الإسرَائيليَّات مصطلحٌ مشتق من لفظة بني إسرائيل، ويُطلق على القصص والحكايات والأخبار الدخيلة على تفسير القرآن الكريم والحديث، ومصدرها التراث اليهودي المتمثل في ما تبقى مع بني إسرائيل من التوراة، وما تبعها من تعاليم، والتراث النصراني المتمثل أيضًا في مجموعة الأناجيل وشروحها، ويضاف إلى هذا أخبار القُصَّاص وحكاياتهم. يطلق على هذا التراث الدخيل جميعه لفظ الإسرائيليات من باب التغليب، لأن أكثره دخل عن طريق اليهود سواء من أسلم منهم أو من اختلط بالمسلمين.
ساعد على دخول الإسرائيليات وانتشارها بين المسلمين، عدة عوامل، أبرزها اشتمال التوراة والإنجيل على بعض ما ورد في القرآن الكريم، خصوصًا ما يتعلق بأصل النشأة وقصص الأنبياء وأخبار الأمم السابقة. وقد عرض القرآن الكريم لهذه الأمور بشيء من الإجمال، في حين تضمنت الكتب السابقة تفصيلات لبعضها لم تخل من تزيُّد، مثل أسماء أهل الكهف، ولون كلبهم، ومكان وجودهم، ونوع الشجرة التي أكل منها آدم في الجنة، وما شابه ذلك مما أعرض القرآن عن ذكره قصدًا.
ولما كان العرب لا علم لهم بأخبار السابقين فقد تشوقوا إلى معرفة شيء مما تتشوق النفس البشرية إليه، كأصل النشأة وأسرار الخليقة وتفصيلات عن أحوال الأنبياء مع أممهم، فصاروا يسألون من أسلم من أهل الكتاب عن هذه الأمور مثل كعب الأحبار ووهب بن مُنبِّه وغيرهما مما لا علاقة له بأصل الشريعة والأحكام التي يحتاط لها في الأصل. كما ساعد على انتشار الإسرائيليات تساهل بعض المفسرين والرواة في إيرادها، والاستغناء عن الأسانيد في إحدى مراحل التأليف، حين اكتفى بعض العلماء بإيراد المتن وحده، الأمر الذي تعذر معه معرفة الصحيح من غيره بسهولة، فمهد ذلك المنهج إلى دخول الإسرائيليات دون رقابة علمية، مما كانت له آثار سلبية وإن كانت متفاوتة، بسبب طبيعة هذه الإسرائيليات التي يمكن أن نقسمها ثلاثة أقسام وهي: القسم الأول. ما ثبت قطعًا أنه باطل، وهو ما يتعارض مع ماورد في الكتاب والسنة، وأكثر هذا القسم يتعلق بذات الله تعالى وبعصمة الأنبياء. فقد تضمنت كتب أهل الكتاب، وبخاصة التوراة المحرَّفة والتلمود مزاعم وأباطيل مثل أن الله تعالى ندم على خلق الخلق (سبحانه وتعالى عما يصفون) وأن هارون عبد العجل، وأن سليمان مات مشركًا. والأنبياء بحكم عصمتهم مبرؤون من هذا كله عليهم الصلاة والسلام، وهذا باطل قطعًا لا تحل روايته بحال. القسم الثاني: ما ثبت أنه صحيح في جملته حيث وافق ما ورد في القرآن الكريم، مثل خلق آدم وخروجه من الجنة، وقصة أهل الكهف، وهلاك فرعون. فهذا القسم وإن كان صحيحًا إلا أنه لا فائدة من ذكره وروايته عن طريق الإسرائيليات، ولا يزداد القارئ بمعرفته علمًا أو يقينًا. القسم الثالث: ما يتعذر تصديقه أو تكذيبه لإغفال الكتاب والسنة له، مثل أسماء أهل الكهف وأسماء الطيور التي جعل إبراهيم عليه السلام على كل جبل منهن جزءًا، واسم المكان الذي نزل فيه آدم واسم قتيل بني إسرائيل. وأغلب الإسرائيليات الموجودة في كتب التفسير والحديث من هذا النوع الذي لا يتضمن أية فائدة، ولا يضيف العلم به جديدًا ينتفع به.