طلاب العرب Arab Students
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

باكلوريا 2017 bac فروض اختبارات التعليم الابتدائي المتوسط الثانوي الجامعي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول


my facebook

karim Rouari

https://www.facebook.com/karim.snile.7



 

 قصة أين ماضىَ ؟! - الفصل الرابع -

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ÂбďЗĿЋÃmĨĎ
عضو فضي

 عضو فضي
ÂбďЗĿЋÃmĨĎ


مشاركات : 1350

العمر : 33
الجنس : ذكر
الدولة : ỀחĜĻĨśĥ
المدينة : Ď∂ξŀ∫ā///mãŅĉҺэ∫‡Ệѓ Ĉ¡Ŧү
تاريخ التسجيل : 01/04/2012

قصة أين ماضىَ ؟! - الفصل الرابع - Empty
مُساهمةموضوع: قصة أين ماضىَ ؟! - الفصل الرابع -   قصة أين ماضىَ ؟! - الفصل الرابع - I_icon_minitimeالجمعة أبريل 27 2012, 14:00

تابعوا معنا قد تزدادالحرارة وقد تنخفض لكن الإثارة دائما موعدكم و ؛


الفصل الرابع

قالت بكل ثقة : على الرحب والسعة .
قصدت الخروج لتناول الغداء خارج المنزل ، حيث أن هذا اليوم هو الأخير قبل بدء أعمال الترميم فى الحديقة وعندما ذهبت للمنزل .. ذهبت فى نوم عميق بعد بعض الأعمال المعتادة .
فى صباح اليوم التالى :
كنت
قد اعتدت على الاستيقاظ فى موعد باكر ، فقمت وكنت قد وضعت قصرية زرع بها
وردة أراعيها لأعلم كيف يمكن للإنسان أن يشم أو لا يشم رائحة الورد كما
قالت السيدة العجوز فى أول لقاء على شاطىء البحر ..

ثم جاء الموعد المنتظر لكى أذهب
فأصحبها لأحد الأماكن لتناول الغداء .. والآن أنا أمام قصرها .. وعلى طريقة
العشاق وقفت إلى جوار السيارة ووجهت يدى نحو آلة الإنذار ثم ضغطت ضغطتين
ووقفت ...

أميرة القصر تظهر مرتدية
ثوبا أبيض من الأناقة ما لا يوصف ومدت يدها لأسلم عليها وكعادتى قبلت يدها
ثم فتحت لها الباب وانطلقنا ...

كان يوم ممطر ، ذهبنا إلى مطعم
يطل على البحر بواجهة زجاجية ومع ثورة البحر وغيوم السماء تناولنا الغداء
وقدم لنا النادل مشروبا دافئا وظلت السيدة ياسمين تدقق النظر إلى البحر
وتنهدت ملتفتة نحوى وقالت :


مات سعيد
.. مات أبى فى يوم حزين للغاية فقدت أمى لويزيان وعيها عن الواقع لفترات
طويلة طوال يومين ؛ لا أفارقها أنا ورياض فى حالة مزرية من الحزن والألم
والدموع التى دامت طويلا ... كنا قد بلغنا من العمر ربيعه الرابع والعشرين ،
وقد أنهيت دراستى وتسلمت وظيفتى بإحدى المدارس الثانوية لتدريس الإنجليزية
ورياض كان مازال أمامه عام وينتهى من دراسته ، مر علينا عام حزين لم يكسر
حزنه سوى صوت زغرودة أخرجتها الخادمة حين علمت بتفوق رياض وتعيينه معيدا فى
الكلية عن دفعته ...

لم أستطع النهوض لأعبر عن
فرحتى ؛ لكنى قاومت نفسى ونزلت إليه لأول مرة فى حياتى بثياب المنزل
العادية وإذا بى أندفع مسرعة نحوه وأرتمى فى أحضانه بقول جميل :

الآن يا رياض سنعلن زواجنا فى هدوء دون ضغط أو معاناة ، كنت سأصبح زوجة المهندس رياض لكن الآن زوجة الدكتور المهندس رياض محمود ...
فى هذه اللحظة ذكر رياض أمه (
جين ) وتساقطت من عينه دمعات غالية لكن أمى اقتربت منه وقالت له : هل يبكى
رجلنا الوحيد هنا ؟؟؟ ماذا نحن فاعلون إذا ؟؟ ألا تعوضك خالتك لويزيان عن
أمك الجميلة ( جين ) ...؟؟؟

ومر علينا الموقف وجاء يوم الزفـــــاف ....

