عندما عرف الإنسان النار، عرف أول طريقة لاستغلال الطاقة واستخدامها في مختلفأغراضه الحياتية مثل طهي الطعام وتدفئة الكهف وإنارة الظلام، وهكذا كان الحجر هوأول مصدر خارجي للطاقة؛ ثم تلاه الخشب وغيره من أدوات إشعال النار، والحصول علىالطاقة الحرارية.
والطاقة هي الوجه الآخر لموجودات الكون غير الحية، فالجمادات بطبيعتها قاصرة عنتغيير حالتها دون مؤثر خارجي، وهذا المؤثر الخارجي هو الطاقة، فالطاقة هي مؤثراتتتبادلها الأجسام المادية لتغيير حالتها، فمثلا لتحريك جسم ساكن ندفعه فنعطيه بذلكطاقة حركية، ولتسخين جسم نعطيه طاقة حرارية، ولجعل الجسم مرئياً نسلط عليه ضوءاًفنعطيه طاقة ضوئية، وهكذا.
ويمكن تعريف الطاقة بأنها القدرة على القيام بنشاط ما، وهناك صور عديدة للطاقة يتمثلأهمها في الحرارة والضوء والصوت، وهناك أيضاً الطاقة الميكانيكية التي تولدهاالآلات، والطاقة الكيميائية التي تنتج من حدوث تفاعلات كيميائية، وهناك الطاقةالكهربائية، والطاقة الكهرومائية، والحركية، والإشعاعية، والديناميكية، والذرية. كما يمكن تحويل الطاقة من صورة إلى أخرى، من طاقة كيميائية إلى طاقة ضوئية مثلاً،والكهربائية إلى حركية.
وكمية الطاقة الموجودة في العالم ثابتة على الدوام، فالطاقة لا تفنى ولا تستحدث،ولكنها تتحول من صورة إلى أخرى، ولهذا نجد أن الطاقة هي قدرة المادة للقيام بالشغل (الحركة)، فالطاقة التي يصاحبها حركة يطلق عليها طاقة حركية، والطاقة التي لها صلةبالوضع يطلق عليها طاقة كامنة.
وهناك تصنيف للطاقة ومصادرها يقوم على مدى إمكانية تجدد تلك الطاقةواستمراريتها، وهذا التصنيف يشمل:
1-الطاقة التقليدية أو المستنفذة:
وتشمل الفحم والبترول والمعادن والغاز الطبيعي والمواد الكيميائية، وهي مستنفذةلأنها لا يمكن صنعها ثانية أو تعويضها مجدداً في زمن قصير.
2-الطاقة المتجددة أو النظيفة أو البديلة:
وتشمل طاقة الرياح والهواء والطاقة الشمسية وطاقة المياه أو الأمواج والطاقةالجوفية في باطن الأرض وطاقة الكتلة الحيوية، وهي طاقات لا تنضب.
وفي السطور القليلة التالية سنتعرف على أهم أشكال الطاقة المتجددةوكيفية الاستفادة منها:
أ- طاقة المياه:
توليد الطاقة من المياه
تأتي الطاقة المائية منطاقة تدفق المياه أو سقوطها في حالة الشلالات (مساقط المياه)، أو من تلاطم الأمواجفي البحار، حيث تنشأ الأمواج نتيجة لحركة الرياح وفعلها على مياه البحار والمحيطاتوالبحيرات، ومن حركة الأمواج هذه تنشأ طاقة يمكن استغلالها، وتحويلها إلى طاقةكهربائية، حيث تنتج الأمواج في الأحوال العادية طاقة تقدر ما بين 10 إلى 100 كيلووات لكل متر من الشاطئ في المناطق متوسطة البعد عن خط الاستواء.
كذلك يمكن الاستفادة من الطاقة المتولدة من حركات المد والجزر في المياه،وأخيراً يمكن أيضاً الاستفادة من الفارق في درجات الحرارة بين الطبقتين العلياوالسفلى من المياه التي يمكن أن يصل إلى فرق 10 درجات مئوية.
ب- طاقة الكتلة الحيوية(Biomass fuels):
وهي الطاقة التي تستمد من المواد العضوية كإحراق النباتات وعظام ومخلفاتالحيوانات والنفايات والمخلفات الزراعية. والنباتات المستخدمة في إنتاج طاقة الكتلةالحيوية يمكن أن تكون أشجاراً سريعة النمو، أو حبوباً، أو زيوتاً نباتية، أو مخلفاتزراعية، وهناك أساليب مختلفة لمعالجة أنواع الوقود الحيوي، منها:
§ الحرق المباشرويستعمل للطهي والتدفئة وإنتاج البخار غيرأن هذه العملية لها مردود حراري ضئيل .
