المقارنة بين المشكلة والاشكالية
يعتبر التفكير الفلسفيمن أقدم وأعرق أنماط التفكير الإنساني منذ أن ارتبط بوجوده حيث حاول من خلاله تفسيرمختلف الظواهر الطبيعية المحيطة به وبشكل أدق حاول فهم الوجود المادي الدي يحيا فيهوفهم ذاته ومايجري فيها معتمدا في ذلك على طرح مجموعة من الأسئلة وهو ما يعرفبالتفلسف وبهذا يعكس السؤال أهم خصوصية يتميز بها التفكير الفلسفي والذي في كثير منالأحيان مايتحول لإلى مشكلة .وانطلاقا من هذا طرحت إشكلية العلافة بين المشكلةوالإشكالية والتي يمكن صياغتها على النحو التالي :ماوجه العلاقة بين المشكلة والإشكالية؟
-إنكل من المشكلة والإشكالية يكون مسبوقا بدافع قد يكون هذا الدافع فضولا أوشعوراالمرءبالجهل كما أن كليهما يسعى للوصول إلى إجابة يحاول من خلالها فك الإبهام والكشف عنالغموض .بالإضافة الى أن كلاهما يرتبط بالإثارة والحيرة والقلق والدهشة لكي يخلقانإرتباكا في نفس السائل .فضلا عن ذاك فإن كلاهما يطرح قضايا فكرية تتجاوز الحسياتوالتوجه أو التطلع نحو العقلاني فهما لا يهتمان فقط بالظواهر الجزئية الحسية بلأيضا بدراسة الكليات المجردة وخاصة الموضوعات الميتافيزيقية .
ولكنهذا لا يمنع وجود نقاط إختلاف بينهما .
من خلال الوقوف على حقيقة كلمن المشكلة والإشكالية نلمس أن أهم وجه فرق بينهما يكمن في كون أن الإشكالية تترامىحدودها وتتسع أكثر وتنضوي تحتها المشكلات الجزئية .أمّا المشكلة فمجال بحثها فيالفلسفة أقل إتساعا من الإشكالية حتى أننا نضع على رأس كل قضية فلسفية أساسية سؤالاجوهريا يقوم مقام الإشكالية ثم نفصل السؤال الجوهري هذا الى عدد من الأسئلة الجزئيةتقوم مقام المشكلات .وإذا كان مصدر إشتقاقهما واحد فإن الإستعمال المريح يفصلبينهما فصل الكل عن أجزائه وهذافضلا عن أن الإشكالية قضية تثير قلقا نفسيا وتشوشامنطقيا والباحث فيهالايقتنع بحل أو بأطروحة أ, بجملة من الأطروحات ويبقى مجال حلهامفتوحا .إذن فالإشكالية أوسع من المشكلة فهي تحتضن مجموعة من المشكلات وإذا حددناموضوع الإشكالية عرفنا المشكلات التي تتبعها كما تتتبع الأجزاء الكل .وعلى هذاالأساس نستعمل الإشكالية باعتبارها المعضلة الأساسية التي تحتاج إلى أكثر من علاجفهي بمثابة المصدر الذي لاينقضي وفي مقابل ذلك نستعمل المشكلة باعتبارها القضيةالجزئية التي تساعد على الإقتراب من الإشكالية .
لكنوجود نقاط الإختلاف هذه لا تمنع وجود نقاط تداخل وتكامل بينهما
حيث أنّ الحديث عن الخلاف بين المشكلة والإشكالية كالحديث عن الخلاف بينالصبي والرجل أي رغم أنه ليس كل مشكلة إشكالية وليس كل إشكالية مشكلة إلاأن هذالايمنع من القول أن الإشكالية والمشكلة تشخّص كلتاهما على أساس ما تخلفه هاته أوتلك من آثارواضطراب في الإنسان فإذا كان هذا الإضطراب إحراجا كانت القضية المطروحةإشكالية وإذا كان هذا الإضطراب دهشة كانت القضية مشكلة وكان الفرق بينهما كالفرقبين الإحراج والدهشة .
إنطلاقا مما تقدم نستطيع القول أن المشكلة والإشكالية يختلفان في بعضالنقاطولكن هذا لايمنع من تداخلهماوتكاملهما فالمشكلة قد تتحول إلى إشكالية إذا تفرعت منها مشكلات جزئية وتبقىالمشكلة أقل إتساعا من الإشكالية .
هل المبادىء الرياضية مبادىء صادقة دوما ؟
طرح المشكلة:ان
الرياضيات من اول العلوم نشاة وهي معرفة اساسها المفاهيم و الصور العقلية
المجردة موضوعها دراسة المقادير الكمية غير ان ما اختلق فيه الفلاسفة هو
التشكيك في قيمة الرياضيات غير ان هناك من يرى انها معرفة يقينية فهل
الرياضيات معرفة معبرة عن القين و المطلق؟ أي هل المبادئ الرياضية مبادئ
صادقة دوما؟
محاولة حل المشكلة
عرض الأطروحة الأولىيرى
أنصار هذا الإتجاه و على رأسهم الفيبلسوف و الرياضي الفرنسي "رونيه ديكارت
أن المبادىء في الرياضيات بديهيات و من ثمة فالمبادىء لازمة لكل رياضي
حفاظا على اليقين الرياضي
التبريرلقد
ظل ديكارت معجبا بفكرة البداهة و جعلها من الأفكار الفطرية الخالدة و سعى
جاهدا لتصور منهج في الفلسفة قائما على البداهة يقول ديكارت : "لا أقبل
شيئا على أنه صحيح إلا إذا كان بديهيا و عليه فمهمة الرياضي هي الإضافة و
ليست إعادة النظر " أي إعادة النظر في الأسس و المبادىء الرياضية
يرى ديكارت أن الغاية من الإلتزام بمبادىء الرياضيات كما وضعها إقليدس هي ضمان اليقين للرياضيات
النقدلقد حاول ديكارت الدفاع
عن المبادىء الرياضية معتبرا إياها معايير قدمت مرة واحدة و إلى الأبد ،
لذلك طالب بعدم إعادة النظر فيها لكن ثوابت الفكر الرياضي أصبحت غير قادرة
على استيعاب جديد التفكير الرياضي إذ تاريخ الرياضيات و تطورها أثبت العكس
عرض الأطروحة الثانيةلقد بدأت
إثارة أزمة اليقين الرياضي مع الفيلسوف ليبنيز حين اثار قضية مفادها أنه
إذا كان البناء الرياضي هو الذي يقوم على مجموعة من المبادىء [واضحة بذاتها
لا تحتاج إلى برهان ] فلماذا نشكك في البناء الإقليدي إذا لم تكن مبادؤه
ليست بديهية بالنعنى الفطري للكلمة بل هي مجرد قضايا افتراضية و لقيت ليت
هذه القضية اهتماما كبيرا في القرن العشرين إذ لاحظ أنصار الرياضيات
الأكسيومية أنه لاحرج من إعادة النظر في المبادىء الرياضية فليس هناك
مبادىء ثابتة بل هناك أوليات و هي قضايا بسيطة لا نحكم عليها لا بالصدق ولا
بالكذب بل مجرد منطلقات يحق للرياضي أن يضع منها ما يشاء
التبريرلقد حاولا عالمان و هما
الروسي لوباتشوفسكي و المجري ريمان تجاوز الهندسة الإقليدية بافتراضهما
لمبادىء مخالفة لمبادىء إقليدس و أخذت المسلمة الخامسة لإقليدس مثالا على
ذلك و التي مفادها " من نقطة خارج مستقيم لا يمر إلا موازىي واحد " فانطلق
لوباتشوفسكي من نقيضتها و هي تقول من نقطة خارج مستقيم في فضاء مقعر يمكن
رسم مالا نهاية من المستقيمات المتوازية " و توصل بذلك إلى إنشاء هندسة
موازية لهندسة إقليدس أما الريمان فافترض من نقطة خارج مستقيم في فضلاء
كروي لا يمكن رسم و لا موازي و هكذا نشأت الهندسات اللاأقلييدية و نشأت
عنها مسلمات أخرى مثل مجموع زوايا المثلث لم يعد موازيا لزاويتين قائمتين
بل أصبح أقل مع لوباتشوفسكي 135 درجة و أكثر مع ريمان 270درجة
و هكذا تكون لدينا نتائج مبرهن عليها ليست متناقضة و نكون أمام ثلاثة هندسات كل منها صحيح في مجاله
و تكون بذلك النتائج الرياضية نتائج نسبية و ليست مطلقة
النقدإن رفض البديهيات ترتب عنه أزمة
حادة في الرياضيات سميت بأوزمة اليقين الرياضي لكمن هذه الأزمة لم تنقضص من
قيمة الرهندسة الأقليدية و لكن صحححت فكرة المطلق التي كانت تلاحقها
التركيب :المبادىء الرياضية و إن أثبت
الرياضيلات الأكسيومية نسبيتها إلا أنها بقيت تكتسب تلك القيمة كونها