قلت لها يوم لا
ينسى لكن لن تستطيعى أن تقصيه هنا حيث طالت جلستنا وآن أوان الذهاب . عفوا
سيدتى ولكن سنتناول الشاى فى قصرك من يد خادمتك المخلصة ... هل كانت هى
التى أطلقت الزغرودة ؟؟؟

نظرت نحوى مسرعة وقالت :

كيف علمت بذلك ؟؟

قلت هى تعلم عنك الكثير وتلتمس لك الأعذار وتحتملك فى أشياء كثيرة لا تطاق فهى أصيلة والعشرة لا تهون عليها ...
ابتسمت ابتسامة كادت تضىء غيم السماء وقالت :

نعم إنها هى ...

جذبت لها الكرسى واتجهنا نحو
السيارة من أجل العودة للقصر قبل حلول العصر وحين ركبت السيارة سألتها عن
يوم زفافها ؛ قالت وكل السعادة حضرت على وجهها :


لم يكن زفاف عادى
، ففكر الإنجليز كان مسيطرا على رأس رياض فقرر أن يكون الزفاف وقت الظهيرة
على شاطىء البحر وتحت المطر ببدل الزفاف المعتادة ، ومن شدة التغيير
والإختلاف احتشدت حشود كبيرة من أجل رؤية البدعة الجديدة ؛ فصمم رياض مسرحا
مغطى للفرقة والمطربين ومسرحنا كان معلقا فوق الأمواج بسلم ممتد حتى لا
تبتل الملابس من الماء وليس له سقف ، ففى الوقت الذى يحمينا من ماء البحر
لا يخاف ماء المطر وكأنه يود أن يتذكر الجو الانجليزى ...

وأترك لك الخيال لأن ترى منظرا
كهذا ، احتشد المدعون وغير المدعوين لمشاهدة هذا العرس البديع حتى كبار
السن حضروا بمظلاتهم وعزفت الفرقة وغنى المطربون أجمل الألحان ورقصنا جميعا
، فكانت زميلاتى وزملاؤه قادمين من أجل الفرحة ولكن فى هذه الأثناء أين ذهبت لويزيان ؟؟؟


تأخرت قرابة نصف الساعة وعند
عودتها صعدت نحونا وانهمرت علينا بالقبلات والدموع ... ومر يوم من أسعد
الأيام وسط أمطار وزغاريد وذهبنا جميعا غير ناسين بهجة هذا اليوم وقررنا
قضاء شهر العسل بالأقصر وأسوان حيث الدفء والآثار وأجمل المشاهد هناك ...

عشت أجمل الأيام وحييت أحلى
الأحلام هناك عند سمار الشعب ذى القلوب البيضاء ... كان الجميع يعاملنا على
أننا سياح بسبب ملامحنا وهذا كان يترك أثرا فى نفوسنا ولكن لم يكن يضيع
أفراحنا .....


صمتت السيدة ياسمين على إبتسامة نور فى وجهها والتزمت الصمت باقى الطريق ولم تنتهى من هذا الشرود إلا بقولى لها :
لقد وصلنا أمام سرحك يا سيدة القصر ..
دخلنا المنزل ... وأثناء تناول
الشاى طلبت منها دراسة الجدوى لكى أجلب المؤن المطلوبة لعمل الغد وتجهيز
مؤن كل يوم بذاته من أجل عمل دون هدر للمواد ، ولكى أطلب ثمن المؤن ذات
المواصفات التى وضعها صاحبى وكان قد وضع مواصفات لنوع النجيل وبعض أنواع
الأخشاب لعمل بعض المظلات التى كانت موجودة بنفس الشكل ؛ فكان قد التقط لها
بعض الصور لكى يعيد الشكل لسابقه قبل إزالته ، وقرر أخذ المقعد (
الأرجوحة) كما هو ليطلب تصنيع مثله فهو آخر شىء سيتم تركيبه بعد أعمال
الزراعة والنجارة وخلافه ، وشرحت لها خطة العمل اليومى التى ستجعلنا ننتهى
من كل الأعمال بعد أسبوع كامل شاق وطالبتها بتوفير المال اللازم وقالت لى :


