المبحث الأول: طرق و تقنيات تمويل التجارة الخارجية.
إن المؤسسات بتنوع نشاطها و توسعه و حتى
تقوم بوظائفها بشكل جيد، فهي تبحث عن تغطية احتياجاتها من رؤوس الأموال،
حيث هذه الاحتياجات قد تكون عند نشأة المؤسسة أو عند تجديد و سائل أو معدات
النشاط، أو في حالة عجز مؤقت على مستوى خزينتها (الناتج عن الاختلال بين
مجموع الإيرادات و المصاريف)، وتغطية هذه الحاجة إلى الأموال تتم بواسطة ما يعرف بالتمويل، كذلك بالنسبة للتجارة الخارجية، فحتى تتم عمليات التصدير و الاستيراد فهي بحاجة إلى التمويل.
مطلب الأول: تعريف التمويل.
لقد اختلف الاقتصاديون و المدارس الاقتصادية في إعطاء تعريف موحد للتمويل اخترنا بعض هذه التعاريف:
1*لقد
عرف التمويل بأنه "إصدار للمؤسسات بالحال اللازم لإنشائها أو توسيعها أو
تفريقها،أو أنه من أعقد المشاكل التي تواجهها التنمية الصناعية من كل بلاد
بوجه عام".
2* كما عرف أنه: "الإمداد بالأموال اللازمة عند الحاجة إليها".
3*
و عرف أيضا بأنه: "يتمثل في جمع المدخرات من أصحاب الفوائض، من طرف هيئات
متخصصة، ثم توجيه تلك المدخرات (الفوائض) إلى المحتاجين أو الطالبين لمصادر
التمويل (الأطراف التي تسجل عجزا)" على شكل قروض.[1]
لكن ما يمكن استخلاصه هو أن: "التمويل هو توفير الأموال اللازمة
للقيام بمشاريع اقتصادية و تطويرها و ذلك في أوقات الحاجة إليها إذ أنه يخص
المبالغ النقدية و ليس السلع و الخدمات، و أن يكون بالقيمة المطلوبة
بالضبط، فالهدف منه هو تطوير المشاريع العامة و الخاصة في الوقت المناسب".
و ما نشير إليه أنه مهما اختلفت تعاريف التمويل إلا أنها تبقى على تعدادها تراعي الأمور و العناصر التالية:
- التمويل خاص بالمبالغ النقدية و ليس السلع و الخدمات.
- أن يكون التمويل بالمبالغ المطلوبة لا أكثر و لا أقل.
- الغرض الأساسي للتمويل هو تطوير المشاريع الخاصة أو العامة.
- أن يقدم التمويل في الوقت المناسب أي في أوقات الحاجة إليه.
المطلب الثاني: أهمية التمويل.
لكل بلد في العالم سياسة اقتصادية و تنموية يتبعها أو يعمل على
تحقيقها من أجل تحقيق الرفاهية لأفراده، و تتطلب هذه السياسة وضع الخطوط
العريضة لها، و المتمثلة في تخطيط المشاريع التنموية و ذلك حسب احتياجات و
قدرات البلاد التمويلية.
و مهما تنوعت المشروعات فإنها تحتاج إلى التمويل لكي تنمو و تواصل
حياتها، حيث يعتبر التمويل بمثابة الدم الجاري للمشروع، و من هنا نستطيع
القول أن التمويل له دور فعال في تحقيق سياسة البلاد التنموية و ذلك عن
طريق:
*
تسهيل مختلف التدفقات النقدية و المالية بين مختلف الأعوان الاقتصادية
بضمان توظيف الموارد خاصة فيما بين الهيئات المالية، و الأعوان الاقتصادية
الأخرى.
* تغطية جزء من تكاليف المشروع الاستثماري و تشجيع الاستثمار في البلاد.
* توفير المبالغ النقدية اللازمة للوحدات الاقتصادية ذات العجز في أوقات حاجتها لذلك.
*
تحقيق النمو الاقتصادي و الاجتماعي للبلاد بما يساهم في تحقيق التنمية
الشاملة، هذه التنمية الشاملة المتمثلة في "توفير مناصب الشغل".
المطلب الثالث: طرق تمويل التجارة الخارجية.
يعتبر
تمويل المشروعات التجارية و الصناعية من أعقد المشكلات التي تواجهها
التنمية الاقتصادية في أي بلد، و يزداد الأمر أهمية إن تعلق بتمويل مشاريع
التجارة الخارجية (صفقات التجارة الخارجية)، و التي يمكن أن نصنف عملياتها
إلى عمليات تمويل قصيرة الأجل، و عمليات تمويل متوسطة و طويلة الأجل، و
ترتبط عمليات التمويل هذه مع طبيعة النشاط المراد تمويله.
و سنحاول في المباحث القادمة إعطاء لمحة على كل من هذين النمطين من التمويل و التقنيات المستعملة في كل منهما.
