ساد صمت في الجزائر حول معلومات تناولتها وسائل إعلام وصحافة في الخارج عن وفاة الرجل القوي السابق في الحكم الجزائري الجنرال العربي بلخير الملقب بلا منازع (صانع الجنرالات والرؤساء) ويعالج بلخير من أشهر في المستشفى العسكري في عين النعجة في أعالي الجزائر العاصمة، ولكنه انتقل في الأوان الأخير إلى فندق الجيش في بني مسوس بضواحي العاصمة، وذلك بعد أن تعذر علاجه في الخارج.
ودارت تساؤلات في السر والعلن عن الأسباب الداعية لتكتم السلطات الجزائرية على النبأ تصديقاً أو نفياً وذلك لأهمية الرجل في التاريخ الجزائري للسنوات الثلاثين الماضية، ولعل آخر مهماته قبل تعيينه سفيرا لدى المغرب هي ترتيب كل الظروف لوصول عبدالعزيز بوتفليقة الى كرسي قصر المرادية.
وكان الجنرال بلخير ناشد قبل أشهر الرئيس بوتفليقة إعفاءه من منصبه للإخلاد إلى الراحة وتلقي العلاج. وكان القصر الرئاسي ووزارة الخارجية في الجزائر تتجهزان لإعلان اسم خليفة الجنرال لدى الرباط التي ليس لها علاقات مريحة مع الجزائر على خلفية نزاع الصحراء الغربية.
وقد تردد ترشيح كل وزير الخارجية السابق والدبلوماسي المخضرم المعروف محمد صالح دمبري ومدير ديوان الرئاسة الحالي محمد مولاي قنديل لخلافة العربي بلخير في الرباط. وقالت مصادر جزائرية أن الأمر قد يحسم في وقة قريب خاصة وان الاستحقاق الرئاسي اختتم بولاية ثالثة للرئيس بوتفليقة الذي سيتفرغ للقرارات الكبرى بعد معركته الانتخابية.
والجنرال العربي بلخير (73 عاماً) متحدر من ولاية تيارت بالغرب الجزائري وفي العادة تنعته وسائل الإعلام المحلية أو نظيرتها الخارجية بأنه " أحد صقور المؤسسة العسكرية في الجزائر" ورجالات النظام النافذين في الحكم منذ أزيد من ربع قرن ،وأحد أهم صناع القرار في الجزائر ، وهو تنقل في الفترة الأخيرة بين عدد من كبرى مستشفيات العواصم الأوروبية لكن حالته ازدادت سوءا بعدما أشارت مصادر طبية لعدد من الصحف الجزائرية أن الرجل يجد صعوبة في الاستجابة مع العلاج و مع الجهاز الطبي الجديد الذي جلب له خصيصا من الخارج.
وحسب معلومات متداولة في الساحة الإعلامية الجزائرية، سبق وأن نقل بلخير إلى فرنسا من أجل العلاج الصيف الماضي، غير أنه اضطر إلى العودة للجزائر بسرعة خوفا من تعرضه للمساءلة من القضاء الفرنسي في إطار التحقيقات في قضية اغتيال المعارض علي مسيلي في باريس عام 1987.
وكان القضاء الفرنسي أعاد فتح ملف اغتيال المعارض مسيلي من جديد بعد توقيف الدبلوماسي محمد زيان حسني في مطار مرسيليا في آب/أغسطس الماضي. ووجهت لحسني تهمة تدبير عملية الاغتيال ووضع تحت الرقابة القضائية لمدة تجاوزت 7 أشهر، قبل أن ترفع عنه الرقابة القضائية جزئيا، دون أن يبرأ نهائيا من التهمة التي وجهت له.
وإليه، فإن عراب الرؤساء والرجل القوي سابقاً اشتهر في العام 1991 بإقدامه على المشاركة في اتخاذ القرار الصعب وهو الغاء قرار إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية لعام 1991 التي فاز بها مرشحو حبهة الانقاذ الإسلامية، حيث الإلغاء قاد بعد ذلك ويلات كثيرة على الجزائر بتضامن الجبهة في الخارج مع حرمات التشدد الإسلامية وبروزها كقوة لا يستهان بها وجرت بينها وبين الجيش الجزائري معارك لا تزال فصولها مستمرة رغم كل دعوات السلم المدني التي يقودها الرئيس بوتفليقة، وراح أكثر من 150 ألف جزائري مدني وعسكري ضحية تلك المعارك.
وقد سبق لبلخير أن عمل مديرا لديوان الرئيس الأسبق الجنرال الشاذلي بن جديد الذي حكم الجزائر من 1979 إلى 1992، وتولى أيضا منصب وزير الداخلية في النصف الثاني من سنة 1991، قبل أن يبتعد عن الأضواء، لكنه رغم ذلك لم يبتعد عن نادي صناع القرار، على اعتبار أنه الوحيد القادر على حل الخلافات والنزاعات التي تنشب أحيانا بين اعضاء هذا النادي. كما لعب بلخير دورا محوريا في اقناع بوتفليقة بقبول الرئاسة عام 1999، بعد أن أعلن الرئيس السابق اليمين زروال عزمه على مغادرة منصبه في خريف 1998.