كل المال تحت أمرك ولكن أعد لى الحياة المفقودة وأضىء لى ما أطفأه الزمن الماضى بداخلى ... فأنا أريد أن أعلم جيدا ... أين ماضىّ ؟؟؟!!!

نظرت إلى عينيها والدموع تملها
وكلى خيفة أن أسألها عن زوجها رياض أو ابنها نور الذى ذكرته فى بداية
الحديث حين تعرفنا ولكنى قررت ألا أفاتحها وأتركها تجر خيط الكلام ...

استأذنتها من أجل الذهاب لشراء
المؤن والإتفاق على وقت استلامها والتربيط مع العمال ومع المهندس الأثرى
أحمد صلاح الذى سيكون له بصمة واضحة فى العودة للشكل السابق ....

مر أسبوع كدهر كامل ، تعب
وإرهاق لم أكن أستطيع الكلام مع السيدة الحسناء ولو للحظات من أجل ملاحظة
الأعمال ؛ كنا نعمل بحماس غير طبيعى أنا وصديقى أحمد صلاح الذى كان كثيرا
ما يقوم بعمل أشياء كثيرة بيده كنموذج يحتذى عليه العمال لكى يتحرى الدقة
فى الأداء ؛ كنا لا نستطيع حتى الكلام فى خلية نحل حقيقية فكنا نريد أن
نثبت أنفسنا فى أول عمل نقوم به سويا كفريق متعاون وكنت أضبط الحسابات بشكل
جيد من أجل مراعاة ضميرى وحتى لا أشعر بأننى أهدر الأموال من يد سيدة تعيش
وحيدة بدون أهل .........

كنا نبدأ العمل منذ الصباح
وننتهى عند المغرب طوال هذا الأسبوع ؛ واليوم جاءت اللحظة التى يتم ملء
النافورة وحمام السباحة بالماء إنه اليوم الأخير ...

أغلقت الحسابات وأقفلتها
وأعطيتها كشفا بكل جنيه تم صرفه وأنهيت كل شىء وواقف إلى جوارى صاحبى أحمد
صلاح لنستأذن بالذهاب وكنا قربنا من المغرب لكنها أصرت على أن نتناول معها
الغداء وذهبت لحجرة مكتبها لتصفح الحسابات بمفردها ؛ وإذا بها تأتى بظرف
علمت أن به مال وقالت لى :


لقد كشفت عن خطأ حسابى ضخم يا "باشمحاسب" من أى الجامعات تخرجت ؟؟؟

تعجبت لأنى أعلم بعدم وجود أخطاء ولم أعلق بشىء فضحكت وقالت :

لقد نسيت أن تحاسب نفسك .....

قلت لها : وهل تظنين أننى قمت
بما قمت به من أجل مال يا سيدتى ، أنت الآن تجرحى مشاعرى ؛ فأنا والله لن
أتسلم منك أى مبالغ تخصنى .. أبعد كل هذه الثقة لا تقبلين منى هدية متواضعة
؟؟

وضعت رأسها فى الأرض خجلا وقالت :

غلبتنى يا أحمد ولكنى لم أشاهد الحديقة بعد .........

قلت لها ستكون الحديقة جاهزة صباح الغد لتقصى شريطها ولم أخبرها بأننى أنهيتها تماما .. وأخبرتها ألا تفتح الباب ....
ذهبت إلى منزلى وبملابسى نحو سريرى إلى نوم عميق لم يوقظنى منه إلا صوت أمى وهى تقول : قم يا أحمد لقد أذن الظهر .
قمت من نومى وقبل فعل أى شىء
اتصلت بالأميرة العجوز وأخبرتها بأننى سأمر عليها بعد العصر للخروج لعمل
مشوار مهم وعليها أن تكون فى أزهى صورها .... ذهبت واستعرت إحدى الكاميرات
الديجيتال من أحد أصدقائى واشتريت شريطا للزينه ومقص جديد ووسادة على شكل
قلب وذهبت فى الموعد ...

