ما هي الطريقة التي نعبر بها عن حبنا لله تعالى؟ ثم كيف نحصل على محبة لنا؛ ليكون الحب متبادلا بيننا وبينه، فنحبه ويحبنا؟
قال رسول الله (ص) كما جاء في القرآن الكريم
: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحبكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور الرحيم). تدل هذه الآية على أن المؤمن لا بد من أن يعبر عن محبته لله، بالإيمان برسوله، واتباع رسالته في إطاعة، والالتزام بأوامره ونواهية، وبما يبلغه عن الله في وحيه، لأن ذلك هو المظهر الحي للحب العملي الذي يملأ الكيان كله، وهذا ما يؤدي إلى محبة الله له، لأنه سبحانه يجب المؤمنين الصادقين المحسنين المتقين، الذين أخلصوا لله ورسوله، فأحبهم الله لذلك. وقال (ص) في جوابه لرجل قال له: أحب أن أكون من أحباء الله، قال (ص): ((أحب ما أحب الله ورسوله، وأبغض ما أبغض الله ورسوله)).
وقد جاء في الحديث عن السيد المسيح (ع)، لما سئل عن عمل واحد يورث محبة الله، قال: ((أبغضوا الدنيا يحببكم الله)). والمقصود هنا أن لا يستغرق الإنسان في حب الدنيا، بحيث تنسيه مسؤولياته التي حمله الله إياها، بل أن ينظر إليها على حقيقتها، وهي أنها تشكل موطنا للطاعة، فلا يجعلها مرتعا للمعصية، وأنها موقع لحركة المسؤولية، فلا يجعلها واقعا للهو والعبث والباطل.
وجاء عن رسول الله محمد (ص) قال" ((من أكثر ذكر الموت أحبه الله))، فإن ذكر الموت يوحي للإنسان بفناء الدنيا واستقبال الآخرة، ما يجلعه يواجه مسؤولياته في الاتزام بطاعة الله سبحانه.
وقال الإمام جعفر الصادق (ع): ((طلبت حب الله عز وجل فوجدته في بغض أهل المعاصي)). والمقصود به بغض أعمالهم في معصية الله في تمردهم على ربهم وإصرارهم على ذلك، لأن بغض الأشخاص يرتكز على بغض أعمالهم التي تسيء إيمانهم بالله.
ومن خلال ذلك، يتضح أن مظهر محبة الله في نفس المؤمن، هو اتباع النبي محمد (ص) وفي رسالة التي بلغها عن الله م
ما يريد لعباده أن يأخذوا به ويلتزموه ويتبعوه في امتثال أوامره واجتناب معاصيه، وأن ذلك هو الذي يؤدي إلى الحصول على محبة الله ورضاه عنه.
من هم الذين يحبهم الله؟
تحدث القرآن الكريم عن أكثر من عنوان في ميزان القيمة الروحية والعملية لنماذج الناس الذين يحصلون على محبة الله.
المحسنون:
قال تعالى: (وأحسنوا إن الله يحب المحسينين)، والمقصود بهذا النموذج الإنساني الإيماني أولئك الذين يحسنون العمل للهن بأداء كل شروطه، وتحقيق كل مفاهيمه، وتجسيد كل قيمه، وكذلك بالإحسان إلى الناس في القيام بحقوقهم ومساعدتهم وإعانتهم في حاجاتهم الخاصة والعامة.
وقد تحدث الله عن خطاب قوم قارون له: (وأحسن كما أحسن الله إليك)، حيث كانوا ينصحونه بأن يحرك ما أنعم الله به عليه من كنوز الأرض في خط الإحساس لنفسه، فلا يظلمها بالتكبر والتجبر، وفي خط الإحساس للناس، فيتحمل مسؤوليته في مساعدتهم من ماله. والله تعالى يقول: (وأتوهم من مال الله الذي أتاكم)، (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم).