حكاية الذين فضلوا التمر على الجهاد
أذّن مؤذن رسول الله صلى الله عليه و سلم بالجهاد، فتوافد المسلمون من كل حَدَب و صَوب، ليروا ماذا يريد منهم رسول الله
و كان من عادة النبي إذا أراد أن يغزو أن يورّي و لا يُفصح عن الجهة التي
يريدها، إلا في هذه الغزوة فإنه ذكرها للمسلمين، قال لهم: ان الروم قد
حشدوا حشودهم، يريدون غزونا، و لن ندعهم يغزوننا في عقر دارنا، فمن استطاع
أن يقاتل بنفسه فليفعل، و من استطاع أن يُجهّز غازيا فليفعل (انفروا خفاقا و ثقالا و جاهدوا بأموالكم و أنفسكم في سبيل الله)
و خفّ المسلمون يتجهّزون........
و انطلق رسول الله مع جيشه قاصدا "تبوك" و لم يبق في المدينة الا المنافقون
و العاجزون عن القتال من الصبية و الشيوخ و النساء............
و تخلّف ثلاثة من أصحاب رسول الله .....كعب بن مالك، و هلال بن مروة، و مرارة بن الربيع
أخلدوا إلى الأرض و تقاعسوا عن القتال......شغلتهم أموالهم و أهلوهم و
خافوا شدة الحر و قيظ الهاجرة، فقد كانت هذه الغزوة وقت نضج الثمار و قطاف
التمر و الرطب
عاد رسول الله و صحبه من تبوك، و توجّه نحو المسجد و صلى فيه شكرا لله على ما فتح عليه في تبوك ثم جلس للناس
جاءه المنافقون معتذرين عن تخلفهم عن الجهاد، و قبل الرسول اعتذارهم فهو لا
يريدهم أن يكونوا في صفه و في جيشه لأن وجودهم يضعف الجيش و لا يقوّيه
و جاءه أصحابه الثلاثة: كعب و هلال و مرارة و اعترفوا بتخاذلهم و تقصيرهم و لم يقدّموا أي عذر عن تخلفهم..........
و عرف رسول الله صدقهم و أمرهم أن يعودوا من حيث أتوا و أمر المسلمين ألا يكلموهم، حتى يقضي الله فيهم أمره...
و مضت خمسون ليلة كانت أشقّ عليهم من كل ما مرّ بهم من آلام و أحزان و مصائب.........
و بعد أن صلى رسول الله صلاة الصبح التي أعقبت الليلة الخمسين و طرق برأسه و
غاب بروحه عمن حوله ثم رفع رأسه و البشْرٌ يملأ وجهه، و أعلن للملأ عنده
أن الله تعالى قد تاب على الثلاثة على كعب و على هلال و على مرارة، ثم تلا
قوله تعالى:
لقد تاب الله على النبي و المهاجرين و الأنصار
الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم، ثم تاب
عليهم، إنه بهم رؤوف رحيم و على الثلاثة الذين خلفوا، حتى ضاقت عليهم الأرض
بما رحبت، و ضاقت عليهم أنفسهم، و ظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه، ثم
تاب عليهم ليتوبوا، إن الله هو التواب الرحيم
و إلى اللقاء مع قصة أخرى إن شاء الله
****
كان الله مع أهلنا في غزة
اللهم انصر إخواننا المستضعفين