مازال الإنسان كائن غامض .. وما نعرفه عن أنفسنا كبشر لا يتعدى أن
يكون قشوراً ظاهرية دون الجوهر .. وكلما ساق لنا العلم كشفاً وراء كش
عن أنفسنا وأصابتنا الدهشة والتعجب من تلك الإمكانيات والقدرات البشرية
التي أودعها الله فينا.. وكلما ازدادت دهشتنا وتعجبنا لظواهر وقدرات أخرى نراها
في أنفسنا دون أن نجد لها تفسيراً أو كشفاً.
وتمر العصور والأزمان المتعاقبة ويحاول الإنسان أن يكشف غور نفسه وأن يدرك جوهره،
لكن دون جدوى.. فالإنسان مخلوق مركب من روح وجسد، متعدد القدرات
والإمكانيات، خلقه الله في كون متميز بالكائنات التي يتمتع كل منها بقدرات
خاصة تمكنه من السعي والعبادة، فمنها ما يتمتع بجناحين يحلق بهما في
أجواء السماء، ومنها من له القدرة على التنفس تحت الماء ومن يشعر بالخطر
عند اقترابه ومن يملك القدرة على الاتصال بأفراد عشيرته مهما كان البعد
بينهم. والعديد والعديد من القدرات المختلفة والمتنوعة التي يتمتع بها
الكائنات.
هذا وقد جعل الإنسان سبباً على هذه الكائنات وسخرها له هذا الإنسان
المتمتع بالعقل واليدين سيداً على هذه الكائنات ولاشك أن الزعامة والسيادة
لابد لها من سند ودليل فما كان لعاجز أن يحكم سليماً ولا ضعيفاً أن يحكم
قوياً.
ولكن هذا الإنسان أولاه الله ? سبحانه وتعالى ? السيادة لما أودعه فيه من قدرات ومواهب تفوق في حجمها وإمكانياتها ما لدى الكائنات الأخرى جميعاً.
وبطبيعة الحال لا نقصد القدرات الجسمية والعضلية الظاهرة فهذا أمر تجاوزه
الإنسان بعقله من أمد بعيد فقد تخطى سرعة الكائنات باختراعه المعدات
كالسيارة والقطار وحلق في الجو كالطير باختراعه الطائرات وغاص في أعماق
البحار كالأسماك بالغواصات وكل ذلك نتاج العقل البشري.
إنما نقصد القدرات الخفية والتي تبدو لنا
من الوهلة الأولى عند ظهورها كأشياء خارقة في الطبيعة البشرية وإن كانت
في حقيقة الأمر قدرات يتمتع بها العديد من الكائنات الأدنى من حولنا في
هذا الكون العامر.
وهذه القدرات نعني منها الظواهر التي تناقلها الناس عن آحاد الناس ولا
يقدر عليها غيرهم كظاهرة التخاطر وتوارد الأفكار والانتقال الروحي والتنويم المغناطيسي
وقدرات غريبة أخرى نسبت إلى الصالحين كالطير في السماء بدون آلة أو
المشي على الماء وقدرات البعض في التأثير على المعادن بثنيها دون الاقتراب
منها أو تحريك الأشياء المادية دون لمسها وأشياء أخرى عديدة.
وليس أسهل على الإنسان عندما يقف عند هذه الأمور عاجزاً عن التفسير
أو الفهم أن يفكر كل هذا جملة واحدة ويرمي أصحابها بالدجل والتحايل وما
أصعب أن يقوم الإنسان بدراستها والكشف عن مصدرها والوصول إلى التبرير
العلمي والمنطقي لوجودها.
ونحن هنا بصدد هذا الاتجاه الصعب ? اتجاه البحث
والدراسة في هذه الظواهر ومعرفة أسبابها ومدى صحتها من خطئها وإمكانية
إخضاعها للتجارب العلمية أو إسنادها إلى منطق عقلي يفسر لنا إمكانية
حدوثها.
ولقد منَّ الله علينا بأن أمدنا في كتابه العزيز بالعديد من البيانات
والمعلومات التي توضح لنا بعض الظواهر التي يعجز العقل عن الوصول إليها
وحده، وكذلك فتح لنا العلم باباً لمعرفة بعض الظواهر الأخرى ومازال أمامنا
الكثير لمعرفة البعض الآخر، ولكن أملنا أن نصل إلى كل ما نريد من معرفة مادمنا نسعى ونتعلم ونبحث.
وفي البداية .. يجب أن نعلم أن القدرات البشرية الخارقة للطبيعة لها أكثر من مصدر،
فمنها ما يرجع إلى موهبة خاصة في الإنسان نفسه وتنبع من ذاته ومنها ما
يرجع إلى استخدام علم من العلوم غير المتداولة عند العديد من الناس، وبعضها
يرجع مصدرها إلى الاكتساب عن طريق بذل الجهد والعمل. كما أن بعضها ينسب
إلى الروح البشرية وأخرى تنسب إلى القدرات العقلية والبعض الآخر يرجع إلى
الاستعانة بمخلوقات غيبية لا يمكن الاتصال بها إلا عن طرق ووسائل خاصة
غير متداولة عند الكثير.
ونحاول أن نعرض لهذه القدرات دونما مبالغة أو حط من شأنها، مستعينين بالله
عز وجل في محاولة الكشف عنها وإيجاد المبرر السليم لها مع ربطها بالعلوم
الدنيوية التي كشف عنها العلم الحديث
:
تحياتي h@m