أدب الطبيب في ظل الإسلام
بقلم الدكتور محمد نزار الدقر
يحتاج
الطبيب، من وجهة نظر الشارع الإسلامي إلى مجموعة من الصفات، كي يكون
مؤهلاً لتأدية واجبه الطبي على الوجه الأكمل ومع أن القيام بهذه المهنة
واجب كفائي إلا أن علماءنا اعتبروها نمن أشرف المهن لارتباطها بحفظ النفس
وحسن أداء الإنسان لمهمة استخلافه في هذه الأرض. بيد أنهم جعلوا ذلك رهين
شرطين اثنين:
أولهما أن تمارس المهنة بكل اتقان وإخلاص، وثانيهما
أن يراعي الطبيب بسلوكه وتصرفاته الخلق الإسلامي القويم. وقد جمع الدكتور
شوكت الشطي صفات الطبيب الحاذق التي تتطلبها الشريعة الإسلامية عن مؤلفات
الطب الإسلامية في عشرة صفات:
1ـ على الطبيب أن يلم بأسباب المرض
والظروف التي أحاطت به بما في ذلك النظر في نوع المرض ومن أي شيء حدث
والعلة التي كانت سبب حدوثه.
2ـ الاهتمام بالمريض وبقوته والاختلاف الذي طرأ على بدنه وعاداته.
3ـ
أن لا يكون قصد الطبيب إزالة العلة فقط، بل إزالتها على وجه يؤمن معه عدم
حدوث على أصعب منها. فمتى كانت إزالتها لا يؤمن معه حدوث ذلك أبقاها على
حالها وتلطيفها هو الواجب.
4ـ أن يعالج بالأسهل فالأسهل فلا ينتقل
من العلاج بالغذاء على الدواء إلا عند تعذره ولا ينتقل إلى الدواء المركب
إلا عند تعذر الدواء البسيط.
5ـ النظر في قوة الدواء ودرجته والموازنة بينها وبين قوة المرض.
6ـ
أن ينظر في العلة هل هي مما يمكن علاجها أم لا؟ فإن لم يكن علاجها ممكناً
حفظ صناعته وحرمته ولا يحمله الطمع في علاج لا يفيد شيئاً.
7ـ أن
يكون له خبرة باعتدال القلوب والأرواح وأدويتها وذلك أصل عظيم في علاج
الأبدان فإن انفعال البدن وطييعته وتأثير ذلك في النفس والقلب أمر مشهور.
8ـ التلطف بالمريض والرفق به.
9ـ أن يستعمل علاجات منها التخييل إن لحذاق الأطباء في التخييل أموراً لا يصل إليها الدواء.
10ـ
على الطبيب أن يجعل علاجه وتدبيره دائراً على ستة أركان: حفظ الصحة
الموجودة، ورد الصحة المفقودة، وإزالة العلة أو تقليلها، واحتمال أدنى
المصلحتين لإزالة أعظمهما، وتقريب أدنى المصلحتين لتحصيل أعظمهما. فعلى هذه
الأصول الستة مدار العلاج وكل طبيب لا تكون هذه أمنيته فليس بطبيب. ويقصد
بالتخييل الإيحاء وهذا نما يذكرنا بأهمية التعامل مع المريض وطمأنته وهو
أمر ضروري لدعم أجهزة الوقاية والمناعة في البدن.
ويلخص التاج
السبكي رحمه الله آداب الطبيب فيقول: من حقه بذل النصح والرفق بالمريض،
وإذا رأى علامات الموت لم يكره أن ينبه على الوصية بلطف من القول، وله
النظر إلى العورة عند الحاجة، وبقدر الحاجة. وأكثر ما يؤتى الطبيب من عدم
فهمه حقيقة المرض واستعجاله في ذكر ما يصفه، وعدم فهمه مزاج المريض، وجلوسه
لطب الناس دون استكمال الأهلية، ويجب أن يعتقد أن طبعه لا يرد قضاء ولا
قدراً. وأنه يفعل امتثالاً لأمر الشرع وأن الله تعالى أنزل الداء والدواء .
