تحدث في الجسم بعض الظواهر الغريبة التي تثير في عقولنا أسئلة نعتقد أن الأطباء والخبراء لم يبحثوا عن إجابات عليها.. وكثيراً ما نتجاهل تلك الظواهر لكثرة تكرارها، أو لاعتقادنا أن لا معنى
لها.
بيد أن قشعريرة البدن، والتنميل، وهالات البصر، والتدميع عند تقطيع البصل، والضحك.. كلها أمور تحدث بفعل تغيرات في الجسد قد تصل لأن تضايق البعض.
ونحاول هنا أن نفسر تلك الظواهر، وأن نقترح طُرُقاً للتخفيف من تأثيرها المزعج إن وجد.
- لماذا يقشعرّ البدن؟
تعرف هذه الحالة طبياً بانتصاب الشعر piloerection، وتحدث في حالتي الخوف والبرد حين تتقلص العضلة البالغة الصغر الموجودة في قاعدة كل شعرة في الجسم، فينتصب الشعر، وتعزى الظاهرة حسب رأي العلماء إلى العهود السحيقة من تطور الإنسان والتي كان فيها غزير شعر الجسم، وكان لانتصاب شعره دور وظيفي.
إذ يشكل انتصاب الشعر طبقة عازلة للهواء فيبقي الجسم دافئاً، وينتصب على طريقة الحيوانات المتأهبة للقتال عند تعرضها لهجوم وحش ضار.. وقد خفّ شعر الجسم مع تطور الإنسان، لكن ظلت بعض مظاهره السابقة موجودة، ومنها ردود فعل القشعريرة.
فالقشعريرة إذاً ليست حالة صحية مزعجة، وإذا كان أحدنا يرتبك من مظهرها، فعليه أن يدفّئ نفسه ويتجنب ما يمكن أن يرعبه.
- لماذا يُسيل البصل الدموع؟
إن قطع خلايا البصلة يؤدي لإطلاق أنزيم (خميرة) تحرر غازاً كبريتياً يعرف باسم propanethial sulfoxide، يتفاعل مع الطبقة الدمعية المرطبة للعين ويشكل حمضاً كبريتياً يؤلم العين، فيرسل الدماغ إشارة إلى الغدد الدمعية كي تفرز الدموع لتغسل العين وتخفف من تأثيره.. وتزداد حساسية العين ومن ثم إفرازها للدموع كلما استمر المرء في تقطيع البصل، ويعتبرها تفاعل العين تجاه البصل واحداً من الآليات الدفاعية التي طورها الجسم لمواجه المواد المتطفلة على العينين.
ويمكن التخفيف من التدميع عن طريق تبريد البصلة لفترة قبيل تقطيعها، لأن البرودة تبطئ إطلاق الأنزيم، ويشار إلى أن الأنزيم يتجمع بكثرة في قاعدة البصلة، مما يمكننا من تأخير التدميع بتأجيل تقطيع قاعدة البصلة.
- لماذا تطقطق المفاصل؟
المفاصل المتحركة diarthrodial هي الأكثر انتشاراً في الجسم، ومن أمثلتها مفاصل الكتفين والأصابع، حيث تلتقي العظام بوصلات على شكل أغطية ل
يفية، ويوجد داخل المفاصل تلك سائل مزلّق يعرف باسم السائل الزليلي synovial fluid يحتوي على غازات منحلة.
وتمطيط المفاصل يؤدي إلى ضغط كل من الغاز والسائل داخلها، فيتسرب الغاز من السائل الزليلي، مما يسبب صوت الطقطقة.. وحالما يخرج الغاز، يصبح المفصل أكثر ليونة.. ولا يمكن بطبيعة الحال طقطقة المفصل ذاته مرتين متتاليتين نظراً لأن الغاز يستغرق وقتاً ما بين 15 إلى 30 دقيقة حتى يمتصه السائل مجدداً.
فإذا شعر أحد بأنه بحاجة لطقطقة أصابعه حتى يخفف بعض التوتر النفسي، فالأفضل له التركيز على تنفسه لثلاثين ثانية على الأقل.. ويشار إلى أن الطقطقة لا ترتبط بالإصابة بالروماتيزم، لكنها قد تضعف من قوة قبضة الأصابع مع مرور الزمن.
- لماذا تدمع عينا المرء عند الضحك؟
لا يعلم الخبراء السبب الحقيقي!
