ÂбďЗĿЋÃmĨĎ
عضو فضي
مشاركات : 1350
العمر : 33 الجنس : الدولة : ỀחĜĻĨśĥ المدينة : Ď∂ξŀ∫ā///mãŅĉҺэ∫‡Ệѓ Ĉ¡Ŧү تاريخ التسجيل : 01/04/2012
| موضوع: قصة أين ماضىَ ؟! - الفصل الخامس - الجمعة أبريل 27 2012, 14:07 | |
| أهلا بكم واعتذر عن يوم تأخير لظروف انقطاع الخدمة
الفصل الخامس حمداً لله على سلامتك يا أم نور الدين . فتعجبت ولكن علمت أنى كنت أتحدث أثناء الوضع .
ملأ نور الدين علىّ حياتى ... كان يلهو ويلعب هنا فى تلك الحديقة ظل يكبر أمامى وأنا أنشئه على القرآن والصلاة كما علمنى أبى وأكملت معى أمى الإنجليزية ، صبا نور الدين أمامى وكأن الوقت يسرقنا وتتطور الأحداث وتتبدل الأمور ويتغير زمام الحكم نحو رئيس جديد مازال موجوداً الآن إنه الرئيس المخضرم حسنى مبارك ويدق جرس السنة السادسة من عمر ابنى ( نورالدين ) حين جاء عام (1984) وكان أول أعوامه بالدراسة الإبتدائية . كان صاحب عقل مضىء وتفكير نبيه ، كنت أنا وأبوه نرفهه ونمنحه كل الحنان الذى اكتسبناه وإن كنت أحياناً ألحظ على رياض تغير وجهه حين أزيد من القبلات والأحضان نحو ابنى نور وكأنه يغار منه لنيله من الحنان ما انحرم هو منه لكنى كنت أستبعد ذلك التفكير من رأسى . ولكن ؛ تأكد هذا التفكير عندى عام (1986) الذى لا أنساه ، عندما بلغ ( نورالدين ) سن الثامنة وبعد أن أنهى عامه الثانى من التعليم ، وكأن أبوه رياض قد قرر أن يذيقه الحرمان من أمه ، ولكنه لم يحسب أبداً حساباً لمشاعر تلك الأم ولم يعدل فى المقارنة بين أمه ( جين ) التى فرطت هى فيه وبينى أنا ( جاسمين ) ؛ التى تمنيت هذا الولد طيلة فترة زواجى منه . جاء قرار رياض المفاجىء الذى ليس له أى مبرر بأن يعود إلى إنجلترا ويقيم مع أمه ما تبقى لها .. لكن .. هل أخون وعدى لأمى وأترك مصر ؟؟ ؛ أم أخالف رياض الذى صمم على ألا يترك ( نورالدين ) معى ؟؟ ، علمت فى داخلى أن رياض خطط جيداً لفراقنا ولبعدى عن ابنى .....
فقاطعنى لمدة أسبوع لا أراه فى صيف عام (1986) وكان ( نورالدين ) مازال معى ، بعد أسبوع جاءنى هاتف منه يطلب منى أن أجهز نور للسفر معه فى اليوم التالى ...
لم أكن أعلم ماذا أقول لنور ؛ لكن ما اهتديت إليه هو أن أنصحه بعدة نصائح تظل له هداية وتذكار ... فأخبرته أنه ذاهب ليزور جدته أم والده رياض الجميل ونصحته بالأدب وحسن السلوك ودوام الصلاة والعبادة وضممته إلى صدرى قرابة نصف الساعة وبات ليلتها فى حضنى ، ثم أصبحنا صباح اليوم التالى فقلت له :
عِدنى ألا تبكى لفراقى فأنت رجل وعِدنى ألا تنسانى فكم أحبك ، بينما أنا من تريد البكاء ولكن أحبسه بداخلى ونحن جلوس على الأرجوحة أداعبه وكأنى أعلم بأنى لم أعد أراه ؛ وإذا بمرسال أبوه ...
أرسل إلى أحد زملائه الذى كنت أعرفه جيدا ليأخذ ابنه ويعطنى شيكاً برصيد أودعه بإسمى بالبنك ليؤمن به مستقبلى لما بعد الوظيفة . قبلت ( نورالدين ) فى جبينه وهو قبلنى فى خدى الأيمن الذى مازال يتحسس شفاته حتى الآن .