وقد أكد أبو بكر الرازي في حديثه عن أخلاق الطبيب هذه النقطة
فقال: وليتكل الطبيب في علاجه على الله تعالى ويتوقع البرء منه، ولا يحتسب
قوته وعمله، ويعتمد في كل أموره عليه.
فإن عمل بضد ذلك ونظر إلى نفسه وقوته في الصناعة وحذقه حرمه الله من البرء
واتقان
الطبيب صنعته يدخل ضمن عموم الدعوة النبوية الكريمة: (إن الله يحب إذا
عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) [1] ومما نفهمه من قول النبي e: (إن الله عز
وجل لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله ) [2] ففي
الحديث تشجيع للبحث لاكتشاف الأدوية الفعالة وحث للطبيب على زيادة معارفه
الطبية واتقان فنه. ولأن الإصابة منها تؤدي إلى الشفاء كما نفهم ذلك من قول
النبي e: (فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله ) [3] .
وقد علمنا
رسول الله eأنه ينبغي الاستعانة في كل علم وصناعة بأحدق من فيها، فالأحدق
إلى الإصابة أقرب. فقد ذكر الإمام مالك في موطئه عن زيد بن أسلم أن رجلاً
من أصحاب النبي eجرح فحقن الدم. فدعا له رجلين من أنمار فقال رسول الله e:
أيكما أطب؟ فقال أحدهما أو الطب خير يا رسول الله؟ فقال: (إن الذي أنزل
الداء هو الذي أنزل الدواء )[4] روى الحديث أيضاً عبد الملك بن حبيب [5]
عن أصحاب مالك الذين لقيهم في المدينة وزاد أحدهما قال: (أنا أطب الرجلين.
فأمره رسول الله eبمداوته فبط بطنه واستخرج منه النصل ثم خاطه).
والنجدة
لتفريج كربة المريض وتلبية الواجب لإسعافه ليلاً ونهاراً من واجبات الطبيب
المسلم لقول النبي e: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه
كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة
) رواه مسلم.
وعلى الطبيب أن يبدأ المعاينة والعمل الجراحي أو
الوصفة بقوله: (باسم الله أو باسم الله الرحمن الرحيم) لقول النبي e:(كل
عمل ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع) [6] .
ومن واجب الطبيب بذل النصح للمريض. وأن يقصد بعمله نفع الخلق والإحسان إليهم.
ومن
النصيحة للمريض أن يجتهد في وصف الدواء الأنسب وأن يحفظ ماله، فلا يصف له
دواء غير نافع في مرضه، أو يطلب له تحليلاً أو فحوصات لمجرد أن ينتفع هو أو
ينفع مختبراً فيتعاون معه ليقبض عمولة مثلاً. فكل هذه الأمور هي خيانة
للمريض ونقض للأمانة التي في عنق الطبيب من النصح له. يقول النبي e: (إن
أموالكم وأعراضكم ودماءكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا )[7]
ومن هذا حفظ عرض مريضه فلا يكشف من عورته إلا ما تستدعيه الحاجة والمعانية
الطبية.
ومن النصيحة للمريض أن لا يقدم على معالجته في كل حال
يتغير منها خلقه، فلا يعالج وهو منزعج، ولا هو على عجلة من أمره ولا وهو
غضبان. وقد قاسوا ذلك من أمر الطبيب على ما صح عنه e(عن نهيه للقاضي أن
يقضي وهو غضبان) [8] .فهذه حالات تخرج المرء عن أن يحكم بسداد النظر.
ويستثنى من ذلك من لو كانت حالته تستدعي السرعة في العلاج.
ومن
النصيحة للمريض أن يمضي معه، أو مع أهله، وقتاً كافياً، ليس فقط ما تستدعيه
المعاينة الطبية، بل ليستوعب الوضع الاجتماعي والروحي للمريض، والذي هو
جسد وعقل ونفس.