المقدمات التي ينطلق منها الرياضي ليبني عليها برهنته وبذلك تبقى قيمتها
واردة داخل النسق
الخاتمة حل المشكلةفي ظل الجدل السابق
انتهنت الرياضيات إلى أن تعدد الأنساق أصبح حقيقة قائمة و ليس من حق أي كان
أن يقيس نتائج نسق بآخر بل كل نسق يتوفر على اليقين طالما هناك تماسكا
منطقيا بين النتائج و المقدمات ليصبح وضع الأوليات شرطا في الرياضيات
المعاصرة و منه يمكننا القول أن المبادىء الرياضية ليست صادقة في جميع
الأحوال برل صدقها مرتبط بنقها
- هل التجربة لازمة لتحديد علمية العلم؟(هل يمكن الاستغناء عن التجربة في البحث العلمي؟)
طرح المشكلة:
ان العلوم الطبيعية تهدف الى معرفة الظواهر الطبيعية واكتشاف عللها التي
تحكمها , فهي علوم قائمة كلها على ملاحظة الحوادث الطبيعية .من هنا ظهر
المنهج التجريبي الذي يعتمد على التجربة كمبدا للدراسة و اعتبارها المقياس
الاساسي للعلمية و الحكم على قيمة العلوم هذا ماجعلها مقياسا هاما في البحث
العلمي غير ان البعض يرى ان هذا المقياس غير متيسر في كثير من الميادين
لهذا نتسائل: هل الدراسة التجريبية مقياس ضروري لتحديد علمية العلم و الحكم
على قيمته العلمية؟
محاولة حل المشكلة:
الاطروحة الاولى:
ان الطريقة التجريبية هي مقياس أساسي ومبدا للمعرفة وذلك باعتماده على
خطوات اجرائية محددة :الملاحظة و الفرضية و التجربة وتظهر التجربة على انها
اداة التحقق و التاكد والحكم الفصل على طبيعة الدراسة و قيمة نتائجها و
بالتالي تتحدد قيمة التجربة كمعيار يحدد علمية العلم و الشرط الضروري الذي
لا بد منه لانها تحتل موقعا محوريا في المنهج التجريبي و تستوعب ما يسبقها
من خطوات فالملاحظة بدونها لا معنى لها والفرضية بدونها لاتعني شيئا فهي
التي تحكم على قيمة عملها .زيادة على ذلك فالتجربة تسمح بتكرار الحوادث
للتأكد منها ووسيلة حاسمة لقياس بعض الظواهر وتسجيل علاقاتها وفرصة لاحداث
مركبات جديدة و ابداعية كل هذا جعل من التجربة هي مقياس العلم يقول باشلار
:"ان عمر العلم يقاس بمدى تطور الوسائل التجريبية المستعملة لاكتسابه"
نقد:
لكن بالرغم مما قدمته التجربة من نتائج الا انها لا تستطيع ان ترقى الى
مستوى ضمان النتائج و اثبات اليقين فيها يقول برنارد"ان الاستدلال التجريبي
يبقى دائما نسبيا و مؤقتا .." ومن ناحية اخرى ان المقياس التجريبي غير
متيسر و غير ممكن في كثير من الميادين المعرفية نتيجة اختلاف طبيعة
الموضوعات و خصائصها .
الاطروحة الثانية:
ان التجربة ليست هي المقياس الاوحد والضروري لتاسيس العلم وهذا ما يؤكده
اصحاب النزعة العقلية فالعقل هو الذي يؤسس العلم و يعبر عن القوانين و يفهم
الحقائق يقول بوانكاري:" نستطيع ان نسال الطبيعة دائما لكنها لا تجيب, بل
نحن نجيب بدلها" فالقضايا الرياضية مثلا تعتمد المقياس الاستنتاجي الصوري
وحققت نتائج في الدقة و اليقين حتى صارت العلوم التجريبية تتطلع الى
استخدام الرياضيات كما ان التجربة لا تتيسر في الكثير من الحالات كحالة
الفلكي الذي يرصد اجرام السماء والذي لا يمكنه ان يحدث خسوفا اوكسوفا متى
شاء ليتحقق من بعض الفرضيات و الجيولوجي الذي يعرض لتاريخ تكوين طبقات
الارض, والفزيولوجي الذي يعتني بدراسة وظائف اعضاء الجسم كما ان الدراسات
الانسانية كعلم الاجتماع تتخذ لاثبات حقائقها علميا الاستدلال الاحصائي وكل
هذا يؤكد ان مقياس العلمية ليس رهين المعيار التجريبي.