وجدت دموعاً تسيل من عين السيدة ( جاسمين ) ولكن لم تتوقف عن الكلام حيث قالت :
رياض قتل أجمل حب ولد فى الحياة ؛ اختار الفراق بعد معانقة دامت ستة وأربعين عاماً منذ الطفولة وحتى هذا العمر ، اختار لى العذاب ؛ كان عذابين : عذاب لفراقه هو ؛ وعذاب آخر أقوى لفراق نور عينى نور الدين ...
ازدادت فى البكاء والدموع تنهمر من عينيها وداومت الحديث قائلة :
انهرت فى البكاء بمجرد خروج ( نورالدين ) من باب هذا القصر وقصدت الهاتف لأوصى رياض آخر كلمة قلتها له حين قلت : رياض لا تجعل ( نورالدين ) سكيناً تذبحنى بها .. راجية إياه .. ثم عقبت : أنا لا أمنعك من السفر لكن إرجع إلىّ ولو بعد عامين .. المهم أن تعدنى بالرجوع .. قال لى كلمات : حبيبتى ( جاسمين ) إنتظرى إرادة الله .
وأغلق الهاتف وكان صوته وكأنه يبكى .. تذكرت يوم صفعنى على وجهى ؛ كم كان هذا سهل أمام تلك الصفعة القوية التى مازلت أنا عليها...
فجأة سقطت على الأرض قاطعة النفس وإذا بدموعى تنهمر خشية أن يصيبها مكروه ، وأهرول للهاتف طالباً سيارة العناية المركزة ... وبعد ما يقرب من الساعتين داخل غرفة العناية ؛ أكد الأطباء أنها مصابة بإنهيار عصبى ناتج عن إجهاد نفسى ...
وقفت أنظر نحوها من النافذة الزجاجية متمنياً لو كنت أنا ابنها .. تذكرت كلامها وعلمت أنها لم ترى ولدها ( نورالدين ) منذ ذلك اليوم التعيس ؛ إنها حقاً جبلاً قوى وإيمانها أقوى بقضاء الله وقدره .... إنها مازالت تنتظر إرادة الله حتى الآن ونحن فى عام (2007) ؛ أى أنها الآن تناهز مقدمات السبعين من عمرها وأواخر الستين ، وما يقرب من اثنين وعشرين عاماً على فراق ابنها ولكن عجباً ؛ هل هى حقاً لا تعلم مصيره ... عنوانه ... مكانه حتى ؟؟؟
وضعها الأطباء تحت الملاحظة طيلة ليلة كاملة وأعطوها بعض المقويات حتى تقدر على النهوض ، حيث أنها أصبحت بصحة جيدة ولكنها مرهقة من شدة التفكير ولكنى أظن أنها الآن تمر بأحسن حال بسبب الفضفضة التى حدثت منذ قابلتها ؛ ومن تلك اللحظة أظن أن كلانا لم يعد يعلم للورد رائحة بدون الآخر ولكن الآن لا أجد حجة أزورها من خلالها ...
فى باكر صباح اليوم التالى إتجهت نحو القصر وذهبت للخادمة وطلبت منها أن تحضر أزهى وأحب الثياب لدى السيدة ( جاسمين ) وتنتظرنا على أن نعود فى أواخر الليل لأننا سنذهب فى نزهة سوياً ...
ارتديت خيرة ملابسى واتجهت نحو غرفتها وقلت لها : ارتدى ثوبك هذا فلن نذهب إلى القصر الآن وسنتناول وجبة الغداء عند الأصيل فوق اللسان برأس البر ... ثم نعود مؤخراً ... لكى تغيرى ما تستنشقينه من الهواء فمصر كبيرة وأماكنها جميلة ....
انطلقنا نحو رأس البر وفى الطريق الطويل سألتها : ألم تعرفى شيئاً عن ( نورالدين ) ولو حتى تسمعين صوته فى الهاتف ؟؟؟ ... قالت :
لم أكن أتخيل طول زمن قسوة رياض علىّ لهذا الحد ، كنت قد اقتربت من الدخول فى حالة إكتئاب لولا دخولك فى حياتى لكنى بالفعل بعد مرور عام حاولت الإتصال بهم فى أرض الإنجليز بعد مرور عام واحد من رحيلهم ؛ واتصلت بابن أخى هناك الذى أخبرنى بهول المفاجأة :
رياض ابن عمتى ( جين ) وابنه نور ... نعم رأيتهم منذ ستة أشهر قبل أن يرحلا عنا بعد عدم قدرتهم على العيش معنا عندما علموا بزواج ( جين ) من عربى مغربى وإنجابها منه ثلاثة – ولدين وبنت – فرحل بعد مجيئه بشهرين ولكن عمتى ( جين ) لم تتحمل فراقه ووافتها المنية من هول صدمتها حين رفض العيش معها وماتت بعد شهرين من رحيله ، وأرسلنا له خطاباً على الجامعة فى مصر ولكن رجع لنا الخطاب بعد شهرين مؤكداً أنه لم يرجع للعمل بالجامعة .. سألته : وهل رجع إلى مصر ؟؟؟ قال ابن أخى : لآ أعلم عنه شيئاً .
