كثيرا
ما أصبحنا نسمع عن العولمة ، كلمة يكتمها كثير من الغموض و الإبهام أول
لعدم وضوح مفهومها بشكل عام و لعدم إكتمالها كعملية مستمرة مازالت تأخذ
أبعادها و لم تستقر بعد. فالعولمة الإقتصادية باتت الآن أكثر إكتمالا و
نضجا في حين بقيت العولمة الثقافية غامضة المعالم ضبابية الرؤيا. و ثانية
لإختلاف مواقف الموافين من المفكرين منها. إذ تراوحت مواقفهم بين مؤيدة و
لإنتقائية و حتى المعارضة كلية.
لم يتفق المهتمون على تعريف
العولمة، فكل ينظر إليها من زاوية مختلفة في حين يراها الاقتصاديون أنها
حرية الاقتصاد و حرية انتقال الأموال و السلع و الخدمات دون قيود ،يراها
السياسيون أنها انتهاء الحدود بين الدول و يرون حكومةعالمية واحدة. و
يتصورها رجال الفكر و الثقافة أنها سيادة ثقافية واحدة على جميع ثقافات
الشعوب الأخرى مما قد يؤدي إلى ذوبان هوية هذه الشعوب،أماالإجتماعيون فيرون
أن العولمة هي تقيم العالم إلى فئة أغنياء مترفين و فئة فقراء معدمين
فتزيد بذلك نسبة البطالة و الفقر و مايترتب عنها من اتحرقات و المخاطر
اجتماعية.
بعض ما قيل عن العولمة:
ـ العولمة هي إكسابالشي أو الفكرة أو المعلومة أو السلعة طابع العالمية بمعنى أنه معروف و منتشر في كل العالم.
ـ
العولمة هي التدخل بين موضوعات السياسية و الثقافة و الإقتصاد دون تقيد
بالحدود بين الدول و دون أن تنتمي هذه الموضوعات إلى بلد محدد.
ـ
العولمة هي الأمركة بمعنى انتشار الهيمنة الأمريكية و السلع و المعلومات و
الأفكار الأمريكية و هذا يعني أنها تهدف إلى سيطرة الولايات المتحدة على
العالم.
العولمة هي الوضع الناتج عن تطور الإتصالات و تطور
التكنلوجيا و المعلومات و إلغاء الحدود و الفواصل بين الدول فالتطور في
الإتصالات و الشريكات المعلوماتية كالأنترنيت جعل الانسان قادر على أن
يتحول في كل العالم و يعرف ما فيه دون أن يكون مراقبا من قبل الدولة.
العولمة
هي محاولة الوصول إلى مجتمع عالمي واحد له حكومة واحدة و ثقافة واحدة
فالهدف من كليات العولمة الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية و الثقافية هو
توحيد العالم.
نشــأة العـولمـة :
تعددت
الآراء حول نشأتها فهناك من يعتقد أنها فكرة قديمة جدا حيث ظهرت في أشكال
متعددة منذ بدايات التاريخ الانساني أو الحضارة الإنسانية، فاليونانيون حين
نشرو أفكارهم ، أفكار سقراط و أفلاطون و أرسطو فإن هذه الأفكار عمت لدي
عدد من السعوب ، إذ تأتر المسلمون بهذه الأفكار و ترجموها إلى اللغة
العربية مستخدمين مصطلحات فلسفية إستخدمها اليونانيون و هذا مظهر من
العولمة. و الرومان حين فتحوا بلدتا عددة و نقلوا حضارتهم و ثقافتهم إلى
العالم فما جرش و تدمر و بعلبك سوىلآثار رومانية متناثرة في الأراضي
العربية ، و عليه فالعولمة هي الإنتشار الثقافي أو الحضاري لشعب ما بين
بقية الشعوب الأخرى.
و هناك من يري أن العولمة فكرة حديثة النشأة ترجع إلى القرن الخامس عشر و تطورت تدريجيا عبر مراحل حتى اتخذت الشكل الحالي.
ـ المرحلـة الأولــى :بدأت في القرن الخامس عشر حيث نشأت العولمة نتيجة لنتشار أفكار الدين المسيحي و زيادة سلطة الكنيسوة.
ـ المرحلـة الثانيــة :بدأت في منتصف القرن الثامن عشر مع بداية الحديث عن العلاقات الدولية و القانون الدولي:
ـ
المرحلــة الثالثـة :من بداية القرن التاسع عشر و حتى منتصف القرن العشرين
حيث شهد العالم إختراعات و تقدما في المواصلات و الإتصالات.
ـ
المرحلـة الرابعـة :و قد امتدت من منتصف القرن العشرين حتى السبعينات من
نفس القرن و شهدت هذه المرحلة ظهور منظمة الأمم المتحدة و التنافس بين
الدول للوصول إلى القمر و التعديد بالحروب النووية .
ـ المرحلـة
الخامسـة :و هي التي تشهدها حاليا و تمثل فترة ما بعد الحرب الباردة و
ولادة الشركات العابرة للقارات و الشركات متعددة الجنسيات و سيادة الأمم
المتحدة.
و على عكس من ذلك يرى البعض أن العولمة فكرة حديثة جدا
تعود إلى القرن التاسع عشر ، إمتدت العولمة الأولى من سنة 1800 إلى 1920
نتيجة استحدام القطار و اختراع الهاتف ، و تحول العالم خلال هذه المرحلة من
عالم كبير جدا إلى متوسط الحجم .
أما العولمة الثانية فقد بدأت منذ
سقوط جدار برلين في نهاية الثمانيات و تدعمت و قويت مع ثورة المعلومات و
الإتصالات و خلالها تحول العالم من عالم متوسط الحجم إلى عالم صغير جدا.
محاسـن العولمــة :
في
سنة 1997 أصبح عدد المنظمات غير الحكومية 5500 بينما كان عددها سنة 1956 ـ
973 منظمة.فقد حدثت تحولات و تطورات إيجابية في مجال حرية الاتصال ة
الإنفتاح و حقوق الإنسان و الديمقراطية.
زيادة قوة الافراد و تقليص سلطة الدولة في الرقابة على مواطينها.
إن
التقدم العلمي الذي صاحب العولمة يؤدي إلى مزيد من رفاهية الانسانية صار
الكمبيوتر مثالا لما أنجز من تطورات علمية متسارعة أوجدت الثورة الهائلة في
المعلومات و الإتصالات وزادت من كفأءة الإنسان على الانتاج بسرعة هائلة.
حتى للعولمة الإقتصادية انعكسات إيجابية فحرية انتقال رؤوس الأموال و السلع
يؤدي إلى ازدهار الحركة التجارية في العالم .
مخاطـر و مساوئ العولمـة :
ظهور نظام أحادي القطبية و غياب التوازن في العالم بعد تقرد الولايات المتحدةفي فرض سياستها و نفوذها.
تزايد القلق الناجم عن التقيم الهائل في مجال الهندسة الوراثية و الإستنساخ البشري و تطور الأسلحة بنوعيها الكميائي و البيولوجي.
تزايد
المشكلات العالمية أو المشكلات عابرة الحدود مثل تجارة المخدراتالإرهاب
التطرف و الأصولية ، العنف ، العصابات ، و المافيا ، مشكلات البيئة
النفايات النووية
زيادة ديون العالم الثالث و انخفاض معدلات النمو
الإقتصادي إلى جانب إنخفاض المستوى المعيشي و ارتفاع نسبة البطالة. مما شجع
الهجرة و ساهم في تغذية الحركات المتطرفة .