نقد:
لكن تعدد اثبات العلمية لا يعني الانتقاص من قيمة المقياس التجريبي و ما
يحققه من دقة و ابداع النتائج كما ان المقياس التجريبي يبقى المقياس
الاكثر استعمالا مما يدل على فاعلية هذا المقياس.
التركيب:
ان مقياس العلمية و تحديد قيمة العلم ليس واحدا في جميع الميادين لان
طبيعة الموضوع هي التي تحدد طبيعة المقياس الذي يتلائم معه لهذا فالمقياس
التجريبي لازم و ضروري كمنهج للعمل في العلوم و الموضوعات التي تتناسب معه,
لكنه ليس لازم في ميادين اخرى لا تتفق في طبيعتها و موضوعاتها مع النموذج
التجريبي.
حل المشكلة: ان المقياس التجريبي مبدا و معيار يتناسب مع طبيعة الظواهر الواقعية لكنه ليس مقياس لازم و عام لكل الميادين و حقول المعرفة.
هل الحتمية مبدأ مطلق؟-هل يكفي أن نعرف الحتمية حتى نتحكم في الطبيعة؟-هل اليقينيسود جميع الظواهر الطبيعية؟-هل القوانين العلمية نسبية أم مطلقة؟-هل تتكرر حوادثالمستقبل بنفس الطريقة التي تظهر بها في الحاضر؟-هل التنبؤ ممكن في العلم-
طرح المشكلة:تنطلق الدراسات العلمية على اختلاف مضمونها ومنهجها من مرحلة البحث حيثتحرك العلماء أسئلة وإشكالات محيّرة تقودهم إلى مرحلة الكشف من خلال ملاحظاتوفرضيات والتي تنقلب بـالبرهنة إلى قوانين علمية برهانية فإذا علمنا أنّ الحتميةتدافع عن القوانين المطلقة وكذا التنبؤ, واللاحتمية تؤمن بالتفسير النسبيوالاحتمالي فالمشكلة المطروحة:هل تخضع الظواهر الطبيعية لمبدأ الحتمية أماللاحتمية؟/
محاولة حل المشكلة:
الرأي الأول(الأطروحة):ترى هذه الأطروحة أن شرط قيام المعرفة العلمية هوالإيمان بالحتمية أي الظواهر الكونية محكوكة بعلاقة النسبية بحيث {إذا تكررت نفسالأسباب تحدث دوما نفس النتائج} فلا مجال في الطبيعة للصدفة والتلقائية والاحتمالهذا ما عبّر عنه "غوبلو" قائلا{الكون متّسق تجري حوادثه وفق نظام ثابت, إنّ النظامالكوني كلي وعام} مما يستلزم أن القوانين العلمية صادقة صدقا مطلقا لأن اليقين يسودجميع الظواهر الطبيعية بحيث تتكرر حوادث المستقبل بنفس الطريقة التي تظهر بها فيالحاضر مما يسمح بالتنبؤ. ترتبط هذه الأطروحة بفيزياء "نيوتن" الذي شبّه الكونبالساعة في الدقة والآلية وهو يعتقد أن تفسير الكون يخضع لمبادئ ذكر منها لكل فعلردّ فعل يساويه في الشدة ويعاكسه في الاتجاه والتنبؤ يستند إلى القاعدة القائلة {إذا علمنا موقع جسم وسرعته وطبيعة حركته أمكننا التنبؤ بمساره}, ومن الأمثلة التيتبرهن على وجود الحتمية أن التيار الكهربائي يسبب انحراف الإبرة المغناطيسيةوارتفاع درجة الماء فوق 100o يحدث التبخّر. وسرعان ما انتقل مفهوم الحتمية من مجالالفيزياء إلى مجال علم الفلك ويظهر ذلك عند"لابلاس" الذي قال في كتابه [نظرية فيالاحتمالات] {الحالة الراهنة للكون نتيجة لحالاته السابقة وسببا لحالته اللاحقة} ولو استطاع العقل الإحاطة بمواقع الأجسام وطبيعة حركتها لأصبح علمه أكيدًا ويقينيافالحتمية مبدأ مطلق.
