حسن التعليل

(4) حسن التعليل



الأمثلة:

(1) قال المعرى في الرثاء:

وَلَكِنَّهَا فِي وَجْههِ أَثَرُ اللَّطم

وَمَا كُلْفَةُ الْبَدْر الْمُنِيرِ قَدِيمَةً [1]

(2) وقل ابن الرومي:

إلا لِفُرْقَةِ ذَاكَ الْمَنْظَر الْحَسَن

أَما ذُكاءُ فَلمْ تَصْفَرَّ إذْ جَنَحَتْ

(3) وقال آخر في قِلَّةِ المطر بمصر:

طَبْعاً وَلَكنْ تَعَدَّاكم منَ الخَجَل

مَا قَصَّرَ الغيثُ عَنْ مِصْر وتُرْبَتِهَا




البحث:

يرْثي أبو العلاء في البيت الأَول، ويبالغ في أن الحزن على المرثي شَمِل كثيرًا من مظاهر الكون، فهو لذلك يدّعى أَن كلفةَ البدر وهي ما يظهر على وجهه من كدْرة، ليست ناشئة عن سبب طبيعي، وإِنما هي حادثة من اللطم على فراق المرثي.

ويرىَ ابن الرومي في البيت الثاني أَن الشمس، لم تَصفَرَّ عند الجنوح إلى المغيب للسبب الكوني المعرون عند العلماء، ولكنها اصفرت مخافة أن تفارق وجه الممدوح، وينكر الشاعر في البيت الثالث الأسباب الطبيعية لقلة المطر بمصر، ويتلمس لذلك سبباً آخر هو أن المطر يخجل أن ينزل بأَرض يعمُّها فضلُ الممدوح وجوده، لأَنه لا يستطيع مباراته في الجود والعطاء.
فأَنت ترى في كل مثال من الأَمثلة السابقة أن الشاعر أَنكر سبب الشيء المعروف والتجأَ إلى علة ابتكرها تناسب الغرض الذي يرمى إليه، ويسمى هذا الأُسلوب من الكلام حسن التعليل



القاعدة:

(74) حُسنُ التَّعْلِيل أنْ يُنْكِرَ الأَديبُ صَرَاحَةً أوْ ضِمْناً عِلَّةَ الشَّيْءِ الْمَعْرُوفَةَ، وَيَأْتي بعلَّةٍ أَدَبيَّة طَريفَة تُنَاسِبُ الغَرَضَ الَّذِي يَقْصِدُ إِلَيْهِ.ً


تمرينات
(1)

وضح حُسْن التعليل في الأَبيات الآتية.

(1) قال ابن نباتة:

إِلى أَن كَسا النُّضَارَ اصْفِرارا

لمْ يزَلْ جْودُه يجُورُ على الْمال

(2) وقال شاعر يمدح ويُعلل لزلزَال حدث بمصر.

وإنما رقَصتْ من عِدْلِهِ طَربا

ما زُلزلَتْ مِصْرُ مِن كَيْدٍ يُرادُ بِها

ويبْدُو ثمَّ يلْتحِفُ السَّحابا

(3) أرى بدْرَ السَّمَاء يلوحُ حيناً

وأبْصَر وجْهَكَ استَحْيا وغابا

وذَاكَ لأنَّه لمَّا تَبدَّى

(4) وقيل في وصف فرس أدْهم ذِي غرَّة [2] :

يَطِيرُ مَع الرِّياح ولاَ جنَاحُ وأدْهم كالغُراب سَواد لوْنٍ
فَقَبَّل بيْن عيْنَيهِ الصَّباحُ [3]

كَساهُ اللَّيْل شملتَهُ وولَّى








(5) وقال ابن نُباتة السعدي في فرس محجَّل [4] ذى غُرة:

وتَطْلُعُ بيْنَ عيْنيْهِ الثّريَّا [5]

وأَدْهَم يستَمِدُّ اللّيلُ مِنْهُ
ويَطْوي خَلْفَهُ الأَفلاَكَ طيَّا [6]

سرى خَلْف الصَّباح يطِيرُ زَهْوًا

تَشَبَّث بالْقَوائِمِ والمُحيَّا [7]

فلما خَاف وشْكَ الْفَوْتِ مِنْهُ

(6) وقال الأُرَّجانىّ:

وقت الرَّبيع طُلوعُ الورْدِ مِن خَجَل

أبْدى صنِيعُك تَقصير الزَّمان ففي

(7) وقال بعضهم يرثى كاتبا:

وقَضَتْ بصِحةِ ذَلِكَ الأيامُ

اسْتَشْعر الكُتَّابُ فَقْدَكَ سالِفاً

أسفاً علَيْكَ وشُقَّتِ الأقلامُ

فَلِذَاكَ سُوِّدتِ الدُّوِىُّ كآبة

(8) وقال آخرُ

وأتَتكَ قَبْل أوانها تَطْفِيلا [8]

سبقَتْ إلَيْكَ مِنَ الحدائق وَرْدةٌ

فَمهَا إِلَيْكَ كَطَالِب تَقبيلاَ

طَمِعتْ بلَثْمِكَ إِذْ رأَتْك فجمَّعتْ

إليك حتَى يوافى وجْهَكَ النضرا

(9) لاَ يطْلُع البدْرُ إِلاَّ مِنْ تَشَوُّقِهِ

فكان لها في سالِفِ الدَّهْرطُوْفان [9]

(10) بكت فَقدكَ الدُّنْيا قَدِيماً بدمْعِها


(2)

علل لما يأْتي بعلل أَدبية طريفة:

(1) دُنُوّ السحاب من الأرض. (3) كُسوف ا لشمس.

(2) احتراق دار غابَ عنها أَهلوها. (4) نزول المطر في يوم مات فيه عظيم.


(3)

مثل بمثاليين من إنشائك لحسن التعليل.


(4)

اشرح البيتين الآتيين، وبيِّن ما فيهما من حسن التعليل، وهما لأَبي الطيب في المدح:

ولَمْ يلِدُوا امْرأً إِلا نَجيبا

ألَسْتَ ابنَ الأُلَى سعدُوا وسادوا

كَساها دفنُهم في التّرْب طيبا

وما ريحُ الرِّياض لَهَا ولكِن