هل أنت زهرة أم لؤلؤة؟
ذات يوم تقابلت زهرة مع لؤلؤة, ودار بينهما حوار حول الأجمل منهما؟
قالت الزهرة: أنا عنوان المحبة ورسول المودة, أنا جميلة في عيون كل من يراني، رائحتي دائمًا عطرة يتنسم الجميع عبيري، أنا ثمني بسيط يستطيع الحصول عليَّ معظم الناس، ألواني جذابة تخطف الأنظار, ولا يملك أحد إذا رآني إلا أن يلتفت إلي ويبدي إعجابه بي فمن أنت إذن أيتها اللؤلؤة؟
فردت اللؤلؤة: أنا مكاني في قاع الماء، لا يستطيع الحصول علي إلا من يتعب ويجتهد، ينفق الكثير حتى يحصل علي، وقليل هم الذين يفوزون بي، لوني زاهٍ وجمالي خلاب وبراق لا يدانيه جمال، لكني أخفي هذا الجمال لمن قسمه الله لي، قيمتي باقية طوال العمر لأني لا أذبل، بل أنا جوهرة في يد من يعرف قيمتها والآن ماذا تحبي أن تكوني زهرة أم لؤلؤة؟
أختي الفتاة المسلمة:
إذا اخترتِ أن تكوني لؤلؤة فإنه لا بد من محارة تصون اللؤلؤة, وهذه المحارة هي الحجاب.
ولأخواتنا المؤمنات، ربات الصون والعفاف وغيرة عليهن من أن يكنَّ غرضًا للنظرات الجائعة، أو أن يتحولن إلى سلعة رخيصة يروج عن طريقها لكل السلع، كما واقع المرأة الغربية، شرع الله تعالى لهن الحجاب الشرعي الذي يصون حياء المرأة وعفتها، ويجعلها طاقة بناءة في أرض الإسلام، بدلًا من أن تكون مصدرًا لتأجيج نيران الشهوات كما أراد لها أعداء الأمة.
(فإن دين الله يضع أختنا المؤمنة في مرتبة اللؤلؤة النفيسة, التي يجب أي يكون لها محارة قوية، تقيها من غوائل العابثين، حتى إذا أكرمها الله تعالى بالزوج المؤمن الصالح كانت له خير متاع الدنيا، إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله.
من أجل كل هذه المقاصد وغيرها، فقد أوجب الله على كل مؤمنة أن تتمسك بحجابها الشرعي، ليكون لها ولمجتمعها حافظًا وعاصمًا، بعد فضل الله من التفكك والسقوط في حمأة الرذيلة
من أسباب الحرمان من الجنان التبرج، بل جعله نبينا صلى الله عليه وسلم موجبًا لدخول دار الجحيم فقال صلى الله عليه وسلم: [ صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها, وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا ]
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - لصفحة أو الرقم: 2128
خلاصة حكم المحدث: صحيح
عبادة وليس عادة:
فالمرأة المسلمة إذن ليست من النساء الكاسيات العاريات اللواتي تغص بهن المجتمعات المعاصرة الشاردة عن هدى الله وطاعته...والمرأة المسلمة التي نهلت من معين الإسلام الصافي لا تلتزم الحجاب الشرعي تقليدًا وعادة درجة عليها الأمهات والجدات، فورثتها عنهن...بل تلتزمه وقلبها مطمئن بالإيمان أنه أمر من الله تعالى، ونفسها مفعمة بالقناعة أنه دين أنزله الله لصياغة المرأة المسلمة وتمييزًا لشخصيتها، وإبعادًا لها عن مزالق الفتنة ومهاوي الرذيلة، ومن هنا فهي تتقبله بنفس راضية، وقلب مطمئن، واقتناع راسخ، كما تقبلته نساء المهاجرين والأنصار، يوم أنزل الله فيه حكمه القاطع.
دور الأم قبل بلوغ الفتاة:
وهنا يأتي دور الأم قبل بلوغ ابنتها، فعليها أن تمهد للفتاة قبل البلوغ بوقت قصير لما سيحدث لها من تغيرات فسيولوجية، وما يحدث بعد البلوغ، وتبين لها الأم أنها بذلك قد بلغت مبلغ النساء، وأصبحت مكلفة شرعًا أمام الله بالتكاليف الشرعية مثل الصلاة والصيام...وفريضة الحجاب، فالبنت في هذه السن تحتاج إلى صداقة الأم وإلى الإرشاد والتوجيه النفسي منها، ولا تكون العلاقة مع الابنة مجرد أوامر ونواهي وممارسة السلطات عليها
إن تربية الفتيات على آداب الإسلام منذ الصغر ضرورة ملحة ليقفن عند حدود الحلال والحرام، فلا تهاون ولا تجاوز لهذه الحدود.
