(3) المقابلة
الأمثلة:
(1) قال صلى الله عليه وسلم للأنصار:
"إِنكم لَتَكْثُرُونَ عِنْدَ الْفَزَع، وتَقِلُّونَ عِنْدَ الطَّمَع".
(2) وقال خالد بنُ صَفْوَانَ يَصِفُ رَجُلاً:
لَيْسَ له صديقٌ في السِّر، وَلا عَدُوٌّ في الْعلانِيَةِ.
* * *
(3) قال بعض الخلفاء: مَنْ أقْعَدَتْه نِكايَةُ اللِّئام، أَقَامَتهُ إعانةُ الكِرام.
(4) وقال عبد الملك بن مَرْوان [1] : مَا حَمِدْتُ نَفْسي عَلَى محبوب ابتدأْتُه بعَجْزٍ، ولا لُمْتهَا عَلَى مكروه ابتدأْتُه بحزم.
البحث:
إذا تأملت مثاليْ الطائفة الأولى وجدت كل مثال منهما يشتمل في صدره على معنيين، ويشتمل في عجزه على ما يقابل هذين المعنيين على الترتيب، ففي المثال الأَول بيَّن النبيُّ صلى الله عليه وسلم صِفتين من صفات الأَنصار في صدر الكلام وهما الكثرة والفزع، ثم قابل ذلك في آخر الكلام بالقلة والطمع على الترتيب، وفي المثال الثاني قابل خالد بن صفوان الصديق السرّ بالعدو والعلانية.
انظر مثالي الطائفة الثانية تجد كلاًّ منهما مشتملاً في صدره على أكثر من معنيين، ومشتملاً في العجز على ما يقابل ذلك على الترتيب، وأداءُ الكلام على هذا النحو يسمى مقابلة.
والمقابلة في الكلام من أَسباب حسنه وإيضاح معانيه، على شرط أَن تتاح للمتكلم عفوًا، وأَما إِذا تكلفها وجرى وراءها، فإنها تعتقل المعاني وتحسبها، وتحرم الكلام رونق السلاسة والسهولة.
القاعدة
(73) الْمُقَابَلَة أنْ يُؤْتَى بِمَعْنَيَيْن أوْ أكْثَرَ، ثم يُؤْتَى بمَا يُقَابلُ ذَلِكَ عَلَى التَّرتِيب.
تمرينات
(1)
بيِّن مواقع المقابلة فيما يأْتي.
(1) روَت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"عليك بالرِّفق يا عائشة، فإنه ما كان في شيءٍ إلا زانه ولا نُزع من شيءٍ إِلا شانه".
(2) وقال بعض البلغاء: كدرُ الجماعة خيْرٌ من صفْو الفُرْقَة.
(3) وقال تعالى: {يُحِلُّ لهُمُ الطِّيِّباتِ ويُحَرِّمُ علَيْهِمُ الخَبائث}.
(4) وقال جرير:
وقَابضُ شَرٍّ عنْكُمُ بشِمالهِ
وباسِطُ خَيْرٍ فِيكُمُ بيمِينهِ
(5) وقال البحتري:
وإِذا سالَمُوا أَعَزُّوا ذليلا
فإذا حاربُوا أَذَلُّوا عزِيزًا
(6) وقال الشريف:
يا قُرْب ما عادَ بالضراء يُبْكيني
ومنْظَرِ كان بالسَّرَّاء يُضْحِكُني
(7) وقال تعالى: {لِكَيْلا تَأْسوْا على ما فاتكم ولا تَفْرحُوا بما آتَاكم}.
(8) وقال تعالى: {باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمةُ وظَاهِرُه مِنْ قِبَلِهِ العذابُ}.
(9) وقال النابغة الجعدىُّ:
على أن فِيهِ مَا يَسُوء الأعَاديَا
فَتًى كانَ فِيه مَا يَسُرُّ صَدِيقَهُ
(10) وقال أبو تمام:
دهْرًا فأصْبَحَ حُسْن العَدْل يُرْضِيها
يَا أمَّةً كانَ قُبْحُ الجوْر يُسْخِطها
(11) وقال أيضاً:
ويبْتَلِى اللهُ بعضَ القَوْم بالنّعم
قَدْ يُنْعِم اللهُ بالبلوَى وإِنْ عظُمتْ
(12) وقال تعالى:
{ فأَمَّا منْ أَعْطَى وَاتَّقَى وصدَّعَ بالْحُسْنَى فَسنُيسِّرُهُ لِلْيُسْرى. وأَمَّا مَنْ بخِلَ واسْتَغْنى وكذّب بالحُسْنى فَسنُيسِّره لِلْعُسْرى}.
(13) وقال المعرىّ:
ومُخْلِفَ المأْمول مِنْ وعْدِه
يا دهْرُ يا مُنجزَ إِيعادِهِ
(2)
ميِّز الطباق من المقابلة فيما يأْتي:
(1) {فأولئك يُبَدِّلُ اللهُ سيِّئَاتِهمُ حسنات}.
(2) وقال تعالى: {وَأنََّه هُوَ أضْحكَ وأبْكَى وَأنهْ هُوَ أمَاتَ وأَحْيَا}.
(3) وقال تعالى:{فَمَنْ يُرِدِ الله أنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَح صَدْرهُ للإسْلامِ ومَنْ يُردْ أنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْره ضَيِّقاً حَرَجاً}
(4) وقال أبو الطيب:
وأنْثَنِى وبيَاضُ الصُّبْحِ يُغرِى بى
أزُورُهُمْ وسوادُ اللَّيْلِ يشْفَعُ لى
(5) الكريم واسع المغفرة، إِذا ضاقت. المعْذِرة.
(6) غَضَبُ الجاهِل في قَوْله، وغَضبُ العاقل في فِعْله.
(7) وقال المنصور: لا تخرجوا من عزِّ الطاعة إِلى ذلِّ المعصية.
لَقَدْ سَرَّني أنِّي خَطَرْتُ ببالِكِ
(8) لَئِنْ ساءَني أنْ نِلتِنى بِمَساءَةٍ
(9) و قال النابغة:
وإِنْ علَوا حزْناً تَشَظَّتْ جنَادِلُ [2]
وإن هبطَا سهلاً أثارَا عَجاجَةً
(10) قال أوْس بن حَجر:
فذُقْنا طَعْمَ طَاعَتنَا وذَاقُوا أطَعْنَا رَبنَا وعصاه قَوْمٌ
(3)
إيت بمقابل الأَلفاظ الآتية، ثم كون منها ومن أَضدادها بعض أَمثلة للطباق، وبعض أَمثلة أُخرى للمقابلة:
قدَّم. الليل. الصحة. الحياة. الخير. المنع. الغنى.
(4)
(1) هات مثالين للمقابلة تُقابل في كل منهما معنيين بآخرين.
(2) " " " " " " " ثلاثة معان بثلاثة أُخرى.
(5)
اشرح البيت الآتي، وهل ترى أن الشاعر وُفق فيه إلى المقابلة؟
لِمنْ تطْلُبُ الدنْيا إذَا لَمْ تُرِدْ بِهَا سُرُورَ مُحِبٍّ أوْ إساءَةَ مُجْرِمِ