على أن المثير في الأمر أن كلاً من البكاء والضحك يعتبران انفعالين متماثلين من الناحية النفسية، إذ يحدث كلاهما عند المرور بذروة نفسية انفعالية لها تأثيرات طويلة، وعلى الرغم من أن الدموع ترتبط في أذهاننا بالبكاء، إلا أن حدث التدميع معقد أكثر من ذلك بكثير، فالدموع تنهمر نتيجة عدد من الحالات الانفعالية كالألم والفرح والحزن.
ويعتبر التدميع حدثاً جيداً لأنه يخفف من حالة انفعالية معينة متعلقة بالشدة، ويستخدمه الجسم كأسلوب لمواجهة هرموني الأدرينالين والكورتيسول. هنا
- لماذا ترفّ العين؟
تعرف هذه الحالة باسم ارتجاف عضلة الجفن eyelid mykoymia، ولا يُعرَف الكثير عن هذه الظاهرة التي غالباً ما تصيب الجفن السفلي، ويع
زى السبب إلى خلل عصبي، ويزداد احتمال حدوثها مع الشدة وكثرة الكافيين، والإرهاق، وتعب العين، وضعف الغذاء والتحسس.
ولا تحمل حالة رفة العين أيّة مخاطر، وتختفي من تلقاء ذاتها، والتخفيف من تكرارها ممكن بالتخفيف من المنبهات والقهوة، والنوم جيداً.
- لماذا يشعر البعض بالبرد أكثر من غيرهم؟
يتم تنظيم درجة حرارة الجسم في الدماغ، وتحديداً في منطقة المهاد، التي تعطي الجسم أوامر كي يتخلص من الحرارة عندما يكون الجو دافئاً، وبأن يحبسها ويوزعها على العضلات عندما يبرد الجو.
ويلعب معدن الحديد الدور الأكبر في هذه العملية، لذلك يشعر المصابون بنقص الحديد (أو ما يعرف بفقر الدم) بالبرد أكثر من غيرهم، ومن جهة أخرى، فإن ضعف الدورة الدموية نتيجة لارتفاع ضغط الدم أو تناول بعض الأدوية يؤدي لأن تُترك الأطراف باردة بحيث لا يصلها الدم جيداً.
ومن ضمن العوامل الأخرى التي تؤثر على شعور المرء بالبرد ضعف نشاط الغدة الدرقية الذي يبطئ الاستقلاب، فيؤثر على حرارة الجسم.. وتشير دراسة حديثة إلى وجود استعداد جيني يؤثر على طريقة تعامل الجسم مع الحرارة.
وعلى ذلك فإن تجنب الشعور بالبرد يتم بالاعتناء بالغذاء وتناول الأطعمة الغنية بالحديد من قبيل اللحم الأحمر والخضراوات ذات الأوراق الخضراء والفاصولياء، وهكذا يتخلص المرء من فقر الدم.. ولابدّ له من التخفيف من النيكوتين في السجاير الذي يؤثر على الأوعية الدموية فيضعف الدورة الدموية في الجسم.
- هل تتابع الأذن نموها طوال الحياة؟
هذا صحيح، حيث تكون الأذن الخارجية من مظاهر الوجه الأهم عند الولادة، وتتسارع في نموها إلى بلوغ الطفل العاشرة من عمره، ومن ثم تتباطأ عملية النمو إلى 0,22 ملم في السنة.
وتشير دراسة إلى أن صيوان الأذن يستمر في نموه الطولي طوال حياة الإنسان، ويلاحظ ذلك عند الرجال أكثر مما هو عند النساء، ويشار إلى أن هذا النمو يحدث في الجزء الخارجي الظاهر من الأذن فقط، أما القناة الأذنية الخارجية التي تتشكل من العظام والغضاريف، فتبقى على حجمها دون زيادة.
- هل صحيح أنه يستحيل وجود الن
مش على بشرة المولود الجديد؟
ثمة علامات كثيرة تظهر على جسم المولود الجديد من قبيل علامات الولادة و (الوحمات).. لكن النمش لا يظهر على وجه المولود إلى أن يخرج للعالم الخارجي.. فالنمش يظهر عند التعرض لأشعة الشمس.
ويزداد احتمال ظهوره على وجه الطفل بعد ولادته إذا كان ذا بشرة فاتحة اللون وعينين ملونتين، بل إن تلك الفئة من الناس أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بسرطان الجلد والميلانوما عندما يكبرون.. ومن الناحية العملية، يعتبر النمش الذي يظهر على خدي الإنسان نتيجة لتضرر البشرة من الشمس، ولابدّ من الاستمرار في مراقبة النمش سواء بالنسبة للأطفال والكبار، واستعمال كريمات الوقاية الشمسية بعامل وقاية لا يقل عن 30.