§ الحرق غير المباشر:لإنتاج الفحم (بدون أوكسجين)
§ طرق التخمير:لإنتاج غاز الميثان الذي يستخدم في الأعمالالمنزلية كالتدفئة والطهي والإنارة.
§ الحل الحراري.§ التقطير.
ويعطي كل أسلوب من الأساليب السابقة منتوجاتهالخاصة به مثل غاز الميثان والكحول والبخار والأسمدة الكيماوية، ويعد غاز الإيثانولواحداً من أفضل أنواع الوقود المستخلصة من الكتلة الحيوية وهو يستخرج بشكل رئيسي منمحاصيل الذرة وقصب السكر.
ج- الطاقة الجوفية:
وهي طاقة الحرارة الأرضية، حيث يُستفاد من ارتفاع درجة الحرارة في جوف الأرضباستخراج هذه الطاقة وتحويلها إلى أشكال أخرى، وفي بعض مناطق الصدوع والتشققاتالأرضية تتسرب المياه الجوفية عبر الصدوع والشقوق إلى أعماق كبيرة بحيث تلامس مناطقشديدة السخونة فتسخن وتصعد إلى أعلى فوارة ساخنة، وبعض هذه الينابيع يثور ويهمد عدةمرات في الساعة وبعضها يتدفق باستمرار وبشكل انسيابي حاملاً معه المعادن المذابة منطبقات الصخور العميقة، ويظهر بذلك ما يطلق عليه الينابيع الحارة، ويقصد الناس هذاالنوع من الينابيع للاستشفاء، بالإضافة إلى أن هناك مشاريع تقوم على استغلال حرارةالمياه المنطلقة من الأرض في توليد الكهرباء.
د- طاقة الرياح:
توربينات توليد الطاقة من الرياح
وهي الطاقة المتولدة منتحريك ألواح كبيرة مثبتة بأماكن مرتفعة بفعل الهواء، ويتم إنتاج الطاقة الكهربائيةمن الرياح بواسطة محركات (أو توربينات) ذات ثلاثة أذرع دوًّارة تحمل على عمود تعملعلى تحويل الطاقة الحركية للرياح إلى طاقة كهربية، فعندما تمر الرياح على الأذرعتخلق دفعة هواء ديناميكية تتسبب في دورانها، وهذا الدوران يشغل التوربينات فتنتجطاقة كهربية.
وتعتمد كمية الطاقة المنتجة من توربين الرياح على سرعة الرياح وقطر الذراع؛ لذلكتوضع التوربينات التي تستخدم لتشغيل المصانع أو للإنارة فوق أبراج؛ لأن سرعة الرياحتزداد مع الارتفاع عن سطح الأرض، ويتم وضع تلك التوربينات بأعداد كبيرة على مساحاتواسعة من الأرض لإنتاج أكبر كمية من الكهرباء.
والجدير بالذكر أن طاقة الرياح تستخدم كذلك في تسيير المراكب والسفن الشراعية.
هـ - الطاقة الشمسية:
خلايا تجميع الطاقة الشمسية
تعد الشمس من أكبر مصادرالضوء والحرارة الموجودة على وجه الأرض، وتتوزع هذه الطاقة- المتولدة من تفاعلاتالاندماج النووي داخل الشمس- على أجزاء الأرض حسب قربها من خط الاستواء، وهذا الخطهو المنطقة التي تحظى بأكبر نصيب من تلك الطاقة، والطاقة الحرارية المتولدة عن أشعةالشمس يُستفاد منها عبر يتم تحويلها إلى (طاقة كهربائية) بواسطة (الخلايا الشمسية).
وهناك طريقتان لتجميع الطاقة الشمسية، الأولى: بأن يتم تركيز أشعة الشمس علىمجمع بواسطة مرايا محدبة الشكل، ويتكون المجمع عادة من عدد من الأنابيب بها ماء أوهواء، تسخن حرارة الشمس الهواء أو تحول الماء إلى بخار. أما الطريقة الثانية، ففيهايمتص المجمع ذو اللوح المستوى حرارة الشمس، وتستخدم الحرارة لتنتج هواء ساخن أوبخار .
