إن من تمام سعادتنا أن نتمتع بمباهج الحياة في حدود منطق الشرعِ
المقدس، فالله أنبت حدائق ذات بهجة؛ لأنه جميل يحب الجمال، ولتقرأ آيات
الوحدانية في هذا
الصنع البهيج ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي
الأَرْضِ جَمِيعاً﴾.
فالرائحة الزكية والمطعم الشهي والمنظر البهي، تزيد الصدر انشراحا والروح
فرحا ﴿كلوا مِما في الأَرض حلالا طَيِبا﴾، وفي الحديث: "حبِب إلي من
دنياكمْ: الطيب، والنساء، وجعِلت قرة عيني في الصلاة".
إن الزهد القاتم والورع المظلِم، الذي دلف علينا من مناهج أرضية،
قد شوه مباهج الحياةِ عند كثيرٍ مِنَا، فعاشوا حياتهم هما وغما وجوعا
وسهرا وتبتلا، بقول رسولنا: "لكني أصوم و أُفطر، وأقوم وأفتر، وأتزوَّج
النساء، وآكل اللحم، فمن رغب عن سُنَّتي فليس مني".
وإنْ تعجب، فعجبٌ ما فعلهُ بعضُ الطوائفِ بأنفسهمْ! فهذا لا يأكلُ الرّطب،
وذاك لا يضحك، وآخر لا يشرب الماء البارد، وكأنهم ما علموا أن هذا تعذيب
للنفس وطمْس لإشراقها ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ
أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾.
إنَّ رسولنا أكل العسل وهو أزْهدُ الناسِ في الدنيا، واللهُ خلق العسل
ليُؤكل: ﴿يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ
شِفَاء لِلنَّاسِ﴾، وتزوَّج الثَّيِّباتِ والأبكار: ﴿فَانكِحُواْ مَا
طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ﴾، ولبِس أجمل
الثيابِ في مناسباتِ الأعيادِ وغيرِها: ﴿خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ
مَسْجِدٍ﴾، فهو يجمعُ بين حقِّ الرُّوحِ وحقِّ الجسدِ، وسعادةِ الدنيا
والآخرةِ؛ لأنه بُعث بدينِ الفطرةِ التي فطرَ اللهُ الناس عليها.
نقلا عن كتاب لا تحزن للدكتور عائض القرني
J'espère que vous aimez c'est la vie que nous vivons, mais