نقد(مناقشة):هذه الأطروحة تتجاهل أن العلم الحديث أثبت بالبرهانأن الظواهر المتناهية في الصغر لا تخضع لمبدأ الحتمية.
الرأي الثاني(نقيضالأطروحة): ترى هذه النظرية (اللاحتمية) أنه لا وجود لنظرية علمية نهائية ومطلقة أيالعلاقات بين الظواهر الطبيعية ليست دقيقة وصارمة مما يستلزم أن القوانين العلميةنسبية واحتمالية وهذا ا ذهب إليه"جون كميني" في كتابه [الفيلسوف والعلم] {إن كثيرًامما نطلق عليه اسم القوانين العلمية هو أنه صحيح بشكل تقريبي أو خطأ في كثير منالأحيان} ترتبط هذه الأطروحة بالقرن الـ20 الذي شهد مولد النظرية النسبيةلـ"آنشتاين" وكذا بحوث علماء الذرّة ومنهم "هاينبرج" الذي رأى من خلال مبدأالارتياب أنه لا يمكن حساب موقع وسرعة الإلكترون بدقة وفي آن واحد, وهذه الحقيقةعبّر عنها "لويس دوبري" في كتابه [المتصل والمنفصل] قائلا {حين نريد في المجالالذري أن نحصر حالة الأشياء الراهنة حتى نتمكن من الإخبار عن الظواهر المستقبليةبدقّة أشدّ خسرنا بعض المعطيات الضرورية}. ومن الأمثلة التي تؤكد نسبية العلم أنانشطار ذرة الراديوم لا يخضع لقاعدة ثابتة كما أن الذرة تصدر طاقة في شكل صدمات غيرمنتظمة يصعب معها التنبؤ الدقيق. وكما قال "دبراك" {لا يمكن التنبؤ إلا على هيئة مايسمى حساب الاحتمالات} وهو نظام إحصائي يعتمد علة قواعد رياضية. إن الظواهر الكونيةتخضع لمبدأ اللاحتمية
.نقد(مناقشة):إن هذه الأطروحة تجاهل أن عدم الوصول إلى قوانيندقيقة إنما يرتبط بضعف الوسائل المستعملة.
/التركيب: تشكل الحتمية التقليدية صورةميتافيزيقية متطرفة تتعارض مع الروح العلمية وكما قال "آدنجتون" {الإيمان بوجودعلاقات دقيقة صارمة في الطبيعة هو نتيجة للطابع الساذج الذي تتصف به معرفتنا للكون} والسبب في ذلك ما تنطوي عليه أدوات العلم من أشكال النقض وهذا واضح في بحوث الذرةالتي حطمت التصوّر للكون. وعلى حدّ تعبير "لانجفان" {إن نظريات الذرة في الفيزياءالحديثة لا تهدم مبدأ الحتمية وإنما تهدم فكرة القوانين الصارمة} فالنسبية هي أساسالعلم, هذه النظرية العقلانية الجديدة عبّر عنها "برتراند راسل" في كتابه [المعرفةحدودها ومداها] بمصطلح الحتمية المعتدلة وهو مبدأ ينسجم مع البحوث العلمية المعاصرةعبّر عنه أصدق تعبير "جيمس جونز" {إذا نظرت إلى النظرية النموذجية لماكسويل تلمسالحتمية بوضوح أما إذا نظرنا إلى بحوث الذرة فلا تجد الحتمية}-
حل المشكلة:ومجمل القولأن التفكير العلمي تفكير عقلاني وتجريبي في آن واحد يهدف إلى تفسير الظواهرالطبيعية من خلال ضبط القوانين والنظريات غير أن المعرفة العلمية وحدودها طرحتإشكالات كثيرة أهمها إشكالية الحتمية واللاحتمية وهي ترتبط بموقفين متناقضين أحدهمايدافع عن القوانين المطلقة وفكرة التنبؤ والآخر يدافع عن المفهوم النسبي والاحتمالفي العلم, ومن خلال المقارنة الفلسفية التي قمنا بها نستنتج:تخضع الظواهر الطبيعيةلمبدأ الحتمية واللاحتمية في آن واحد بحسب تقد وسائل البحث العلميومناهجه.