 1998 المحدد لتصنيف وظيفة الأمين العام لمجلس الدولة فان
الأمين العام لمجلس الدولة يشغل وظيفة من الوظائف العليا في الدولة .