النصيحة في الدين مكانتها عظيمة، ومنزلتها عند الله عالية رفيعة
وحاجة الإنسان، كل إنسان للنصح لا تقل عن حاجته إلى الطعام والشراب و الهواء لذلك
حصر رسول الله صلى الله عليه وسلم كل الدين فيها فقال: "الدين النصيحة" ثلاثاً
لأنها بها قوامه و صلاحه؛ وعندما قيل له: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم."
ولهذا عُدَّ هذا الحديث من جملة الأحاديث الأربعة التي تجمع أمر الإسلام
قال الخطابي: "معنى الحديث قوام الدين وعماده النصيحة، كقوله الحج عرفة".
حكم النصيحة لكل مسلم الوجوب وإن لم يسأله، وقد قال بعضهم وجوب النصح يتوقف على السؤال
لقوله صلى الله عليه وسلم: "وإذا استنصحك فانصح له"، وهو يعد من حقوق المسلم على أخيه المسلم.
قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنْ الْمُنكَرِ
وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ
حَكِيمٌ [التوبة: 71]
أيها الإخوة المؤمنون، ومع أن النصيحة من أعظم الدين ويجب القيام بها إلا
أن لها آدابًا لا بد منها لتقع من المنصوح موقع القبول، فمن ذلك:
1.أن يقصد الناصح بنصيحته وجه الله؛ إذ بهذا القصد يستحق الثواب من الله عز وجل والقبول لنصحه.
2.أن لا يقصد بالنصيحة التشهير بالمنصوح، فإن التشهير أدعى لرد النصيحة
بل يكون الأمر في السر ومن ذلك بيتا الشافعي المشهوران حيث يقول :
تغَمَّدَني بنُصْحِــكَ فــي انفـــِرادِي
وجَنِّبْنِــي النصيحــةَ فِــي الجَمَاعةْ
فـإنَّ النُّصْــحَ بَيـْـن النــاسِ نـــوعٌ
مــن التـَّوْبيخ لا أَرْضَى اســتِمَـاعَه
3.أن تكون بلطف وأدب ورفق، فإن هذا مما يزين النصيحة،
قال عليه الصلاة والسلام:
((ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه)) رواه مسلم.
4. اختيار الوقت المناسب للنصيحة.
5.لا بد أن يكون هذا الناصح عالماً بما ينصح.
((والواجب على المنصوح))
1.أن يتقبل النصيحة بصدر رحب: وذلك دون ضجر أو ضيق أو تكبر، وقد قيل: تقبل النصيحة بأي وجه، وأدِّها على أحسن وجه.
2.عدم الإصرار على الباطل: والمسلم يحذر أن يكون ممن قال الله -تعالى- فيهم:
{وإذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} [_البقرة: 206].
3.أخذ النصح من المسلم العاقل: لأنه يفيده بعقله وحكمته، روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(من أراد أمرًا فشاور فيه امرءًا مسلمًا، وَفَّقَهُ الله لأرشد أموره) [الطبراني]..
4.شكر الناصح: يجب على المنصوح أن يقدم الشكر لمن نصحه، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
ومما روي في النصيحة :
أن الحسن والحسين مرَّا على شيخ يتوضأ ولا يحسن الوضوء. فاتفقا على أن ينصحا الرجل
ويعلماه كيف يتوضأ، ووقفا بجواره، وقالا له: يا عم، انظر أَيُّنا حسن وضوءًا. ثم توضأ كل منهما
فإذا بالرجل يرى أنهما يحسنان الوضوء، فعلم أنه هو الذي لا يحسنه، فشكرهما على ما قدماه له
من نُصح دون تجريح.
فالواجب علينا أن ننصح كل من حولنا والاولى بنا أن نبدأ بالأقرب فالأقرب
من (الأهل ، الأقارب ، الاصدقاء، ... الخ)
لما فيها من الاجر العظيم
وقد يعتقد بعض المسلمين العاصين انه لايجوز له ان ينصح اخوانه المسلمين وهو عاصي
وهذا من الأخطاء العظيمه كلا بل هو واجب عليه لأنه مسلم ولم يخرج من دائرة الاسلام
وقد سئل الشيخ محمد حسان هذا السؤال
س:هل يجوز للعاصي أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؟
فأجاب :
إن ارتكاب الذنب (ذنب) وأن ترك النهي عن فعل هذا الذنب ذنب آخر فإذا أخل العبد بأحدهما فلا ينبغي له أن يخل بالآخر .
-وقيل للحسن البصري رحمه الله تعالى هل يترك العاصي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ..
فأجاب :ودَّ إبليس لو ظفر منا بهذه؛ فلا يأمر أحدٌ بمعروف ولا ينهى عن منكر..
وقال - رحمه اللّه-:«ما زال للّه تعالى نصحاء، ينصحون للّه في عباده، وينصحون
لعباد اللّه في حقّ اللّه، ويعملون للّه تعالى في الأرض بالنّصيحة، أولئك خلفاء اللّه في الأرض» بصائر ذوي التمييز (5/ 67، 68).
نسأل الله أن ينفع بهذه الكلمات ولا تنسونا من خالص دعائكم