الآن أنا على باب القصر فتحت لى
الخادمة الأصيلة فأشرت لها ألا تتحدث بكلمة وسألتها بصوت خافت : أين السيدة
ياسمين ؟.. قالت حذرة : هى فى غرفتها تستعد لموعدك .

فطلبت منها أن تساعدنى فى تجهيز الشريط على باب الحديقة من الداخل وتطفىء جميع الأنوار وتغلق الشبابيك لا أريد شعاع نور الآن ...
أدخلتها داخل الحديقة وراء
الشريط لتحمل الوسادة بالمقص وإذا بالسيدة ( جاسمين ) تنزل من على السلم
وكأنها خائفة تنادى فى هدوء بصوت خافت على خادمتها التى لا تجيب عليها ...
ذهبت نحو ستارة الشباك وقمت بفتحها ، فوجئت بوجودى بأجمل مناظرى وروعة
وأناقة ملابسى وقلت لها أمرك ياسيدة القصر . فضحكت وقالت :


ماذا تحضر لى الآن من مفاجآت ؟!

قلت لها ألا يستحق هذا الذوق وتلك الأناقة أن يحضر لهما السعادة

قالت: أين الخادمة ؟

قلت لها أغمضى عينيك ومدى لى يدك وسيرى معى .... تحركت نحو باب الحديقة وفتحته وقلت لها الآن :
لابد أن تفتحى عينيك لترى جمال الدنيا ...
وكأنها رأت الماضى كله أمام
عينيها فتترقرق الدموع فى عينيها ولا تنزل وبعد قليل تبتسم ولكن قاطعتها
الخادمة بقولها : سامحينى ياسيدتى لقد أمرنى ألا أجيب

ضحكت السيدة ياسمين أجمل ضحكة صافية رأيتها عليها وقالت للخادمة :

ومالك بجو المفاجآت أنت .. إنك لاتفهمين من أنا الآن ؟ ، أنا الآن ( جاسمين ) الماضى الأليم .. أعطنى المقص ...........

قصت الشريط ودخلت قالت لى : تعالى معى .. ودخلت بخطى مترددة تسير على طرقات الحديقة وقالت لى :

سلمت يد صاحبك لقد أعادها لشكلها ذاته حتى درجة الألوان وأنواع الورود وسلمت خطتك وحسن اختيارك للعاملين .

وسارت نحوى وأمسكت رأسى بين
يديها وقالت لى : فى أى عام ولدت يا أحمد .. قلت لها أول عام (1986) وكأنى
أطلقت عليها رصاصة من ماضيها فتحركت نحو الأرجوحة فى هدوء وجلست عليها
وقالت :


هل جئت مفصلا لتذكرنى بماضىّ بكل تحديد .. إنه هو التاريخ

قلت أى تاريخ ؛ قالت اجلس إلى جوارى .
تنهدت بقسوة تدل على ملاطمة الأيام لها وقالت :

كما ذكرت لك تزوجت رياض عند
سن الخامسة والعشرين كان ذلك عام (1965) كانت أمور مصر السياسية غير مستقرة
بما كان يؤثر على نفسية رياض السيئة بطبيعتها لأثر يد الزمن عليه فى كل
الفترات ، وكان قرار رياض النفسى ألا ينجب أطفالا ، وكلما طالبته بعرض
أنفسنا على أطباء قال لى إنها إرادة الله وظلت الأعوام تدور عام وراء آخر
فى خوف وألم من حالة الحرب والدمار وعدم الاستقرار ، كنت وأمى كثيرا ما
نلجأ لحفظ القرآن و القراءة فى الكتب التراثية وأداء الفروض وكنت أشغل نفسى
فى الفراغ الشاسع من الوقت بعملى كمدرسة ، فكنت أحضر معى الواجبات وأقومها
فى المنزل .