منذ ذلك اليوم أتعجب من حال رياض وسبب هذا الجفاء وما يثير غيظى هو أنى لا أعرف سبباً لمقاطعتى حتى الآن وأنا على يقين من أنه يشعر بنفس الآلام التى أشعر بها ..
سكتت وقتاً طويلاً وبدأت أشعر بشعورها بالملل ولكنى مددت يدى نحو تابلوه السيارة وإذا بشريط أغنية ( حاول تفتكرنى ) للعندليب ؛ فقمت بتشغيله ونظرت لها فابتسمت فى وجهى ابتسامة شكر وظلت تنظر لى طيلة وقت الشريط وبعد انتهائه .. كان لم يعد وقتاً طويلاً على وصولنا لمدينة رأس البر فسألتنى :
ما مشاريعك يا أحمد ؟؟
ضحكت وقلت : لا مشاريع لى فأمامى ستة أشهر وأذهب للتجنيد ولا أعلم إن كنت سأقضى الخدمة أم لا ...فقالت لى :
أنت مورد معطل .. ما رأيك فى شركة مقاولات تكون أنت مديرها .. وتتولى حملة تسويقها وتشغيلها المبدئى خلال الستة أشهر وإن قضيت الخدمة جلبت مديراً غيرك حتى تنتهى من التجنيد وتكون رقيباً عليه فى اجازاتك .
قلت لها : ومن أين لى بالمال ؟ قالت :
ستكون الشركة مناصفة بينى وبينك ؛ أنا برأس المال ، وأنت شريك بالإدارة والنسبة ستكون مناصفة ؛ ألا تريد أن تقيم معى عملاً أو مشاريع ..
لم أستطع الرد وإذا بها تباغتنى قائلة :
سأنتظر منك غداً دراسة جدوى كاملة للمشروع .
قلت لها انتظرى لبعد غدٍ ؛ فوافقت ..
كان هذا اليوم يوم سعيد عليها وعلىّ ..عليها حيث أنها لم تخرج خارج الأسكندرية أبدا ؛ وعلىّ لأمرين ؛ الأول أننى أصاحب أجمل عجوز فى مصر ؛ والثانى لأنى وجدت عملا مناسبا بل أكثر من مناسب . زرنا الشاطىء وتنزهنا على اللسان وأعجبت به جدا على حالته الحديثة وتمنت لو أنها كانت تعيش هنا عليه وعزمنا العودة بعد العشاء . مر الوقت سريعا ليوم خفيف جميل أحسست بأننى أعدت للسيدة العجوز شبابها للوراء أعواما كثيرة ولم أفق من تفكيرى إلا بقولها :
أراك بعد غد يا أحمد .
قمت مسرعا لأفتح لها باب السيارة وقلت لها : شكرا على كل تلك الثقة منك .
وضحكنا وداعبنا بعضنا البعض ببعض الألفاظ ثم افترقنا .
فهمت الآن ماهو ماضى تلك السيدة التى دائما ما تقول عنه ؛ أريد أن أعلم ( أين ماضىّ ) ..تمنيت لو أستطيع أن أجده لها حتى أننى تمنيت أن أنام وأستيقظ فأجد نفسى إبنها ( نورالدين ) لأحظى بذلك الحب وتلك المشاعر الدافئة ... وكم تخيلت مشهدا لو قابلت رياض أو نور بعد هذا العمر .
أنا نفسى لا أقدر على التصور ، ولكن إرادة الله فوق كل شىء كما قال رياض : " انتظرى إرادة الله " ....