و خاتمة الكلام أن
العولمة ليست مفتاحا للسعادة أو منقذا ينتشلنا من الفقر و الأمية و الواقع
المر هي أيضا ليست غولا آتى لا يتلاعنا ، فلا هي خير خالص ، و لا هي شر
خالص لكنها نظام عالمي ساري المفعول فيه من السلبيات مما فيه من الإيجابيات
، فعلينا أن نتحصن ضد كل ما هو خطر و مهدد في نظام العولمة و تتسلح ضده
سواء في الإقتصاد أو في السياسة أو في الثقافة. و علينا أيضا أن نحسن
استغلال الفرص أتي تقدمها العولمة فالحل ليس في رفضها أو الإنتقلات على
الذات فلا نملك نحن دول العالم الثالث القوة الفاعلة أو حتى الوقت في
التردد و الإختيار
العولمة و العولمة الاقتصادية
موضوع آخر من مواضيع الثقافة العامة كثيرة الطرح أضعه بين أيديكم
مقدمة:
شهد
الربع الأخير من القرن العشرين وبشكل أكثر تحديد عقد التسعينات العديد من
التغيرات العالمية السريعة والمتلاحقة والعميقة في آثارها وتوجهاتها
المستقبلية، فالاقتصاد العالمي تحول إلى قرية صغيرة متنافسة الأطراف بفعل
الثورة التكنولوجية والمعلوماتية.
وقد نتج عن كل ذلك مفهوم جديد لا يزال
يثير جدلا واسع النطاق حوله من حيث تحديده وآثاره وأبعاده وهو مفهوم
العولمة Globalisation الذي لا يمكن استيعابه إلا في ضوء تلك التغيرات وفي
إطار تزايد الاعتماد المتبادل Interdépendance وتكوين الأسواق العالمية
وتحركات الأسعار والتحركات في حجم ونوعية الإنتاج وتوجهات التجارة العالمية
وتحركات رؤوس الأموال الساخنة Hot money ، وبناءا على ذلك فقد انتشرت
العولمة على كافة المستويات الإنتاجية والتمويلية والمالية والتكنولوجية
والتسويقية والإدارية، ومن ناحية أخرى تعددت أنواعها ومجالات تطبيقها،
فهناك العولمة الإقتصادية التي تبقى هي الأساس بكل الأنواع والتي تنقسم
بدورها إلى العولمة الإنتاجية والمالية و هناك إلى جانب العولمة الاقتصادية
العولمة السياسية والثقافية والاجتماعية وبالطبع، يكون تركيزنا هنا في
التعريف بالعولمة منصبا أساسا على العولمة الاقتصادية.
المبحث الأول: مفهوم العولمة، أسبابها ومظاهرها
المطلب الأول:
التعريف بالعولمة: كثرت التعريفات بالعولمة ولم تتفق الآراء على تعريف
واحد شامل وجامع لها نظرًا لتشعب المحتوى الفكري للمفهوم وامتداده من ناحية
كمجالات التطبيق إلى العديد من الجوانب الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية
ومن ناحية المستويات فإن هذا المفهوم وبالأخص في جبه الاقتصادي أخد ينتشر
إلى كافة المستويات الإنتاجية والمالية التسويقية والإدارية، وفي ضوء هذا
التحليل يمكن القول أن صياغة تعريف دقيق للعولمة تبدو مسألة شاقة، ورغم كل
ذلك فمن الضروري طرح كل التعريفات التي وردت للعولمة في محاولة لتعميق
الأبعاد المختلفة لهذا المفهوم بل ومحاولة الخروج بتعريف مناسب يخدم
التحليل الخاص وأهم التعاريف ما يلي:
1-يشير مصطلح العولمة إلى عملية
تعميق مبدأ الاعتماد المتبادل بين الفاعلين في الاقتصاد العالمي بحيث تزداد
نسبة المشاركة في التبادل الدولي والعلاقات الاقتصادية الدولية لهؤلاء من
حيث المستوى والوزن والحجم في مجالات متعددة وأهمها السلع والخدمات وعناصر
الإنتاج بحيث تنمو عملة التبادل التجاري الدولي لتشكل نسبة هامة من النشاط
الاقتصادي الكلي وتكون |أشكالا جديدة للعلاقات الاقتصادية في الاقتصاد
العالمي.
ولعل من الواضح أن هذا التعريف للعولمة يركز على أنها عملية
متعلقة على تعميق الاعتماد المتبادل وتحويل الاقتصاد العالمي إلى وق واحدة
تزداد فيها نسبة المشاركة في التجارة العالمية على أساس إعادة النظر في
مبدأ التخصص وتقسيم العمل الدولي، والوصول إلى نمط جديد للتخصص وتقسيم
العمل الدولي.