- لماذا تنمّل الأطراف؟
تسمى هذه الحالة بالمذل paresthesia، وتحدث بسبب وجود عائق لتدفق الدم إلى أحد الأعصاب عندما يتعرض للضغط، وهكذا فإن تعرض أي طرف من أطراف الجسم للضغط ولمدة طويلة (القدمين مثلاً نتيجة الجلوس، أو اليدين أثناء النوم عليهما) يولد إحساس التنميل هذا.
ويختلف التنميل هذا عن حالة ضغط العصب المستمرة جراء أذية أو تورم جزء من الجسم..
ويكفي تغيير وضعية الجلوس كي يعود تواصل العصب مع الدماغ إلى حالته الطبيعية.
على أنه ثمة حالات يكون التنميل فيها من أحد أعراض مرض هام كالسكري أو الذئبة الحمامية، وهذا يمكن التحقق منه عندما لا يزول الألم فوراً بعد تغيير الوضعية.
- لماذا نرى (الحلقات) أو (الهالات) أحياناً؟
هذه واحدة من أمثلة الزيغ الكروي spherical aberration التي تشير بوضوح إلى أن العين البشرية غير مكتملة من الناحية البصرية!
فعند تعرض العين لضوء الشمس تتضيق الحدقة فتسمح للضوء بأن يصل إلى مركز العدسة، أما في الليل فتتوسع الحدقة أكبر ما يمكن، وتستخدم العين مساحة أكبر من العدسة أثناء الرؤية.
ويفقد الإبصار دقته كلما توسعت مساحة الرؤية نظراً لعدم تركيز الضوء عندها في مركز العدسة، فيرى المرء دوائر (هالات) في مجال الرؤية، لأن العدسة ... الرؤية، لأن العدسة نفسها مدورة الشكل.
وتحدث هذه الظاهرة لدى الجميع، لذلك فليس لها أي مغزى طبي، بيد أنها قد تكون أحياناً إشارة لعتامة العين (الماء الأزرق أو السادّ) وتتطلب فحصاً
لنفي اعتام العدسة، لا سيما إذا كانت تلك الهالات ظاهرة جديدة.
- هل يساعد مضغ العلكة قليلة السكر مع تناول الجبن في التقليل من تسوس الأسنان؟
تتفاعل بكتيريا الفم في كل مرة يتناول فيها المرء الطعام، فتنتج أحماضاً عضوية تسبب تآكل الأسنان، ومن ثم فإن مضغ الطعام وبلعه وغسل الأسنان يساعد اللعاب على التخفيف من أثر الحمض المتشكل في الفم، وهنا تأتي أهمية مضغ العلكة من حيث أنه يحافظ على استمرارية إفراز اللعاب.
أما بالنسبة للجبن، فتعمل دهونه على تشكيل حاجز لوقاية الأسنان، فضلاً على أنه يحتوي على الكالسيوم والفوسفات الذين يعززان قوة الأسنان ويؤخران التسوس، ومن هنا تأتي أهمية مضغ العلكة بين الوجبات، أو ختم الوجبة على الطريقة الفرنسية بتناول بضع قطع من الجبن.
- لماذا يشعر المرء بألم في الخاصرة عندما يضحك كثيراً؟
يحدث ألم الخاصرة بشكل عام في حالتين: عند الركض طويلاً، أو عند الضحك، ويشترك النشاطان في إجهادهما للحجاب الحاجز diapgragm.. إذ تمتلئ الرئتان تماماً عند الضحك ما يدفع الحجاب الحاجز للأسفل، لكن الضحك يشد كذلك عضلات المعدة التي تدفع الحجاب الحاجز للأعلى، فإذا استمر الضحك، أدى تكرار العمليتين إلى تشنج العضلة وحدوث الألم.
وقد يحدث أحياناً أن تتألم الذراع اليمنى عند الضحك بسبب أن العصب الموصول في الحجاب الحاجز يتصل أيضاً بالكتف اليمنى.
والطريف في الأمر أن الضحك القوي المستمر يبعث في المرء شعوراً بأنه قد يعاني من أزمة قلبية، وهذه علاجها بمتابعة التنفس العميق أثناء الضحك، وإذا كان المرء يعدّ نفسه لسهرة على برنامج كوميدي أو لجمعة مع أصدقاء ظرفاء، فالأفضل له تجنب تناول الوجبات الدسمة التي تحوّل الدم إلى المعدة لمواكبة عملية الهضم وتزيد من تشنج عضلة الحجاب الحاجز.