قدمت لها خطة المشروع الإعلانية والتسويقية التى أعجبتها كثيرا ولم يمر وقت طويل حتى بدأنا العمل الفعلى واستلمنا عدة أعمال مقاولات منها عملين فى وزارة التعليم الحكومية نظرا لما اكتسبناه من ثقة وللدعم المالى الكبير المقدم من السيدة ياسمين ، وقررت هى أن نطلق على الشركة إسم ( a.j) كأول حرف من إسمى وإسمها وصممت على وضع حرفى الأول ، ولم تلبث تلك الشركة إلا وأنتجت عن نسبة أرباح جيدة خلال الثلاثة شهور الأولى بعد الانتهاء من عدة مشروعات .... كنت دائما ما أقوم بإخبارها بكل صغيرة وكبيرة عن دقائق الأمور لأنه سيأتى يوم ربما أتركها للإشراف على الشركة فى فترة التجنيد ، ووضعت سياسات واضحة لسير العمل وأصبح للشركة إسم ووزن فى وقت ضئيل وإن توقعنا غير ذلك تماما . كنت أشعر دائما بتحسن حال السيدة ( جاسمين ) وكأن العمل يشغلها عن الاكتراث بالتفكير فى ولدها أو زوجها ؛ مرت شهور عديدة على هذا الحال ونجاح يتبع نجاح حتى جاء موعد طلبى للتجنيد – فى صيف عام 2007 – وفى اليوم السابق لذهابى لمنطقة التجنيد اتفقت معها أن تدير الشركة خلال هذا اليوم وقالت لى :
إذهب فى أمان الله لما فيه الخير لنا .
لم تتوقف أعمال القدر لحظة فى حفر الأحداث وكأنها الأيام لا تمنينا على هدوء بالنا ... فأثناء وجودى فى صالة الفرز بمنطقة التجنيد ؛ علقت لوحات مكتوب عليها تعليمات عديدة وعلى إحدى اللوحات وجدت توقيعا للمسئول عن أحد الأقسام الإدارية وصدمنى هول الإسم حين قرأته : الرائد / ( نورالدين ) رياض الشعراوى . لم أركز إلا على " ( نورالدين ) " و " رياض " .....
سألت عنه أحد العساكر فأخبرنى بشدته وحزمه وعصبيته الزائدة عن الحد – حقا ؛ إنها الآثار النفسية – ولكنى صممت على معرفة مكتبه وقررت ملاقاته ؛ دخلت عليه المكتب بعد أن أخذت منه الإذن وكان أول مستندات قطع شكى فى أنه هو ( نورالدين ) إبن السيدة ( جاسمين ) ملامحه الغربية فهو كثير الشبه لوالده الذى وصفته لى السيدة ( جاسمين ) وأيضا كنت قد رأيت عندها بعض الصور ... قلت له بعد أن ألقيت عليه التحية : أريد أن أقابلك فى لقاء شخصى ليس محله هنا
فأظهر تعجب وقال لى : هل سبق لك معرفتى ؟ ، قلت له : نعم ولكن لا أستطيع أن أخبرك كيف لى ذلك الآن .... فسألنى عن إسمى وقلت له أحمد ناجى . أعطانى عنوان منزله وكانت المفاجأة أنه يسكن فى الأسكندرية ويقيم فيها ؛ كل تلك علامات استفهام واجهتها ...... ؟!
ذهبت لمنزلى بعد يوم شاق داخل سور منطقة التجنيد ؛ فغفوت وقتا ليس طويلا حيث عندى موعد هام مع الرائد / ( نورالدين ) رياض الذى ما زالت الشكوك تحوم حوله فى ذهنى .
قمت من نومى وأول ما قمت به اتصال بالسيدة العجوز لأطمئن عليها , وتبادلنا عبارات رقيقة وحوارات شيقة عن يوم العمل الذى أدارته هى واتفقنا على تناول العشاء سويا ؛ لكن تلك المرة فى بيتى أنا حين رغبت فى تعريفها على أبى وأمى وأختى الشقية وإخوتى .
الآن أنا أمام منزل الرائد نور فى موعدى تماما فهو رجل عسكرى ، وضعت يدى على جرس الباب وكانت الصدمة القوية ليست صدمة سيئة وإنما صدمة قلبية ؛ إذا بفتاة فى سن العشرين تفتح لى الباب وتقول بصوت عذب : أى خدمات ...
لكنى لم أرد مباشرة ولكن سرح عقلى بعيدا نحو وصف السيدة ( جاسمين ) لخالتها ( جين ) ، فكانت دائما ما تصفها بدقة حتى أننى كنت قد رسمت لها صورة فى ذهنى وها هى الآن أمامى وإذا بى أقول لها : انت ( جين ) ؟ ، كنت خارجا عن وعيى ولكن أعاده إلى قولها بكل استغراب : نعم أنا ..... هل تعرفنى ؟! .
