ما معنى " سبحان الله" ؟
تقولها في صلاتك و في غيرها:" سبحان الله"
ترى هل تعرف معناها ؟
"سبحان الله" تعني:"أنزهك عن كل نقص أو عيب"
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كلمة التسبيح "
سبحان الله " تتضمن أصلا عظيما من أصول التوحيد ، وركنا أساسيا من أركان
الإيمان بالله عز وجل ، وهو تنزيهه سبحانه وتعالى عن العيب ، والنقص ،
والأوهام الفاسدة ، والظنون الكاذبة
وأصلها اللغوي يدل على هذا المعنى ، فهي مأخوذة من " السَّبْح " :
وهو البُعد :يقول العلامة ابن فارس : " العرب تقول : سبحان مِن كذا ، أي
ما أبعدَه . قال الأعشى :سُبحانَ مِنْ علقمةَ الفاخِر أقولُ لمّا جاءني
فخرُهُ
وقال قوم : تأويلُهُ عجباً له إِذَا يَفْخَر . وهذا قريبٌ من ذاك ؛ لأنَّه تبعيدٌ له من الفَخْر " انتهى.
"معجم مقاييس اللغة" (3/96)
فتسبيح الله عز وجل إبعاد القلوب والأفكار عن أن تظن به نقصا ، أو تنسب
إليه شرا ، وتنزيهه عن كل عيب نسبه إليه المشركون والملحدون .
وبهذا المعنى جاء السياق القرآني :قال تعالى : ( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ
وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا
خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا
يَصِفُونَ ) المؤمنون/91
( وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ
الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ .
سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) الصافات/158-159
( هُوَ اللَّهُ
الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ
الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ
سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الحشر/23
ومنه أيضا ما رواه
الإمام أحمد في "المسند" (5/384) عن حذيفة رضي الله عنه – في وصف قراءة
النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل - قال : ( وَإِذَا مَرَّ بِآيَةٍ
فِيهَا تَنْزِيهٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَبَّحَ ) صححه الألباني في صحيح
الجامع (4782) ومحققو المسند .
وقد روى الإمام الطبراني في كتابه
"الدعاء" مجموعة من الآثار في تفسير هذه الكلمة ، جمعها في باب : " تفسير
التسبيح " (ص/498-500) ، ومما جاء فيه :
عن ابن عباس رضي الله عنهما :" سبحان الله " : تنزيه الله عز وجل عن كل سوء .
وعن يزيد بن الأصم قال :جاء
رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال :" لا إله إلا الله " نعرفها : لا
إله غيره ، و " الحمد لله " نعرفها : أن النعم كلها منه ، وهو المحمود
عليها ، و " الله أكبر " نعرفها : لا شي أكبر منه ، فما " سبحان الله " ؟
قال : كلمة رضيها الله عز وجل لنفسه ، وأمر بها ملائكته ، وفزع لها الأخيار من خلقه .
وعن عبد الله بن بريدة يحدث أن رجلا سأل عليا رضي الله عنه عن " سبحان الله " ، فقال : تعظيم جلال الله .
وعن مجاهد قال :التسبيح : انكفاف الله من كل سوء .
وعن ميمون بن مهران قال :" سبحان الله " : تعظيم الله اسم يعظم الله به .
وعن الحسن قال :" سبحان الله " : اسم ممنوع لم يستطع أحد من الخلق أن ينتحله .
وعن أبي عبيدة معمر بن المثنى :" سبحان الله " : تنزيه الله وتبرئته .
وقال الطبراني : حدثنا الفضل بن الحباب قال : سمعت ابن عائشة يقول :العرب
إذا أنكرت الشيء وأعظمته قالت : " سبحان " ، فكأنه تنزيه الله عز وجل عن كل
سوء لا ينبغي أن يوصف بغير صفته ، ونصبته على معنى تسبيحا لله .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"
والأمر بتسبيحه يقتضي أيضا تنزيهه عن كل عيب وسوء ، وإثبات صفات الكمال له
، فإن التسبيح يقتضي التنزيه ، والتعظيم ، والتعظيم يستلزم إثبات المحامد
التي يحمد عليها ، فيقتضي ذلك تنزيهه ، وتحميده ، وتكبيره ، وتوحيده "
انتهى.
"مجموع الفتاوى" (16/125)
ثانيا :أما
معنى ( وبحمده ) فهي - باختصار – تعني الجمع بين التسبيح والحمد ، إما على
وجه الحال ، أو على وجه العطف ، والتقدير : أسبح الله تعالى حال كوني
حامدا له ، أو أسبح الله تعالى وأحمده .
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قوله : ( وبحمده )قيل : الواو للحال ، والتقدير : أسبح الله متلبسا بحمدي له [أي : محافظا ومستمسكا] من أجل توفيقه.
وقيل : عاطفة ، والتقدير : أسبح الله وأتلبس بحمده ...
ويحتمل أن تكون الباء متعلقة بمحذوف متقدم ، والتقدير : وأثني عليه بحمده ، فيكون سبحان الله جملة مستقلة ، وبحمده جملة أخرى .
وقال الخطابي في حديث : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ) أي :
بقوتك التي هي نعمة توجب علي حمدك ، سبحتك ، لا بحولي وبقوتي ، كأنه يريد
أن ذلك مما أقيم فيه السبب مقام المسبب "فتح الباري" (13/541) ، وانظر "
النهاية في غريب الحديث " لابن الأثير (1/457)