وتعقدت الأمور تماما بعد النكسة فى عام (1967) مما جعل رياض وهو فى سن السابعة والعشرين لا يذكر للأبناء سيرة ولا يفكر فيهم ، وكلما ذكرتهم له كان يقول لى :
هل أنجب أبناءاً يموتون ؟؟ هل ألقى بدمى فى التهلكة ؟؟ .. ولكنى كنت أصبر لأنى أعلم أنها إرادة الله فوق كل شىء ...
ذات يوم وأنا أجلس مع أمى لويزيان الحزينة منذ فراق أبى وعمى محمود وتذكرت يوم زفافى أثناء كنت أتصفح ألبوم الصور ... تذكرت حين ذهبت لويزيان لساعة غابت فيها عن أعيننا وسألتها فقالت :
يابنيتى ذهبت
لأوفى بوعدى لعمك محمود وأبيكى سعيد ؛ ألا تذكرى يوم مات عمك محمود حين
وصانى أنا أولا عليكى وابنه رياض حين اختصنى بالوصية وكأنه كان يعلم جيدا
أن ابن عمته سعيد لن يطيل بعده ؛ فالهم أتى بعمرهما وهما لم يتجاوزا
الخمسين بسبب خلافاتهما مع عائلتهم بسبب نسيانهم لهم فى الهجرة وعدم
سؤالهما عنهم لفترة .. وللصراحة يا ( جاسمين ) هما لم يكنا قد نسوا أهلهم
والدليل على ذلك لو تذكرى الحوار الذى فتحه والدك عن نيته فى العودة لمصر
... فذهبت فى أثناء الفرح لأقدم لهما الدعوة ... فلا يجب نسيانهم فى هذا
الوقت .... هنا تأكدت من مدى حب أمى لأبى الذى وصفه أبى ذات مرة فى كتاباته
.. حين قال :

" حبى للويزيان الآن صار حبا لا يفرقه إلا الموت ... "
وفهمت الآن معنى هذه الكلمات لكن ما لم يعلمه أبى أن الموت لم يفرق حبه عن قلب لويزيان .
..... مرت أعوام من الهم
والغم والحزن والحروب والشهداء ومدارس الأطفال التى تدمر ومشاهد الدم
المتكررة كل يوم تباعاً تباعاً إلى أن جاء يوم حزين جدا على مصر والوطن
العربى يوم مات جمال عبدالناصر ... كان موته مقدمة لاكتئاب لدى الشعب فى
عام (1970) لم يمح هذا الإكتئاب إلا النصر المبين على يد القائد الأمين
الداهية أنور السادات الذى احترمت عقليته كثيرا ... هنا بدأنا نطمئن وراودتنى فكرة الإنجاب من جديد ، ولكن الآن زوجى الدكتور رياض لا يقدر على الإنجاب ؛ لكن الطبيب أخبرنى بأن السبب يرجع لرواسب نفسية بداخله ، وكأن الأيام لا ترتضى لنا المرور فى سعادة كاملة . قرر القدر أن ينتقى أمى الطاهرة الجميلة لويزيان التى قالت لى أثناء إحتضارها :


عِدينى بألا تنزل دمعتك أبداً على خدك فأنا سأكون سعيدة جداً
لأنى سألتقى والدك سعيد فإنه ينتظرنى ؛ وأيضاً عدينى ألا تتركى أرضك مصر
أبداً ، فهى أرض طاهرة ، لاتعودى لأسوأ العادات فى أرض الإنجليز ؛ إنها لم
تكن أصلاً إختيارنا لولا ولدنا فيها أما الآن فأنتى فى جنة الله فى أرضه
مصر .... واجعلى نور الدين دائما فى أمان ..

كانت تلك الكلمات الأخيرة لأمى
التى توفيت عن عمر يقرب من نهاية الخمسين ... كلهم تقريباً لم يتخطوا حاجز
الستين ولكنى اخترت الحياة ؛ فلم أضع نفسى فريسة أمام الهم وإن كان طالنى
قبل أن تنتشلنى أنت منه بأعوام قليلة لكنى الآن علمت " أين ماضىّ ؟؟ " .