اندهشت جدا ؛ ولكن الآن ما دار بخاطرى ثبت صحته وهو أن السيد نور له إخوة وأخوات لذا دخل الحربية ولم يعترض أحد لأنه الوحيد ، فعادة لايقبل الأب ان يدخل إبنه الوحيد الحربية . لكن الخيوط تتشابك الآن ، اسم الفتاة ( جين ) كان ثانى المستندات لاثبات ظنى . لكن الآن يجب أن أخرج نفسى من هذا الموقف فقلت : عندى موعد مع الرائد / ( نورالدين ) .
قالت لى بعد ابتسامة واعتذار : تفضل أولا بالدخول . كانت رسالة أخرى بالداخل شبه تأكيد للحقيقة ؛ إنها هى الخادمة المخلصة تجلس مع رجل عجوز أظنه هو رياض ، وارتبكت جدا لرؤيتى وكان يعرف إسمى وكل تحركاتى وفهمت الآن أننى لن أقابل ( نورالدين ) وأنهم أبعدوه عنى وحين رآنى قال : اذهبى لانريد خادمات جدد فلدينا المزيد وكأنه يريد أن يبعد عنى الشكوك لكنى لم أقتنع فقلت له : أأنت السيد رياض ؟ قال : نعم إنه أنا ... من أنت ؟ ؛ فى رسالة لإكمال مسلسل التجاهل ولكنى تماسكت وقلت : أنا أحمد ناجى ، عندى موعد مع الرائد ( نورالدين ) .
قال لى : نعم .. نعم ... أخبرنى نور بموعدك ؛ لكن نور ذهب إلى الطبيب مع زوجته .. يبدو أنها على وشك الوضع ولكن ؛ يمكنك الحديث معى .. فقلت له : جميل جدا إسم ( جين ) هل هى ابنتك ؟؟ رد بريبة وخوف : نعم .. ابنتى ؛ لم السؤال ؟ لم أعد أستطيع الصبر حين قلت : سيدى رياض ؛ ألا تريد لقاء ابنة عمك سعيد ورفيقة أيامك السعيدة ... الزهرة الجميلة التى كادت أن تذبل ..؟؟
وقف من جلسته عصبيا وقال لى : لا أفهم عم حديثك ؟ ؛ هل تريد أن تزعجنى ؟ .. وقام بطردى ولكنى لم أستجب له ... وبكل هدوء وثقة قلت له : أعلم عنك المزيد .. أعلم أنك رياض بن محمود مواليد عام ( 1940 ) بأرض الإنجليز وتزوجت ابنة عمك سعيد ؛ السيدة ( جاسمين ) . فبدأ يهدأ أمامى .. وقلت له : أتذكر مشهد زفافكما على الماء ؟؟ أتذكر دموع لويزيان ؟؟؟ أتذكر وصية أبوك ؟ ، ووصية لويزيان حين أمرتكم بعدم مغادرة مصر حين قالت لإبنتها ( جاسمين ) : " اجعلى نور الدين بــــأمان ........" ؟؟؟
؛ سيدى لا تكابر وقل لى بهدوء .. لماذا ابتعدت عن حياتك كل هذا ؛ ولماذا ؟؟ لم يتركنى أكمل كلامى إلا وقال :
لم أكن أعلم طوال هذا الوقت الطويل .... " أين ماضىّ ؟ " ، وأين أحيا سعادتى ، ولكن فات الأوان ... فات ..
نظرت إلى عينيه الملونة ؛ وقرأت فيها كتب الحزن والشجن والحرمان والإحساس بالذنب وسألته : لمَ لمْ ترجع بعد ترك أهلك الإنجليز ؟؟ ومتى علمت بموت أمك ( جين ) ؟؟ سقطت الدموع من عينيه ونادى على ابنته الجميلة ( جين ) وطلب منها فنجالين من القهوة وصحبنى لغرفة مكتبه وأغلق علينا الباب وقال لى : أحمد ؛ أنت كإبنى وأرجوك... أتمنى أن تفهمنى ... أرجوك . أنا أعلم عنك كل شىء منذ البداية ، واعلم بمشروعك الناجح الذى تشاركك فيه توأمى ( جاسمين ) .. وذكر لى إسم مقاولة وأخبرنى بأنه هو الذى سهلها للشركة ...
جلست مطمئنا وسألته : لماذا تتركها تئن فى آلام الماضى وحدها ؟ ولم استخدمت ( نورالدين ) كسكينا لذبحها كما قالت لك ... ازدادت آلامه التى أظن انها موجودة ؛ وإذا به يقول : أعلم بحسن علاقتك مع زوجتى ( جاسمين ) ؛ أنت فعلا خير ابن لم تلده . منذ قابلتها على الشاطىء وأعدت لها الحياة عرفت عنك الكثير وكل هذا ......