2. التعريف اللغوي: يرى أستاذ الفلسفة محمد عابد الجابري
أن العولمة في معناها اللغوي تعني تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل العالم
كله، وهي تعني الآن في المجال السياسي منظرًا إلية من زاوية الجغرافية
"جيوبوليتيك"، العمل على تعميم نمط حضاري يخص بلد بعينه يخص بلد بعينه هو
الو. م. أ على بلدان العالم أجمع.
3. العولمة ظاهرة مرتبطة بفتح
الاقتصاديات وبتوسيع الأسواق ودخول عدد متزايد من الدول وسكانها والبلدان
الاشتراكية سابقًا مع عدد متزايد من البلدان النامية القطاعات والشركات في
السوق العالمية كما أن هذه الظاهرة مرتبطة بمتطلبات التطور التكنولوجي
وزيادة المنافسة ودخول متعاملين جدد فيها.
4. وهناك تعريفات تركز على
العولمة باعتبارها مرحلة تاريخية وعلى ذلك فالعولمة هي المرحلة التي تعقب
الحرب الباردة من الناحية التاريخية والتحول للآليات السوق.
5. يعرفها
الأستاذ محمد عابد الجابري على أنها توع أو نسق ذو أبعاد تتجاوز دائرة
الاقتصاد فهي شاملة للمجال المالي والتسويقي والمبادلات والاتصال و...
السياسة والأخلاق والفكر الإيديولوجي والعسكري.
6. يري الاقتصادي العربي
والوزير السوري السابق محمد الأطرش العولمة على أنها اندماج أسواق العالم
في حقول التجارة والاستثمارات المباشرة وانتقال الأموال والقوى العاملة
والثقافات ضمن إطار من رأسمالية حرية الأسواق وتليها خضوع العالم لقوى
السوق العالمية، مما يؤدي إلى اختراق الحدود القومية، وإلى الخسارة في
سيادة الدولة، وإن العنصر الأساسي في هذه الظاهرة هي الشركات المتعددة
الجنسيات.
7. العولمة نتاج عملية تاريخية لتطور نمط الإنتاج الرأسمالي،
تطور قواه المنتجة التي تبرز مظاهرها في الثورة العلمية والتكنولوجية
واستخدامها لتطور علاقات إنتاجه وبالتالي فهذه التحولات تمس البنى الفوقية
الإيديولوجية السياسية والفكرية والثقافية .
والعولمة ليست فقط مجموعة
من العالقات المترابطة الناتجة عن فتح الاقتصادية بل أنها إيديولوجية
حقيقية للتغيير الاجتماعي السياسي الثقافي والفكري.
8. العولمة نمط معين
من الحياة أداتها الأساسية الشركات المتعددة الجنسيات الممارسة بكفاءة
لبلورة نموذج مثالي للتحرير من مختلف صور الاستعباد.
9. وهناك تعريف
يركز على العولمة باعتبارها "تجليات لظواهر اقتصادية" وتتضمن هذه الظواهر
تحرير الأسواق والخصخصة وانسحاب الدولة من النشاط الاقتصادي ولأداء بعض
وظائفها وخصوصا في مجال الرعاية الاجتماعية وتغيير لنمط التكنولوجيا
والتوزيع العابر للقارات للإنتاج من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر
والتكامل بين الأسواق الرأسمالية.
وهكذا يلاحظ تعدد التعريفات المطروحة
للعولمة ونحن مع الرأي الذي يرى أن كل هذه التعريفات جميعًا هي في مجموعها
تكاد تكون المكونات الأساسية لتعريف واحد جامع للعولمة فهي تجمع بين
جنباتها كونها تمثل حقبة تاريخية وهي تجليات لظواهر اقتصادية وهي أخيرًا
"ثورة تكنولوجية واجتماعية"
المطلب الثاني: العوامل والأسباب التي أدت إلى العولمة
تعتبر
العولمة نتاج لعوامل كثيرة أدت إلى ظهورها عند منتصف الثمانيات ومن هذه
العوالم ما هو إقتصادي ومنعا ما هو سياسي و ثقافي ويؤثر ويتأثر كل عامل من
العوامل السابقة، بالعوامل الأخرى ولكن ستقتصر على أهم العوامل الإقتصادية
فقط، دون إنكار لأهمية العوامل الأخرى قي تأثيرها على العولمة.