فعلى الطبيب أن يلمسه برفق وأن يصوغ كلماته بأسلوب
إنساني تغلفه الرحمة وأن يحسن الإصغاء إليه وأن يسكن من روعه ويبعث في نفسه
السكينة والطمأنينة، اللذان يشدان من عزيمة المريض ويرفعا روحه المعنوية
ويقويا وسائل المناعة في جسمه مما يجعلهما عاملاً في الشفاء.
وعلى
الطبيب أن لا يتوانى عن إرسال مريضه إلى مختص، أو عمل لجنة استشارية له إذا
كانت حالته تستدعي ذلك قياماً منه بالأمانة والنصيحة المطلوبين منه شرعاً.
وعليه أن يبتعد عن غيبة الناس وخاصة زملاءه من الأطباء أو تجريفهم.
ويجب
على الطبيب أن يكتم سر مريضه لقول النبي e: (المستشار مؤتمن)[9] إلا أن
يخل هذا الكتمان بمصلحة المريض بالذات أو بمصلحة الجماعة. يقول أبو بكر
الرازي: واعلم يا بني أنه ينبغي للطبيب أن يكون رفيقاً بالناس حافظاً
لغيبهم، كتوماً لأسرارهم، فإنه ربما يكون ببعض الناس من المرض ما يكتمه عن
أخص الناس به، وإنما يكتمونه خصوصياتهم ويفشون إلى الطبيب ضرورة، وإذا عالج
من نسائه أو جواريه أحداً فيجب أن يحفظ طرفه ولا يجاوز موضع العلة .
وعلى
الطبيب أن يعلم الحرام والحلال فيما يختص بمهنته فلا يصف دواء محرماً إلا
إذا انحصر الشفاء فيه لقول النبي e:(ولا تداووا بحرام )ولقوله سبحانه (وقد
بين لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) [10] ومن ذلك أن يمتنع عن
الإجهاض المحرم أو أن ينهي حياة مريضه الميؤوس من شفائه بأي وسيلة كانت
لقوله تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً بل عليه أن يعمد
إلى تخفيف آلامه وتهدئة نفسه حتى تأتي أجله. وعلمه بالحلال والحرام،
واتقانه لفنه يجعله يخشى الله في فتاويه لمرضاه كأن لا يفتي لمريض بالأفطار
في رمضان وهو يعلم أن مريضه لا يتأثر بالصيام وقد يستفيد منه.
ومن
أدب الطبيب الدعاء لمريضه وفي هذا موساة له بالكلمة الطيبة كقوله معافى
أو عافاك الله أو بدعاء مأثور. فقد ورد عن أنس رضي الله عنه أن النبي
eدخل على أعرابي يعوده وهو محموم، فقال e: (كفارة وطهور)[11] ففي الدعاء
للمريض تذكير له بخالق الداء والدواء حتى نبقى نفسه هادئة مطمئنة
بالالتجاء إلى الله والتوكل عليه.
ويختلف الأطباء في تعاملهم مع
مريض ميؤوس من شفائه كمصاب بسرطان مثلاً، فهناك من يفتح له الأمل ويرجيه
الشفاء وقد يكذب عليه، وهناك من يواجه مريضه بالحقيقة سافرة، وهناك من
يداري ويواري، فما هو رأي الشرع الإسلامي؟
الدكتور النسيمي يرى أن
على الطبيب أن يكون لبقاً في تعريف المريض بمرضه ومحاولة تطمينه ورفه
معنوياته، وككتم الإنذار بالخطر عنه، وإعلامه إلى ذويه المقربين، معتمداً
على ما يرويه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي eقوله: (إذا دخلتم
على مريض فنفسوا له في الأجل فإن ذلك لا يرد شيئاً وهو يطيب نفس
المريض)[12] .
أما الدكتور زهير السباعي فيقول: الإسلام هنا لا
يضع حدوداً ضيقة ولا يقف مواقف صلبة، إنما يطالب الطبيب بالحكمة وأن يلبس
لكل حال لبوسها: فهناك المريض الذي تنهار مقاومته لو عرف حقيقة مرضه، وهناك
المؤمن القوي الذي يستطيع أن يجابه مرضاه بنفس راضية، وهناك من يحتاج إلى
أن يعرف أبعاد مشكلته حتى يلتزم بالحمية والعلاج.
إلا أن القاعدة
الأساسية التي يرسمها الإسلام هي الصدق. ولكن أي صدق نتحدث عنه؟ وهل يعرف
الطبيب متى ينتهي أجل مريضه؟... إنما الصدق في شرح المشكلة المرضية وليس في
تقدير الأجل. فهناك صدق فج جاف لا يبالي بمشاعر المريض، وهناك صدق لحمته
الحكمة والرحمة. ولعل من الحكمة أن يعتمد الطبيب في مصارحته لمريضه على
العموميات لا أن يخوض في التفاصيل، وإذا كانت هناك مضاعفات حقيقة فعليه أن
يشرحها لذوي المريض حتى لا يتهم يوماً بالإهمال .
أما قيس بن محمد
آل الشيخ مبارك فيرى أن المريض إذا كان قاصراً أو صغيراً فيجب عدم إخباره،
لأن القاصر لا يملك أمر نفسه وعلى الطبيب أن يخبر وليه الذي أذن له في
علاجه، كما أن الصغير مظنة للسخط أنما البالغ العاقل فلا شك في أن الواجب
الشرعي يقتضي إخباره بكل ما يتعلق بصحته من معلومات، ومصدر الوجوب العقد
الذي جرى بينهما., ثم يقول: وأما ما يخشاه الطبيب من أن تزداد حالة مريضه
سوءاً إذا علم بحقيقة الأمر فلا يكون مانعاً له أن يخبر المريض لسببين:
الأول أن الطبيب قد ألزم نفسه في عقد الإجارة بذلك فلا يجوز له نقض العهد.
والثاني أن عقيدة القضاء والقدر تعصم المسلم من الوقع في الاضطراب
والانزعاج، والمسلم مأمور بالصبر والتسليم لأمر الله .
إلا أن قيس
بن محمد يعود في نهاية بحثه فيقول: إلا أنه يمكن للطبيب وقد لاحظ عدم
إمكانية إخبار مريضه، فيجوز أن يخبر بذلك أهله وأقاربه ليتولوا هم إخباره،
إلا أن عليه أن يختار التعابير المناسبة. وكما يقول الإمام السبكي وإذا
رأى علامات الموت لم يكره أن ينبه على الوصية بلطف من القول .
ومن
أدب الطبيب أن يكون حسن المظهر. إذ يجب أن يكون لباسه جميلاً ونظيفاً
ومتناسقاً مع الوظيفة التي أناطها الله به. ومن هذا أيضاً أن يحافظ على
صحته، فإنه إذا عدم الصحة كان محلاً لعدم الثقة والنفرة من المرضى.
تطبيب الجنس للجنس الآخر
عن
الربيع بنت معوذ قالت: (كنا مع النبي eنسقي ونداوي الجرحى ونرد القتلى
إلى المدينة )[13] . قال ابن حجر: وفي الحديث دليل على جواز معالجة
الأجنبية الرجل عند الضرورة وقال في باب هل يداوي الرجل المرأة والمرأة
الرجل: أما حكم المسألة فتجوز مداواة الأجانب عند الضرورة وتقدر بقدرها
قيما يتعلق بالنظر والجس باليد وغير ذلك... والحديث يدل على مداواة النساء
للرجال، فيؤخذ حكم مداواة الرجل المرأة منه بالقياس .
ولقد (كان
رسول الله eفي كل غزوة يسهم بين نسائه فأيها خرج السهم عليها خرجت معه.
وكانت الصحابية المتطوعة للتمريض، يخبرها رسول الله eبين أن تكون في رفقة
نساء قومها أو أن تكون في رفقة أم المؤمنين التي كانت قرعتها في الخروج معه
عليه السلام ولقد اشتهرت رفيدة الأنصارية) [14] بمداواة الجرحى في العهد
النبوي، ولقد جعل لها رسول الله eخيمة ضمن مسجده الشريف، كانت كمستشفى
ميداني لمعالجة الجرحى في غزوة الخندق.
ويوضح الدكتور النسيمي هذه
النقطة بقوله: الأصل عدم جواز معاينة ومداواة الرجل المرأة غير المحرم أو
العكس لوجود النظر والجس فيهما. ويستثنى من ذلك حالات الضرورة كعدم توفر
طبيبة تثق المريضة في مهارتها، أو لعدم توفر طبيبة في ذلك الاختصاص، أو
لحاجة المسلمين إلى الرجال من أجل الجهاد.
أدب عيادة المريض
وهي
من الآداب الإسلامية التي يخاطب بها عموم المسلمين، ويخص بها الطبيب
لاتصال المباشر بالمرضى. والطبيب علاوة على كونه يؤدي مهمته، فغن التزامه
بهذه الآداب هي من تمام حق المسلم على أخيه وبذلك يكون أداؤه لمهتمه أكمل
وأتم.
وعيادة المريض هدي نبوي كريم وأدب ديني للأمر بها والأجر والفضل عليها:
عن
البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله eبعيادة المريض)[15]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله eقال: (حق المسلم على المسلم
خمس: رد السلام وعيادة المريض وإتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت
العاطس)[16]
وعن أبي هريرة أيضاً أن رسول الله eقال: (إن الله عز
وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال يا رب، كيف أعودك
وأنت رب العالمين. قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده أما علمت أنك
لوعدته لوجدتني عنده ) [17] .
وعن ثوبان رضي الله عنه عن النبي
eقال: (إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع. قيل
يا رسول الله وما خرفة الجنة قال: جناها)[18] .
وقد سن للزائر أن
يدعو للمريض بالشفاء. وفي الدعاء له قول خير وتطييب لنفسه وتنبيه له
للالتجاء إلى الله تعالى مزيل البأس ومالك الشفاء فيكتسب المريض مزيداً من
الطمأنينة عن عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله eإذا أتى المريض يدعو له
قال:(أذهب
البأس رب الناس، أشف أنمت الشافي لا شفاء إلا شفاءك، شفاء لا يغادر سقماً
)[19] .وعن ابن عباس أن النبي e دخل على أعرابي يعوده قال:(لا بأس طهور إن شاء الله) [20] .
وقت
لفت نبي الرحمة eالانتباه إلى ناحية هامة عند زيارة المريض، سواء كان
الزائر طبيباً أم قريباً أم صديقاً وهي ألا يتكلموا في حضرة المريض بما
يثير مخاوفه أو يأسه بل عليهم أن يفعلوا ما يطيب نفسه عليه السرور والبهجة
عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي eقال:(إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيراً فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون) [21] .
كما
اهتم ديننا الحنيف بإدخال الطمأنينة على المريض وزيادة أمله في الشفاء
فلقد علق ابن القيم على قول النبي e لكل داء دواء فقال: في هذا الحديث
تقوية لنفس المريض والطبيب وحث على طلب الدواء. فإن المريض إذا استشعرت
نفسه أن لدائه دواء يزيد تعلق قلبه بروح الرجاء وبرد من حرارة اليأس .
ومن
هنا نفهم كيف حول الإسلام عيادة المريض من زيارة عابرة ليجعل منها علاجاً
روحياً يرفع من معنويات المريض ويقوي أمله في الشفاء، فضلاً عن تحقيق
الرعاية والمؤانسة له، وشد أزر أهله وذويه.