صمتت وطال صمتها وتأملها للمكان
ولكن هطول الأمطار قاطعنا وكنا قد قربنا على العشاء ، فلم أستطع أن أسألها
عن أثر تاريخ مولدى فى نفسها ، وإلى الآن لم تذكر نور ابنها , ولا أعلم أين
رياض ؟؟؟


لكن الآن اتخذت قراراً بأن أصبر
عليها لتقص هى الأحداث ولكى لا أضغط عليها فتمل منى وقلت لها سيدتى : لقد
دخل الليل والجو قارس البرودة والأمطار بدأت تهطل وأرغب فى الرحيل الآن ؛
فطاب مساؤك .....


تتضارب الأفكار فى رأسى ، ويسبح
خيالى فى بحر الأفكار المتضاربة ؛ ذهبت إلى حجرتى وكان ليل طويل ولم أجد
للنوم مكان فى وقتى الآن ؛ فقررت الجلوس على جهاز الكمبيوتر ودخلت إلى حجرة
الشات وحدث لى موقف مع إحدى صديقات الشات ؛ ظللت أفكر فيه وسيطر على كامل
تفكيرى المشتت فى حكاية ماضى السيدة ( جاسمين ) ...

لم أعد أستطيع أن أحدد بدقة صحة
مشاعرى ، وقررت أن أعرض الموضوع على السيدة العجوز لأستفيد من خبرتها
الطويلة ...قضيت وقتا على الكمبيوتر مابين الإنترنت والألعاب وخصوصاً لعبة
كرة القدم التى أنا عاشق لها ثم ذهبت إلى نوم عميق ......

إستيقظت على صوت الهاتف
الذى لا يجيبه أحد ، وإذا بصوت رقيق ؛ إنها إحدى صديقات أختى الصغيرة
فناديتها ولم أعد أقدر على النوم فقررت بدء اليوم الجديد ... اتصلت بقصر
السيدة ( جاسمين ) .. لتكن المفاجأة صوتها قائلة :


صباح الخير ..... أحمد ؟؟؟

قلت لها من أين علمتى ؟! ؛ فقالت :

لأننى أشعر أنه أنت خصوصا وأننى
استيقظت مبكراً بلا سبب واضح وقررت الاتصال بك فسبقتنى ... والآن أنا أدعوك
لتتناول معى الغداء فى حديقتى الجميلة .


وافقت ؛ وذهبت مبكرا قبل موعد
الغداء ، لم أكن أعلم كيف أفاتحها فى ما أرغب أخذ رأيها فيه ، فسرحت وظهر
علىّ ما بداخلى ...قاطعتنى قائلة :


ماذا بك يا أحمد ؟؟ ؛ لست على عادتك ؟؟

قلت لها نعم : لست على عادتى ...
وقصصت لها عن نفسى كل شىء وعن قصة حبى الفاشلة التى كانت من طرف واحد وعن
المعاناة العاطفية التى عانيتها ثم ذكرت لها عن صديقة الشات ؛ أخبرتها أننا
اتفقنا على الأخوة والصدق .. ولكن مشاعر الحب كانت تقتحم فكرى وأنا
أحاورها .. وحين فاتحتها فى تغيير المشاعر من الأخوة إلى الحب ... ردت علىّ
بأن أعود لسابق علاقتى معها ولكنى متردد فى مشاعرى ..

ابتسمت السيدة ابتسامة ثقة وكأنها عرفت ما أمر به فقالت :
أنت لست ضيق الأفق يا أحمد ؛ إن
تلك الفتاة صادقة فى مشاعرها وأمينة عليك حين صدقتك الحديث وكان بيدها أن
تلعب بمشاعرك وأنت لا تعرفها ويمكن ألا تتقابلا أبداً ؛ وقدرة الله تغلب كل
شىء ، فهى فعلا خير أخت وصديقة لا تحاول أن تخسرها ؛ أما عن مشاعرك أنت
فسببها آلامك القديمة التى لابد وأن تنساها أو تجعلها ذكرى وعظة تتعلم منها
ولا تجعل تلك الآلام تفقدك الثقة فى نفسك فتحاول مع كل فتاة تحدثها أن تجد
معها حباً جديد وقصة جديدة ؛ فهذا خطأ ومن المستحيل ... فكيف لك أو لها أن
تنشأ بينكما علاقة حب وأنتم لم تلتقوا أبداً ، واعلم أن الكلمة لاتعبر
بدون نظرة العين وتعبير الوجه والإحساس المتبادل أثناء الكلام ؛ فلا تفسد
علاقاتك بأصدقائك لمجرد الانفلات نحو عاطفتك ..