(وقد وضع الإسلام ضوابط تحد من الانحرافات ـ وخاصة انحرافات الجنس ـ وجعل هناك تدابير توصد باب الغواية، وسن آداب الحجاب وغض البصر وآداب الاستئذان ومنع الاختلاط...
ومن أجل منع الإثارة الجنسية أوجب الإسلام على المرأة إذا بلغت سن التكليف الالتزام بالحجاب الشرعي عند خروجها من بيتها، فلا يظهر منها شيء من حسن أو جمال، وتمشي تفلة في الطريق، فتحفظ نفسها وتحفظ الرجال كذلك وهي تساعد بذلك على سمو الأمة، وبناء الحضارة ولا تكون معول هدم فتشغل بها الرجال في الطريق.
يقول جلادستون: " لا بد لاختلال قوى الإسلام من رفع الحجاب عن وجه المرأة المسلمة ونغطي به القرآن".
هذه هي مخططات أعداء الدين، وهم يقومون بتنفيذ هذه المخططات بشكل منظم ومدروس، وبخطوات متباعدة، ولكنها مضمونة كما تحكيه عبارتهم "سلو بت شور" أي بطيء ولكن مضمون.
وهم يحققون خططهم تحت عناوين مختلفة منها: دعوى التحضر، ومنها الموضة، الاستقلال الذاتي للمرأة، ومنها دعوى تحرير المرأة.
والحقيقة هي ليست دعوة إلى تحرير المرأة كما يزعمون، ولكنها دعوة إلى تحرير الوصول إلى المرأة، هم يريدونها أن تكون قطاعًا عامًا لكل الناس بالتلذذ في النظر إلى جسدها ومفاتنها والاستمتاع بها بلا قيود ولا حواجز، إنها دعوة إلى التحرر من كل الروابط والقيم والمسئوليات الأسرية والحقوق الاجتماعية, ولن تحقق المرأة مكانتها، ولن تجد قيمتها إلا على أنقاض العفة والحشمة والالتزام بضوابط الشرع
وهنا يبقى السؤال: هل الحجاب يمنع المرأة من التقدم والرقي لتطوير الذات؟
وهل الحجاب يمنع من الفهم والتأمل والتفكير؟ وهل الحجاب يمنع من دراسة المرأة الطب والهندسة والفيزياء والكيمياء وحتى دراسة الذرة؟
فأنا أعرف فتاة منذ أن بلغت ارتدت الحجاب ومجتهدة في دراستها ودائمًا الأولى على المدرسة، وأخرى أيضًا بمجرد بلوغها التزمت الحجاب وكانت ذكية متقدة الذهن ومتفوقة وحافظت على هذا المستوى العلمي حتى دخلت كلية الطب، وتخرجت بتقدير امتياز وهي تتصف بالصلاح والأخلاق العالية, ومن هنا نفهم أنه لا تعارض بين ارتداء الحجاب والالتزام بشرع الله وبين تحصيل العلم والتفوق في الدراسة بل والعمل في المجالات التي تناسب المرأة كطبيبة ومدرسة.
أهمية الالتزام بالزي الشرعي على نفسية الفتاة:
إن التزام الهدي الظاهر من شعائر الإسلام التي يعتز بها كل مسلم، وهي تدل أيضًا على هويتها الإسلامية.
والحجاب طاعة وعبادة وقربة إلى الله وهو دليل على الإيمان, والإيمان يزداد بالطاعة وينقص بالمعصية، وتجد المسلمة حلاوة هذه الطاعة على قلبها وعقلها وبدنها، وتجده راحة في النفس واستقرار وهدوء.
وماذا بعد الكلام:
1. حافظي على حجابك فهو علامة على إيمانك واحتفاظك بهويتك الإسلامية.
2. حجابك طاعة لله وقربة والطاعة حسنات في الدنيا والآخرة والطاعة نور في القلب والعقل والبدن.
3. لا يمنعك حجابك عن الدراسة والتفوق في دراستك ووصولك إلى أعلى الدرجات العلمية حتى الدكتوراه.
4. كوني قدوة حسنة للفتاة المحجبة ومثالًا يُقتدى به في الأخلاق والعمل والنجاح.
5. أرجو منك أن تحققي شروط الزي الشرعي للمرأة المسلمة في ملابسك.
وترنمي بقول الشاعر:
فليقولوا عن حجابي لا وربي لن أبالي [] قد حماني فيه ديني وحباني بالحـلال
زينتي دومًا حيائي واحتشامي بالحلال [] سوف أزهو بحياتي وعلى الله اتكالي
فليقولوا عن حجابي لا وربي لن أبالي