1-انخفاض القيود على التجارة العالمية:
بدأت
القيود بعد الحرب العالمية الثانية تخفض من وطأة الحماية، وأصبحت هذه
العوالم تعتمد على الضرائب المركبة، في تنظيم التجارة، وفي ضل رعاية الجات
(GATT) وتم تحقيق تقدم في تحري التجارة الدولية في بعض المجالات وقد ترتب
على المفاوضات المتعددة الأطراف التي تمت في إطار الجات، تخفيض في الضرائب
الجمركية على السلع الصناعية في الدول المتقدمة من 40% عام 1940م، إلى أقل
من 10% في المتوسط بعد جولة طوكيو عام 1989م، حيث بلغت 6% للإتحاد الأوروبي
و 4.4 % لليابان 4.9 بالمائة للولايات المتحدة الأمريكية.
2- التطور الصناعي في الدول النامية وزيادة تكاملها مع السوق العالمية:
يعد
ما حققته الدول النامية من نمو في الفترة السابقة، والحالية كأحد أهم
الأسباب للعولمة، فقد أرتفع نصيب دول شرق آسيا في الفترة من 1965 – 1988 من
الناتج العالمي المحلي الإجمالي للعالم من 5 بالمائة إلى 20 بالمائة من
الناتج الصناعي العالمي، من 10 بالمائة إلى 23 بالمائة، وزاد نصيب القطاع
الصناعي من الناتج المحلي الإجمالي في الدول النامية منخفضة الدخل، واستمرت
الزيادة في السكان في الدول النامية بمعدل 2 بالمائة سنويا.
3- تكامل أسواق المال الدولية:
تعتبر
الحركة الدولية لرأس المال مظهرًا أساسيا من مظاهر التكامل المالي الدولي،
كما أن صورة هذه الحركة ودرجاتها ترتبط ارتباطا وثيقا بفرض كفاءة الأسواق
المالية الدولية، حيث تعد هذه الأسواق هي القناة التي تتدفق خلال الأدوات
المالية المختلفة عبر مختلف دول العالم، وتأتي هذه التدفقات بين الدول، أو
خلال الأسواق المالية استجابة للاختلاف في معدلات الفائدة على الأدوات
والأوعية المختلفة وفيما بين الأسواق المختلفة بالأسواق المختلفة بالإضافة
إلى الاختلافات في درجة وأشكال الرقابة المفروضة على تحركات رأس المال.
4- زيادة أهمية تدفقات رأس المال الخاص والاستثمار الأجنبي المباشر:
يوضح
تقرير أفاق الإقتصاد العالمي 1997م، الصادر عن صندوق النقد الدولي ومؤشرات
زيادة أهمية التدفقات رأس المال الخاص والاستثمار الأجنبي المباشر فابتدءا
من منتصف الثمانينات بدأت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في أنحاء
العالم في الزيادة.
5- التقدم التكنولوجي وانخفاض تكاليف النقل والاتصالات:
ذكر
DOSI أن التغيرات التكنولوجية أحد محركات العولمة، وكذلك أكد على أهمية
هذا العامل ودور التقدم التكنولوجي في المواصلات والاتصالات على تسارع
عمليات العولمة، كما أوضح Lipsey أن التكنولوجيا الحديثة ترتب عليها انتقال
في النظم عبر الإقتصاديات العالمية.
