معنى الطب الروحاني

معنى الطب الروحاني

أولا معنى الطب الروحاني

{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء : 85]

الروح لغويا، ذكر في مختار الصحاح للرازي قال : الروح يذكر ويؤنت والجمع الأرواح ويسمى القران وجبرائيل وعيسى عليهم السلام روحا.

والنسبة الى الملائكة والجن روحاني بضم الراء والجمع روحانيون وكدا كل شيء فيه روح روحاني بالضم ومكان روحاني بفتح الراء أي مكان طيب طاهر وجمع الريح رياح والارياح وقد تجمع على أرواح والريح ايضا تعني الغلبة والقوة قال تعالى {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال : 46]

وفي القاموس المحيط للفيروز ابادي الروح بالضم مابه حياة الأنفس ويؤنت والقران والوحي وجبرائيل وعيسى عليهم السلام والنفخ وأمر النبوة وحكم الله تعالى وأمره وملك وجهه كوجه الانسان وجسده كلملائكة هذا تعريف لروح في اللغة.

الروح في القران والاسلام

أما الروح في القران، قال ابن القيم رحمه الله وجعل الجنة متواه: الروح في القران على عدة اوجه الاول الوحي قال تعالى {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم}ٍ [الشورى : 52]

وقوله تعالى {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} [غافر : 15]

وسمي الوحي روحا لما يحصل به من حياة القلوب والارواح.

التاني القوة والتبات والنصر الذي يؤيد الله به من يشاء من عباده المؤمنين قال تعالى {أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ]المجادلة : 22]

الثالت جبرائيل عليه السلام قال تعالى {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ} [الشعراء : 194] وقال تعالى {قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [البقرة : 97]

وهو الروح القدس قال تعالى {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل : 102]

الرابع الروح التي سال عنها بني اسرائيل فاجيبوا بانها من امر الله {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلا}ً [الإسراء : 85] قد قيل بانها الروح المذكورة في قوله تعالى {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً} [النبأ : 38] وانها الروح المذكورة في قوله تعالى {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} [القدر : 4]

خامسا المسيح ابن مريم عليه وعلى رسول الله السلام قال تعالى {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً} [النساء : 171]

أما في السنة فجائت بلفظ النفس والروح عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس معادن كمعادن الفضة والذهب خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام اذا فقهوا الارواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.متفق عليه اللفض للبخاري وفي صحيح مسلم 2638.

وفي رواية عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الارواح جنود مجندة تلتقي فتشام في الهواء

المصدر تخريج الاحياء.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبرائيل عليه السلام على اي شيء انت قال على الريح والجنود قال وعلى اي شيء ميكائيل عليه السلام قال على النبات والقطر قال وعلى اي شيء ملك الموت قال على قبظ الارواح. المصدر فتح الباري ابن حجر

هل يمكن تعريف الروح وماهيتها ؟

ذهب العلماء الأجلاء الى أن الوقوف على حقيقة الروح وماهيتها غير ممكن لان العلم بها مختص بالله الواحد الاحد الفرد الصمد فلهذا لا يمكن وضع تعريف يحدد ماهيتها وقد بين الله تعالى ذلك بخطابه العام للسائلين وغيرهم انهم ما أتوا من العلم الا قليلا وهذا العلم القليل لا يصل الى درجة الكشف عنها ومعرفت ماهيتها.

لكن مع هذا لم يمنع العلم العلماء من وضع تعريفا يقربها الى الاذهان، وقالوا الروح جسم مخالف بالماهية لهذ الجسم المحسوس وهو جنس نوراني علوي خفيف حي متحرك ينفد في جوهر الاعضاء ويسري فيها سريان الماء في الورد وسريان الذهن في الزيتون وسريان النار في الفحم فمتى دامت هذه الاعضاء صالحة لقبول الاثار الفائضة عليها من هذا الجسم اللطيف بقي ذلك الجسم اللطيف مشابكا لهذه الأعضاء وأفادها من هذه الاثار الحركة الارادية واذا فسدت هذه بسبب استيلاء الاخلاط الرديئة الغليضة عليها خرجت عن قبول تلك الاثار فارق الروح البدن وانفصل الى عالم الروح الذي اما الى النعيم واما الى الجحيم وان الله واسع الرحمة غفور رحيم .

فكما قال ابن القيم رحمه الله وهذا القول هو الصواب وهو الذي لا يصح غيره وكل الاقوال سواه باطلة وعليه دل الكتاب والسنة واجماع الصحابة وادلة العقل والفطرة هذا وباختصار في تعريف الروح وتقريبها الى العقل ومن أراد معرفة المزيد فليرجع الى باب ترديد الشبهة الاولى لمنازعي جسمية الروح والنفس كتاب الروح.

وأعود وأقول ليس في هذا حجرا على العقل البشري على أن لا يعمل ولاكن توجيها لهذا العقل أن يعمل في حدود طاقاته وفي مجاله الذي يدركه فلا أجد جدوى في الخبط في التيه وفي انفاق الطاقة فيما لا يمكن للعقل ادراكه لانه لا يعلم وسائل ادراك الروح، والروح غيب من غيب الله لا يدركه سواه وسر من اسراره القدسية أودعه في هذا المخلوق البشري وفي مخلوقات روحانية كـالجن والشياطين والحيونات وبعض المخلوقات التي لا نعلمها اصلا ولا زلنا نكتشف بعضها مع مرور الزمن كما يجب ان نعلم بان علم الانسان محدود بالقياس والله هو الذي يملك العلم المطلق اذ سبحانه يعلم ما كَانَ وما يكون، ومالم يكن أن لو كَانَ كيف كان يكون. وأسرار هذا الوجود أوسع بأن يحيط به العقل البشري المحدود ولا زال الانسان يكتشف طاقاته التي أمده الله بها يوم وراء يوم. والابحاث تتوسع في العلوم البشرية والقدرات الدماغية التي منّ الله بها جل وعلى، ولحد الأن الانسان لم يدرك هذا الكون لأن طاقته ليست شاملة إنما وهبه الله منها على قدر محيطه. ولقد أبدع الانسان ما أبدع في هذا الكون، وخصوصا في الأزمنة السابقة، ولكنه وقف حسيرا أمام ذلك السر الخفي اللطيف وهو الروح ،لا يدري ماهو ولا كيف جاء ولا كيف يذهب ولا أين كان ولا أين يكون الا ما يعلم به الخبير العليم خلق كل شيء سبحانه وتعالى عما يصفون .

وإلى هنا أكون قد إختصرت في تعريف الروح وتقريبها الى الأذهان ولا سبيل لأحد من البشرية أن يخوض في ماهيتها فنحن فقط اعطينا تعريفها بظواهرها في الكائن لبشري والكائنات الاخرى من الجن والحيوان وكل ذي روح، وعلى سبيل المثال فنحن في عالمنا المادي عجزنا في تعريف ماهية بعض الاشياء في زمننا الراهن على سبيل المثال: الكهرباء حتى الأن لا نستطيع أن نحدد ماهيتها وماهي، الا اننا نعرفها بظواهرها فقط الملموسة والتي تبصرها العيون أما ماهية طاقة الكهرباء فهذا لا زال العقل البشري عاجزا عن تفسيرهــا كمثيلاتهــا من المسائل العلمية الاخرى.

محبكم

الدكتور يوسف حدوتي الكبداني التينملالي السني