وأخيراً فهناك اتجاه في شتى دول العالم المتقدمة والنامية يهدف لتطوير سياساتالاستفادة من صور الطاقة المتجددة واستثمارها، وذلك كسبيل للحفاظ على البيئة منناحية، ومن ناحية أخرى إيجاد مصادر وأشكال أخرى من الطاقة تكون لها إمكانيةالاستمرار والتجدد، والتوفر بتكاليف أقل، في مواجهة النمو الاقتصادي السريعوالمتزايد، وهو الأمر الذي من شأنه أن يحسّن نوعية حياة الفقراء بينما يحسّن أيضاالبيئة العالمية والمحلية.
وفي نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين ظهر اختلال في مكونات الغلاف الجوي نتيجةالنشاطات الإنسانية ومنها تقدم الصناعة ووسائل المواصلات, ومنذ الثورة الصناعيةوحتى الآن ونتيجة لاعتمادها على الوقود الاحفوري " فحم، بترول، غاز طبيعي " كمصدرأساسي ورئيسي للطاقة واستخدام غازات الكلوروفلوروكاربون في الصناعات بشكل كبير, هذاكله ساعد وبرأي العلماء على زيادة الدفء لسطح الكرة الأرضية وحدوث ما يسمى بـالاحتباس الحراري
" ظاهرة الاحتباس الحراري Global Warning ""
وهي ناتجة عن زيادة الغازاتالدفيئة وهي الارتفاع التدريجي في درجة حرارةالطبقة السفلى القريبة من سطح الأرض من الغلاف الجوي المحيط بالأرض. وسبب هذاالارتفاع هو زيادة انبعاث الغازات الدفيئة أو غازات الصوبة الخضراء " green house gases" .
الغازات الدفيئة هي:
-1بخار الماء 2- ثانيأكسيد الكربون(CO2) 3- أكسيد النيتروز (N2O)
4-الميثان (CH4) 5- الأوزون (O3) 6- الكلوروفلوركاربون (CFCs)
دور الغازات الدفيئة:
إن الطاقة الحرارية التي تصل الأرض منالشمس تؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة وكذلك تعمل على تبخير المياه وحركة الهواءأفقيا وعموديا؛ وفي الوقت نفسه تفقد الأرض طاقتها الحرارية نتيجة الإشعاع الأرضيالذي ينبعث على شكل إشعاعات طويلة " تحت الحمراء ", بحيث يكون معدل ما تكتسب الأرضمن طاقة شمسية مساويا لما تفقده بالإشعاع الأرضي إلى الفضاء. وهذا الاتزان الحرارييؤدي إلى ثبوت معدل درجة حرارة سطح الأرض عند مقدار معين وهو 15°س .
والغازات الدفيئة " تلعب دورا حيويا ومهما في اعتدال درجة حرارة سطح الأرض " حيث:
- تمتص الأرض الطاقة المنبعثة من الإشعاعات الشمسية وتعكس جزء منهذه الإشعاعات إلى الفضاء الخارجي, وجزء من هذه الطاقة أو الإشعاعات يمتص من خلالبعض الغازات الموجودة في الغلاف الجوي. وهذه الغازات هي الغازات الدفيئة التي تلعبدورا حيويا ورئيسيا في تدفئة سطح الأرض للمستوى الذي تجعل الحياة ممكنة على سطحالأرض.
- حيث تقوم هذه الغازات الطبيعية على امتصاص جزء من الأشعة تحتالحمراء المنبعثة من سطح الأرض وتحتفظ بها في الغلاف الجوي لتحافظ على درجة حرارةسطح الأرض ثابتة وبمعدلها الطبيعي " أي بحدود 15°س ". ولولا هذه الغازات لوصلت درجةحرارة سطح الأرض إلى 18°س تحت الصفر.مما تقدم ونتيجة النشاطات الإنسانيةالمتزايدة وخاصة الصناعية منها أصبحنا نلاحظ الآن: إن زيادة الغازات الدفيئة لدرجةأصبح مقدارها يفوق ما يحتاجه الغلاف الجوي للحفاظ على درجة حرارة سطح الأرض ثابتةوعند مقدار معين. فوجود كميات إضافية من الغازات الدفيئة وتراكم وجودها في الغلافالجوي يؤدي إلى الاحتفاظ بكمية أكبر من الطاقة الحرارية في الغلاف الجوي وبالتاليتبدأ درجة حرارة سطح الأرض بالارتفاع.
آثار الاحتباس الحراري على البيئة
ان تزايد النشاط الصناعي والاقتصادي وزيادة البشرية بنسبة ست أضعاف في الـ 200 سنةالمقبلة يشكلون عوامل مهمة في تفاقم الاحتباس الحراري, وضمن هذا الموضوع قال أحدالخبراء " أن كل ارتفاع في الحرارة بنسبة درجة واحدة سيلسيوس يزيد الخطر بنسبةكبيرة تؤثر وبشكل كبير وسريع على الأنظمة البيئية الضعيفة. وان كل ارتفاع يزيد عندرجتين سيلسيوس يضاعف الخطر بشكل جوهري قد يؤدي إلى انهيار أنظمة بيئية كاملة وإلىمجاعات ونقص في المياه وإلى مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة لا سيما في الدولالنامية.
أصبح من المؤكد أن كمية ثاني أكسيد الكربون التي تدخل الجو ستستمر في الازديادوبالتالي فإن درجة حرارة سطح الأرض ستستمر بالازدياد. ومعنى ذلك فان التأثير علىالمناخ سيغدو واضحا وأهم الظواهر التي ستحدث هي:
ü أن أجزاءً كبيرة منالجليد ستنصهر وتؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر مما يسبب حدوث فياضانات وتهديدللجزر المنخفضة والمدن الساحلية.
ü درجات الحرارة في أجزاء مختلفة من الكرة الأرضية سترتفع بمقدار ضعف ما كانت تتوقعه الدراسات المناخية.
ü مستوى انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون المتزايد قد يقود إلى الاندثار الكمي للغابات والارتفاع الكبير لمستوى مياه البحار. ومن شأن ذلك أن يزيد من وطأة التغيرات البيئية وبالتالي انخفاض مستوى الإنتاج الزراعي في العالم وما يترتب على ذلك من مشاكل اقتصادية وتنموية وغذائية
ü يشكل التغير المناخي المتسارع الذي ينحو إلى ارتفاع درجة الحرارة تهديدا للصحة العامة ويعمل على تكاثر أنواع ضارة من الحشرات وانقراض أنواع برية من الحيوان والنبات
ü ارتفاع مستوى سطح البحر قد يحدثتأثيرات خطيرة
ü زيادة عدد وشدة العواصف.ü حدوث كوارث زراعية وفقدان بعضالمحاصيل.
الاستعمال الوجيه للموارد الطاقوية:
يعتبر مشكل التلوث البيئى من أهم المواضيع التي تشغل العالم في السنوات الأخيرة، بالنظر الى حجم الكوارث الطبيعية المسجلة سنويا حيث ان ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية نتيجة انبعاث الغازات الدفيئة يعتبر الدول الصناعية النامية منها مسؤولة على هذه الظاهرة، حيث أن العالم بأسره يولى أهمية كبرى للمسائل البيئية مما أدى إلى إدماج هذه الانشغالات في السياسة القطاعية، و البرنامج الحكومي لكل دولة وذلك لمكافحة الظواهر المترتبة عن التلوث البيئي ومخلفات القطاع الصناعي المستخدم لمسببات الاحتباس الحراري وغيره من التلوث البيئي للحفاظ على البيئة في إطار ما يسمى بالتنمية المستدامة.
ويتمحور الاستعمال الوجيه للموارد الطاقوية أساسا حول:
· ترقية و تطوير استعمال الطاقات الأقل تلوثا) الغاز الطبيعي، غاز البترول المسال، البنزين الخالي من الرصاص)؛
· ترقية الاقتصاد في الطاقة.
· تطهير و إعادة تأهيل المناطق الملوثة.
· تطوير الطاقات المتجددة.
· تطوير التسيير البيئي على مستوى الطاقة و المناجم.
كما يظهر جليا الأهمية المولاة لترقية استعمال الغاز الطبيعي من خلال السياسة الطاقوية المتبعة المبنية أساسا على الخيارات التالية:
· الاستعمال الأقصى للغاز الطبيعي، في الاستعمالات الأولية و الاستهلاك النهائي الذي يغطي احتياجات الصناعة، الأشخاص، النقل و الخدمات.
· تطوير استعمال غاز البترول المسال.
·التخفيض التدريجي لحصة المواد البترولية في ميزان الطاقة والتي يتم توجيهها للتصدير.
· الاستعمال المحدود للحطب الذي يحفز الحفاظ على الثروة الغابية.
· ترقية الطاقات الجديدة و المتجددة.