بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على
سيدنا محمد سيد الحامدين وسيد الشاكرين
باب استحباب سجود الشكر عند حصول نعمة ظاهرة ،
أو اندفاع بليّة ظاهرة ......
عن سعد بن أبي وقاص قال :
خرجنا مع رسول الله صلـى الله عليه وسلم من مكة نريدُ المدينة ،
فلما كنا قريبا من عَزْوَراءَ ؛ نزل ، ثم رفع يديه ، فدعا الله ساعة ،
ثم خرَّ ساجدا ، فمكث طويلا ، ثم قام ، فرفع يديه ساعةً ،
ثم خرَّ ساجدا ــ فعله ثلاثا ــ ، وقال :
(( إني سألتُ ربي ، وشفعتُ لأمتي ، فأعطاني ثلث أمَّتي ،
فخررْتُ ساجدا لربي شكرا ، ثم رفعتُ رأسي ، فسألتُ ربّي لأمتي ،
فأعطاني الثلثَ الآخر ، فخررتُ ساجدا لربّي )) رواه أبو داوود .
***************
فسجود الشكر مستحب ؛
وهو سجدة واحدة يسجدها المسلم عند حدوث نعمة
أو اندفاع نقمة وقد دلت على ذلك الأحاديث والآثار :
* فمن الأحاديث حديث أبي بكرة رضـي الله عنه : ( أن النبي صلـى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسره وبشر به خر ساجدا شكرا لله تعالى ) رواه الخمسة إلا النسائي ، قال الترمذي: حسن غريب ، ولفظ أحمد : أنه شهد النبي صلـى الله عليه وسلم أتاه بشير يبشره بظفر جند له على عدوهم ورأسه في حجر عائشة ، فقام فخر ساجداً . أخرجه أحمد 5/45، والحاكم 4/291.
* ومنها : حديث عبد الرحمن بن عوف قال : خرج النبي صلـى الله عليه وسلم فتوجه نحو صدقته فدخل واستقبل القبلة فخر ساجدا فأطال السجود ثم رفـــع رأسه وقال : ( إن جبريل أتاني فبشرني ، فقال : إن الله عز وجل يقول لك : من صلى عليك صليت عليه ، ومن سلم عليك سلمت عليه ، فسجدت لله شكرا ) رواه أحمد ، قال المنذري : وقد جاء حديث سجدة الشكر من حديث البراء بإسناد صحيح ومن حديث كعب بن مالك وغير ذلك . انتهى .
وأما الآثار فمنها :
* أن أبا بكر رضي الله عنه سجد حين جاءه خبر قتل مسيلمة . رواه سعيد بن منصور في سننه .
* وسجد علي رضـي الله عنه حين وجد ذا الثدية في الخوارج . رواه أحمد في المسند .
* وسجد كعب بن مالك في عهد النبي صلـى الله عليه وسلم لما بشر بتوبة الله عليه . وقصته متفق عليها .
**********************
ماذا نقول في سجود الشكر ؟
لم يرد في الأحاديث تخصيص سجود الشكر بدعاء معين ، ولذلك قال العلماء : يقول في سجود الشكر ما يقوله في سجود الصلاة من التسبيح والدعاء . فيقول : سبحان ربي الأعلى ، اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ . ثم يدعو بما أحب .
قال ابن قدامة رحمه الله : صفة سجود الشكر في أفعاله وأحكامه وشروطه كصفة سجود التلاوة اهـ المغني 2/372 . وقال في سجود التلاوة : ويقول في سجوده ما يقول في سجود الصلاة اهـ المغني 2/362 .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : يكون سجود الشكر عن مصيبة اندفعت أو لنعمة تهيأت للإنسان وهو كالتلاوة خارج الصلاة ، فبعض العلماء يرى له الوضوء والتكبير ، وبعضهم يرى التكبيرة الأولى فقط ، ثم يخر ساجدا ويدعو بعد قوله سبحان ربي الأعلى .اهـ فتاوى منار الإسلام 1/205 .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
***********************
اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا ملء السموات وملء الأرض
وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد ، حمدا كعزّ كرمك،
حمدا كعزّ جلالك حمدا كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
أن بعثت فينا محمدا نبيا ورسولا يسأل الشفاعة لأمته
أما وجب علينا سجود الشكر الآن على هذه النعمة ؛
وكفى بها من نعمة والله .
*******************
(منقول للافادة)