المطلب الثالث: مظاهر العولمة
يتفق
أغلبية الباحثين والمتتبعين لتطوير هذه الظاهرة، إن عددًا من المظاهر
المتداخلة والمترابطة والمتفاعلة فيما بينها تتميز أساسًا:
1-الثورة العلمية التكنولوجية:
إن
تكنولوجيا المعلومات هي أحدثت مفرزات التطور التكنولوجي وقد أدي تطور
تكنولوجيا النقل والاتصال لإلغاء حواجز الوقت المسافة بين مختلف البلدان،
كما تنامى نقل السلع جوًا وبسرعة بين أسواق متجاورة، كدول الإتحاد الأوربي
مثلاً، وحتى بين الدول العربية وأسواق دول مجاورة، كما تطورت وبسرعة وسائل
الإتصال الإلكترونية لنقل الصوت والبيانات متضمنة البريد الإلكتروني،
والفاكس والانترنيت، وشبكات الإتصال التليفونية العالمية السريعة، وهو ما
أتاح لمصانع ومنظمات خدمية أن تخدم أسواقًا أوسع وأكثر، وسمح لشركات أن
تركز بعض عملياتها في منطقة معينة مع تقديم منتجاتها عبر فروع تختار
مواقعها قرب عملائها، وكانت شبكة الأنترنيت من أهم ما أفرزته ثورة
تكنولوجيا المعلومات. وقد أصبحت مجالات استخدام هذه الشبكة عديدة.
فعلى المسوقين وضع تشكيلة منتجاتهم وأسمائها وصورها وأسعارها، ومنافذ توزيعها والتسهيلات والمقترنة ببيعها لجدب العملاء.
وتضع
البنوك خدماتها المصرفية وبرامجها الإفتراضية وتضع بورصات الأوراق المالية
المتداولة وأسعارها، وغير ذلك من الاستخدامات وبالتالي فإن ثورة
التكنولوجية وتطور وسائل الإعلام عبر القارات بالأقمار الصناعية والحاسبات
الآلية جعل العالم كله سوق واحدة تقريبًا (قرية صغيرة).
2-التكتلات الإقليمية:
منذ
أواخر الخمسينيات بدأت بوادر التكتل الإقليمي بظهور السوق الأوروبية
المشتركة في عام 1959م، ثم تكتل شرق آسيا "ASEAN" في عام 1967م، ثم منتدى
التعاون الآسيوي الباكستاني "APEC" في عام 1989م، فالسوق الأمريكية الشاملة
"NAFTA" في عام 1994م، ثم سوق "ميركوسور" الأمريكية الجنوبية في عام
1995م، وأخ\ت هذه التكتلات الدولية شكل أسواق مشتركة تنزع مها جميع قيود
التجارة وتسود الحرية في انتقال السلع ورؤوس الأموال العالمية.
3- الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة GATT:
في
أبريل عام 1994م، أعلن قيام النظام التجاري العالمي الجديد حيث بدأ تنفيذ
الاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة "الجات" اعتبارا من بداية
1995م، وتقضي الاتفاقية بتحرير تدريجي زمنيا ونوعيا للتجارة العالمية في
السلع والخدمات والملكية الفكرية، وقد أدى إبرام هذه الاتفاقية وما تضمنته
من خفض تدرجي للتعرفة الجمركية وحصص الاستيراد إلى الإسهام في عولمة
التجارة والاستثمارات وجعلها أيسر على نطاق أسواق الدول الأعضاء في هذه
الاتفاقية
4-التحالفات الإستراتيجية لشركات عملاقة:
لم يعد تحليل
وتفسير الفرص وما توجهه مختلف الشركات يتطلب فقط منظورًا محليًا أو
إقليميا. بل أصبح المنظور العالمي ضرورة أساسية. إن ضرورة التصدي لتهديدات
المنافسة العالمية لا تعني السعي الحثيث لاختراق أسواق أجنبية، وقد أصبح
تكوين إستراتيجيات تحالفية أحد أهم سبل \لك.
وقد تحولت شركات كبيرة
أنهكها التنافس من إستراتيجيات التنافس إلى إستراتيجيات التحالف، والهدف
المرجو هو تقليل تكلفة التنافس وتكلفة البحوث والتطوير ونقل التكنولوجيا
بشكل منفرد، وتعزيز القدرات التنافسية للمتحالفين.
ومن أمثلة التحالفات
تحالف "توشيانا" مع "موتور ولا" في صناعة وتسويق وسائل الإتصال
الإلكترونية، و"سيمتر" مع "فيليبس" في صناعة شرائط الفيديو، وفي صناعة
السيارات تحالف كل من "فورد" مع "مازدا" و "خنزال موكور" مع "تويوتا".
5-الشركات العالمية:
مع
تزايد الاتجاه نحو إدارة اللا حدود جغرافية "Borderless management "
تنامي ظهور وتأثير الشركات العالمية، بعد أن كان توسع الشركات يأخذ صورة
تعدد ونشر الفروع في السوق المحلية، تطور الأمر لتعدد ونشر الفروع الخارجية
عالميا لا سيما مع الدعم الفائق الذي هيأته شبكات المعلومات العالمية
والتجارة الإلكترونية، وتزايد حضور وتأثير وسطوة الشركات متعددة الجنسيات
والعبرة للقارات على المساحة العالمية.
وهي شركات يقع المركز الرئيسي لها في دولة المقر، وتدير عملياتها في أسواق متعددة عبر العالم بهدف الاستحواذ على فرص سوقية متزايدة.
ومن
أمثلة \لك إدارة شركة "جنرال موتورز" لفرعها بالإسكندرية وشركة "نستلة"
أكبر شركة عالمية في صناعة الأغذية التي تبيع منتجات في أوروبا غير تلك
التي سعها في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأدى تنامي عمليات الشركات
المتعددة الجنسيات والعبرة للقارات كأداة رئيسية للعولمة، لسعيها اختيار
مواقع لمصانع ونقاط آخرين أو توزع لها في أسواق خارجية.
6-معايير الجودة:
في
عام 1987م، وضعت المنظمة الدولية للمواصفات القياسية (ISO) ومقرها جنيف
مواصفات قياسية عالمية اتفقت داخل المجموعة الأوروبية بشكل خاص والدول
الصناعية الكبرى بشكل عام، لتوحيدها لكافة المنتجات ماعدا منتجات الكهرباء
والمنتجات الغذائية.وهذه مواصفات إدارة الجودة المعروفة بالإيزو 9000 أحد
المؤشرات على عولمة أنشطة الأعمال لا سيما بعد أن أصبحت هذه الشهادة وبسرعة
هدفا لشركات عديدة حول العام تسعى لأن تزاول أنشطتها في أوروبا أو تكتسب
سمعة وشهرة متبنية لمدخل عالمي للجودة الشاملة.وقد سارت عدوى سعي الشركات
للحصول على هذه الشهادة عالميا كسلاح تنافسي، كما يتزايد عدد العملاء الذين
يشترطون حصول المنظمات التي يتعاملون معها على هذه الشهادة وعالم اليوم
والغد يسعى لأن لا تقبل أسواقه إلا منتجات (سلع وخدمات) تقدمها منظمات
تتوافق نظمها مع متطلبات نظام الجودة العالمي (ISO 9000) كأحد المعايير
الرئيسية للتبادل التجاري العالمي.
7- زيادة حركة التجارة والاستثمارات العالمية:
ويمكن تلخيص ذلك فيما يلي:
7-1-
تزايد حجم الصادرات عبر العالم: حيث أصبحت تمثل 35 بالمائة من الناتج
الإجمالي العالمي بعد أن كانت تمثل 12 بالمائة فقط عام 2691م.
-2-7
تزايد حركة الاستثمارات العالمية الخارجية: فمثلا قام اليابانيون بشراء
العديد من المصانع في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا وذلك لزرع مانعهم
في البلدان التي تضم أسواقهم.
7-3- انفتاح النظم المالية العالمية:
فخلال الثمانينات والتسعينيات من القرن العشرين ألغت كثير من دول أوروبا
الغربية والولايات المتحدة الأمريكية سقوف أسعار الفائدة وسمح هذا لكثير من
البنوك، أن تجدب مستثمرين أجنب أكثر، قدمت لهم أسعر فائدة أعلى. وفي نفس
الوقت خففت القيود على إنشاء فروع لبنوك أجنبية، وهكذا أصبحت النظم المالية
العالمية أكثر إنفتاحًا.