ابتسمت لها وكانت أشياءاً كثيرة قد هدأت بداخلى وقلت لها :
متى أنجبتى ابنك نور ؟؟؟
نظرت نحو السماء وتنهدت وقالت :

بعد أن ماتت أمى وكنت قد
بلغت من العمر فى هذه الأثناء أوائل الثلاثين ؛ كنت أخاف أن يمر العمر بى
ولم أعد أقدر على الإنجاب ، وأصبحت تلك رغبة رياض أيضاً ، لكن لسبب أو لآخر
تأخر الإنجاب لكن ما تلاحظه هو تحسن حالة رياض النفسية وارتياحه وكأنه
اطمأن أخيراً مع بدء عصر السلام وانتهاء الحروب ؛ فبدأ رياض يخرج للتنزه
معى ويحضر لى الورد والهدايا ويذكرنى بحكايات الماضى وكأنه يريد أن يعوضنى
مافات لحين يأتى أمر الله ونقدر على الإنجاب ، كان رياض مابين الحين والآخر
يتصل بأمه خالتى ( جين ) فى أرض الانجليز بعد أن اتصلت هى به على تليفون
الجامعة حين سمعته يتحدث فى إحدى الإذاعات الاخبارية العالمية وهو يتحدث عن
دور وبراعة المهندس المصرى فى حرب أكتوبر وعلمت عندما ذكرت الإذاعة موعد
اللقاء وإسم المهندس ...

ومرت الأيام والأعوام تباعاً حتى جاء أمر الله بما لم ينتظره أحد ؛ فأثناء جلوسى على الأرجوحة تلك - وأشارت عليها – أصبت بحالة غثيان شديدة وبعد عرضى على الطبيب علمت أننى حامل
... تخيل أن يأتى الحمل وعمرى ثمانٍ وثلاثين عاماً وبعد ثلاثة عشرة أعوام
من الزواج حدث هذا عام (1978) بعد خمسة أعوام من التحرير وإنتهاء عصر
الحروب ....

لم يدر رياض بأفعاله من
فرط الفرحة ؛ كان لا يجعلنى أن أفعل شيئاً على الإطلاق ، وكان كثيراً ما
يقدم لى الهدايا طوال فترة الحمل ...

وجاء موعد مولد ابنى وبعد معاناة
مريرة أرى فيها صورة أمى لويزيان وأبى وعمى محمود وكأنهم جاءوا لمؤازرتى
وتذكرت قول أمى أثناء الولادة عند احتضارها حين قالت : " اجعلى نور الدين
دائماً بأمان " .. حينها فهمتها حيث قصدت نور دين الإسلام وخوفها على من
الفتنة كما فعلت أختها ( جين ) حين خلعت عن رأسها الحجاب ولكن الآن جاء
تفسير آخر لقولها حين سمعت صوت الطبيب يقول : طفل كفلقة القمر ...

فقلت وأنا فى هلاوس النفاث إنه – نور الدين – جاء يا لويزيان ؛ فسمعنى رياض وقرر أن يطلقه إسما على إبننا وحين أفقت من غفلتى قال لى رياض وكان قد جلس طيلة الليل إلى جوارى :
حمداً لله على سلامتك يا أم نور الدين .
فتعجبت ولكن علمت أنى كنت أتحدث أثناء الوضع .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة أين ماضىَ ؟! - الفصل الرابع -
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
طلاب العرب Arab Students :: طلاب العرب Arab students :: فئة خارج المجال :: منتدى القصص والمواهب-
انتقل الى: