أما بعد إخواني الأفاضل سوف نلقي هنا نظرة على ماهية السحر وكيفية إشتغاله وأنواعه نضرا لانه من الاسباب الأولية في حدوث الامراض الروحانية واشهر سلاح لضعفاء النفوس فلذلك سوف نعرف السحر من الناحية اللغوية ومن الناحية الاصطلاحية ونسال الله ان يوفقنا الى ذلك.
أولا السحر في اللغة يُطلق السحرُ في لغة العرب على كل شيء خفي سببه وقال أبو عبيد : أصلُ السحر صرفُ الشيء عن حقيقته إلى غيره ، وقال عز وجل: {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون:89] أي فأنى تصرفون ، وهذا الصرف قد يكون للعين وهو الأخَذة التي تأخذ العين فلا ترى الأشياء على حقيقتها وقد يكون للقلب من البغض إلى الحب أو من الحب إلى البغض فلذلك سمي السحرلانه عبارة عن عمى خفي ولطف سببه ومنه سمي السحر سحرا لأنه يقع خفيا آخر الليل في أكثر الاعمال السحرية يقول الأستاذ راجي الأسمر : ( وتعود معاني السحر اللغوية إلى الخفاء واللَّطافة ، وإلى الخداع والتمويه ، وإلى التلهية والتعليل وإلى الصرف والاستمالة ، ومن هذه المعاني اللغوية عرف السحر في الاصطلاح و عرف الأحناف السحر فقالوا : ( السحر : هو علم يستفاذ منه حصول ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة لأسباب خفية
قال ابن منظور : ( قال الأزهري : السحر عمل تُقُرِّب فيه إلى الشيطان ، وبمعونة منه ، كلّ ذلك الأمر كينونَة للسِّحر، ومن السحر الأخذة التي تأخذ العين حتى يظن أن الأمر كما يرى ، وليس الأصل على ما يرى ، والسحر الأخذة ، وكل ما لطف مأخذه ودق فهو سحر وأصل السحر صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره ، فكأن الساحر – لما أرى الباطل في صورة الحق وخيل الشيء على غير حقيقته – قد سحر الشيء عن وجهه ، أي صرفه ) ( لسان العرب – ماذة " سحر " – 4 / 348 )
اذن اختصارا في تعريف السحر لغويا يتبين لنا بانه شيء خفي لا يلمس ولو ان ادأواته المكونة للعمل السحري تلمس وترى ولكن كنهه لا يرى بل يحصل وان المادة الخامة كما سوف يتبين لنا هو شياطين الجن والعفاريت اذ هم من يؤدون اعماله ويغيرون رؤية العين الانسية للاشياء ويقلبون مواصفاتها .
السحر في الاصطلاح
قال تعالى {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } [البقرة:102] فهذه الاية الكريمة جمعت الادلة على بيان السحر لمن انكر ذلك وبينت تاريخه وبينت تاثيره ونتائجه ومن هم اساتذته ومعلميه وقد جاء في تفسير الاية الكريمة
- (واتبعوا) عطف على نبذ (ما تتلوا) أي تلت (الشياطين على) عهد (مُلْك سليمان) من السحر وكانت دفنتْه تحت كرسيه لما نزع ملكه أو كانت تسترق السمع وتضم إليه أكاذيب وتلقيه إلى الكهنة فيدوِّنونه وفشا ذلك وشاع أن الجن تعلم الغيب فجمع سليمان الكتب ودفنها فلما مات دلت الشياطين عليها الناس فاستخرجوها فوجدوا فيها السحر فقالوا إنما ملككم بهذا فتعلموه فرفضوا كتب أنبيائهم. قال تعالى تبرئة لسليمان وردَّاً على اليهود في قولهم انظروا إلى محمد يذكر سليمان في الأنبياء وما كان إلا ساحراً : (وما كفر سليمان) أي لم يعمل السحر لأنه كفر (ولكنَّ) بالتشديد والتخفيف (الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر) الجملة حال من ضمير كفروا (و) يعلمونهم (ما أنزل على المَلَكين) أي ألهماه من السحر وقرئ بكسر اللام الكائنين (ببابل) بلد في سواذ العراق (هاروت وماروت) بدل أو عطف بيان للملكين ، قال ابن عباس : هما ساحران كانا يعلمان السحر وقيل ملكان أنزلا لتعليمه ابتلاء من الله للناس (وما يعلمان من) زائدة (أحد حتى يقولا) له نصحاً (إنما نحن فتنة) بلية من الله إلى الناس ليمتحنهم بتعليمه فمن تعلمه كفر ومن تركه فهو مؤمن (فلا تكفر) بتعلمه فإن أبى إلا التعلم علماه (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) بأن يبغض كلا إلى الآخر (وما هم) أي السحرة (بضارِّين به) بالسحر (من) زائدة (أحد إلا بإذن الله) بإراذته (ويتعلمون ما يضرهم) في الآخرة (ولا ينفعهم) وهو السحر (ولقد) لام قسم (علموا) أي اليهود (لمن) لام ابتداء معلقة لما قبلها ومن موصولة (اشتراه) اختاره أو استبدله بكتاب الله (ما له في الآخرة من خلاق) نصيب في الجنة (ولبئس ما) شيئا (شروا) باعوا (به أنفسهم) أي الشارين : أي حظها من الآخرة إن تعلموه حيث أوجب لهم النار (لو كانوا يعلمون) حقيقة ما يصيرون إليه من العذاب ما تعلموه
و ما رواه ابن جرير الطبري: {عن شهر بن حوشب قال: لما سلب سليمان عليه السلام ملكه كانت الشياطين تكتب السحر في غيبة سليمان فكتبت: من أراذ أن يأتي كذا وكذا فليستقبل الشمس وليقل كذا وكذا، ومن أراد أن يفعل كذا وكذا فليستدبر الشمس وليقل كذا وكذا فكتبته وجعلت عنوانه: هذا ما كتب آصف بن برخيا للملك سليمان بن دأود من ذخائر كنوز العلم ثم دفنته تحت كرسيه فلما مات سليمان عليه السلام قام إبليس خطيبًا فقال: يا أيها الناس إن سليمان لم يكن نبيًا إنما كان ساحرًا فالتمسوا سحره في متاعه وبيوته، ثم دلهم على المكان الذي دفن فيه فقالوا: والله كان سليمان ساحرًا هذا سحره بهذا تعبدنا وبهذا قهرنا فقال المؤمنون: بل كان نبيًا مؤمنًا فلما بعث الله تعالى النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم جعل يذكر الأنبياء حتى ذكر دأود وسليمان، فقالت اليهود: انظروا إلى محمد صلى الله عليه وسلم يخلط الحق بالباطل يذكر سليمان مع الأنبياء وإنما كان ساحرًا يركب الريح فأنزل الله عذر سليمان ﴿وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾. جامع البيان عن تأويل أي القرآن/ ج:1 ص:450-451.
يقول ابن القيم : والسحر يؤثر مرضاً وثقلاً وعقلاً وحباً وبغضاً ونزيفاً موجود تعرفه عامة الناس ومن أقوى اذلتهم سحرُ النبي صلى الله عليه وسلم سحر رسول الله رجل من بني زُريق يقال له لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله يخيلُ إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله (1) حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة وهو عندي لكنه دعا ودعا ثم قال: ((يا عائشة أشعرت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟)).
قلت وما ذاك يا رسول الله ؟ فقال: ((أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال أحدهما لصاحبه ما وجعُ الرجل ، فقال مطبوب (أي مسحور) قال ومن طَّبه ؟ قال لبيد بن الأعصم اليهودي قال في أي شيء ؟ قال : في مُشط ومُشاطَة)) والمشاطة أي الشعر المتساقط من الرأس واللحية عند ترجيلهماً (( وجُفَّ طلعة ذكر )) ( أي على الغشاء الذي يكون على الطلع ) قال أين هو ؟
قال في بئر ذي أروان ومن الرواة من قال في بئر ذروان ، قال : وذروان : بئر في بني زريق – فذهب النبي في أناس من أصحابه إلى البئر فنظر إليها ، وعليها نخل .
قال: ثم رجع إلى عائشة، فقال: (( والله لكأن ماءها نُقاعةُ الجفَّاء ولكأن نخلها رؤوس الشياطين ، قلت : يا رسول الله أفأخرجته ؟
قال: ((لا ، أما أنا فقد عافاني الله وشفاني ، وخشيت أن أثُوَر على الناس منه شراً وأُمر بها فدفنت .
اذن فلقد بينت ادلة من القران العظيم وسنة الرسول البشير الندير على وجود السحر ولقد اختصرت في ذلك مع انه توجد ادلة كتيرة على وجود السحر ولقد افترق العلماء في قولين فمنهم من قال ان السحر كله خيال ومنهم من قال ان السحر كله حقيقة والصواب في ذلك كل الاقوال فالأول سحر التخييل الذي لا حقيقة له في الواقع ، مبني على الأخذ بالعيون فترى الشيء على خلاف ما هو عليه ، في الحقيقة والتاني سحر حقيقي وهو الذي يعتمد فيه الساحر على الجن والشياطين وعبادة الكواكب والنجوم ولاستعانة بالشياطين .
اذن ان السحر انواع فمنه ماهو حقيقي ومنه ماهو تخيلي ولكن اشده ضررا على الانسان هوالسحر الحقيقي لانه يؤثر في الجسم والنفس بالسقم ويفسد الدم ويفتك الجسد أما السحر التخيلي فهو يسيطر على العين فقط ويقلب الاشياء عن حقائقها وربما كان ذلك بالاستعانة بالشياطين وربما كان ذلك بخفة اليد فقط بما يسميه العامة بالالعاب السحرية ويجب ان نعلم بان السحر الحقيقي الواقع نفسه أبواب فمنه ان يسيطر على نفس الانسان فقط ومنه ما يسيطر على النفس والجسد فمثلا السحر المقرون بالمادة ليس هو السحر الموضوع في الطبع سوف أوضح ذلك قليلا .
على سبيل المثال السحر الذي يحتوي على مواد سواء نباتية أو معدنية أو حيوانية تم يدخل في بدن الانسان المطلوب فانه يؤثر على الجسم اكثر من النفس لان المادة السحرية تعطي طاقة وغداء للشياطين لاداء العمل في بدن المسحور وفي حد ذاتها تؤثر هذه المادة بالسموم في جسم المسحور مما تحويه من مواد سامة وذلك ما يحصر قوله في الكلمة الشعبية التوكال اما السحر الذي يمزج في طبع الانسان المطلوب فان هذا يكون اكثر الضرر فيه واقع على النفس فقط اي انه عندما يرصد الساحر طبيعة المسحور بعد اعمال يقوم بها لمعرفة الطبع الغالب في بدن المسحور اذا كان مائيا توجه بالعمل الى الماء اي انه يتم ربط طاقة هذه الشياطين الموكلة ببدن المسحور بما يناسبه من طبعه الغالب فتجد الساحر الخبيث يضع العمل في مجرى الانهار أو في البحار الى ما شبه ذلك وكلما زادت طاقة الماء جريانا كلما زادت الشياطين تاتيرا في بدن المسحور .واما اذا كان طبع المطلوب ناريا فيركز الساحر على ربط خاصية النار بالسحر كالحرق مثلا أو دفن السحر قرب النار أو ما شبه من هذه الاعمال وكلما زادت طاقة النار في العمل زادت الشياطين في التاثير على بدن المسحور .
واما اذا كان طبع المطلوب هواء تجد الساحر الخبيث يركز على الاعمال السحرية الموافقة لهذا الطبع مثلا ان يعلق السحر في مهاب الرياح أو في الطيور وما شبه ذلك ومتى زادت طاقة الرياح زادت الشياطين تاثيرا في بدن المسحور وهذا النوع نجد تقريبا في سحر الجنون والتهيج وما شبه ذلك .
واما اذا كان الطب الغالب في المسحور هو التراب تجد الساحر يركز على الاعمال التي يدمج فيها الشياطين الترابين فيخص العمل في التراب كالدفن في اماكن مخصصة كالمقابر المهجورة أو في منزل المسحور او ماشبه ذلك وتختلف المسالة على حسب الطلب ونجد نوع هذه الاسحار تقريبا في اسحار تعطيل الزواج أو الربط الجنسي أو تسليط الرجم وشياطين الجن على أحد المنازل وما شبه ذلك .
فلذلك كما قلت انفا ان السحر الحقيقي هو انواع ومراتب على حسب الشياطين التي تشتغل مع الساحر ومرتبة الساحر نفسه ومراتب الساحر هي انه كلما زداد كفرا بالله كلما ازداد قربا من شياطين الجن وبدء ابليس يرقيه في درجات الكفر فنعلت الله ما علت السموات عن الارض على كل ساحر خبيث فلذلك يجب على الاخصائي في العلاج الروحاني ان تكون له دراية واسعة في هذا العلم كي يتم معرفة فك كل عمل والتركيز على ما يفتكه.
وصدق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن ؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ) متفق عليه وتدبر الحكمة الواردة في الحديث اذ انه ذكر السحر وراء الشرك بالله لان السحر شرك بالله وخروج من الملة .ولكن لتذكير فنحن هنا نتكلم على الساحر الذي يستعين بشياطين الجن وعبادتهم أو عبادة الكواكب أما الساحر الذي ببعض خواص الاشياء المعدنية أو الحيوانية فهو فعل محرم ولا يخرج من الملة وهنا كلام للشيخ الشنقطي قال الشيخ الشنقيطي : التحقيق في هذه المسألة يعني تكفير الساحر هو التفصيل . فإن كان السحر مما يعظم فيه غير الله كالكواكب والجن وغير ذلك مما يؤدي إلى الكفر فهو كفر بلا نزاع، ومن هذا النوع سحر هاروت وماروت المذكور في سورة " البقرة " فانه كفر بلا نزاع .. وإن كان السحر لا يقتضي الكفر كالاستعانة بخواص بعض الأشياء من دهانات وغيرها فهو حرام حرمة شديدة ولكنه لا يبلغ بصاحبه الكفر. هذا هو التحقيق إن شاء الله تعالى في هذه المسألة التي اختلف فيها العلماء
ويجب ان نعلم شيء اخر وهوأن الساحر ليس هو ولا سحره مؤثرين بذاتهما ولكنه يؤثر إذا تعلق به إذن الله القدري الكوني وأما إذن الله الشرعي فلا يتعلق به البتة ، لأن السحر مما حرمه الله ولم يأذن به شرعا قال تعالى : { وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ } ]سورة البقرة 00000]اذن بعدما تبين لنا ماهو السحر وكيف يعمل والادلة من القران والسنة على وجوده سوف نذكر الان انواع علوم السحر.
محبكم الدكتور يوسف حدوتي الكبداني التينملالي السني
أمل الحياة
عضو فضي
مشاركات : 1929
العمر : 30 الجنس : الدولة : لا وجود لها في الخريطة المدينة : المنتدى تاريخ التسجيل : 07/05/2010
موضوع: رد: السحر السبت أبريل 30 2011, 14:06
???? زائر
موضوع: رد: السحر الأحد مايو 01 2011, 16:07
MoRaD47
عضو ذهبي
مشاركات : 8374
العمر : 31 الجنس : الدولة : Alg المدينة : M'sila تاريخ التسجيل : 17/04/2010 decoration :
موضوع: رد: السحر الأحد مايو 01 2011, 17:02
موضوع قيم مرسي جون
♣ yomi Gate ♣
مشرف
مشاركات : 5269
العمر : 32 الجنس : الدولة : الجزائر المدينة : ياحصراة تاريخ التسجيل : 07/03/2010 decoration :