قاطعته بقولى : كانت الخادمة همزة الوصل لكن ؛ من جانب واحد فقط ، أنت فقط تعلم أخبارها .. أما هى ... حقا ؛ مسكينة. قال لى : سأقص عليك بتأنى وإن كنت أخطأت فأنا بشر ومعرض للخطأ .. ثم تنهد وأحسست ساعتها أن آلافاً يبكون بداخله ؛ وقال :
عندما مات والدى وتركنى ؛ كنت أشعر بأن الجميع يشفق علىّ لأننى يتيم ، وإذا حسبتها بتفكير سنى وقتها أجد نفسى بلا ونس وقد مات أبى وتخلت عنى أمى ؛ ولكنى أحد الأيام كنت اقلب اوراق ابى القديمة وكنت لأول مرة أجد له مذكرات حين قال : " يرى الجميع زوجتى ( جين ) الجميلة وكأنها مجردة من المشاعر لكن ؛ أسمى عقاب لها هو نزع ابنها منها ، لكن ابنها رياض كثيرا ما وددت أن أقول له : لا تكره أمك ( جين ) فهى تحترق من اجلك ... نعم تتقد بداخلها صهاريج من النيران الشرسة ..... " هذه الكلمات جعلتنى أشعر أن أمى بعد فترة طلبت العودة لأبى لكنه صدها ... ومنذ تلك اللحظة وكنت مازلت فى الجامعة قررت أن أعود إليها ولكن أنتظر الوقت المناسب .
لم يأتِ ؛ حيث باغتنى موت عمى سعيد قبل أن أعلن قرارى ، ولما تأخر بنا الإنجاب وحاولت الإفصاح عما بداخلى بعد أن أصبحت ( جاسمين ) جزء من المجتمع المصرى ولا أعتقد أنها قد تقبل الخروج منه ولكن ؛ القدر لم يردْ لى هذا بوفاة أمى وأم ( جاسمين ) لويزيان ...فانتظرت حتى تفيق من الصدمات المتتالية حتى لا أشكل فى حياتها صدمة جديدة ؛ لم أكن أستطيع التعايش مع الفرق الشاسع فى العادات والتقاليد ، فلم يكن أبى مثل عمى سعيد ينشؤنى على أننى راجع يوما إلى مصر كما فعل مع ( جاسمين ) ؛ وحين أخذتنى الجرأة لاتخاذ قرارى جاء أمر الله وأخبرتنى " جاسى " بأنها حامل ، ولم أستطع ترك ابنى لحظة ولكن إنتظرت أن يشتد عوده وجاء الوقت الذى ظننت عنده أنه المناسب وكان قرارى بالرحيل قراراً مؤلماً وموجعاً لقلبى حيث أننى متعلق بياسمين تعلق الابن بأمه ، فهى قدرى منذ ولدنا وكنت أظن أننى لن اغيب عنها كثيرا .. لكن المفاجأة ... ذهبت لأمى فوجدتها تقيم صداقة وليس زواجا كما أخبرتنى ؛ ولكنى علمت أنها صداقة ولها أبناء ومن شخص مسلم – " يرتضى إنسان مسلم أن يعيش حياة الإنجليز بإقامة الصداقات وخلافه "- كان هذا الحدث صفعة قوية لم أفق منها سريعاً ؛ جعلتنى أترنح فى قراراتى ... فأول القرارات ؛ حاولت أن أقيم قواعداً للعمل هناك لكنى كنت محارباً بشدة لأننى عربى ، فقررت زيارة امى لتساعدنى ولكن خبراً طالنى بوفاتها كمداً علىّ بعد مرض عنيف منذ فارقتها آخر مرة . شعرت بالذنب تجاهها وكان ثانى القرارات ؛ العودة لمصر ولكن الآن ماذا أقول ل( جاسمين ) حين تسألنى عن أمى ( جين ) ؟؟
إلى اللقاء مع جزء جديد | |
|
اسيل19
عضو مبتدئ
مشاركات : 137
العمر : 30 الجنس : الدولة : الجزائر المدينة : سطيف تاريخ التسجيل : 16/04/2012
| موضوع: رد: قصة أين ماضىَ ؟! - الفصل الخامس - الأحد يونيو 03 2012, 12:02 | |
| رائع | |
|