هل فعلاً اللغة عاجزة عن التعبير عن كل أفكارنا ؟
طرح المشكلة :
إن فن التفكير كما قال كوندياك يرتد إلى فن إتقان الكلام . وهذا يعني أن اللغة والفكر مرتبطان أشد الإرتباط غير أن بعض الكتب يشتكون من تقصير اللغة وعجزها عن التعبير عن كامل أفكارنا , وذهب بهم الأمر إلى إعتبار عائقاً للفكر . فهل فعلاًَ اللغة عاجزة عن التعبير عن كل أفكارنا ؟
محاولة حل المشكلة :
الأطروحة : اتجاه ثنائي(الغة والفكر منفصلان)
إن اللغة عبارة عن رموز إصطلاحية توصف بأنها إجتماعية عامة . في حين أن التفكير يتسم قيل كل شيء بالخاصية الذاتية فهو إنعكاس لشخصية الفرد . ولكن لما كان التبليغ أمراً ضرورياً لقيام المجتمع فإن الفرد يضطر إلى توصيل أفكاره في قوالب إجتماعية تنطبق على كل الحالات المشابهة في كل زمان ومكان , وعلى هذا يصعب التعبير بواسطة الألفاظ عن الحياة الباطنية تعبيراً دقيقاً لأن عالم الأفكار عالم متصل في حين عالم الألفاظ منفصل, فاللغة كما يرى جسبرسن بمفرداتا وصيغها الثابتة اجبرت الفكر على أن يسلك سبلا مطروقة . كما أن اللغة في نظر برغسون مرتبطة بالمعرفة العقلية , والعقل لا يقف من الأشياء إلا عندما يراه مفيداً له من أجل الحياة , أما ما يوصف بالأصالة والخالص فإنه ينفلت منه إنفلاتاً حيث يقول برغسون " إن اللغة عاجزة عن التعبير في الحيات الباطنية للإنسان التي هي صدى لأعماقنا ولا يقف عليها إلا الحدس ". ولقد حاول ذوو الأحاسيس المرهفة من الرومنسيين ورجال اللغة التعبير عن خواطرهم تعبيراً أكثر دقة من خلال الرسم والتمثيل والموسيقى , فالقواعد والصيغ اللفظية إنما هي في نظر هؤلاء حواجز تعوق إدراك التفاصيل الباطنية .ويقول أصحاب هذه النزعة الرومنسية " إن التجربة البسيكولوجية التي يعيشها المرء أغنى وأوسع من أن يعبر عنها بالكلمات " يقال : الفكر فيض من المعاني لاتسعها الكلمات .
نقد :إن الكلام ليس صورة ثابتة أو نسخة خارج الفكر , بل الفكر هو الكلام نفسه .
نقيظها :اتجاه الاحادي (اللغة والفكر متصلان )
إن التفكير بدون عبارات لفظية محاولة غير مجدية . ذلك لأن الفكر واللغة وحدة متكاملة وجود إحداهما يعني وجود الأخر بالضرورة وغياب أحداهما يعني غياب الأخر بنفس الضرورة وقد تجند للدفاع والتأكيد على هذه الحقيقة أكثر من فيلسوف. يقول هيجل " إن الرغبة في التفكير بدون كلمات هي محاولة عديمة المعنى , فاللغة تعطي الفكر وجوده الأسمى والأصلح " ويقول دولاكروا " إن اللغة تصنع الفكر وهي تصنعه " فنحن عندما نبحث عن الفكرة فنحن نسعى وراء الكلمة وإذا بحثنا عن الكلمة فنحن نسعى وراء الفكرة لأن الإنسان عندما يبحث عن كلماته فإنه في الحقيقة يبحث عن أفكاره ويشير ميرلوبونتي إلى أن الفكر لا يوجد خارج الكلمات . الشيء الذي يدعونا إلى الإعتقاد بوجود فكر مستقل بذاته قيل أن يتجسد في كلمات إنما هي الأفكار التي سبق تكوينها والتعبير عنها والتي يمكن أن نعيدها على أنفسنا بصورة صامتة فالتفكير في نظر واطسن" ضرب من الكلام الصامت " كما أثبت علماء النفس أن الطفل عندما ينعلم اللغة فإنه يبدأ بتعلم الفكر .
نقد: لكن ما تفسير جزاء الأدباء في التعبير عن أحوالهم وشعورهم على الرغم من إمتلاك لناصية اللغة .
تركيب : إنه وبدلا من إتهام اللغة ومحاولة الحديث عن بديل لها قد يكون من منعدماً وجب السعي إلى تطويرها وتحسينها لتكن قادرة أكثر على أداء وظائفها .
حل المشكلة :إن الفكر بأوسع معانيه في حاجة ماسة إلى اللغة , فهي بالنسبة إليه أداة توضيح و تنظيم ونمو وإثراء والعجز الذي يصيب اللغة أحياناً لا يعني أبداً رفضها كوسيلة للتواصل .
شكرا للأستاذ مر....