المبحث الثاني: طرق التمويل قصيرة الأجل.يسمح التمويل قصير الأجل لعمليات التجارة الخارجية للمصدرينوالمستوردين على السواء،بالحصول على مصادر التمويل الممكنة لتمويل صفقاتهم التجاريةفي أقل وقت ممكن، و سنتطرق إلى بعض التقنيات المستعملة في هذا النوع منالتمويل.المطلب الأول: قروض خاصة بتعبئة الديون الناشئة عن التصديرCrédit mobilisation des créance nées à l’exportation:يقترن هذا النوع من التمويل بالخروج
الفعلي للبضاعة من المكان الجمركي للبلد المصدر، و تسمى بالقروض الخاصة
بتعبئة الديون لكونها قابلة للخصم لدى البنك، و يخص هذا النوع من التمويل
الصادرات التي يمنح فيها المصدرون لزبائنهم أجلا للتسديد لا يزيد عن 18
شهرا كحد أقصى، و أكثر الأنظمة ارتباطا بهذا النوع من التمويل هو النظام
الفرنسي، و يشترط البنك عادة تقديم بعض المعلومات قبل الشروع في إبرام أي
عقد خاص بهذا النوع من التمويل و تنفيذه، و هذه المعلومات هي على وجه
الخصوص:ü مبلغ الدين.ü طبيعة و نوع البضاعة المصدرة.ü اسم المشتري الأجنبي و بلده.ü تاريخ التسليم و كذلك تاريخ المرور بالجمارك.ü تاريخ التسوية المالية للعملية.[2]المطلب الثاني، تسبيقات بالعملة الصعبة Avance en devises:يمكن للمؤسسات التي قامت بعملية تصدير مع
السماح بأجل للتسديد لصالح زبائنها أن تطلب من البنك القيام بتسبيق بالعملة
الصعبة، و بهذه الكيفية تستطيع المؤسسة المصدرة أن تستفيد من هذه
التسبيقات في تغذية خزينتها، حيث تقوم بالتنازل عن مبلغ التسبيق في سوق
الصرف مقابل العملة الوطنية، و تقوم هذه المؤسسة بتسديد هذا المبلغ إلى
البنك بالعملة الصعبة حالما تحصل عليها من الزبون الأجنبي في تاريخ
الاستحقاق، و تتم هذه العملية بهذه الكيفية إذا كان التسبيق المقدم قد تم
بالعملة الصعبة التي كانت هي العملة التي تمت بها عملية الفوترة (أي التي
تمت بها الصفقة).أما اذا كان التسبيق يتم بواسطة عملة غير
تلك التي يقوم الزبون الأجنبي أن يسوي دينه بها، فإن المؤسسة المصدرة
يمكنها دائما أن تلجأ إلى تغذية خزينتها بالكيفية التي رأيناها سابقا، و
لكن يجب عليها أن تتخذ احتياطاتها، و أن تقوم بعملية تحكيم على أسعار الصرف
في تاريخ الاستحقاق.و تجدر الإشارة إلى أن مدة التسبيقات
بالعملة الصعبة لا يمكن أن تتعدى مدة العقد المبرم بين المصدر و المستورد، و
لا يمكن من جهة أخرى أن تتم هذه التسبيقات مالم تقم المؤسسة بالإرسال
الفعلي للبضاعة إلى الزبون الأجنبي، و يمكن إثبات ذلك بكل الوثائق الممكنة و
خاصة الوثائق الجمركية الدالة على ثبوت عملية التصدير.[3]المطلب الثالث: عملية تحويل الفاتورة l’affacturage:تعتبر عملية تحويل الفاتورة عملية من عمليات التمويل قصير الأجل للتجارة الخارجية خاصة في السلع الاستهلاكية.مفهوم عملية تحويل الفاتورة:تحويل الفاتورة هي آلية حيث يقوم البائع (المصدر) بتحويل دائنيته باتجاه المستورد الأجنبي إلى مؤسسة متخصصة، فتحل محله في الدائنية[4]، فتقوم بتحصيل الدين و ضمان حسن القيام بذلك، وتكون في غالبالأمر مؤسسة قرض، وتبعا لذلك فهي تتحمل كل الأخطار الناجمة عن احتمالات عدم التسديد،ولكنمقابل ذلك فإنها تحصل على عمولة مرتفعة نسبيا قد تصل إلى 4 % من رقم الإعمال الناتجعن عملية التصدير.
وعملية تحويل الفاتورة هي عبارة عن ميكانيزم للتمويل قصيرالأجل بإعتبار أن المصدرين يحصلون على مبلغ الصفقة مسبقا من طرف المؤسسات المتخصصةالتي تقوم بهذا النوع من العمليات قبل حلول أجل التسديد الذي لا يتعدى عدة أشهر.[5]وقد نشأ هذا النظام في إنجلترا منذ اوائل القرن التاسع ، وإنتشر بين تجارالمنسوجات البريطانيين الذين كان لهم نشاط كبير في التعامل مع الولايات المتحدةالأمريكية و ما لبث أن إمتد إلى صناعة الجلود ثم إنتشر بعد ذلك ليشمل العديد منالصناعات الإستهلاكية الأخرى.أطراف عمليـة تحويـل الفاتـورة:تتطلبعملية تحويل الفاتورة وجود ثلاثة أطراف تنشأ فيما بينها علاقة تجارية :
* الطـرفالأول : وهو التاجر أو الصانع أو الموزع ، وهو الطرف الذي يكون في حوزته الفاتورةالتي تشتريها المؤسسات المالية المتخصصة في هذا النشاط،أو أحد البنوك التجارية التيتتوفر لديها هذه الخدمة المصرفية.
* الطـرف الثانـي : وهو العميل ويقصد به الطرفالمدين للطرف الأول.
* الطـرف الثالـث : وهو المؤسسات المالية المتخصصة في هذاالنشاط أو أحد البنوك التجارية التي تتوفر لديها هذه الخدمة والتي يعهد إليها بهذاالنشاط.[6]وتتخلص المراحل والخطوات التي تؤدى من خلالها هذه الخدمة فبما يلي : (2)